الأحد، 21 مايو 2017

آية سورة الحجرات 6

آية سورة الحجرات 6
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6)
الآية ظاهرة وبينة ومحكمة وقطعية الدلالة، ولا إبهام ولا إشكال فيها، ولكن المشكلة هي في متبعي الأهواء الذين يريدون فرض تأويلهم على الآية.
هذه الآية تأمر الَّذِينَ آَمَنُوا بألا يبادروا بتصديق أي خبر يُساق إليهم، يجب دائما التثبت وعدم المبادرة بالتصرف بافتراض صدق ما ورد من أخبار، وهذا ما فعله سليمان عندما ساق إليه الهدهد خبرا، عندما قال له:
{قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِين} [النمل:27]
هذا مع أن الطيور لا تكذب، بل لا يعرف الكذب إلا الثقلان.
ووصف مورد الخبر بالفاسق لا يعني إلغاء حكم الآية بالنسبة لغيره، بل هو وصف لازم لصاحب الخبر الكاذب، فما كذب في أمرٍ خطير كهذا إلا لفسقه اللازم، وفي ذلك حجة على من سيولونه من بعد أمر المسلمين وبرهان على انحرافهم عن الدين القويم وحجة على من سيؤلهون وسيقدسون كل هؤلاء تحت مسمَّى الصحابة.
ومن المعلوم أن شياطين الإنس والجن اتخذوا من التأويل السيئ لهذه الآية حجة لتقويض الدين عن طريق إعطاء الشرعية للمرويات الآحادية، وقد قالوا طبقا لمنطقهم الشيطاني الصارم:
بما أن الآية تطالبك بالتثبت من الخبر الذي يورده الفاسق فهي بالضرورة تأمرك بتصديق خبر من حكَمْنا نحن بعدالته، يجب عليك أن تؤمن بما يورده من أخبار وأن تعتبرها وحيًا ثانيا ومثلا للقرءان وحاكمًا وقاضيا عليه أيضا!!!!
هذا هو المنطق الذي دفعهم لاتخاذ شركاء يشرعون في الدين ما لم يأذن به الله تعالى وليضعوا الأسس للأديان التي حلَّت محل الإسلام.
ومن الضلال والمنطق المغلوط أن يستدل من ينفون الأخذ بخبر الواحد ومن يلزمون الناس به بنفس الآية لإثبات كلامهم، والآية بالطبع بريئة من النافين والمثبتين، فالآية تتحدث عن الأخبار بصفة عامة، وهي تأمر بالتثبت خشية العواقب الوخيمة، والتثبت لازم في كل الأحوال، وبالأحرى إذا كان ناقل الخبر غير ثقة لأي سبب من الأسباب.
أما خبر الواحد فسيظل مجرد خبر ما لم يثبت اتساقه التام مع دين الحق المستخلص من القرءان، ولكن من المعلوم أن بنية الدين الأعرابي الأموي مأخوذة من أخبار الآحاد، وكذلك أكثر مادته، وقد سموا جماع الأخبار بأسماء مهولة للتدليس على الناس، فسموها بالسنة، وبالحكمة، وبذلك اعتدوا على مصطلحات قرءانية وصادروها لحساب دينهم، وحرفوا الكلم عن مواضعه ومن بعد مواضعه، وضلوا وأضلوا وضلوا عن سواء السبيل.
ولكن طالما كان التثبت من النبأ مطلوبًا في كل الأحوال فلماذا جاء الوصف فاسق في الآية؟ إن الآية تتعلق بواقعة معلومة، ولا يستطيع أحد إنكارها بأي حالٍ من الأحوال، فهي ثابتة بمقدر ثبوت كل الوقائع التي أعقبت فتح مكة، ومن وُصِف بالفاسق معلوم، وهو الوليد بن عقبة بن أبي معيط الأموي، وكان من الطلقاء، وقد تسلط الأمويون على الناس، وحكموهم بالإرهاب الفاجر المجنون، ولكنهم لم يستطيعوا محو هذه الآية، ولا الواقعة التي تتحدث عنها الآية، مما يدل على ثبوتها الشديد، وقد تبنى العباسيون من بعد الدين الأعرابي الأموي لكونه أصلح دين للحفاظ على تسلط الطغاة وانفراد الفجار بالسلطة.
وكان هذا الوليد، بالطبع، وفقًا للدين الأعرابي الأموي الشركي صحابيًّا جليلا، كما كان من ظرفاء قريش وسكيرا خطيرا، وخبر صلاته بالناس وهو سكران، وقوله لأهل الكوفة الذين ولاه عثمان عليهم:‏ "أزيدكم؟" بعد أن صلَّى الصبح أربعًا، مشهور من رواية الثقات من أهل المرويات، فهو حجة على المغضوب عليهم من أتباع الدين الأعرابي الأموي، وسيظل حجة على الضالين المشركين، كما ستظل هذه الآية علامة ومصدر هداية للباحثين عن الحق ولمن أخلصوا دينهم لله تعالى‏.

*******

هناك تعليق واحد: