الأربعاء، 25 يناير 2017

أخت هارون

أخت هارون

أم السيد المسيح هي السيدة العذراء مريم الهارونية، والتي يعني اسمها (أمة الرب)، وهذا يتضمن أنها خادمة الله وخادمة بيته، أي خادمة الهيكل، وهي من سلالة هارون، وبالتالي من سلالة ليفي (لاوي)، وهي سلالة الأنبياء والكهنة، والتي منها سلالة هارون المعروفة (سلالة الكوهين) والتي ثبت أن لها الهابلوجروب J-M267، وهو الخاص بهم وبالعرب الأصلاء أيضا، وكانت هي تنتمي إلى سلالة هارون.
وقولهم لها "يَا أُخْتَ هَارُونَ" كما في الآية القرءانية: {يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا} [مريم:28] يعني "يا هارونية"، وذلك مثل القول: "يا أخا العرب"، فهي لا تعني إلا: "يا عربي"، ومن المعلوم أن سلالة هارون (الكوهِن) هي سلالة الكهنة من بني إسرائيل، وهم من ذرية هارون.
أما أخت موسى، فليس اسمها مريم، وإنما مِرْيام، وفي الترجمات الإنجليزية الصحيحة Miriam بينما اقترف الذين ترجموا العهد القديم خطأً فادحا عندما كتبوها مريم، وليس هذا هو الخطأ الوحيد الذي اقترفوه.
فالأصل العبري المرسوم في التوراة لأخت موسى وهارون هو مِرْيام، وليس ماري أو مَرْيَم، وقال علماء التوراة إن معناه هو المراء أو التمرِّي من الجذر العبري "مرا"، فهو "فعلان"؛ أي "مِرْيان" أُبدلت نونه ميما كما يحدث عادة من إبدال بين العبرية وبين العربية، وكما هو واضح لا علاقة له من حيث المعنى بالاسم "مريم".
وقد جاء في إنجيل لوقا:
5كَانَ فِي أَيَّامِ هِيرُودُسَ مَلِكِ الْيَهُودِيَّةِ كَاهِنٌ اسْمُهُ زَكَرِيَّا مِنْ فِرْقَةِ أَبِيَّا، وَامْرَأَتُهُ مِنْ بَنَاتِ هارُونَ وَاسْمُهَا أَلِيصَابَاتُ. 6وَكَانَا كِلاَهُمَا بَارَّيْنِ أَمَامَ اللهِ، سَالِكَيْنِ فِي جَمِيعِ وَصَايَا الرَّبِّ وَأَحْكَامِهِ بِلاَ لَوْمٍ. 7وَلَمْ يَكُنْ لَهُمَا وَلَدٌ، إِذْ كَانَتْ أَلِيصَابَاتُ عَاقِرًا. وَكَانَا كِلاَهُمَا مُتَقَدِّمَيْنِ فِي أَيَّامِهِمَا.
وطبقًا لإنجيل لوقا فإن إليصابات أم يحيى خالة المسيح كانت من مِنْ بَنَاتِ هارُونَ، وبذلك فقد كانت السيدة مريم من سلالة هارون أخي موسى، وكان المسيح نفسه هارونيا، فليس له والد بشري، ومن المعلوم أن سبط هارون هم المتخصصون في السدانة والكهانة من بعد موسى.  
ولقد كانت السيدة مريم ابنة عمران الهارونية منذورة لله عزَّ وجلَّ، وذلك ما يشير إليه اسمها (أمة الرب)، ولذلك عاشت خادمة للمعبد، ولم يكن لأحد أن يتقدم لخطبتها، وبالتالي لم يكن لها أبناء أشقاء أو إخوة للمسيح، وهذا يعني بالضرورة أنها ليست هي ماري المذكورة في الأناجيل التي كان لها أبناء عديدون، واسمها (أمة الرب، L'esclave de Dieu) حجة على من سيقولون إنها أم الرب La mère de Dieu أو إنها هي مريم (خطيبة ثم زوجة يوسف النجار) الواردة في الأناجيل والتي كان لها أبناء عديدون.
والكلمة اليونانية التي تُرجمت إلى "النجار" وهي tekton قد تعني شيئا آخر، وقال بعضهم إن ترجماتهم غير دقيقة، فهي قد تعني البنَّاء أو المعماري، والحق هو أن يوسف بن هالي كان نجارا بالفعل، ولا يعنينا ذلك في شيء، فكل هذه الأقاصيص إنما تتعلق بالمسيح المزيف. 
فأسرة المسيح البشرية في القرءان هي أمه السيدة مريم فقط، وإليها وحدها ينتسب، قال تعالى:
{وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (16) فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (17) قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (18) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (19) قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20) قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آَيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا (21) فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا (22) فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا (23) فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25) فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (26) فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (27) يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28) فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (29) قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32) وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33) ذَلِكَ عيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (34) مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (35) وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (36)} مريم
وحمل مريم عليها السلام للمسيح تمَّ بطريقة غير مألوفة للناس، ولكنه تمَّ أيضا وفق قوانين الله وسننه والتي لا يعلمها الناس، ومثله كمثل آدم، فمادة الخلق واحدة، وهي التراب، والزيجوت Zygote تم بطريقة تختلف عن الطريقة التقليدية في الحالتين ومختلفة فيما بين الحالتين أيضًا، وتخصيب البويضة في حالة المسيح تم بفعل إلهي مرموز إليه بالنفخ من الروح المنسوب إلى الله، قال تعالى:
{إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُون} [آل عمران:59]، {وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِين} [الأنبياء:91]
وبالطبع من الممكن أن يعلم الناس هذه السنن يوما ما، ولا يوجد في الآيات ما يفيد بأن مدة الحمل كانت أقل مما هو معلوم وفقاً للسنن المعلومة، والفاء في القرءان تفيد الترتيب مع التعقيب، ولا تتضمن بالضرورة أي اختصار أو إلغاء للسنن الكونية.
والسيدة مريم الحقيقة بحكم أنها منذورة لله عزَّ وجلَّ لم تتزوج أبدا، بينما تزعم الأناجيل أنه كان لها أبناء غير المسيح وتذكرهم بأسمائهم، وقد ورد في الإصحاح الثالث لمرقص:
31فَجَاءَتْ حِينَئِذٍ إِخْوَتُهُ وَأُمُّهُ وَوَقَفُوا خَارِجًا وَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ يَدْعُونَهُ. 32وَكَانَ الْجَمْعُ جَالِسًا حَوْلَهُ، فَقَالُوا لَهُ: «هُوَذَا أُمُّكَ وَإِخْوَتُكَ خَارِجًا يَطْلُبُونَكَ». 33فَأَجَابَهُمْ قِائِلاً: «مَنْ أُمِّي وَإِخْوَتِي؟» 34ثُمَّ نَظَرَ حَوْلَهُ إِلَى الْجَالِسِينَ وَقَالَ: «هَا أُمِّي وَإِخْوَتِي، 35لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ مَشِيئَةَ اللهِ هُوَ أَخِي وَأُخْتِي وَأُمِّي».
والنص التالي من الإصحاح السادس لمرقص ينص عل أسماء الذكور منهم ويبين مهنته ومهنة والده:
1وَخَرَجَ مِنْ هُنَاكَ وَجَاءَ إِلَى وَطَنِهِ وَتَبِعَهُ تَلاَمِيذُهُ. 2وَلَمَّا كَانَ السَّبْتُ، ابْتَدَأَ يُعَلِّمُ فِي الْمَجْمَعِ. وَكَثِيرُونَ إِذْ سَمِعُوا بُهِتُوا قَائِلِينَ: «مِنْ أَيْنَ لِهذَا هذِهِ؟ وَمَا هذِهِ الْحِكْمَةُ الَّتِي أُعْطِيَتْ لَهُ حَتَّى تَجْرِيَ عَلَى يَدَيْهِ قُوَّاتٌ مِثْلُ هذِهِ؟ 3أَلَيْسَ هذَا هُوَ النَّجَّارَ ابْنَ مَرْيَمَ، وَأَخُو يَعْقُوبَ وَيُوسِي وَيَهُوذَا وَسِمْعَانَ؟ أَوَ لَيْسَتْ أَخَوَاتُهُ ههُنَا عِنْدَنَا؟» فَكَانُوا يَعْثُرُونَ بِهِ. 4فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «لَيْسَ نَبِيٌّ بِلاَ كَرَامَةٍ إِلاَّ فِي وَطَنِهِ وَبَيْنَ أَقْرِبَائِهِ وَفِي بَيْتِهِ».
وهذا مما يقوِّض كل مزاعمهم بخصوصها، والخلاصة هي أنه لا توجد أية علاقة بين مريم المذكورة في القرءان وبين ماري المذكورة في الأناجيل إلا في الاسم فقط، وقد كان هذا الاسم شائعا بين كل بني إسرائيل.
ومن الغريب أن إنجيل يوحنا لم يورد اسم والدة المسيح، وتحاشى ذلك تماما، بل لقد أورد ما يفيد استحالة أن يكون اسمها مريم!!! إذ ذكر أن خالة يسوع كان اسمها مريم! جاء في إصحاحه التاسع عشر:
25وَكَانَتْ وَاقِفَاتٍ عِنْدَ صَلِيبِ يَسُوعَ، أُمُّهُ، وَأُخْتُ أُمِّهِ مَرْيَمُ زَوْجَةُ كِلُوبَا، وَمَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ. 26فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ أُمَّهُ، وَالتِّلْمِيذَ الَّذِي كَانَ يُحِبُّهُ وَاقِفًا، قَالَ لأُمِّهِ: «يَا امْرَأَةُ، هُوَذَا ابْنُكِ». 27ثُمَّ قَالَ لِلتِّلْمِيذِ: «هُوَذَا أُمُّكَ». وَمِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ أَخَذَهَا التِّلْمِيذُ إِلَى خَاصَّتِهِ.
فاسم خالة المصلوب هي "مَرْيَمُ زَوْجَةُ كِلُوبَا" فهل يمكن أن يكون اسم أمه مريم أيضا؟


*******

هناك تعليقان (2):

  1. بارك الله في علمك وعمرك وحياتك معالي الدكتور..وحزاكم عن المؤمنين خير الجزاء

    ردحذف