الرسول كان على خلق عظيم رغم أنف المرويات
ما لدى الناس ليس
أحاديث الرسول ذاتها، وإنما هي ما نسبوه إليه في كتب المرويات في القرن الثالث
الهجري، وبالتالي فهذا المنسوب إليه يُظنُّ أو يحتمل صحة نسبته إليه بدرجات احتمال
متفاوتة ولكنها ضعيفة بصفة عامة لأسباب عديدة سبق كثيرا الحديث عنها وإثباتها، لذلك
لابد من قرينة إضافية لكي يمكن الأخذ بها، هذه القرينة هي اتساق القول المنسوب
إليه اتساقا تاما مع عناصر دين الحق الثابت بالقرءان وإمكان اندراجها في إطاره،
كما يجب رفض ما يتعارض مع هذه العناصر تعارضا تاما.
مثال:
قال تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلى
خُلُقٍ عَظِيم} [القلم:4]، فهذه شهادة من رب العالمين العزيز الحكيم لرسوله بالخلق
العظيم، أما شهادة جامعي المرويات المعبودين من دونه فهي أنه كان يسب الناس ويشتمهم
ويلعنهم ويؤذيهم، ولا يمكن اعتبار ذلك متسقا مع الشهادة المذكورة في الآية من رب
العالمين والواردة في نص محكم قطعي الدلالة، ولا يمكن أن يكون متسقا مع آيات أخرى
تصفه بأنه رحمة للعالمين وبأنه بالمؤمنين رؤوف رحيم.
جاء في صحيح مسلم:
88 - (2600) حدثنا زهير
بن حرب. حدثنا جرير عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عائشة. قالت:
دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان.
فكلمها بشيء لا أدري ما هو. فأغضباه. فلعنهما وسبهما. فلما خرجا قلت: يا رسول
الله! من أصاب من الخير شيئا ما أصابه هذان. قال "وما ذاك" قالت قلت:
لعنتهما وسببتهما. قال "أو ما علمت ما شارطت عليه ربي؟ قلت: اللهم! إنما أنا
بشر. فأي المسلمين لعنته أو سببته فاجعله له زكاة وأجرا".
88-م - (2600) حدثناه
أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب. قالا: حدثنا أبو معاوية. ح وحدثناه علي بن حجر
السعدي وإسحاق بن إبراهيم وعلي بن خشرم. جميعا عن عيسى بن يونس. كلاهما عن الأعمش،
بهذا الإسناد، نحو حديث جرير. وقال في حديث عيسى: فخلوا به، فسبهما، ولعنهما،
وأخرجهما.
89 - (2601) حدثنا محمد
بن عبدالله بن نمير. حدثنا أبي. حدثنا الأعمش عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "اللهم!
إنما أنا بشر. فأيما رجل من المسلمين سببته، أو لعنته، أو جلدته. فاجعلها له زكاة
ورحمة".
89 - (2602) وحدثنا ابن
نمير. حدثنا أبي. حدثنا الأعمش عن أبي سفيان، عن جابر،
عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. إلا أن فيه
"زكاة وأجرا".
89-م - (2602) حدثنا
أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب. قالا: حدثنا أبو معاوية. ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم.
أخبرنا عيسى بن يونس. كلاهما عن الأعمش. بإسناد عبد الله بن نمير. مثل حديثه. غير
أن في حديث عيسى جعل "وأجرا" في حديث أبي هريرة. وجعل "ورحمة"
في حديث جابر.
90 - (2601) حدثنا
قتيبة بن سعيد. حدثنا المغيرة (يعني ابن عبدالرحمن الحزامي) عن أبي الزناد، عن الأعرج،
عن أبي هريرة؛
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "اللهم!
إني أتخذ عندك عهدا لن تخلفنيه. فإنما أنا بشر. فأي المؤمنين آذيته، شتمته، لعنته،
جلدته. فاجعلها له صلاة وزكاة وقربة، تقربه بها إليك يوم القيامة".
90-م - (2601) حدثناه
ابن أبي عمر. حدثنا سفيان. حدثنا أبو الزناد، بهذا الإسناد، نحوه. إلا أنه قال
"أو أجلده". قال أبو الزناد: وهي لغة أبي هريرة. وإنما هي
"جلدته".
وجاء في فتح الباري شرح
صحيح البخاري:
9510 قَوْلُهُ بَابُ
قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ آذَيْتُهُ
فَاجْعَلْهُ لَهُ زَكَاةً وَرَحْمَةً ) كَذَا تَرْجَمَ بِهَذَا اللَّفْظِ
وَأَوْرَدَهُ بِلَفْظِ اللَّهُمَّ فَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ سَبَبْتُهُ فَاجْعَلْ
ذَلِكَ لَهُ قُرْبَةً إِلَيْكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَوْرَدَهُ مِنْ طَرِيقِ
يُونُسَ وَهُوَ ابْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ
هَذَا الْوَجْهِ مِثْلَهُ وَظَاهِرُ سِيَاقِهِ أَنَّهُ حُذِفَ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ
أَوَّلِهِ وَقَدْ بَيَّنَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ عَنْ
عَمِّهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ بِلَفْظِ اللَّهُمَّ إِنِّي اتَّخَذْتُ عِنْدَكَ
عَهْدًا لَنْ تُخْلِفَنِيهِ فَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ سَبَبْتُهُ أَوْ جَلَدْتُهُ
فَاجْعَلْ ذَلِكَ كَفَّارَةً لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي
صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ اللَّهُمَّ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ ،
فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ سَبَبْتُهُ أَوْ لَعَنْتُهُ أَوْ
جَلَدْتُهُ فَاجْعَلْهُ لَهُ زَكَاةً وَرَحْمَةً وَمِنْ طَرِيقِ الْأَعْرَجِ عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلَ رِوَايَةِ ابْنِ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ لَكِنْ قَالَ
فَأَيُّ الْمُؤْمِنِينَ آذَيْتُهُ شَتَمْتُهُ لَعَنْتُهُ جَلَدْتُهُ فَاجْعَلْهَا
لَهُ صَلَاةً وَزَكَاةً وَقُرْبَةً تُقَرِّبُهُ بِهَا إِلَيْكَ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ وَمِنْ طَرِيقِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ اللَّهُمَّ
إِنَّمَا مُحَمَّدٌ بَشَرٌ يَغْضَبُ كَمَا يَغْضَبُ الْبَشَرُ وَإِنِّي قَدِ
اتَّخَذْتُ عِنْدَكَ عَهْدًا الْحَدِيثَ وَفِيهِ " فَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ
آذَيْتُهُ " وَالْبَاقِي بِمَعْنَاهُ بِلَفْظِ " أَوْ " [ ص: 176 ]
وَأَخْرَجَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ بَيَانَ سَبَبِ هَذَا الْحَدِيثِ قَالَتْ
دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلَانِ
فَكَلَّمَاهُ بِشَيْءٍ لَا أَدْرِي مَا هُوَ فَأَغْضَبَاهُ فَسَبَّهُمَا
وَلَعَنَهُمَا فَلَمَّا خَرَجَا قُلْتُ لَهُ، فَقَالَ أَمَا عَلِمْتِ مَا
شَارَطْتُ عَلَيْهِ رَبِّي؟ قُلْتُ اللَّهُمَّ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ فَأَيُّ
الْمُسْلِمِينَ لَعَنْتُهُ أَوْ سَبَبْتُهُ فَاجْعَلْهُ لَهُ زَكَاةً وَأَجْرًا
وَأَخْرَجَهُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ نَحْوَهُ وَأَخْرَجَهُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ
وَفِيهِ تَقْيِيدُ الْمَدْعُوِّ عَلَيْهِ بِأَنْ يَكُونَ لَيْسَ لِذَلِكَ بِأَهْلٍ
وَلَفْظُهُ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَرْضَى كَمَا يَرْضَى الْبَشَرُ وَأَغْضَبُ
كَمَا يَغْضَبُ الْبَشَرُ فَأَيُّمَا أَحَدٍ دَعَوْتُ عَلَيْهِ مِنْ أُمَّتِي
بِدَعْوَةٍ لَيْسَ لَهَا بِأَهْلٍ أَنْ يَجْعَلَهَا لَهُ طَهُورًا وَزَكَاةً
وَقُرْبَةً يُقَرِّبُهُ بِهَا مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَفِيهِ قِصَّةٌ لَأُمِّ
سُلَيْمٍ.
والسؤال هنا، ما هو
المقصد من إيراد مثل هذه القصص في كتب اعتبرها الناس مصادر للدين زعموا نظريا أنها
تالية لكتاب الله، أما عمليا فقد قدموها عليه وقضوا عليه بها وحكموها فيه ونسخوا
العديد من آياته بها، بل وأخذوا منها أكثر مادة دينهم؟!
إن المسلم مأمور
بالإيمان بالقرءان، أما الآثار التي يسمونها بالسنة فقد استمدت شرعيتها عندهم من
الأمر بطاعة الرسول ومن آية تأمر بأن يأخذوا ما آتاهم الرسول ومن آية تنص على أن
لهم في الرسول أسوة حسنة، قال تعالى:
{يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ
مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن
كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ
تَأْوِيلا}[النساء:59]، {مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ
الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى
وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاء
مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا
وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَاب} [الحشر:7]، {لَقَدْ كَانَ
لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ
وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب:21]
فهل في هذه المرويات
ما يحقق المقاصد من هذه الآيات؟ ما هو الأمر واجب الطاعة فيها؟ وماذا آتاهم الرسول
فيها ليأخذوه؟ وما هو العمل الصالح فيها ليمكن التأسي به؟
إنه لا يمكن بأي حال
تكذيب آيات القرءان المحكمة في سبيل الإبقاء على مثل هذه المرويات التي لا يدري
أحد ما هي السنة التي تتضمنها أو تشير إليها!!
*******
أقرأ شرح الأحاديث و ستفهم و لا تتعالم
ردحذفيعني لا تتكلم في دين الله بغير علم
ردحذف