الاثنين، 1 مايو 2017

سورة الغاشية 17-20

سورة الغاشية 17-20
الغاشية 17-20
أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ {17} وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ{18} وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ{19} وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ{20} الغاشية
هذه الآيات تتضمن الحث على معرفة علوم الحياة والفلك والجيولوجيا.... الخ، فهل يوجد دين غير هذا الدين حثَّ أتباعه على النظر الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ؟ إن تلك الأوامر جاءت في سورة من أكثر السور التي يرددها المسلمون ويحفظها صغارهم قبل كبارهم عن ظهر قلب، وورد كل أمر في آية مفردة بيانا لأهميته وعظم شأنه، فماذا فعل السلف بتلك الآيات؟ لقد اكتفوا بالترديد الآلي لها وربما بإعرابها، وربما اكتفوا بالقول بأن الأشياء المذكورة تدل على عظمة الخالق، وربما استعرض البعض قدراته اللغوية ومعلوماته السطحية فانطلق يحدث الناس عن عجائب أفعال الإبل وأشكالها وهكذا، ولكن بالرغم من أهمية كل ما ذكر فإن ذلك لا يغني عن الحق شيئا، فإنه كان لابد من التنفيذ المباشر لما حُثَّ المسلمون على النظر فيه، وكان عليهم أن ينتدبوا طائفة منهم للقيام بذلك، ولكن هيهات ، إن من قام بتنفيذ أوامر الآيات القرءانية هم أهل أوروبا فهم الذين شرَّحوا الإبل ودرسوا وظائف أعضائها وكيفية توافقها مع ظروف بيئتها، وهم الذين درسوا كيف رفعت السماء وكيف نصبت الجبال وكيف سطحت الأرض، وبالمناسبة.
وخلافًا لما أشاعه البعض، فإن المراد بالأرض في القرءان ليس الكوكب الأرضي بالضرورة، وإنما ذلك السطح الذي يسير عليه الناس! فالأرض هي بصفة عامة ما يقل الإنسان، ولكل كوكب أو مكان أرضه، فيجب الحذر من محاولة فرض معاني المصطلحات الحديثة على المصطلحات القرءانية.
فالتعبد لله تعالى من حيث التعرف على آياته من الظواهر الطبيعية والسنن الكونية في العالم المشهود هو أمر لم يقم به حق قيامه إلا العلماء الطبيعيون في العصر الحديث، فترى العالم منهم يواصل البحث ليل نهار ليفهم التركيب الدقيق للنملة مثلاً، وكيف تمارس حياتها، وكيف يعمل كل عضو في جسمها، فيشاهد ويدرك آيات الله في خلقه، ويقف مشدوهًا أمام ما يطالع من عظمة وحكمة وسموّ، فتلك الدهشة وذلك التأمل والتعجب هو عين عبادته لخالق النملة وإن لم يشعر أو يقرّ بذلك، وإن نسب ذلك الإبداع إلى الطبيعة مثلا، أما أتباع الدين الأعرابي الجهلوتي الأموي فلا يقيمون للسنن الكونية وزنا، وسيسخرون من مثل هذا الباحث الذي يشغل نفسه بهذه الأمور عن اللذَّات البهيمية التي يتمرغون هم فيها.
فمن حيث أن الله تعالى هو رب العالمين فهو يمدّ تلك الأمم -التي احترمت العلم والعلماء ووفرت لهم سبل البحث وقامت بأوامره وإن لم تعلم- بكل أسباب القوة المادية والثراء، وبذلك علوا على كافة الأمم، فإن الإنسان يرقى والأمم تسمو بقدر ما تدرك وتوقِّر السنن الإلهية الكونية وتفهها وتنتفع بها.


*******

هناك تعليق واحد: