الاثنين، 11 فبراير 2019

الإمام علي هو الشخصية الدينية الرئيسة من بعد الرسول

الإمام علي هو الشخصية الدينية الرئيسة من بعد الرسول

ما هو المقصود بأن الإمام علي هو الشخصية الدينية الرئيسة من بعد الرسول؟
المقصود بذلك أنه هو سابق القرن الأول من المؤمنين، الذي أسلم وآمن قبل كل الأمة، بعد السيدة خديجة، وتربى في البيت النبوي، وعلمه الرسول وزكاه بنفسه، ثم ازداد نورًا على نور عندما تزوج السيدة فاطمة الزهراء، فلقد انصبغ بذلك ظاهرًا وباطنًا بصبغة دين الحقّ.
وكانت كل أفعاله في العصر النبوي مصدقة ومبينة لمرتبته الرفيعة، وقد ثبت لدى كل الطوائف، بما في ذلك ألد أعدائه، أنه ولي كل مؤمن وأنه هارون الأمة، وأنه رأس العترة النبوية الموصَى باتباعها.
وكان هو الذي حمل عبء معارك العصر النبوي، وكانت له إنجازاته الهائلة في بدر، وأحد، وخيبر والخندق.
كما ثبت أنه أول مجموعة الرجال الذين تصدق عليهم الآية: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً} [الأحزاب:23]
وهذا بالطبع لا يتنافى مع وجود صديقين صالحين في هذه الأمة، في العصر النبوي وما بعده، ولكنه يتفوق على الجميع بما كان له من دور مؤثر حقيقي وفعَّال في العصر النبوي بحيث أن ألد أعدائه من الأمويين والعباسيين وعملائهم لم يستطيعوا محوه، هذا رغم تسلطهم على الناس لمئات السنين.
أما تغلب خصومه أو أعداؤه عليه فلم يكن إلا كاشفًا عن تدهور الأمة وانهيارها التراكمي السريع Its rapid cumulative collapse الذي لا يتحمل هو المسؤولية عنه، بل كان هو أول من ابتُلي بتحمل آثاره وتبعاته.
هذا الانهيار كانت أسبابه كما يلي:
                1.                  قلة نسبة السابقين الأولين الحقيقيين بالنسبة إلى المحيط العام المحسوب على الإسلام، والذي يشكل الأعراب الذين لم يسلموا أكثريته، وكان فيه أعداد غفيرة من المنافقين تحدثت عنهم بغزارة أواخر آيات القرءان نزولا، ثم تنامي قوة التيار القرشي بعد إسلام الطلقاء، وقد أخذت هذه النسبة في الانخفاض السريع لأسباب عديدة.
                2.                  الأوضاع التي استجدت بعد نجاح مشروع التوسع العسكري الاستيطاني، فقد امتلك الاتجاه القرشي بسببه القوة والنفوذ والثروة، وقد انحرف بسبب ذلك بعض السابقين إلى الإسلام، مما زاد من ضعف معسكر أهل الحق.
                3.                  تدهور المستوى الديني الجوهري للأمة بسبب تآكل معسكر أهل الحق وازدياد نسبة طلاب الدنيا وعبيدها.
                4.                  طبيعة المعسكر المحسوب عليه، فقد كان يضم طوائف متعددة الاتجاهات، وعند أول اختبار جاد تحول بعضهم إلى أعداء ألداء له، وتخلى عنه أكثرهم.
وكان من أسباب تصدي القرشيين أصحاب النفوذ للإمام ما يلي:
1-                 الحمية الجاهلية، فقد عادت بقوة إلى قلوب من أسلموا بعد أن توارت في العصر النبوي بفعلٍ إلهي، أما من أسلموا بعد انتصار الإسلام في أواخر العصر النبوي، وهم الأكثرية الساحقة، فلم يبرؤوا منها أصلا.
2-                 كانت قريش تعلم أنه لو تولى الإمام الأمر لانفرد به بنو هاشم، ولما خرج منهم، وهذا ما كانوا مستعدين لخسارة الدنيا والآخرة لمنعه، فقد أرادوا أن يكون الأمر دولة بين بطونهم.
3-                 ثارات القرشيين، فلقد قتل الإمام في معارك العصر النبوي الكثير من صناديدهم وأبطالهم المقدسين.
4-                 مكانته الهائلة في العصر النبوي وتفوقه وسبقه على كافة المستويات مع صغر سنه بالنسبة إلى مشايخ قريش، والتفوق عادة ما يؤجج مشاعر الحقد والحسد لدى الناس، ويدفعهم إلى عداء غير مبرر تجاه المتفوقين السابقين، وكان لدى مشايخ قريش درجات متفاوتة من الحقد والحسد تجاه الإمام، مما دفعهم إلى اتخاذ موقف عدائي منه.
لقد كان الإمام مجسدًا لمنظومة القيم الإسلامية، ولذلك لم يكن له أن يتبع أية أساليب مكياڤيللية للتغلب على أعدائه وخصومه، ولو فعل لانقلب الصراع بينه وبينهم إلى صراع دنيوي، ولما كان هو الإمام.

لكل ما سبق فإن أفعال الإمام وأقواله التي ثبتت نسبتها إليه كانت تجسيدًا لقيم وسنن دين الحقّ، وكذلك الأمر بالنسبة للسابقين الأولين الحقيقيين الذين التفوا حوله وأخلصوا له، وبذلك كان هو بحقّ الشخصية الدينية الرئيسة من بعد الرسول.
 
*******

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق