الجمعة، 31 أكتوبر 2014

عقوبة السارق

عقوبة السارق



قال تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالا مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} المائدة: 38
إن لله سبحانه أن يُقدِّر العقوبةَ كيف يشاء، ومقدار العقوبة وكيفيتُها لا يقاس أبدا بمقاييس الناس وموازينِهم وإنما بموازينه هو، فالسرقةُ مثلا لا يقاس أثرُها ولا فداحتُها بقيمة ما سُرق وإنما بطبيعة الجرم في ذاته وأثرِه على الضحية وعلى الأمة، ذلك لأن السارقَ قد انتهك حقوقَ إنسان آخر واستباح لنفسه أن يحرمه من ثمرة عمله وكده وأن يستمتع هو به، وهذا مما يكشف اعوجاج نفسه ومدى إظلام باطنه، وهو باعتياده السرقة سيزداد تدهورا وانحطاطا على كافة المستويات، أما من حيث قيمة ما يسرق فهي أمر نسبي؛ فقد تؤدى سرقة قدر طفيف من المال من أحد الفقراء إلى القضاء على مستقبله أو إلى عجزه عن تدبير ما يلزم لعلاج أحد ذويه فيقضي نحبه مثلا.
ويجب التمييز بين لفظ "السارق" كلفظ لغوي، وبين مصطلح "السارق" كمصطلحٍ شرعي، ولقد سكت الكتاب العزيز عن التعريف الدقيق للسارق ليتركه لأولى الأمر في كل عصر ومصر، ولذلك لم يطبقْ عمرُ بن الخطاب عقوبةَ السرقة على من سرق في عام الرمادة ليس لأنه يملك حق إيقاف العمل بآية في كتاب الله تعالى أو تعطيل أمرٍ شرعي ولكن لأنه رأى أن تعريفَ السارق لا ينطبق على من سرق في حالة مجاعة، ولقد كان محقا في ذلك، فالسارق هو من ضبط متلبساً بالسرقة وثبت أنه يمتهنها كحرفة يتكسب منها، أما من سرقَ مضطراً ليدفع عن نفسه أو عمن يعول مثلاً خطرَ الهلاك جوعاً فهو يعد سارقاً من الناحيةِ اللغوية فقط وليس طبقاً للاصطلاح الشرعي.
أما في هذا العصر فإن أحقَّ الناس بلقب السارق هو ذلك الذي يستبيح لنفسه أموال قومه وتؤدي جنايته إلى إلحاق الضرر بعدد كبير منهم مثل ناهبي المال العام وأموال البنوك مثلاً، ولا يجوز هنا درءُ العقوبةِ بالزعم بأن لهم شبهةَ نصيب فيها كما يقولون، ولا نصيب لمسئولٍ أكثر من أجره القانوني، فما يستحقه كل إنسان نتيجة عمله معلوم له جيدا، وهذا السارق يتجاوزه بكثير، ومن الواضح أن مفهوم شبهة النصيب هذه قد اختلق لإيجاد مخرج للخلفاء والسلاطين من آكلي أموالِ الناس بالباطل.
وعقوبة السارق هي القطع؛ أي قطع جزء أو أجزاء من الجِرْم المذكور هاهنا وهو الأيدي؛ ولغويا: الْقَافُ وَالطَّاءُ وَالْعَيْنُ أَصْلٌ صَحِيحٌ وَاحِدٌ، يَدُلُّ عَلَى صَرْمٍ وَإِبَانَةِ شَيْءٍ مِنْ شَيْءٍ.
فلا مجاز هنا، ولا توجد أية قرينة في الآية لصرف القطع عن معناه، بل يوجد ما يؤكده ويوجبه.
ولقد سكت الكتاب العزيز عن كيفية القطع الذي هو إبانة بعض أجزاء الجِرْم، وترك أمرَ تحديد ذلك لأولي الأمر، ولكن لابد من القطع بكل ما يعنيه ذلك من معنى، ولا يجوز محاولةُ صرف العبارة عن معناها، فمثل هذه المحاولات مدحوضة بقوله تعالى: {جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالا مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}، فالقول نكَّلت بفلان يعني عاقبته في جُرْم أَجرمه عُقوبة تنكل غيره عن اقتراف مثله، وكل مشتقات اللفظ "نَكال" في القرءان تعطي نفسَ المعنى، قال تعالى: {فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ }البقرة66، {فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى}النازعات25.
ومن الواضح أن الله تعالى استعمل للسارقِ نفس اللفظ الذي استعمله لفرعون.
وختمُ الآية بالاسم "العزيز الحكيم" يدحض أيضاً كل محاولات المجتهدين الجدد وغيرِهم الذين يحاولون صرفَ الآية عن معناها، فالحكم الصادر على السارق هو من مقام العزة، فلا مجال للجدل حوله أو المراء فيه.
ولكن المصطلح "سارق" هو مصطلح شرعي، فيبقى لأولي الأمر تعريف المراد بالسارق طالما لم يرد له تعريفٌ محدد صارم في القرءان، فهو مصطلح مفتوح، ولا يجوز الالتفات هاهنا للآثار وإن كان يمكن الاستئناس بها، فالسارق لا يمكن أن يكون من سرق عرضا لحاجة طارئة، وإنما هو من مارسها حتى أصبح معروفا بها، ومثَله كمثَل "المسجل خطر" في مصر مثلا الذي يكون معروفا للشرطة مثلا مدى خطورته ولكن القانون لا يسمح بعقابه إلا إذا ضُبِط متلبسا.
فهناك أمران فيما يتعلق بهذا المصطلح متروكان لنوعين مختلفين من أولي الأمر: تعريفه، وهو منوط بأولي الأمر المشرعين، ثم النظر في مدى انطباق هذا التعريف على حالة بعينها، وهو منوط بمن يُسمون بالقضاة الآن، فهم يحكمون وفق ما لديهم من بينات وأدلة كما هو معلوم وكذلك ما تقرر من قواعد فيفسرون أي شك لصالح المتهم.
والسارق هو كل من يسرق من الآخر أو الآخرين كل ما يمكن أن يقوم بمال، فبمضيِّ الزمن تظهر أنواع جديدة من السرقة لم تكن معروفة من قبل ينطبق عليها هذا التعريف.
والحد الأدنى للسرقة التي يجب العقاب عليها غير محدد أيضا، فهو متروك لتقدير أولي الأمر في كل عصر ومصر، وكما سبق القول فالسارق الآن هو من يسرق كل ما يمكن أن يقيَّم بمال الآن، وليس بالضرورة بالذهب (الدينار) أو الفضة (الدرهم)، وهذا مجال قابل للتنوع والاتساع باطراد التقدم.
وفي تقدير العقوبات ليس الأمرُ أمرَ تشفٍّ ممن اقترف الجريمة بل هو لتقويم الناس وتخويفهم من التفكير في أن يسرقوا الآخرين، ولحماية الناس من شر المنحرفين منهم، ولتوفير الأمن لهم، ولترسيخ منظومة القيم الإسلامية البناءة الإيجابية ولتحقيق مقاصد الدين.
وبالطبع فالنص على أن العقوبة هي لـ "السارق" يعني بالضرورة ضرورةَ الثبوت التام لكونه كذلك، فلا يجوز أن يقضي القضاة في هذا الأمر بالظن أو بما استقر في ضمائرهم كما يقولون، فإذا كان عندهم ذرة من الشك وجب إيقاع عقوبة أقل من القطع متروك تقديرها لهم ولظروف العصر والمصر.
ولا معنى لإقحام لفظ "البتر" هاهنا كما فعل بعض المجتهدين الجدد!! وهذا اللفظ الذي لم يرد في القرءان أبدا بل ورد ما هو مشتق منه في آية واحدة، وهي: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} الكوثر3، والأبتر هو الذي لا عقب له، فإذا هلك انقطع ذكره.
ولغويا: (بَتَرَ) الْبَاءُ وَالتَّاءُ وَالرَّاءُ أَصْلٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ الْقَطْعُ قَبْلَ أَنْ تُتِمَّهُ. وَالسَّيْفُ الْبَاتِرُ الْقَطَّاعُ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الَّذِي لَا عَقِبَ لَهُ أَبْتَرُ. وَكُلُّ مَنِ انْقَطَعَ مِنَ الْخَيْرِ أَثَرُهُ فَهُوَ أَبْتَرُ.
فاللفظ "قطع" ليس بأقل قوة من اللفظ "بتر"، فاللفظ "قطع" يَدُلُّ عَلَى صَرْمٍ وَإِبَانَةِ شَيْءٍ مِنْ شَيْءٍ، وهو أدل منه على المعنى المطلوب، وإقحام اللفظ "بتر" ليتم نفي معنى القطع هو حيلة لا يستعملها إلا مدلس أو جاهل أو مغرض.
أما القطع في الآية التي تحدد عقوبة السارق فهو القطع، ومفعوله في الآية هو الأيدي، وبالمناسبة فاللفظ الإنجليزي Cut مأخوذ من نفس الأصل اللغوي للفظ العربي "قطع"، ومعناه معروف، وهو نفس معنى اللفظ العربي. 
وبالتالي فهو لا يعني إلا قطع جزء أو أجزاء من الجِرم المذكور هاهنا وهو الأيدي؛ فلا مجاز هنا، ولا جدوى من أية محاولة غير مسئولة لصرف الآية عن معناها المباشرِ الواضح، وكما قلنا فإنه مفوض إلى أولي الأمر كلُ ما يتعلق بهذا الجزء الواجب قطعه والكيفية وتعريفُ السارق نفسه، وقلنا إن شرط تطبيق العقوبة هو الثبوت القطعي لمصطلح السارق على المتهم.
أما من يحاولون صرف الألفاظ عن معانيها ويقولون إن قطع الأيدي هو بكفها عن السرقة بإغناء السارق عنها فعليهم أن يفسروا الآية الآتية:
{إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } المائدة33.
فباستعمال القياس قد يقولون إن تقطيعَ الأرجلِ يكون بمنعهم عن المشي على الأرض وإنما بحملهم على الأعناق مثلا!!!!
فلا جدوى من محاولة استعمال المعاني المجازية لصرف الألفاظ عن معانيها الحقيقية!!

واستعمال الفعل "قطع" ومشتقاته في القرءان استعمالا مجازيا لا ينفي المعنى الأصلي للكلمة، بل يبقى للكلمة معناها الأصلي، والسياق هو الذي يحدد هل الاستعمال حقيقي أو مجازي، ولا مجاز في آيات الأحكام.
فآيات الأحكام الشرعية هي من الآيات المحكمات التي لا تشابهَ ولا مجاز ولا تأويل فيها!!!!
والأمة بالكامل مسئولةٌ عن الأطفال والصبية الذين يمتهنون السرقة وتأثمُ بسببهم، فهؤلاء يسرقون بالمعنى اللغوي ولكن التعريف الاصطلاحي الشرعي لا ينطبق عليهم، وقد يثبت أنهم بحاجة إلى علاج أيضا.
وكذلك هناك من هو مصاب بمرض السرقة رغم كونه ثريا، فمثل هذا هو أحوج إلى العلاج كذلك، فيجب تحري الأمر، فتعريف السارق يتغير مع ظروف العصر والمصر والتطور، وهو في كل الأحوال لا ينطبق إلا على من تمّ التيقن التام من اقترافه السرقة بكامل وعيه وإرادته وليس ليدرأ عن نفسه أو عمَّن يعول شبح الموت.
أما قولهم فيمن يسرق أموال الناس إنه مال عام وله فيه شبهة نصيب فهو مجرد قول باطل والمراد منه معلوم، وهو تبرئةُ المتسلطين وبطانتهم، السرقةُ هي السرقة، ونهب أموال الأمة وتوزيعه على الأهل والعشيرة والمنافقين والمداحين هو عدةُ جرائم مركبة، منها السرقة بالإكراه، ومنها الظلم وسوء استغلال السلطة وعدم القيام بالقسط، ولكن من كان منهم يجرؤ على أن يطالب بتطبيق العقوبة على معاوية أو مروان بن الحكم أو هارون الرشيد مثلا؟ فتعريفهم العجيب للسرقة كان المقصود به تجنبَ الصدام مع المتسلطين على الأمور.
إنه يجب التفكيرُ في سلامة الأمة وأمنها وفي الضحايا الأبرياء قبل التفكير في المجرم، ويجب قبل كل شيء الالتزام بما شرعه الله تعالى للناس من أحكام في كتابه العزيز، فالخالقُ هو أعلم بما يصلح مخلوقاته.
إن شكلَ العقوبات في الإسلام هو أمر هام، والعقوبات هي من حقوق الأمة على أفرادها، ولكن هذا الشكل لا يجوز أن يكون الشغلَ الشاغل للمسلمين، وفي نفس الوقت لا يجوز القول بأنه يجبُ حلّ كل مشاكل الكون وإصلاح كل الأمور قبل تطبيق العقوبات، فهذا يعني أنها لن تُطبقَ أبدا، فالعقوبة وسيلةُ إصلاح للعامة والخاصة، ولكن يجب تطبيقها في ظل نظام تشريعي كامل يعمل لصالح الأمة كلها ولا ينكلُ بالفقراء ولا يحابي ذوي النفوذِ والأثرياء.

ولقد نشرنا قولنا في عقوبة السرقة، وهي قطع اليد جزاء ونكالا من الله العزيز الحكيم كما تقول الآية تماما، وقلنا إن السكوت عن تعريف السارق وكيفية ومدى القطع يعني تفويض هذه الأمور إلى أولي الأمر في كل عصر ومصر، وهذا يعني أنه ليس من اللازم التقيد بكيفية تطبيق السلف لهذه العقوبة، وقلنا إننا نعلم أن بعض المجتهدين الجدد قد أتوا بتفسير مخالف لذلك وأن دراويشهم يؤمنون بهذا التفسير إيماناً لا يتزعزع، وأنه لا جدوى من الجدال معهم في هذا الأمر وأنهم أحرار فيما يختارونه لأنفسهم، ومع ذلك فوجئنا بهجوم كاسح على كل رسالة ننشرها يريدون إقناعنا بباطلهم وهرائهم المعروف لدينا بكافة ألوانه.
والجدال يكون مثمرا في الأمور غير المحسومة وليس في الآيات المحكمة، ولا جدوى من إضاعة الوقت في النظر في آراء مفروضة على الآيات بدعوى العصرانية أو الإنسانية أو غيرها.
نعم العقوبات مؤلمة، ولكن لابد منها لحماية المجتمع والأمة، أليس قتل إنسانٍ ما عملا مؤلما مخيفا؟ نعم ولكن إذا كان هذا الإنسان قد اقترف ما يوجب قتله مثل قتل فتاة مسكينة أثناء محاولته اغتصابها أو بعده، ألا يكون في قتله تحقيقا للعدل وشفاءً لصدور الناس وحماية للمجتمع من شر عتاة المجرمين؟ هل من العدل أن يقول أحدهم إن قتل هذا المجرم لن يعيد الحياة للفتاة وبالتالي يجب العفو عنه؟ أو أن يقول آخر بل يجب تزويجه حتى يشبع حاجاته الجنسية فلا يقتل!! نعم يجب دراسة كل الأسباب ومعالجة الأمر، ولكن يجب ألا يكون ذلك مبررا لعدم القصاص من المجرم.
وبالمثل يجب إنزال العقاب بالسارق، ولا يوجد في الإسلام سجون، ولو كان المقصود بقطع يد السارق سجنه لكان على اللسان العربي أن يعتزل العمل، وعقوبة السجن معلومة تماما لمن أنزل القرءان، وكانت مستعملة في مصر منذ أقدم العصور كما جاء في قصة يوسف عليه السلام، ولو كانت العقوبة هي السجن لمنعه من السرقة لورد نص صريح بذلك، ومن ناحية أخرى كيف تكون عقوبة السارق التي هي قطع اليد جزاء ونكالا من الله العزيز الحكيم كيف تكون بإغداق المال عليه حتى لا يسرق؟؟؟!!! هل إغداق المال عقوبة؟؟ وماذا إذا كان السارق غنيا أصلا؟
نعم يجب العمل على التصدي لمشكلة الفقر، ولكن هذه قضية أخرى، ولا يجوز تأجيل تطبيق العقوبات الإسلامية أبدا إلى ما بعد حلّ مشاكل الكون، هذه العقوبات هي جزء من الحلول اللازمة التي وضعها للناس من خلق الكون.
أما كورال المجاميج العصرانيين فيعزفون أنشودة واحدة: "القطع ليس البتر"، وكأنه يوجد على ظهر الكرة الأرضية من يشكك في تلك البديهية، اختلاف المبني يستلزم بالضرورة اختلاف المعنى.
وهذا لا يتنافى مع ما ورد في الآية من أن عقوبة السارق هي قطع يده جزاء ونكالا من الله العزيز الحكيم، وأداة القطع والمدى المقطوع والكيفية مفوضة إلى أولي الأمر في كل عصر ومصر، ومن الهراء مثل هذه الأقوال:
قطع اليد = السجن
قطع اليد = إعطاء مال للسارق لكيلا يسرق من بعد
قطع اليد مجاز ويمكن أن يكون أي شيء آخر غير قطع اليد.
مثل هذه الهرائيات لا تستحق إلا الازدراء.
ولكن كما قلنا لن يرتدع المجاميج ولن يكفوا عن بث ضلالاتهم بل سيقلبون الموضوع إلى مهاترات شخصية!


يوماً ما سيأتي أحد المجتهدين الجدد ليقول إن قطع يد السارق يعني تقبيلها وتكريمه في احتفال مهيب، وبذلك يكف عن السرقة.
وبذلك يرضى عنه كل أعداء الإسلام وإبليس نفسه.

إن محاولات المجتهدين الجدد لإبطال آيات القرءان هي من أخطر المحاولات، وهي تتجاوز في الخطورة ما أحدثه السلف من القول بالنسخ، وهؤلاء لا يكتفون فقط بتحريف معاني المصطلحات القرءانية أو تأويلها وفق أهوائهم وإنما إلى التلاعب باللغة ذاتها، ولو نجحت مساعيهم لنشأت أجيال تتلو آيات القرءان بلسانهم المحرف، وفي ذلك القضاء على الدين بوسيلة إجرامية خبيثة.
وهناك من يحاولون إبطال الأحكام القرءانية بطريقة ملتوية، فيقولون: "نعم، نعم، يجب قطع يد السارق، ولكن يجب أولا حل كل المشاكل الاقتصادية وإغناء كل الناس وإغداق الأموال عليهم، وعند ذلك فقط يمكن تطبيق هذه العقوبة"!
وكلامهم محض هراء، والأحكام أنزلت لتُطبق وليس لتعطيلها إلى حين حلّ كل الأزمات الاقتصادية وتحويل البلاد إلى جنات تجري من تحتها الأنهار، وإنفاذ العقوبات هو من وسائل الإصلاح وحل الأزمات الاقتصادية.
وبعضهم يقول: "وكيف تطبق عقوبة كهذه على لص سرق القليل من المال أو ساعة يد من رجل في أتوبيس؟"
والجواب هو أن تعريف السارق ودراسة مدى انطباق التعريف عليه منوط بأولي الأمر المتخصصين، بما في ذلك بالطبع الحد الأدنى الذي بتجاوزه يكون المتهم سارقا بالمعنى الشرعي، وهم متمرسون وعلى دراية بالأحوال والحالات المعروضة عليهم، ولصّ الأتوبيس هذا قد لا يكون أقل خسة وإجراما ممن يسرق ما هو أكثر من ذلك.
ويجب على جمعيات حماية حقوق المجرمين أن يفكروا أيضاً في حقوق الضحايا وفي حقوق الأمة التي تريد أن تعيش في أمن وسلام وألا يسلبها أحد ثمار كدها وكدحها.
وبعضهم يقول: "وهل من الممكن أن يقرر الإله الرحيم عقوبة كهذه؟" وهؤلاء يتحدثون وكأن القرءان لا وجود له، كما يتحدثون عن الإله وكأنه رجل طيب، أو كعضو في حزب الخضر، ولم يعلموا أنه أيضا شديد العقاب وأنه عزيز ذو انتقام وأنه أعد للظالمين والمكذبين نارا وقودها الناس والحجارة، وعليهم أن يعلموا أن له على الناس حق الطاعة بحكم كونه الإله الخالق، وهو إذ يقرر عقوبة للسارق لا يسعى إلى التشفي منه، فهذا السارق لن يضره شيئا، ولن يخرج من ملكه، ولن ينقص منه شيئا، ولكنه يريد أن يحمي الناس من شر أنفسهم، ومما لا شك فيه أن الأمة التي يُربَّى أطفالها على أن عقوبة السارق رهيبة لن تنمو في أنفسهم أية نزعة نحو السرقة أصلا.

*******

هناك 4 تعليقات:

  1. اظن القطع له عدة معان في القران فالنساء الاتي راين يوسف قطعن ايديهن جزئيا وليس كليا
    واليد لها عدة معان منها ولا تلقوا بايديكم الى التهلكة ،الذين قيل لهم كفوا ايديكم (هنا بمعنى سلطتكم )
    هذه الاية مختلفة في طريقة القطع مع اية المحاربين لله ورسوله قطع مباشر (بتر )بقوله(( من خلاف)) كما هي في الاية ( لأقطعن ايديكم وارجلكم ((من خلاف)) ثم لاصلبنكم اجمعين)

    ردحذف
  2. شكرا على الإفادة دكتور.

    ردحذف
  3. شكرا على الإفادة دكتور.

    ردحذف
  4. تفسير موفق ..
    ويمكننا ان نقول ان قطع كف اليد ,هو اعلى عقوبة ,ويلوح ويهدد بها القاضي ضد المتهمين ,فسيف التهديد اقوى من سيف التنفيذ ..
    ويتم معاقبة السارق بوسم كفه بميسم ,تبقى اشارة للناس بانه قد عوقب بتهمة السرقة ,وهكذا تقطع ..توسم ..كفه ,كلما سرق ..واذا ااستمر يسرق تبتر كفه ..

    ردحذف