الأربعاء، 25 يونيو 2025

مراتب الصلاح العليا

مراتب الصلاح العليا

إن مرتبة الرسول النبيّ هي أعلى مراتب الصلاح الإنساني، فهي تجمع بين المقامين: النبوة التي هي اصطفاءٌ بوحيٍ يتلقاه النبيّ من ربّه، والرسالة التي هي تكليفٌ بتبليغ ذلك الوحي إلى الناس وقيادتهم به.

الرسول النبي هو بالأصالة صاحب رسالة كبرى، ويتلقى من الله وحيا، وهو مأمور بإعداد أمة من الصالحين.

تليها مرتبة النبي المرسل، وهو بالأصالة نبي، ولكنه تلقى رسالة في إطار رسالة كبرى سابقة.

وتليها في الرتبة النبوة المحضة، وهي مقام من اصطفاه الله بالوحي ولم يُكلفه بتبليغٍ عامّ، وقد خُتمت النبوة بما لا يُبقي مجالًا لادّعائها بعد تمام نزول الكتاب.

وبختم النبوة ختمت مرتبتا الرسول النبي، والنبي المرسل.

أما الرسالة بدون نبوة فهي باقية، والملائكة رسل، وهم باقون، وهم مكلفون بأداء رسالات بطريقة غيبية تخفى على الناس، والملائكة باقون ما بقي أمر الله يجري في العالم، والمرتبة تشمل أيضًا كل من يبلّغ عن الله بشرط أن يكون قوله متسقًا مع الوحي الخاتم، غير مُدّعٍ لما خُتم.

وفي مقابل ذلك، تُعدّ الإمامة مقامًا آخر من مقامات التأثير والهداية، وهي قد تكون في الخير كما تكون في الشرّ، قال تعالى:
{وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا} [الأنبياء: 73]، وقال في النقيض:
{وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ} [القصص: 41]

فـالإمامة في الخير منزلة من منازل الصلاح، وهي مزية وظيفية لا تقتضي بالضرورة الأفضلية الذاتية، إذ قد يُجعل الإنسان إمامًا في قومه لا لكونه أفضل الناس مطلقًا، بل لأنه أليقهم بتحمل المسؤولية العامة والتأثير الفعّال. وهذه الإمامة لا تنال بالطلب، بل تكون بجعلٍ إلهيّ مخصوص، قال تعالى:
{إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا} [البقرة: 124]

ومن جعله الله إمامًا للناس في الدين، فإن الله يُيسّر له ما به تَتِمُّ وظيفة التأسي، فيُحفَظ من سيرته وذكره وأقواله ما يُحتاج إليه للاهتداء به، على قدر ما أراده الله من هدايته للناس.

وهكذا يتّضح أن الرسالة، والنبوة، والإمامة، مراتب مختلفة من الصلاح والهداية، يجري التمييز بينها من حيث الأصل والمقصد والوسيلة،

والإمامة مرتبة وظيفية، قد تكون لرسول نبي، وقد تكون لعبد صالح تقي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق