الأحد، 7 فبراير 2016

سبل تزكية الملكات الذهنية

سبل تزكية الملكات الذهنية

ولترقية الملكات الذهنية فإن الكتاب العزيز سنَّ للناس كثيرا من السبل:
1-            تضمنت آيات كثيرة أوامر قوية باستعمال كافة الملكات الذهنية وحثت على استعمالها، ولكثرتها وقوتها كان الأمر باستعمال الملكات الذهنية من أوامر القرءان الكبرى وأركانه العظمى.
2-            جعل استخدام الملكات وسيلة السعادة والنجاة والمقصد من إنزال الكتاب وتفصيل الآيات الكتابية والكونية، وجعل عدم استخدامها وسيلة للتردي إلى ما دون مرتبة الأنعام وإلى دخول الجحيم.
3-            جعل العلم وسيله للرقى والفوز بالدرجات العلى.
4-            جعل النجاة معلقة بالإيمان الاختياري وجعل انتفاع الناس لا يكون إلا بعمل أقبلوا عليه بمحض اختيارهم، كما أعلن أنهم غير مؤاخذين بما أكرهوا عليه، ولذلك قرر بكل وضوح أن وظيفة الرسل هي البلاغ وليس إكراه الناس علي الإيمان مؤكداً بذلك مبدأ حرية العقيدة، قال تعالي: {مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلا الْبَلاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ(99)} (المائدة)، {وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلا تَكُونَنَّ مِنْ الْجَاهِلِينَ(35)} (الأنعام)، {وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ(41) (يونس) وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لا يَعْقِلُونَ(42)وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُوا لا يُبْصِرُونَ(43)} (يونس)، {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ(99)وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ(100)} (يونس)، {قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ(108)} (يونس)، {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ(82)} (النحل)، {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ(256)} (البقرة)، {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ(8)}، {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ(6)} (الكافرون).
5-            ندد باتِّباع الآباء لمجرد أنهم آباء، وأمر بعدم اتباع أولياء من دونه، وأمر الناس بألا يقبلوا أمرا إلا ببرهان مبين، وحذَّر من اتباع الأمور غير الموضوعية مثل الظن والهوى والتقاليد  وأماني النفس وخطوات الشيطان ووحيه، قال تعالي: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلا يَخْرُصُونَ(116)} (الأنعام)، {وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنْ الْحَقِّ شَيْئًا} (يونس:36)، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنْ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْم}ٌ  (الحجرات:12)، {وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنْ الْحَقِّ شَيْئًا(28)} (النجم:28)، {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنْ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ(18)} (الجاثية: 18)، {وَلَئِنْ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنْ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ(120)} (البقرة:120)، {وَلَئِنْ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنْ الظَّالِمِينَ(145)} (البقرة)، {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنْفُس}ُ (النجم:23)، {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنْ الْحَقِّ} (المائدة:48)، {وَأَنْ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ }َ (المائدة:49)، {وَلَئِنْ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنْ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا وَاقٍ(37)} (الرعد)، {وَلَوْ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتْ السَّمَـوَاتُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ} (المؤمنون: 71)}، {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنْ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ(50)} (القصص)، {بَلْ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ(29)} (الروم)، {فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ} (الشوري: 15)، {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ(14)} (محمد)، {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ(16)} (محمد)، {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ(111)} (البقرة)، {يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا(174)} (النساء)، {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ(64)} (النمل)، {وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ(75)} (القصص)، {يَاأَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالا طَيِّبًا وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ(168)} (البقرة)، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ(208)} (البقرة)، {وَمَنْ يَكُنْ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا(38)} (النساء)، {وَمَنْ يَتَّخِذْ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا(119) يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمْ الشَّيْطَانُ إِلا غُرُورًا(120)} (النساء)، {كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ(142)} (الأنعام)، {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا} (الأعراف: 20)، {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنْ الْغَاوِينَ(175)} (الأعراف)، {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقرءان فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ(98)} (النحل)، يَاأَبَتِ لا تَعْبُدْ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَـنِ عَصِيًّا(44) (مريم)، يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَر}ِ (النور: 21)، {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ(21)} (لقمان)، {إنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ(6)} (فاطر)، {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنْ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ(36)} (فصلت)، {إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ(25)} (محمد)، {إِنَّهُمْ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ(30)} (الأعراف)، {وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ(97)} (المؤمنون).
6-            أعلن بكل صراحة ووضوح أن الأمور تجرى وفق سنن لا تبديل لها ولا تحويل وأن تلك السنن قابلة لأن تفقه وتدرك وتعقل، كما أعلن أن لكل أمر مرجعه وغايته وحكمته وأن كل ذلك قابل للإدراك بإعمال الملكات القلبية.
7-            حثَّ على طلب اليقين وعدم الاكتفاء بالظن والتعلل بالأماني.
8-            استخدم الأساليب العقلية والحجج المنطقية والبراهين العلمية والبينات المادية والحسية لإثبات مدلولات الآيات القرءانية، بل لقد جعل القرءان برهاناً من لدنه، فهو يحمل في نفسه دليل صدقه، قال تعالي: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا(174) (النساء).
9-            أكدَّ على أن الله ما خلق شيئا إلا بالحق وأنه ليس ثمة لعب أو لهو أو عبث في أمرٍ أو فعلٍ صدر عنه، فكل أمور الكون أمور حقية لا باطل ولا عبث فيها.
10-       ندد بكل التصرفات غير السوية وغير الموضوعية، وكذلك ندد بمن يغلبون الأهواء والأمور الذاتية والشخصية مثل المنافقين والأعراب، كما ندد بردود الأفعال المبالغ فيها من فرح بالأمور الدنيوية وفخر بها وكذلك ندد باليأس والقنوط.
11-       أوضح سبل البحث السليم في الأمور وهو النظر رأسا في الأمر الواجب العلم به، وهذا هو النظر والمشاهدة ثم السعي لاكتشافه والتعرف عليه بالمعالجة المباشرة (التجربة والاختبار) وكذلك بالسير فى الأرض، ويصاحب ذلك استخدام الملكات القلبية من تفكر وتدبر وفقه، ويتضمن ذلك النهى عن السبل غير العلمية وغير الموضوعية كالتشبث بما قاله الآباء عن الأمر الذي هو محل الدراسة أو تقليد الغير في معرفتهم به دون برهان مبين أو اتباع الأهواء والظنون.

*****

هناك تعليقان (2):