الأحد، 28 فبراير 2016

حوار مع دابة شحرورية

حوار مع دابة شحرورية


ذات يوم أثناء أداء مسلم لعمله فوجئ بحركة غريبة وبشيء يظهر أمامه، نظر فوجد حمارا وديعا أليفا أنيقا، ولكنه لم يكن حمارا كالحمير الآخرين، كان يرتدي نظارة طبية، ويضع على ظهره بردعة في غاية الأناقة يوجد على جزء منها مجموعة من الأسفار بلغات متعددة، هذا فضلا عن ببيونة أنيقة حول عنقه، وقبعة كبيرة بها ثقبان يخرج منهما أذناه الطويلتان، أخذ ينظر إلى مسلم شذرا، ثم أطلق تنهيقة طويلة، قال مسلم بصوت مسموع "لعله في حاجة إلى برسيم، سأتدبَّر الأمر".

فوجئ بالحمار يتكلم بلسان فصيح: 

الحمار: لا حاجة بي إلى برسيمك!

مسلم: غريب، لم أصادف من قبل حمارًا يرفض البرسيم.

الحمار: لا تسئ الأدب، لستُ حمارا!

مسلم: وكيف ذلك؟

الحمار: ألا ترى ما أرتديه وما أحمله؟

مسلم: حقيقتك ثابتة، ولن يغير منها ما تحمله أو ما تربط به عنقك أو تضعه على رأسك.

الحمار: لست حمارا

مسلم: لنقل إذًا أنك حمار مثقف

وفجأة ظهر عن يمينه وعن شكاله ومن خلفه مجموعة كبيرة من الحمير وأخذوا في إطلاق نهيق عشوائي مزعج، ولكن الحمار الذي يبدو أن له مكانة متميزة عندهم نهق فيهم قائلا: دعوه لي! أخذ ينظر إلى مسلم بتحدٍّ، قال الحمار: دعنا من هذه المسألة الآن!

مسلم: لماذا جئت بكل هذا الحشد من الحمير إلى هنا؟

الحمار: لقد جئنا لنحاجك في أمرٍ على درجة عالية من الخطورة!

مسلم: وما هو؟

الحمار: سمعنا أنك تنكر أن اليهود والنصارى مسلمون!

مسلم: وما شأنك أنت بهذه الأمور، ليس لك عندي إلا أن أعطيك ما تريد من البرسيم والتبن والماء وأن أحسن إليك.

الحمار: لسنا عبيد إحسانك! نحن مخلوقون أحرارا، ولسنا تراثا وعقارا، وإننا لن نُوَّرث ولن نُستعبَد بعد اليوم، هات دليلك من القرءان على أن اليهود والنصارى غير مسلمين.

مسلم: اليهود والنصارى هم يهود ونصارى، ولم يزعموا أبدًا أنهم مسلمون، والقرءان كله يثبت أنهم غير مسلمين بآياته المحكمة ومنطوقها وظاهرها وبفحوى آياته ومقتضياتها وإشاراتها، هذا فضلا عن أقوال الرسول وسنته الثابتة والمصدقة له.

الحمار: دعك من هذه الألاعيب والحيل التي لا تنطلي علينا نحن معشر الحمير.

مسلم: ها أنت أقررت بأنك حمار! ولكن دعنا من هذا، ألا تعلم أيها الحمار أن البيِّنة على من ادَّعى؟

الحمار: ولماذا لا تكون أنت المدعي والمطالَب بالبيِّنة؟

مسلم: لم أدَّع شيئا، القرءان يميز بوضوح بين كل الطوائف الدينية، وأول قواعد المنطق أن الشيء هو نفسه لا غيره، فاليهود يهود، والنصارى نصارى، وهم معًا هم أهل الكتاب، هذه هي أسماؤهم في القرءان، ومن أراد أن يعرف مدلولاتها فليرجع إلى كل الآيات التي ورد ذكرهم فيها إما صراحة أو ضمنا.

الحمار: ولكن كلامك هذا لا يتفق مع الدين أو المنطق ولا بديهيات اللغة!

مسلم: وما دخلك أنت كحمار في مسائل الدين والمنطق واللغات الإنسانية؟ كلامنا هو عين الدين والمنطق إلا إذا كنت تقصد الدين الشحروري والمنطق الشحروري.

ما إن نطق مسلم بكلمة شحرور حتى خرَّ الحمير على أذقانهم ينهقون ويبكون بالدمع الهتون وبحمده يسبحون، واستمروا على ذلك وقتا طويلا، تركهم مسلم، واستأنف عمله.

بدئوا أخيرا يرفعون رؤوسهم واحدا تلو الآخر، ودموعهم لا تزال تسيل من مآقيهم، أخذ مسلم يستأنف كلامه، كانت أول كلمة تفوه بها هي "شحرور"، ما إن خرجت من فيه حتى تكرر المشهد السابق، أعجبت اللعبة مسلم، أخذ يردد شحرور عدة مرات، أخذت الحمير في الصراخ والبكاء والنهيق والقفز لأعلى والتمرغ في أرض الغرفة، إلى أن ضاق مسلم بهم ذرعا، وأخذ الجيران يطرقون الباب بشدة للاستفسار عما يحدث، أخذ مسلم يصرخ في الحمير أن يكفوا، أفاق الحمير أخيرا، بادرهم مسلم بالسؤال:

مسلم: هل تظنون أن القرءان يصف بالإسلام من يكفر به؟ نهيقكم.. آه عذرا! كلامكم يتضمن كفرًا بواحا وإنكارا لرسالة الإسلام وللقرءان ولآياته، ولا يستطيع أعتى حمار منكم أن ينكر هذا أو أن يأتي بآية محكمة تقول بأن اليهود والنصارى مسلمون.

الحمار: كلامك أنت هو الذي يتناقض مع المنطق السليم.

مسلم: وما هو هذا المنطق السليم؟

الحمار: اسمع جيدا: الإسلام دين كوني، وبما أنه من المستحيل أن يدخل كل اليهود والنصارى النار، إذًا هم مسلمون، هل يوجد ما هو أوضح من هذا؟

مسلم: وهل يستطيع أحد أن ينكر أنك حمار، أنت، وكل من قال بهذا؟! هل تعرف ماذا يعبد اليهود وماذا يعبد النصارى؟

الحمار: وهل تصدق ما يقولونه عنهم؟

مسلم: نتحدث عن كتبهم وليس عما يقولونه عنهم، ما هو مفهومهم عن الإله الذي يعبدونه، وهل أقرهم القرءان على عقائدهم، أم انتقدهم وندد بهم بأقوى العبارات؟!

الحمار: وما أهمية ذلك؟ هم مسلمون رغم كل شيء، هذا ما قضى به شحرور، ولا راد لقضائه، ولا معقب لحكمه!

مسلم: ولكن الإسلام هو الدين الذي أعلن الله اكتماله في نهاية العصر النبوي ورضيه للناس دينا، فكل حقيقة قرءانية هي عنصر من عناصر هذا الدين، ومن الحقائق القرءانية أن اليهود والنصارى قد كفروا بالله وأشركوا به ونسبوا إليه الابن وقالوا فيه ما قالوا، هل يمكن أن يرضى الله عن عقائد ندد بها بكل قوة وتوعد المؤمن بها بالعذاب الأليم؟

الحمار: لا أهمية لكل ذلك طالما أن د. شحرور قال إنهم مسلمون، هل تشكك في كفاءة شحرور؟

مسلم: ألم يقرأ شحروركم هذه الآيات {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (30) اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31) يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (33)} التوبة؟

الحمار: بالتأكيد قرأها، ولذلك قال إنهم مسلمون.  

مسلم: ولكنَّ القرءان لا يقول بذلك.

الحمار: ولكن د. شحرور يقول بذلك، ألا تعلم أن كلام شحرور حاكم على القرءان وقاض عليه وناسخ لآياته عند التعارض؟ 

مسلم: ألم تقرأ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِين} [المائدة:51]، هل يمكن لمن يقرأ هذه الآية أن يقول بأن اليهود والنصارى مسلمون؟!

الحمار: وهل فات ذلك على د. شحرور حتى يقول ما قال، د. شحرور لا ينطق عن الهوى، وقد درس الأمر جيدا وأعدّ لكل اعتراض على مقولاته جوابا!

مسلم: وما هو جوابه عن هذه المسألة؟

الحمار: أمرك عجيب! هل تريدنا نحن معشر الحمير أن نحيط علمًا بكل علوم شحرور؟

مسلم: وما قول شحروركم في هذه الآيات التي تندد بأهل الكتاب وتهدد وتتوعد من لا يؤمن بما أنزل على خاتم النبيين: {وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (14) يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (16) لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (17) وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (18) يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (19)} المائدة، { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آَمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا (47) إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا (48) } [النساء]، {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُون} [الأعراف:158]، {قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136) فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (137) صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ (138)} البقرة ؟

الحمار: أووووووووه، هل تظن أن د. شحرور لم يقرأ كل هذه الآيات؟ هل تظن أنه تخفى على شحرور خافية في أمور الدين والدنيا؟!  أنت متعالم، أنت متعجرف، أنت مغرور، أنت تحقد على شحرور.

مسلم: هل تعرف ماذا يقولون عن الرسول الأعظم؟

الحمار: لا تقل الأعظم، لا تفرق بين الرسل!

مسلم: هل تعرف ما هو التفريق؟

الحمار: هو أن تقول إن محمدا هو الرسول الأعظم.

مسلم: ولماذا تتحدث بكل هذا الغلّ؟ اقرأ جيدا: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (150) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (151) } [النساء:150]، والآن هل يؤمن اليهود والنصارى بخاتم النبيين؟ هل يؤمن اليهود بالمسيح؟

الحمار: وماذا في ذلك، هذا لا يمنع أنهم مسلمون كما قال د. شحرور

مسلم: ولكن الآية تقول إن التفريق بين الرسل هو الكفر ببعض الرسل، وتقول إن من يفعل ذلك هم الْكَافِرُونَ حَقًّا، هل يؤمن اليهود والنصارى بخاتم النبيين؟

الحمار: وهل يمكن أن يغيب ذلك عن د. شحرور؟ هل تظن أنه خفي عنه شيء في الأرض أو في السماء؟ لابد أن له تفسيرا لها هو يعلمه.

مسلم: يا له من منطق حماري!

الحمار أنت تكفيري، تريد أن تكفَّر كل من في الأرض كالسلفية.

مسلم: يجب أن تعلم الفرق بين الفعل "كَفَر" وبين اسم الفاعل البسيط "كافر" من ناحية وبين المصطلح "كافر" أو "كفَّار" من ناحية أخرى.

أما الفعل "كفر" فلا يكاد يخلو إنسان من شيء من الكفر، إما باسمٍ إلهي أو بحقيقة إلهية أو بآيات قرءانية أو بأي عنصر من عناصر دين الحقّ، وفاعل هذا الفعل يُطلق عليه لغويا اسم الفاعل البسيط "كافر".

أما من الناحية الاصطلاحية "الكافر" هو من بلغته رسالة الحق البلاغ المبين، فرفضها وجحدها، فإن تصرَّف بمقتضى كفره فسيكون اصطلاحا من طائفة "الذين كفروا".

ولا يوجد بلاغ مبين الآن إلا على مستويات جزئية وفردية محدودة، وإنما يوجد من يصدون الناس عن دين الحق، وهم أتباع الأديان التي حلَّت محلّ الإسلام، وخاصة مؤسساتهم الكهنوتية، بل إن سدنة هذه الأديان هم أقرب إلى اصطلاح الكفار من غيرهم بحكم دراستهم المكثفة للرسالة، وإصرارهم مع ذلك على الكفر بأكثرها واتخاذ مصدر أمورها الكبرى الأوحد مهجورًا أو تهميشه لحساب المصادر الثانوية.

الحمار: لا نفقه شيئا مما تقول.

مسلم: يكفيك أن تعلم أن اليهود والنصارى ليسوا كفارا، اليهود الذين عاصروا الرسول وكفروا برسالته هم الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وكذلك نصارى نجران، ويُلاحظ أن اليهود قاتلوا الرسول فقاتلهم، بينما سالمه نصارى نجران فسالمهم رغم كفرهم برسالته، ورغم أنه بلّلغهم الرسالة البلاغ المبين، وأقام عليهم الحجة.

الحمار: ولكنك بموقفك هذا تضعف الجبهة التنويرية!

مسلم: بل أقوض الباطل بعد أن استفحل، كما أُقوِّض الجبهة الاستحمارية

الحمار: أنت متعالم، أنت متعجرف، أنت مغرور، أنت حاقد على شحرور

مسلم: لا تهمني شهادة الحمير ولا شاربي بول البعير، يجب التصدي لكل باطل، اذهب أيها الحمار من هنا، وستجد من الحمير التي لا حصر لها من يتبعونكم.

الحمار: أنت متعجرف، أنت مغرور، أنت حاقد على شحرور، هل أنت تملك الحقيقية المطلقة؟

مسلم: وما دخل الحقيقة المطلقة في الموضوع؟ الحقائق تُعرف ولا تُمتلك.

الحمار: أنت متعالم، أنت متعجرف، أنت مغرور، أنت حاقد على شحرور

مسلم: لن أسمح من بعد لحمارٍ أن يجادلني، مرة ثانية: اذهبوا من هنا!

تلكأ الحمير قليلا، صرخ فيهم مسلم قائلا: "شحرور"، خروا إلى الأذقان يبكون وينهقون، زاد مسلم من معدل إلقاء الكلمة عليهم، أخذوا يضطربون ويقعون فلا يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ حتى خارت قواهم، وانسحبوا وهم يكادون يجرُّون أنفسهم ويتعثرون في ذيولهم.

*******


   

هناك 3 تعليقات: