الخميس، 24 يوليو 2014

الإسلام والليبرالية

الإسلام والليبرالية

الليبرالية هي مجموعة القيم والآليات التي توفِّـر وتضمن للإنسان حرية الرأي والفكر والعقيدة والمذهب، وهذه الحرية تكون على كافة المستويات: الاعتناق والممارسة والدعوة مع الاحترام الكامل لحقوق الآخرين وعدم فرض أي شيء عليهم بالإكراه، والعلمانية هي نظام لازم لكل ذلك، فهي ترفض التسلط الكهنوتي وفرض أي عقيدة أو مذهب على الناس بالإكراه وتمنع أية سلطة من التدخل في هذه الأمور.
والليبرالية بمفهومها الإيجابي النقي هي من لوازم القيام بالمقصد الأعظم الثاني وهو إعداد الإنسان الرباني الفائق، وهذا المقصد هو لب وجوهر المقاصد الدينية، وكل المقاصد الأخرى تستمد أهميتها من لزومها له، ولذلك لا يجوز التضحية به في سبيل تحقيق مقصد آخر، والليبرالية تعلي من أهمية الفرد وتؤكد على ضرورة تحرره من كافة أنواع ومظاهر وصور التسلط والسيطرة والاستبداد والاعتراف بما هو له من كيان مستقل وإرادة حرة وإتاحة المجال أمامه ليحقق ذاته وليتحقق بكماله المنشود، وهذا يوجب للفرد حقوقاً على مجتمعه؛ فيجب أن يوفر له هذا المجتمع الحد الأدنى من احتياجاته حتى لا يضطر إلى التضحية في سبيلها بشيء من حقوقه، كما يجب أن يوفر له هذا المجتمع المجال للتعلم والتأهل المناسب لشخصيته وتنمية قدراته واكتساب المهارات المتفقة مع طبيعته والتعبير الحر عن اتجاهاته وآرائه، والليبرالية الإسلامية لا ترى أن ثمة بالضرورة تناقضاً بين مطالب الفرد وبين مطالب مجتمعه، بل إن دين الحق يضمن الاتساق بين الكيان الأكبر ومكوناته وعناصره الأصغر.
والليبرالية تتضمن حرية المرء في أن يعمل ملكاته في كل المجالات وأن يعرض على الناس حصيلة ما توصل إليه، أما الإسلام فهو يجعل من ذلك ركناً من أركانه، ولكن الإسلام ينظم الأمور وذلك بإلزامه الناس بالشورى بين أولي الأمر، وهذا يعني أنه لابد في كل مجال من المجالات من فئة متميزة متمكنة مؤهلة تستطيع أن تصنع أفضل القرارات وأن تصدر أفضل الأحكام بخصوصه بحيث لا تتبدد الطاقات الإنسانية ولا تهدر عبثا، وعلى سبيل المثال قد يُعمل أحد الأطباء كل إمكاناته ويسخر كل طاقاته لاكتشاف دواء جديد ويظن أنه قد حقق مراده، فالسبيل الأمثل أمامه ليس إعلان اكتشافه للرأي العام عن طريق وسائل الإعلان وإنما عرض نتائج أبحاثه علي الجهات المختصة فربما يتبين له أن ما توصل إليه هو دواء معروف فلا جديد في اكتشافه أو أن هذا الدواء قد سبق اكتشافه وتبين أن له آثارا جانبية فأهمل شأنه، وقد يتبين أنه يلزم إجراء المزيد من الأبحاث، وقد يتبين أن هذا الطبيب محقّ بالفعل وعندها يعلن الأمر علي سائر الناس، فكذلك الأمر في سائر المجالات الأخرى بما فيها إدارة أمور الأمة.
-------
إن الصورة المثلى في الإسلام ألا توجد أجهزة تسلط تحدّ من حرية الفرد، وإنما بيوت خبرة وأجهزة توجيه وإدارة تتراكم فيها العلوم والخبرات، وهكذا كان الحال في العصر النبوي، فلقد نفي القرءان عن الرسول كل صور التسلط والسيطرة والوكالة والجبر، ولذلك أيضاً كان الحث المتكرر للمؤمنين على طاعته كولي أمر لهم، فهو لم يكن حاكما لدولة ولا متسلطاً على أمة، والمشكلة هي أنه لأسباب عديدة يريد البعض إسقاط تصوراتهم ومفاهيمهم على عصور لم تعرف شيئاً عنها.
-------
من السمات الإسلامية الليبرالية الإقرار بوحدة الأصل البشري ولوازم ذلك من المساواة وتكافؤ الفرص والحرية فيما لا يتجاوز حقوق الآخرين، ولعل دول العالم الجديد هي أكثر الدول الآن إدراكاً لذلك وعملاً بمقتضياته.
ومن سمات الليبرالية الإسلامية الإقرار بحق كل إنسان في أن يكون له خصوصيته وفرديته وحماية سماته الفردية الذاتية من الانتهاك وتسلط الآخرين.
ومن سمات علمانية وليبرالية الإسلام التصدي للمؤسسات الكهنوتية الطفيلية التي تصادر الدين لحسابها وتتكسب به وتتسلط على الناس وتنتهك حقوقهم باسمه وتجعل من أي غرٍّ متخلف ينتمي إليها إماماً يجب أن يذعن الكل له وأن يتأسوا به.
-------
إن الليبرالية الاقتصادية في الإسلام مقيدة بالاجتماعية (الاشتراكية)، فللمجتمع حقوقه على كل فرد من أفراده مهما تضخمت ثروته بل وخاصة إذا تضخمت ثروته، وقوانين الضرائب التصاعدية ومنع الاحتكار والتضامن والتكافل الاجتماعي متسقة مع روح الإسلام ومع سماته هذه، كما أنه لابد من قوانين للحد من التضخم ولمنع الاتجار بالنقود ولتقييد حرية انتقال الأموال ولضمان حقوق العاملين وضمان حرية العمل وحق العمل.
والإسلام يقرر أن كل الأمور تجري بالمشيئة الإلهية وبسنن لا تبديل لها ولا تحويل، وهذا يتضمن بالضرورة بياناً بمحدودية العلم والإمكانات الإنسانية، وهذا يتضمن أيضاً أنه لا يمكن أن تترك كل الأمور لآليات السوق التي لا يمكن لأي إنسان أن يحيط بها كلها والتي لذلك قد تنفجر في وجهه، ولذلك لابد أن تتضافر هيئات من أولي الأمر أو الدولة لمراقبة الأمور الاقتصادية وسن ما يلزم من تشريعات واتخاذ ما يلزم من قرارات لإعادة الأمور إلى نصابها.
ومن ليبرالية الإسلام اعتباره دفع الناس بعضهم ببعض والتنافس البناء المثمر واستباق الخيرات من وسائل تحقيق المقاصد الإلهية وحماية الأرض والناس من الفساد.
-------
إن دين الحق يحقق للإنسان أقصى ما يمكن أن توفره له الليبرالية، فإذا كانت الليبرالية ترى أن من المستحسن أن تزداد إلى أبعد حد ممكن استقلالية السلطة التشريعية والسلطة القضائية بالنسبة إلى السلطة الإجرائية التنفيذية وأن يعطى للمواطنين أكبر قدر من الضمانات في مواجهة تعسف المتسلطين فإن دين الحق يلغي التسلط أساساً ويستبدل به أن يجعل لأولي كل أمر حق الطاعة علي باقي الناس في كل ما يتعلق بهذا الأمر، وهو لا يسمح لأحد بعلوٍّ في الأرض ولا يجعل الحكم على الناس وإنما بين الناس، لذلك فإن الليبرالية ليست في أحسن أحوالها إلا وسيلة في سبيل إعمال دين الحق، أو هي تطبيق له مع أخذ ظروف هذا العصر في الاعتبار.
إن أشد الليبراليين تطرفاً يرى أن يقتصر دور الدولة علي حفظ الأمن الداخلي وتحقيق العدل والدفاع العسكري والعلاقات الخارجية، بينما لا يرى دين الحق أن ممارسة مثل هذه الأمور يستلزم أي جهاز تسلطي بل يستلزم هيئات من أولي الأمر المتخصصين للإدارة والتدبير والتصريف مثلما كان الحال في العصر النبوي، وفي سبيل الوصول إلى تلك المرحلة –وهو ما سيظل أملا بعيد المنال- فإن دور الدولة يجب أن يقتصر على الأمور المذكورة مع الالتزام بالقيام بأمور الخدمات العامة والمشروعات الاستراتيجية الكبرى والتخطيط بعيد المدى وبسلطة اتخاذ ما يلزم لحماية الكيانات الإنسانية من شر بعضهم البعض مثل الحد من الاحتكار والحد من كل ما يؤدي إلى التضخم ولحماية المجتمع من سطوة من تضخمت ثرواتهم ومن شر المتعصبين لمذاهبهم وآرائهم.
وإذا كانت الليبرالية تهدف إلي حماية الإنسان من تسلط المؤسسات الدينية الكهنوتية فإن دينَ الحق يحرِّم ويجرِّم وجود أمثال تلك المؤسسات ويعتبر وجودها من أعظم مظاهر الشرك، أما المتخصصون في العلوم ذات الصلة المباشرة بالمعطيات الدينية مثل كل ما يتعلق بالأحكام الشرعية العملية والمعاملات واللغة العربية والتاريخ الإسلامي فهم مثل غيرهم من المتخصصين في سائر المجالات، فلا يعطيهم تخصصهم في مثل هذه الأمور أية سلطة أو مزايا أو إمامة على الناس، ولا يجوز أن يتكسب أحدهم بإمامة المسلمين في الصلاة ولا بإلقاء الخطب في يوم الجمعة، إنه في عصر كهذا يجب أن يكتفي الخطيب بتلاوة آيات الكتاب مع تفسير ما غمض علي الناس من ألفاظها أو أن يتلو الآيات الواردة بشأن أمر من الأمور على ألا يفرض تفسيراً سلفياً أثرياً على الناس، إنه لا يجوز وجود مدارس أو معاهد لتخريج من يصلى بالناس أو من يخطب فيهم أو من يدعوهم إلى الإسلام الذي يؤمنون به!!! وبالطبع يمكن أن تعقد دورات تعليمية في المساجد يحضرها من أراد مزيداً من التعمق في الدين على أن يقوم بالتدريس فيها معلمون مؤهلون متخصصون، أما كليات الدعوة فيجب أن تخصص للمحتسبين ممن يريدون أن يدعوا أتباع الملل والنحل الأخرى في الشرق والغرب إلى الإسلام، فيجب أن يتعلموا ما يلزم من لغات ومعلومات عن الأديان والمذاهب والفلسفات والثقافات، ويجب أن ينظر الناس إلى من يلقي خطبة الجمعة مثلا كأي محاضر في أية مادة من المواد...
-------
إن الضمانات التي تقدمها النظم الليبرالية للإنسان مثل ضمان الاتهام وضمان التحقيق وضمان التنفيذ وضمان الدفاع هي تحقيق عملي للأمر القرءاني بالحكم بالعدل والقيام بالقسط، وهذا الأمر من لوازم القيام بأركان الدين وتحقيق مقاصده، وإجراءات تحقيق ذلك وتنفيذه تتطور بتطور العصر والمصر، والإسلام بالطبع يحثّ على ذلك ويأمر به، فكل ما يؤدي إلى تنفيذ وإعمال الأوامر القرءانية يستمد شرعيته من الأوامر القرءانية.
أما الدستور الملزم للناس فهو التجسيد العصري العملي لمنظومة القيم والسنن الإسلامية مصاغاً بطريقة غير كهنوتية، إن تحريف الدين واختزاله كانا من أسباب عداء المحسوبين على الإسلام للدستور وما يمثله.
ويجب العلم بأن خير ضمان لنجاح أي نظام هو في إيمان الأفراد بجدواه وحتميته ولزومه لحمايتهم وتحقيق آمالهم وإتاحة الفرصة لكل منهم ليظفر بما يريد من السعادة وكذلك في توفر حد أدني من الإيمان بمنظومة قيم واحدة وشيوع ثقافة تحظى بحد أدنى من القبول لدى الجميع.
-------
كلمة "الليبرالية" مشتقة من كلمة لاتينية تعني "حر"، وهي فلسفة سياسية أو مذهب اجتماعي أو نظرة عالمية تقوم على قيمتي الحرية والمساواة، وهي تعلي من شأن الفرد وحقوقه تجاه الآخرين وتجاه أجهزة الدولة، وهي تدعو في مجملها إلى دستورية الدولة، والديمقراطية، والانتخابات الحرة النزيهة، وحقوق الإنسان، وحرية الرأي والفكر والعقيدة ووسائل الإعلام والسوق الحر والملكية الخاصة.
ونقيض الليبرالية هو الاستبداد والقمع والإكراه في الدين واستعباد الإنسان للإنسان والإثم والبغي والعدوان.
فالليبرالية في مجملها متسقة مع دين الحق، وبفضل هذه الليبرالية يستطيع المسلم أن يعيش في بلد كأمريكا وفق دينه وأن يدعو الناس إليه، وبالطبع فإن النظام الليبرالي أفضل بكثير من النظام الإجرامي الدموي الجهول المتخلف المسمى ظلما بالخلافة الإسلامية.
-------
النظام الليبرالي ليس أفضل النظم، ولا شك أن النظام المستند إلى دين الحق هو أفضل منه، ولكن دين الحق غريب ولا توجد إلا المذاهب الإقصائية المتناحرة الضالة التي حلت محله، وهي لا تملك أية صيغة لتحقيق التقدم ولا للتعايش السلمي بين الناس.
ودين الحق يتضمن أسمى ما هو في الليبرالية والعلمانية، فهو يغني عنهما ولا يغنيان عنه.
-------
من السمات الليبرالية للإسلام
1-      حرية العقيدة.
2-      حرية استعمال الملكات الذهنية، بل الإسلام يجعل الإنسان مأمورا بذلك.
3-      حرية إبداء الرأي.
4-      مراعاة حقوق الإنسان واحترام كرامته، والإسلام يجعل ذلك من الأمور التي يتعبد بها الإنسان لربه.
5-      حرية تداول المعلومات الحصول عليها.
6-      البراءة الأصلية.
7-      سيادة القانون وتساوي الجميع أمامه.
إن الليبرالية تتضمن الاستقلالية؛ ومعناها: التحرر من كل أنواع الإكراه الخارجي، وهي تتضمن أيضاً حرية العقيدة والفكر والدعوة، وجوهر الليبرالية هو التركيز على أهمية الفرد، وضرورة تحرره من كل أنواع السيطرة والقهر والاستبداد، وفي ظل سيادة المذاهب المتنافرة المتنافية التي يتأهب كل منها للفتك بالآخر فإنه لا بديل عن الليبرالية، فممارستها ستؤدي بالضرورة إلى الرقي العام.
------------
إن الليبرالية تعني ضمان حرية الإنسان في المجالات السياسية والفكرية والشخصية والمِلْكية في إطار القانون المتفق عليه من كل طوائف الأمة والمعبر عن منظومة القيم السائدة، وهي لا غنى عنها في الدولة المدنية الحديثة، وفي مثل هذه الدولة لا حرج من أن يكون أحد الأديان الذي يتضمن شريعة مصدراً من مصادر التشريع أو المصدر الرئيس من مصادر التشريع وليس من حق أقلية أن تفتات على الأغلبية في هذا الخصوص ولا أن تبتز القائمين بالأمر لحملهم على الاعتداء على حقوق الأغلبية.
------------
إن الليبرالية المرتضاة هي جماع القيم والمناهج والآليات التي تسمح للناس بعرض آرائهم ومناقشتها وتسمح بحرية تداول وتبادل المعلومات ولا تفرض وصاية على الناس ولا تسمح لأحد بأن يفرض وصاية ما على الناس وتترك الآراء تفرض نفسها بما هو لديها من حقانية وقوة ذاتية، ومن أبرز مظاهرها حرية العقيدة وحرية الصحافة وحرية وسائل الإعلام وحرية الحصول على المعلومات وتداولها، ويجب أن يكون ذلك متسقاً مع منظومة قيم مرتضاة من طوائف المجتمع.


*******


هناك تعليق واحد:

  1. استاذى الكبير، اشرف ان كنت احد تلاميذك فى عام 1988.... لا استغرب عمق اطلاعك و اتساع معارفك فهذا عهدنا بك من صغرنا ،عميق الاطلاع ،عفيف اللسان عميق الفكر قليل الكلام .... اثنى على مقالك فى تقريب الفكرة العلمانية الى الفقه الاسلامى الوسطى السنى الذى يرضى الله ورسولة . وابدى اعجابى بهذا الاستحداث المصطلحى "العلمانية الاسلامية " الذى لم اقرأة من قبل قرائتى لمقالك. وياليت اهل العلمانية المسلمين يرونها وفقا لمصطلحك،علمانية اسلامية، ....اصدقك القول انى ارى مستقبلا مشرقا لهذا المصطلح العبقرى الذى يذكرنى بما حدث من انتصار للعقيدة الاسلامية (فى النهاية ) على معتقد التتار ودخول التتار فى دين الله افواجا بل واصبحوا دعاة للإسلام فى الشرق الاقصى والادنى بعد ان كانوا جنود الموت و خطاف المنايا وبعد ان سبحوا فى انهارمن دماء المسلمين وشربوا منها فى بغداد وما حولها . استاذى العزيز، لقد نشأ الفكر العلمانى فى اوروبا فى ردة فعل انعكاسية لما آلت ايه الكنيسة من فساد و انحلال وجمود فى الفكر ومحاربة للعلم والتطور ،هذا التطور الذى حمل لوائه عرب الاندلس و الخلافات الاسلامية الاموية والعباسية و الايوبية والمملوكية والى العثمانية فى امتداد حضارى طويل من منتصف القرن الثامن وحتى القرن الرابع عشر والخامس عشر الميلادي. خلال هذه الفترة، قام مهندسو وعلماء وتجار العالم الإسلامي بالمساهمة بشكل كبير في حقول الفن والزراعة والاقتصاد والصناعة والأدب والملاحة والفلسفة والعلوم والتكنولوجيا، من خلال المحافظة والبناء على المساهمات السابقة وبإضافة العديد من اختراعاتهم وابتكاراتهم. نعم نقول لقد قامت العلمانية لتكون اوربا اسوة بالعالم الاسلامى المتقدم المتحضر فى عصرة الذهبى وفكره التقدمى الحضارى ولكى ترفع يد الدين الكنسى الذى فسد على ايدى قساوسته من على نظام الحكم فى الملكى الذى كان لا يقل فسادا عنها حتى كان شعار الثورة الفرنسية عام 1789 "اشنقوا اخر ملك بأمعاء آخر قسيس " فكانت العلمانية انقلابا كاملا على الدين الكنسى ورفضا لحكمه جملا و تفصيلا خيره بشره واستبدالا له بمنتوجات العصور الذهبية الاسلامية من علوم وتكنولوجيا ومبادئ وفكر البحث العلمى واسسه ولكن للأسف دونما اعتناق للدين الاسلامى مثلما فعل التتريين الذين اخذوا الدين كله بمنتوجاته الحضارية. و حين اعتنق الاوربيين العلمانية و اقتبسوا من الحضارة الاسلامية ازهر ما فيها و اصبحوا اقوياء اقتصاديا و عسكريا كانت فى ذات الحين الدولة العثمانية تركب خطاها الجسيم فى حق الاسلام و المسلمين حين اوقفت بقوة سلاطينها من بنى عثمان التجديد فى الفقه الاسلامى ..... واحقاقا للحق فقد فعلوا ذلك ظنا منهم ان ذلك سوف يحمى الدين ولكن كان ذلك جهلا منهم . فكانوا هم السبب فى منع العلماء من الاستمرار فى الفتاوى و الاستنباط الفقهى لمستجدات العصر و اوقفوا الفقه على المذاهب الاربعة فقط (الشافعية و الحنفية و المالكية و الحنبلية ) ... فلما فعلو ذلك انتهى دور العلماء و الفقهاء رسميا فى التجديد فى الدين. فضعفت قلوب الامة و انتشر الجهل و المورثات الخاطئة و لم يظهر المجددين فى الامة الا على المستوى الفردى الغير مدعوم من سلطة الباب العالى فخفتت اصواتهم و ضعف تأثيرهم فى العامة و كانت النتيجة المحتومة المؤلمة هو سقوط الخلافة الاسلامية من عل بعد دوام 14 قرنا من الزمان. و استتبع ذلك قيام الدول العلمانية فرنسا و انجلترا و ايطاليا و اسبانيا و هولاندة بغزو العالم الاسلامى ليعيدوا تصدير الفكرة العلمانية الينا و قد كنا نحن المسلمين الذين الهمناهم بها .... وكيف تتعارض العلماتية مع مصدرها و منبعها الاصيل؟ ليس العيب فى العلمانية ياستاذى العزيز الكريم الفاضل ولكن العيب فى الغزاة الذين يريدون بالعلمانية ان تكون بديلا عن الدين الاسلامى كمرحلة اولى ثم تكون المسيحية بديلا عن العلمانية كمرحلة ثانية و ينتصر الصليب ويهوذا و تبدأ الالفيه السعيدة او هكذا يخططون للقضاء علينا . لقد اخذت العلمانية الاوربية من الدين الاسلامى كل شيئ يرتبط بالحياة و تعميرها و تركت الايمان باليوم الآخر ووحدانية الاله وتقواه ووجوب العمل بشريعته كمثل الاعراب حين توفى الرسول محمد صل الله عليه وسلم فقالوا من بعده لا زكاة والباقى "شغال معانا". و ظهر الجهال و اشباه العلماء فى امتنا يزيدون الطين بله فلا هم اصلحوا و لا فهموا الدين الكامل التام فأخذوا اشياء و تركوا اشياء و اختلفوا فاختلفت قلوبهم فصرنا فرقا و شيعا فهذا سلفى و هذا تبليغى وهذا جهادى و هذا اخوانى و هذا تكفيرى و هذا علمانى مسلم وهذا اشتراكى مسلم و هذا ليبرالى مسلم و هذا اهلاوى و هذا زملكاوى حتى قاربوا على بضع وسبعين شعبة فاصبحنا لا نعرف من على حق ومن على باطل ..... نسأل الله السلامة .

    ردحذف