الخميس، 14 أغسطس 2014

الاسم المفرد الْغَفَّار والمثنى الْعَزِيز الْغَفَّار والمثنى الْعَزِيزُ الْغَفُورُ

الاسم المفرد الْغَفَّار والمثنى الْعَزِيز الْغَفَّار والمثنى الْعَزِيزُ الْغَفُورُ 


الاسم المفرد الْغَفَّار
الغفـار، الغفـور، الغافـر، خَيْرُ الْغَافِرِينَ، ذُو مَغْفـِرَةٍ، وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ، أَهْلُ الْمَغْفِرَةِ

ورد الاسم المفرد الغفار في الآيتين:
{وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى} طه82  *  {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً}نوح10
وهما آيتان مكيتان.
والاسم الغَفَّار هو بذلك من أسماء النسق الأول من أسماء الله الحسنى.
والغفران يتعلق بالذنب فيستره ويحجبه؛ بمعني أنه يحمى الإنسان من الآثار المترتبة علي مخالفته لأمر شرعي، فالغفران يحمي كيان الإنسان الجوهري من الآثار والنتائج المترتبة علي عصيانه واللازمة له طبقاً للقوانين والسنن، فالغفران لا يُذهب عين الذنب فعليا ولكن واقعيا فلا يعرفه ولا يطلع عليه إلا الله سبحانه، وعلى من يريد التحقق بالسمة التي يشير إليها الاسم الغَفَّار أن يتحلى بالسماحة والعفو والمغفرة والصفح الجميل في علاقاته مع الناس، فلا يتتبع عيوبهم وخطاياهم، وعليه أن ألا يذيع أو ينشر ما وصل إليه منها ولا يشهر بمن رآه على معصية، كما أن عليه أن يتطهر من التمادي في المراء واللدد في الخصومة.
والمغفرة إنما تكون لمن استغفر وتاب وعمل عملا صالحا، وذلك ما نصَّت عليه آيات القرءان بكل صراحة ووضوح، فالمغفرة فعل إلهي مترتب على القوانين والسنن التي اقتضتها منظومة الأسماء، وهي تتحقق باتساق تام مع سائر السمات الإلهية الأخرى وهي لا تتحقق اعتباطا، فالعزة الإلهية مثلا تقتضى أن يطلبها الإنسان وأن يسعى إليها، أما منظومة الأسماء الحسني كلها فتقتضي أن يكتسب الإنسان الاستعداد اللازم لقبول آثارها، وهذا الاستعداد مترتب على حالة قلبية ذهنية وجدانية على الإنسان أن يتحقق بها بعد اقترافه معصية ما، ولتلك الحالة مظاهرها ولوازمها، فالله سبحانه يغفر الذنوب جميعا فهو متصف بالمغفرة الكاملة، فلا يوجد ذنب لا يمكنه غفرانه، ولكن المغفرة لا تتحقق لمذنب إلا إذا كان لديه هو الاستعداد لقبول آثارها، ومن لوازم ذلك أن تكون لديه الرغبة الملحة في الإقلاع عن المعصية والتي تدفعه إلى طلب المغفرة من ربه ليس فقط بلسانه بل بكل كيانه، أما ذلك الذي هو فخور بمعصيته يطلبها في كافة مظانِّها ويلقى بنفسه في أتونها ولا يود أبدا الإقلاع عنها أو التوبة منها ولم يطلب من ربه أبدا أن يحميه منها فإن عليه أن يخشى على نفسه من أن يستدرج بسبب تلك المعصية إلى الكفر وسوء المصير، فمن أراد الفوز بالمغفرة فعليه أن يسلك السبل المبينة في الكتاب؛ فالمغفرة ليست بالأمر الاعتباطي ولا بالأمر العشوائي وإنما هي محكومة بنسق من القوانين والسنن الدقيقة الصارمة التي لا تبديل لها ولا تحويل.
والاستغفار هو من لوازم وتفاصيل العديد من أركان الدين مثل ذكر الله وإقامة صلة وثيقة به وتزكية النفس.
والرمز (غفر) إشارة إلى التغطية والحماية من آثار شيء ما، والشيء هنا هو مخالفة نسق السنن والأوامر التي اقتضتها منظومة أسماء الرحمة والهدي، وارتباط الغين بالفاء يشير إلى أن تلك التغطية تؤدي إلى انفراج وفتح، وهذا الأمر متكرر ومستمر لا ينقطع ويترتب عليه خيرات ظاهرة وباطنة، فمن الظاهرة إرسال السماء عليهم مدرارا وإمدادهم بأموال وبنين وأن يجعل لهم أنهارا، ومن الباطنة فيوض العلوم والبركات الباطنية والتي تؤدي إلى رقي الكيان الإنساني الجوهري.
إن الإنسان عندما يصدر عنه فعل اختياريٌ ما فإنه بذلك يبدأ حلقة كونية يكون فعله الاختياري فيها سبباً يفضي إلى نتيجة محتومة يترتب عليها نتائج أخرى وفقاً لقوانين وسنن لا تبديل لها ولا تحويل، ولابد من أن تنتهي تلك الحلقة إلى من صدر عنه الفعل بعد أن تأخذ دورتها المحتومة، وهذا يعتمد على مقصد الإنسان من فعله ونيته وهي هيئته النفسية الباطنة التي ترتب عليها هذا الفعل، وعلى ذلك يعتمد مدى نفاذ آثار الفعل في كيان فاعله الإنساني، فربما لا تتجاوز النتيجة ظاهره، وربما نفذت إلى أعمق أعماق باطنه، وما يعلق في باطنه من آثار الفعل هو الذي يترتَّب عليه الجزاء في اليوم الآخر، فهو الكتاب الذي يلازم الإنسان وهو الكتاب الذي ينطق بالحق.
والاسم الإلهي الغفَّار هو الاسم الذي يمكن للإنسان أن يلوذ به وأن يلهج بذكره وأن يتبتَّل إليه حتى يحميه من آثار فعله، وهو لا يمحو الفعل وإنما يستره ويحمي الإنسان من آثاره ومن تبعاته، بل ويؤدي إلي تدفق الخيرات المادية علي الإنسان، ولذلك قال نوح عليه السلام لقومه: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً{10} يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً{11} وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً{12}}نوح، فغفران الذنوب يحمي الإنسان أو الجماعة أو الأمة من الآثار السلبية للمعاصي، وذنوب الجماعات والأمم هي الأخطر، وهي التي هلكت بها الأمم السابقة، ولذلك لُعِنَ الذين يحبون أن تشيع الفاحشة، ولُعِنَ المجاهرون بالمعاصي، فهؤلاء يحاولون التمرد على مقتضيات هذا الاسم ويتعمدون مشاقاته؛ فهم في الأذلين، ولذلك أيضاً وجب على الأمة التناهي عن المنكر والتواصي بالحق والصبر والأمر بالمعروف، وكل الأركان الملزمة للأمة تقصد في النهاية إلى توفير أفضل الظروف والشروط للإنسان الفرد ليتحقق بكماله المنشود وليحقق المقصد الديني الأعظم الخاص به.
والغفران لا يتم عبثاً ولا اعتباطاً، وإنما هو محكوم بالمشيئة الإلهية التي هي مقتضى الكمال الإلهي المطلق والتي تتبدى في قوانين الله وسننه، ولذا قال تعالى: { وَإِنّي لَغَفّارٌ لّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحَاً ثُمّ اهْتَدَىَ} (طه: 82)، فبيَّن هنا ما يلزم لغفران الذنوب وهو التوبة والإيمان والعمل الصالح، وقال تعالى عن حملة العرش: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ}غافر7، فلابد للفوز بالمغفرة من التوبة واتِّباع سبيل الله تعالى.
ولقد بيَّنت آيات القرءان كل الأسباب التي تؤدي حتماً إلى غفران الذنوب كما يفضي السبب إلى النتيجة فمنها:
الإخبات والإنابة والاعتراف بالذنب والاستغفار وخاصة بالأسحار وكذلك الصبر والذكر وخشية الله تعالى بالغيب والتوبة والإيمان والعمل الصالح والقنوت والإنفاق في سبيل الله تعالى والمجيء إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ بالصلاة والتسليم عليه، ومنها أن يتحلى الإنسان نفسه بالعفو والصفح والمغفرة والسماحة في تعامله مع الآخرين وألا يعطي الدنيَّة من أمره فيما يتعلق بأمور دينه.
وقد يظن البعض أن ثمَّة تناقضاً بين تلك الآية وبين الآية التي يقول فيها سبحانه أنه يغفر الذنوب جميعاً، ولكن لا تناقض ولا اختلاف في القرءان، وآياته يكمِّل بعضها بعضا ويصدِّق بعضها بعضا، فالله حقاً يغفر الذنوب جميعاً مهما كانت ومهما عظمت، فغفران الذنوب من سماته اللازمة، ولكنه لم يقل إن هذا الغفران يتحقق لكل من أذنب ولم يتب، وإنما جعل غفران الذنوب مرتباً على ما أخبر به من وجوب الإيمان والتوبة والعمل الصالح والاستغفار، ولقد أمرهم بكل ذلك، فكيف ينال غفرانه من لم يتب ومن لم يطلب الغفران أصلاً؟ ومن عصى ولم يستغفر فقد عصى مرتين، والمعصية الثالثة أنه لم يأخذ الوعيد الإلهي على محمل الجد، وظن أنه رغم كل ذلك سوف يُغفر له، وكيف يأمل في الغفران من أمن مكر الله وأقبل على المعاصي بكل جوارحه؟ إن الأمر جدّ لا هزل فيه، وهو محكوم بسنن لا تبديل لها ولا تحويل، ولقد ذكر الله تعالى في كتابه أن حملة العرش يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا وتَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَه: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ}غافر7، فكيف هو حال من لم يؤمن أصلا أو لم يتب أو من لم يتبع سبيل الله تعالى؟ ألم يذكر في كتابه أن الملائكة تلعن بعض مقترفي كبائر الإثم؟
وغفران الذنوب جميعاً هو لعباد الله تعالى ولو كانوا قد أسرفوا على أنفسهم إذا ما استغفروا وتابوا وعملوا صالحا، ولكنه ليس لمن أشرك بالله تعالى الشرك الأكبر بأن اتخذ أرباباً من دونه، فمثل هذا قد أخرج نفسه من الدائرة الخاصة بعباد الله تعالى بمحض إرادته واختياره، فلا يتمتع بما هو متاح لهم.
والأسماء الإلهية الغفـار، الغفـور، الغافـر، خَيْرُ الْغَافِرِينَ، ذُو مَغْفـِرَةٍ، وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ، أَهْلُ الْمَغْفِرَةِ، كلها تجليات لنفس الاسم الواحد، فالسمة واحدة، وإنما تتنوع مجالاتها ودرجات تجليها.
إن المغفرة مرتبطة بالعزة الإلهية وبالعلم الإلهي، وذلك يقتضي أن يطلب الإنسان المغفرة بخضوع وإخلاص وهو على ثقة بأن الله تعالى يعلم ما يخفيه صدره وحقيقة نواياه، وهي أيضا مقترنة بالرحمة الإلهية، ولذلك فالاستغفار من وسائل الإنسان لإقامة صلة بربه ودعمها وترسيخها، ومن أراد أن يحظى بالرحمة والمغفرة الإلهية فليعمل على أن يتحلى هو بالرحمة المقترنة بالمغفرة.

الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ، الْعَزِيزُ الْغَفُورُ
أما المثنى العزيز الغفار وصورته الأخرى وهو المثنى العزيز الغفور فقد وردا في الآيات الآتية:
{تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ}غافر42  *  {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ}ص66  *  {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ }الزمر5  *  {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ }الملك2  *  إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ }فاطر28
وكلها آيات مكية.
ومن الواضح البيِّن أن مجالات المثنى الْعَزِيز الْغَفَّار والْعَزِيز الْغَفُور هي الآيات والسنن الكونية، وأن من مقتضياته المقاصد الوجودية، فمن المقاصد الوجودية إظهار أي الناس أحسن عملا، وهذا مقترن بكون الإنسان ذا إرادة حرة واختيار وإلا لما اقتضى الأمر ابتلاءه لتتبين حالته له بصفة خاصة وللناس كافة.
والآيات التي ورد فيها الاسمان الْعَزِيز الْغَفَّار والْعَزِيز الْغَفُور لا تتحدث أبداً عن الذنوب أو الاستغفار وإنما تتحدث عن سنن كونية اقتضتها شئون وسنن إلهية مثل: خلق الموت والحياة لابتلاء الناس، وخلق وإنزال الماء من السماء، وإخراج الثمرات مختلفة الألوان، وخلق الجبال ومنها جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود، وخلق الناس والدواب والأنعام المختلفة الألوان، وربوبية الله تعالى للسماوات والأرض وخلقه لهما بالحق، وتكوير الليل على النهار والنهار على الليل، وتسخير الشمس والقمر وجريانهما لأجل مسمى، فتلك الآيات تشير إلى أن خلق الإنسان وابتلاءه هو العلة الغائية لكل الوجود المادي الظاهر، ولذا سُخِّر كل شيء ليوافق ويوائم هذا الإنسان ولم يظهر إلا ما حسن وجمل بالنسبة له، وهذا يقتضي التقدير الدقيق لقوى تلك الحواس ومقاديرها، وهذا هو عمل السمة الواحدة المعبَّر عنها بلفظين هما العزة والمغفرة، لا بمعنى أنها مركبة من السمتين، بل بمعنى أنه لا يمكن التعبير عنها إلا هكذا، وتلك السمة الواحدة اقتضت خلق الثنائيات المتقابلة التي يستتر كل شيء منها بالآخر كالليل والنهار والموت والحياة ... الخ، كما اقتضت أن تكون حواس الإنسان مقدَّرة بحيث يستتر عنه بعزة واقتدار كل ما لا يناسبه، وهكذا فإن بصر الإنسان مصمم بحيث لا يرى بشرته مثلاً إلا سطحاً أملس بلا شقوق ولا ثقوب كبيرة ولا ينفد إلى أحشائه، ولا يرى الهالة الحرارية المحيطة به والتي تحوله إلى شبح هلامي مرعب، فلو اتسع نطاق الإدراك البصري للإنسان قليلا لما احتمل رؤية من يراها الآن آية في الجمال!!!!
وقد جعل الشم بحيث لا يلتقط من روائح جسده وأجساد الناس عادة إلا بقدر ما يحتمل، وقدَّر حاسة السمع بحيث يستطيع الإنسان أن يحيا في سلام، فهو لا يلتقط إلا مدىً محدوداً، فلا يلتقط مثلاً أصوات حركة أحشائه ولا نبض قلبه إلا بقدر معلوم وإلا لضجَّ الإنسان من الأصوات التي تنبعث من جسده، فهذا يبيِّن شيئاً من وظائف هذا الاسم ومقتضياته وهي كما هو واضح تختلف اختلافاً بيناً عما يعنيه الاسم الغفار، وهذا يعني أن التشابه اللفظي لا يقتضي تشابهاً في المعاني أو في الوظائف والمقتضيات، ومحدودية حواس وملكات الإنسان التي اقتضاها هذا المثنى هي من لوازم كون هذا الإنسان أداة التفصيل المطلق.
ولقد دعا مؤمن آل فرعون قومه إلى الاسم الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ لأنه كان أكثر الأسماء مناسبة لحالهم، ففي عهدهم كانوا أكثر الأمم إلماماً بالسنن الكونية فكان من اليسير شرحها لهم كمقتضيات لسنن إلهية، كذلك كانت لديهم تقاليد عريقة فيما يتعلق بشؤون الملك وهي أيضاً من مقتضيات السنن.
والاسم الغفَّـار يقتضي أن يتَّصف الإنسان بالمغفرة للآخرين والصفح الجميل والإغضاء وستر عيوبهم كما يقتضي أن يتصف بالسماحة في التعامل وألا ييأس من روح الله تعالى.
أما الاسم العزيز الغفار فيقتضي أن يتدبر الإنسان آيات الله، وأن يعمل على فقه ما تتضمَّنه من قوانين والاستفادة منها وأن يتحلَّى بخشية الله تعالى، وتلك الخشية سيتحقق بها الإنسان كأمر طبيعي عندما يطالع آيات الله تعالى وخلقه كل شيء بحكمة واقتدار وتسخيره لكل شيء، فتلك الخشية من خصائص العلماء، فكلما ازداد الإنسان علما حقيقيا كلما ازدادت خشيته من ربه لازدياد علمه بجلاله وعظمته وطلاقة مشيئته.
والاسمان العزيز الغفور والغفور هما قطبا حلقات إلهية عديدة:
العزيز الغفور-الغفور-الغفور الرحيم-الرحيم-الرحيم الغفور-الغفور-الغفور الشكور-الشكور-الشكور الحليم-الحليم الغفور
العزيز الغفور-الغفور-الغفور الشكور-الشكور-الشكور الحليم-الحليم الغفور
العزيز الغفور-الغفور-الغفور الحليم-الحليم الغفور
=======



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق