الأحد، 2 نوفمبر 2025

مروية جمع القرءان في عهد أبي بكر


مروية جمع القرءان في عهد أبي بكر

الرواية التراثية

جاء في البخاري وغيره:

 أَرْسَلَ إلَيَّ أبو بَكْرٍ مَقْتَلَ أهْلِ اليَمَامَةِ وعِنْدَهُ عُمَرُ، فَقالَ أبو بَكْرٍ: إنَّ عُمَرَ أتَانِي، فَقالَ: إنَّ القَتْلَ قَدِ اسْتَحَرَّ يَومَ اليَمَامَةِ بالنَّاسِ، وإنِّي أخْشَى أنْ يَسْتَحِرَّ القَتْلُ بالقُرَّاءِ في المَوَاطِنِ، فَيَذْهَبَ كَثِيرٌ مِنَ القُرْآنِ إلَّا أنْ تَجْمَعُوهُ، وإنِّي لَأَرَى أنْ تَجْمَعَ القُرْآنَ، قالَ أبو بَكْرٍ: قُلتُ لِعُمَرَ: كيفَ أفْعَلُ شَيئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؟ فَقالَ عُمَرُ: هو واللَّهِ خَيْرٌ، فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ يُرَاجِعُنِي فيه حتَّى شَرَحَ اللَّهُ لِذلكَ صَدْرِي، ورَأَيْتُ الذي رَأَى عُمَرُ، قالَ زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ: وعُمَرُ عِنْدَهُ جَالِسٌ لا يَتَكَلَّمُ، فَقالَ أبو بَكْرٍ: إنَّكَ رَجُلٌ شَابٌّ عَاقِلٌ، ولَا نَتَّهِمُكَ، كُنْتَ تَكْتُبُ الوَحْيَ لِرَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فَتَتَبَّعِ القُرْآنَ فَاجْمَعْهُ. فَوَاللَّهِ لو كَلَّفَنِي نَقْلَ جَبَلٍ مِنَ الجِبَالِ ما كانَ أثْقَلَ عَلَيَّ ممَّا أمَرَنِي به مِن جَمْعِ القُرْآنِ، قُلتُ: كيفَ تَفْعَلَانِ شيئًا لَمْ يَفْعَلْهُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؟ فَقالَ أبو بَكْرٍ: هو واللَّهِ خَيْرٌ، فَلَمْ أزَلْ أُرَاجِعُهُ حتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ اللَّهُ له صَدْرَ أبِي بَكْرٍ وعُمَرَ، فَقُمْتُ فَتَتَبَّعْتُ القُرْآنَ أجْمَعُهُ مِنَ الرِّقَاعِ والأكْتَافِ، والعُسُبِ وصُدُورِ الرِّجَالِ، حتَّى وجَدْتُ مِن سُورَةِ التَّوْبَةِ آيَتَيْنِ مع خُزَيْمَةَ الأنْصَارِيِّ لَمْ أجِدْهُما مع أحَدٍ غيرِهِ: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ} [التوبة: 128 إلى آخِرِهِمَا، وكَانَتِ الصُّحُفُ الَّتي جُمِعَ فِيهَا القُرْآنُ عِنْدَ أبِي بَكْرٍ حتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ عِنْدَ عُمَرَ حتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ عِنْدَ حَفْصَةَ بنْتِ عُمَرَ.

الراوي زيد بن ثابت المحدث البخاري المصدر صحيح البخاري

الصفحة أو الرقم: 4679 | خلاصة حكم المحدث [صحيح] وذكر له متابعة وعلق عليه

التخريج أخرجه الترمذي (3103)، وأبو عبيد في ((فضائل القرآن)) (281)، وابن أبي داود في ((المصاحف)) (55) واللفظ لهم جميعا.

 

نقد الرواية التراثية:

بداية يُلاحظ ما يلي:

1.   المروية تتضمن الزعم بأن قتل بعض الناس سيؤدي إلى ذهاب الكثير من القرءان!!! وهذا يتضمن أنه لم تكن توجد وثائق مكتوبة تتضمن القرءان، وبالتالي لم يكن يوجد كتبة للوحي، وإذا كان القتل قد استحر بالفعل بالقُرَّاءِ في اليمامة فهذا يعني أنه ربما يكون قد ذهب، ولو القليل منه.

2.   طالما أن قتل بعض القراء يعني ذهاب بعض أو الكثير من القرءان فالمروية تكشف عن أن أبا بكر لم يكن يولي الحفاظ على القرءان أهمية، أو على الأقل أولوية، وإلا فقد كان من الواجب عليه أن يحافظ على القراء الذين هم أوعية وحملة القرءان، أو على الأقل أن يستبقي بعضهم في المدينة، وألا ينتظر إلى أن تقع كارثة ليعمل ما يجب عليه عمله.

3.   لماذا يعرِّض جملة القرءان للهلاك وهم حملة وأوعية الرسالة التي أرسلهم يُقاتلون في سبيلها، هذا إذا كان القتال في سبيل الرسالة وليس لغرض آخر، كيف تقاتل في سبيل رسالة بتهديد وجود الرسالة؟

4.   من المعلوم أن أبا بكر صرخ قائلا "واللَّهِ لو مَنَعُونِي عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ علَى مَنْعِهَا"، فأيهما أهم حفظ وثيقة الرسالة أم العناق؟

5.   يُلاحظ أن أبا بكر وزيدا رددا نفس العبارة اعتراضًا على جمع القرءان، وكأنهما نسخة واحدة.

6.   المروية تظهر أن أبا بكر وغيره لم يكونوا يدركون معنى الرسالة وعالميتها، فهل من المعقول أن القوم الذين كانوا يكتبون المعلقات التي ليس لها أي قيمة معنوية لم يولوا كتاب ربهم نفس الاهتمام وهل يكون الامتناع عن فعل لم يفعله الرسول مبررا لتضييع رسالته؟

 

الرواية التراثية بصورتها الحرفية عما يُسمَّى يجمع القرءان في عهد أبي بكر  تقول ما يلي: القرءان كان موزعًا على عُسُبٍ ولِخافٍ ورِقاعٍ وأكتافٍ وأضلاعٍ وأقْتابٍ وأديمٍ وعظامٍ، ثم جمعه زيد بن ثابت وحده بمعنى أنه تتبع هذه القطع وكتبها في مصحف واحد.
لنأخذ هذا الكلام كما هو، ونتساءل عن قابلية هذا القول للتمثل المادي والزماني والمنهجي.

 

لماذا اختير زيد بن ثابت دون الناس؟ (مفارقة الرواية مع الواقع التراثي)

أ‌.      ما تقوله الرواية: أبو بكر يكلّف زيدا لأنّه كاتب الوحي  وشابّ عاقل غير متهم عند أبي بكر عمر!!! أبو بكر يجعل نفسه محور الأمر وقطب الدائرة هو وشريكه عمر، ولا يعمل بالشورى القرءانية، وهذا إثم كبير وانحراف خطير وعدم إدراك لعظمة قدر الرسالة الخاتمة والمسؤولية عنها، بغض النظر عن الاختلافات السياسية، انفراد زيد بهذا العمل أصبح يعني عند منتقدي الإسلام أن رسالته خبر آحاد!!! وهذا ما قاله بعضهم بالفعل، والمروية تتضمن اتهامًا للعلماء بالقرءان الآخرين أنهم متهمون، فما هي تهمتهم؟!

ب‌.  ما تكشفه القراءة النقدية للنصّ الحرفي: الرواية لا تعطي سببًا منهجيًا واضحًا لتفضيل فرد واحد على "كبار العلماء والقراء" الذين كانوا موجودين؛ بل تختزل القرار في اختيار فرد واحد.

ت‌.  المشكلة النقدية: لو كان العمل يجمع آلاف القطع المتنوّعة مادّيًا ولغويًا، فقرار تفويض التنفيذ لشخص واحد — دون هيئة فاحصة أو لجنة — يترك سؤالاً منهجيًا واضحًا: على أي أساس تمت إثبات الشرعية والموثوقية؟ الرواية لا تجيب. هذا فراغ منهجي صريح في السرد التراثي ذاته.

 

لماذا لم تُشكَّل لجنة من أولي الأمر والعلماء بالقرءان للإتمام هذا الجمع المزعوم؟

أ‌.      ما تقوله الرواية حرفيًا: لم تُذكر لجنة، بل "أمر أبو بكر زيدًا".

ب‌.  تأمل نقدي: النصوص التراثية لا تسرد إجراءات تشاورية أو آليات وفاقية واضحة. غياب الذكر يعني غياب الشفافية التنظيمية في الرواية نفسها. الرواية لا تحتوي على تفسير داخلي يبرر إقصاء هيئة علمية أو مشورة أوسع؛ هي ببساطة توثّق قرار تنفيذ شخصي. هذا فراغ منهجي كبير يجعل الرواية غير مكتملة كوثيقة إدارية-تاريخية: كيف ضُمنت القبول والاعتماد من الأمة على نتيجة جمعٍ أُنجز بهذه الآلية الأحادية؟

 

كيف قام زيد بهذا العمل الجبار وحده؟

أ‌.      الادعاء التراثي: زيد تتبّع "العُسُب واللِخاف وصدور الرجال" و"جمع القرءان"

ب‌.  النقطة النقدية: الرواية تفترض قدرةٍ تنفيذية وعملية هائلة لشخصٍ واحد (تتبع مصادر متفرقة ماديًا، مراجعتها، إجراء شهادات، كتابة وتنسيق). الرواية لا توضح كيف أنجز زيد إجراءات توثيقية وإدارية (جمع، مراجعة، فحص، تمحيص، توثيق، حفظ) التي عادةً ما تحتاج إلى فريق عمل من ذوي الاختصاص (كتّاب، حفاظ، شهود، أمن للحفظ)، ولا توفّر أي تفاصيل عن مساعدين منهجيين أو زمن عمل يومي/شهري أو أماكن الحفظ أثناء العمل. النتيجة: الرواية تترك فجوة منطقية كبيرة بين القول بالعمل وشرح كيفية تنفيذه.

 

هل بدأ زيد عمله "من الصفر" حسب المرويّة؟

أ‌.      العبارة التراثية الشائعة "تتبعت القرءان أجمعه من العُسُب واللِّخاف وصدور الرجال..." توحي ببدء من مصادر متناثرة.

ب‌.  نقد صريح للرواية الحرفية: إن أخذ العبارة حرفيًا يعني أن المجموع المادي للنص كان مشتتًا على آلاف من قطعٍ مادية متناثرة ومختلفة الأحجام. الرواية لا تقول "وجدت مصحفًا جزئيًا واحدًا"، ولا تحصي أصلًا ما كان في بيت النبيّ ﷺ أو عند عترته؛ لذلك إذا قُرِئت العبارة حرفيًا فإنها تُحيل إلى عملية جمع من "لا شيء منسّق" — وهذا تناقض واضح مع ضرورة حفظ رسالة خاتمة ومع ما هو ثابت من وجود كتبة وحي، الرواية لا تعالج هذا التناقض ولا تبرّره.

 

 لماذا لم يرد ذكر لما كان موجودًا من صحف في البيت النبوي وعند عترته؟

أ‌.      الوقائع التراثية المحصّلة: الرواية لا تمنح تفصيلًا عن وجود "صحف نبوية" أو "نسخ في بيت النبيّ ﷺ أو عند العترة" قبل عملية الجمع؛ رغم تأكيد النبيّ ﷺ بأن القرءان وعترته لن يفترقا أبدا، كما لم تذكر المروية شيئا عن نتيجة عمل كتبة الوحي.

ب‌.  نقد: هذا صمت سردي مهم. إذا كانت هناك صحف أصلية محفوظة في بيت النبيّ ﷺ لكان من الطبيعي — وفق قواعد السرد الإداري — أن يذكر النقل أو الحفظ أو مطالعة تلك النسخ. غياب ذكرٍ صريحٍ لوجود وثائق نبوية يترك احتمالين: إمّا أن الرواية تُطمس الدور المادي لبيت النبيّ ﷺ (تناقض مع منطق الحفظ)، أو أنها تحيل إلى أن المواد الأصلية لم تكن موجودة كنصٍ موحَّد، لكن الرواية لا توضح أيًا منهما. النتيجة: الرواية غير مكتملة من زاوية إثبات الأصل.

ت‌.  وأين نتيجة عمل كتبة الوحي، ألم يكن يكفي تجميع ما كتبوه من وثائق والنصّ على ذلك؟ ومن البديهي أن الرسول كان يحتفظ عنده بالأصل الذي كتبوه، أو يعهد إلى أحد الكتبة الموثوق بهم بتدوينه في الصحف التي كانت عنده، والتي ثبت وجودها بالقرءان نفسه.

 

كم عدد القطع لو أخذنا الرواية حرفيًّا؟ (حساب يفضح الجانب اللوجستي)

الاستنتاج الرقمي النقدي: يمكن أخذ عدد كلمات القرءان المرجعي 77,439  كلمة (كما ترد في الإحصاءات التقليدية) وحساب عدد القطع المطلوبة بحسب طاقات فرضية لو كانت كل قطعة تحمل عددًا من الكلمات، مع احتمال التكرار، سيكون الناتج كومة هائلة ارتفاعها بضعة أمتار، وهو أمر غير معقول ماديًا أو لوجستيًا للنقل أو الحفظ أو المراجعة، هذا الحساب يَفضح عدم المعقولية العملية للفهم الحرفي للرواية.

كم من الوقت استغرقه جمع وتكديس كل ذلك، وكم من الوقت كان يستغرقه مجرد إحضار قطعة والنظر فيها؟

 

 هل مدة خلافة أبي بكر (سنتان تقريبًا) كافية لإجراء هذا العمل؟

أ‌.      المعلومة التراثية: العمل وقع خلال خلافته (بعد الردّة) وانتهى قبل موته، فمدة عمل زيد كانت أقل من سنتين بكثير.

ب‌.  المعطى النقدي: إن كانت المادة عبارة عن آلاف قطع متناثرة فإن فترة سنتين غير كافية منطقيًا للفحص والتحقيق والكتابة والمراجعة والحفظ، لا سيما في ظروف أمنية وسياسية مضطربة (ما بعد ردّة). الرواية لا تقدم جدولًا زمنيًا أو آليات عمل توضح كيف تمت المراجعة أو كم عدد العاملين أو مدى التثبت الشهري. لذا النص التراثي في صورته الحرفية يتضارب مع قيد الزمن؛ الرواية تَعترف بالإلحاح لكنها لا تشرح الكيفية الزمنية للعمل.

 

 لماذا لم تُشكَّل لجنة من كبار علماء القرءان لمراجعة عمل زيد؟

أ‌.      ما تذكره الرواية حرفيًا: لا تشكيل لجنة؛ الثقة سُندت إلى زيد، والناتج حُفظ عند أبي بكر ثم عمر ثم حفصة!! ومن المعلوم أن باقي الناس تُرِكوا وشأنهم، كل قبيلة تقرأ القرءان بلغتها حتى حدث الاختلاف الذي كاد يُفضي إلى قتال، ويبرز السؤال: لماذا يُرسلون العرب ليقاتلوا الناس في أقاصي الأرض في سبيل نشر رسالة هم مختلفون أصلا بشأنها؟!

ب‌.  نقد صارم: هذا الصمت على مستوى الشورى العلمية في الرواية يبقى غير مفسَّر، إن الرواية لا تقدم معيارًا شرعيًا أو بروتوكوليًا لفَضْلِ اعتراف الأمة بنتيجة عمل فردي. إضافة لذلك، الرواية لا تبين آلية تقديم الاعتراض أو التصحيح أو لقاء مراجعة من كبار القرّاء؛ أي أنها تَعرِض العمل كخُلاصة تنفيذية لا كمنتَج وفاقي تَوافقي. هذا فراغ دستوري في الرواية نفسها.

 

الكارثة الكبرى

يقول زيد بن ثابت في مروية جمع القرءان: حتَّى وجَدْتُ مِن سُورَةِ التَّوْبَةِ آيَتَيْنِ مع خُزَيْمَةَ الأنْصَارِيِّ لَمْ أجِدْهُما مع أحَدٍ غيرِهِ: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ} [التوبة: 128 إلى آخِرِهِمَا

والسؤال: كيف لم يجد آيتين من سورة التوبة إلا مع خزيمة الأنصاري؟ ماذا كان يفعل كتبة الوحي؟ لماذا لم ينظر إلى ما لدى كبار علماء القرءان الذين كان عندهم نسخ مكتوبة مثل الإمام علي وعبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وغيرهم؟

الكلام المنسوب إلى زيد عبر هذه المروية الظنية يعني أنّ النبيّ ﷺ لم يُخَلِّف للأمّة نُسخةً مكتوبةً كاملة من الوحي، وأنّ الحفظ النبويّ للوحي كان ناقصًا حتى استدركه زيد بعد وفاة الرسول بجهده الفردي، إنّ هذا التصوّر يجعل من سلامة النصّ الإلهي رهينة الذاكرة الفردية لصحابي واحد، ويُضعف منطق الحفظ الجماعيّ (Collective Preservation) الذي شهدته الجماعة المسلمة منذ عهد النبوّة، حيث كان القرءان محفوظًا بالتلقّي المتعدّد (Multiple Transmission) والتلاوة الجماعية (Communal Recitation) والمراجعة مع جبريل عليه السلام، والتي حدثت مرتين في العام الأخير.

 

خلاصة نقدية كلية

1.   التركيز الفردي على زيد يخلق مشكلة شرعية ومنهجية: الرواية لا تقول لماذا لم تُعطَ الشراكة أو الشهادة المؤسسية، ولا تشرح آلية إقرار الأمة بنتيجة عملٍ أحادي، سلوك أبي بكر وعمر يعني اقتراف إثم كبير وخطير، هو تجاهل الشورى في الأمر.

2.   الرواية تبين إصرارا على تجاهل العترة النبوية رغم تأكيد الرسول بأن القرءان والعترة لن يفترقا أبدا.

3.   الرواية التراثية كما هي حرفيًّا تصطدم بمشكلات لوجستية صارخة: أوزان وأعداد قطع متوقعة، حجم الركام المجموع من الأشياء المادية، قابلية النقل، والسعة الزمنية لإنجاز العمل، كلها تفصح عن عدم توافق بين النصّ الحرفي والواقع المادي.

4.   الرواية فَقِدَت عناصر منهجية حاسمة: غياب ذكر معايير اختيار القائم على الجمع، غياب تشكيل هيئة علمية فاحصة، غياب توثيق تفصيلي لوجود وثائق منزلية أو مصدر أصل، وغياب جدول زمني أو سجل أعمال. هذه أوجه قصور داخل النص التراثي ذاته.

5.   الحساب المبدئي يُظهر أن الفهم الحرفي للمواد البدائية يقود إلى نتائج مادية غير قابلة للتطبيق، النتيجة هنا أن الرواية الحرفية لا تقف على قدميها كوثيقة مادية-إجرائية.

 

تداعيات منهجية ونقاط للبحث المستمر (مختصرة)

أ‌.      الرواية التراثية تحتاج إلى مراجعة نقدية نصّية (Textual Criticism): تحليل الأسانيد وتباينات السرد عبر المصادر المبكرة والمتأخرة.

ب‌.  تحتاج إلى مطابقة بين السرد التاريخي والقدرة اللوجستية: أرقام ومواد، وإثبات أقصى ما يمكن قبوله حرفيًا.

ت‌.  غياب آليات الشورى والمراجعة في الرواية يشير إلى أن السرد التوثيقي الإداري مفقود؛ هذا ما يستلزم دراسة مصادرية أعمق عن تسلسل الملكية والاحتفاظ بالمخطوطات عند الأجيال الأولى.

ث‌.  الرواية التراثية تشكك في قيام الرسول بواجباته تجاه رسالته بزعمها أنه ترك القرءان مفرقًا بطريقة عشوائية بين الناس، وتتجاهل تمامًا نتائج عمل هيئة كتبة الوحي، ولا تترك للناس إلا أن يختاروا إما المروية وإما القول بعدم وجود كتبة للوحي أو اندثار نتائج عملهم، وهذا مستحيل أن يحدث في خلال سنة واحدة.

ج‌.   المروية تتجاهل تمامًا دور العترةُ وقول الرسول أن القرءان وعترته لا يفترقان حتى يردا عليه الحوض.

 

الخلاصة: لا يجوز الاعتداد بهذه المروية فيما يتعلق بشأن القرءان وعلومه، ولا يجوز أن توجد في كتب دينية حقيقية.

 

*******

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق