الاثنين، 28 يناير 2019

خروج أصحاب الجمل

خروج أصحاب الجمل 

لقد كان خروج أصحاب الجمل على الإمام علي خطأ فادحا لا مبرر له دفعوا جميعا ثمنه، كما دفعت الأمة بسبب أفعالهم ومازالت الثمن غاليا، وما كان ينبغي لهم أن يخرجوا هذا الخروج المسلح ثم يزعمون أنهم ما أرادوا إلا الإصلاح أو السلم أو الأخذ بثأر عثمان، فإنهم بذلك قد وضعوا أنفسهم تحت رحمة من هم من دونهم ولم يقدموا لهم الأسوة الحسنة، كما وضعوا نفسهم تحت رحمة الوقائع والأحداث، ومن يؤجج نارًا لا يستطيع عادة السيطرة عليها.
ولقد اعتدوا على المسلمين الآمنين في العراق دون أدني مبرر فأحدثوا بذلك سنة سيئة لمن جاء من بعدهم، ولقد دفعوا جند الإمام إلى قتالهم فأدي ذلك إلى شق معسكر أهل الحق وضعضعته.
ولقد مهدوا بذلك الأمر لمعاوية وأعطوه الفرصة لكي يتمرد ويطغي ويتطلع إلى ما ليس له، وليرتد بالناس إلى ما هو أسوأ من الجاهلية، ولقد زعموا أنهم غضبوا لمقتل عثمان الذي لم يرد أصلا أن تراق في شأنه قطرة دم فتسببوا في سفك دماء الألوف من خيرة المسلمين، هذا رغم أنه كان منهم المحرضون على عثمان، ومن لم يحركوا ساكنًا لإنقاذه.
ولقد رأت السيدة عائشة المئات من خيرة المسلمين يقتلون وتقطع أطرافهم دفاعا عن هودجها، ورأت من بعد جند معاوية يقتلون أخاها ويمثلون به أشنع تمثيل ويحرقون جسده فحرمت على نفسها الشواء كما قتلوا أخاها عبد الرحمـن أيضا.
أما الزبير فلقد قُتل غيلة، أما ابنه الذي كان أكبر المحرضين على هذا الخروج الظالم والذي ورط السيدة عائشة في هذا الأمر فلقد اختبأ بعد أن هزمه مالك الأشتر عندما احتدمت المعركة وتركها لتقود المعركة وحدها، ولقد قتله الأمويون من بعد ومثلوا به وصلبوه بعد أن تسبب في مقتل الآلاف من المسلمين.
أما طلحة فلقد أخرجه إحساسه بالذنب من تحريضه على عثمان فاغتاله مروان بن الحكم وكان من جيشه أخذا بثأر عثمان الذي خرجا معًا من أجله!! كما قُتِل ابنه السجاد.
فهل فكروا مليًّا بالفعل في عواقب هذا الخروج؟ وهل لم يخطر ببالهم جميعا مدى خطورة ما فعلوه، ولماذا بادروا إلى خروج مسلح خطير كهذا؟ وإلى أي نص ديني استندوا في خروجهم؟ ألم تخالف السيدة عائشة عن أمرٍ قرءاني صارم؟
أما النتيجة الفادحة لهذا الخروج فهي تصدع جبهة الحق وتقويه جبهة الباطل، ذلك لأن معركة الجمل تركت ثارات وآثارا فادحة جعلت أكثر من يرون الحق ويعرفونه يتقاعسون عن نصرة الإمام ويتخلون عن قضية الحق ويتخاذلون عنه ويرتمون في أحضان الدنيا ونعيمها المعجل ويسأمون الجهاد ويتهيبون تبعاته، أما ما فعله معاوية ومن ناصره فهو الباطل المتجسد والبغي الآثم المجرم والجاهلية الوقحة المتبرقعة بخمار إسلامي.
وبعد كل ذلك فلا ينبغي أن يقع أحد المسلمين في حق طلحة والزبير والسيدة عائشة ولا أن يغمطهم حقوقهم بل ينبغي توقيرهم والاستغفار لهم، ولا يجوز أن يحمل أحد لهم غلا في قلبه.
ولكن لا يجوز لأحد أن يغطرش على وقائع التاريخ ولا أن يمنع المؤرخين من الدراسة الموضوعية لما حدث، ومن يفعل ذلك يكون كافرا بالسنن القرءانية وضالا مضلا، ذلك لأن الله تعالى قد أورد في القرءان  بعض ما اقترفه أفراد القرن الإسلامي الأول من الكبائر مثل الفرار من القتال وتعريض الرسول للأخطار وقتل من أعلن إسلامه طلبًا لعرض دنيوي وخيانة الله ورسوله بالتخابر مع الأعداء وإفشاء الأسرار لهم والخوض في حديث الإفك وإيذاء الرسول والتطاول عليه والتآمر عليه والانفضاض عنه وهو قائم طلبا للهو أو تجارة مما يتورع المسلم العادي الآن عن مجرد التفكير في اقتراف مثله ولو كان القائم مجرد خطيب مسكين.

*******

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق