الجمعة، 5 فبراير 2016

مصطلح الرسل

مصطلح الرسل



إن مصطلح "الرسل" في القرءان له معانٍ عديدة:
1-   الرسل بالمعنى اللغوي العام، فهم من يحمل رسالة من كائن إلى آخر، ومنهم ملائكة وبشر، والبشر منهم حكمهم كحكم سائر البشر.
2-   الرسل من الملائكة، قد يُرسلون إلى الرسل من البشر أو غيرهم، وقد يتلقون رسائل تكوينية تدبيرية وليس تشريعية.
3-   الرسل الأنبياء، وهم الرسل بالأصالة وبالمعنى الاصطلاحي، وهم يتلقون الوحي الرسمي الملزم للناس، وهم من أرسلوا برسائل خاصة إلى أقوامهم مثل محمد ونوح وهود وصالح وإبراهيم ولوط وشعيب وموسى عليهم السلام، وينفرد خاتم النبيين من بينهم بحمله رسالة خاصة إلى قومه ورسالة عامة إلى الناس كافة، فالرسل بصفة عامة هم الذين يبعثون برسالات جديدة إلى أقوامهم، وهؤلاء لابد من انتصارهم ونجاتهم هم ومن اتبعهم من المؤمنين، ولابد من هلاك من لم يؤمن من أقوامهم! قال تعالى: {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ}غافر51، {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلاً إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاؤُوهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَانتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}الروم47، {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ{171} إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ{172} وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ{173}الصافات، ولقد كان إهلاك الكفار يتم عادة بآية كونية، قال تعالى: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ{4} فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ{5} وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ{6} سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ{7} الحاقة.
4-   الأنبياء وهم يتلقون الوحي الرسمي الحقاني أيضا،  وكل رسول ممن ورد في البند الثالث هو نبي، ومنهم المصدقون لرسالة الرسول النبي السابق، ولم يُرسلوا برسالة جديدة، مثل كل أنبياء بني إسرائيل، فكلهم مصدقون برسالة موسى، وهؤلاء قد يُرسل بعضهم إذا اقتضت الضرورة لأداء مهمة خاصة (مثل هارون عليه السلام) أو لتجديد بعض الشرع السابق أو لتخفيف بعض الأحكام ونسخ ما ألقى الشيطان في الرسالة، وكان ذلك قبل ختم النبوة، وهؤلاء هم الأنبياء المرسلون وهم غير الرسل الأنبياء، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} الحج52، والأنبياء المرسلون قد يقتلهم أقوامهم، وهم الذين وردت فيهم الآيات: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ }البقرة87، {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَاءهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاءَ اللّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }البقرة91، وخاتم أنبياء بني إسرائيل هو المسيح عيسى بن مريم عليه السلام.

وبختم النبوة تم ختم المرتبتين الثالثة والرابعة، فلن يظهر نبي ولا رسول نبي للناس ظهورا عاما إلا في يوم الدين!
ومن لم يسلم (يذعن) من قوم النبي الخاتم تصدى لرسالته وحال بينه وبين الدعوة إلى ربه فقد هلك بالسيف، ولكنه قد أسلم له كل قومه في النهاية كما هو معلوم، ومن المعلوم أن أكثر قومه لم يؤمنوا، قال تعالى:
{يس (1) وَالْقرءان الْحَكِيمِ (2) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (3) عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (4) تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (5) لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آَبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ (6) لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (7) إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ (8) وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (9) وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (10)} يس، {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (103) وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (104) وَكَأَيِّنْ مِنْ آَيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (105) وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (106)} يوسف.
فلكونه رحمة للعالمين قبل منهم الإسلام الشكلي عسى أن ينشأ أبناؤهم مؤمنين من بعد.
وكذلك آمن قوم يونس فنجوا، وكانوا استثناءً لم يتكرر في الزمن القديم كما ذكر القرءان، قال تعالى: {فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ فِي الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ }يونس98، فقوم يونس هم الاستثناء الذي يؤكد القاعدة ولا ينفيها.
وهذا يؤكد هلاك كل من لم يؤمن من أقوام الرسل الآخرين حتى ولو لم يقصص القرءان ذلك، أما لوط فقد أرسل إلى قوم لوط برسالة خاصة مستقلا عن إبراهيم، فمن لم يؤمن به هلك كما هو معلوم، أما موسى فقد هلك من لم يؤمن به، وهم قوم فرعون (أسرة فرعون وجيشها الخاص) وقارون، وقد كان رسولا إليهم، أما عيسى عليه السلام فهو من الأنبياء المرسلين، فهو لم يُرسل بشريعة خاصة إلى قومٍ كافرين وإنما إلى قوم مؤمنين بشريعة موسى عليه السلام، فهو مجدد لهذه الشريعة ومخفف لبعض أحكامها ومصدق بكتابها، قال تعالى: {وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعَيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ }المائدة46، {وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَطِيعُونِ }آل عمران50.
وهو لم يُرسل إلا إلى خراف بني إسرائيل، ولم يُرسل إلى قوم كافرين، وقد كان خاتم أنبياء بني إسرائيل، ومن المعلوم أنه حتى من لم يؤمن به فحكمه هو حكم سائر أهل الكتاب، أما إبراهيم عليه السلام فقد التهمت النيران من حاول قذفه فيها، وكما قلنا إن كون القرءان لم يقصص على الناس مصيرهم لا يعني أنهم لم يهلكوا، وقصة إبراهيم الحقيقية ليست كما ذكر العهد القديم، وهو لم يأت من أور بالعراق كما يزعمون، ولما كان الله تعالى يريد له أن يؤدي دورا هاماً في التاريخ فقد نجاه وأمره بالهجرة إلى الأرض المباركة بأسرته، حيث لم يؤمن به أحد من قومه.

فهناك رسل بالأصالة، أُرسلوا إلى أقوامهم برسالة جديدة لهم، ما أتاهم من نذير قبلها، وهؤلاء لابد من انتصارهم وهلاك من كفر بهم وتصدَّى لهم من قومهم، وهناك أنبياء أرسلوا لتجديد رسالة قائمة مثل أنبياء بني إسرائيل، وهؤلاء قد يُقتلون، وهذا ما تتحدث عنه الآية: {....أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ }البقرة87، فلا اختلاف ولا تناقض في القرءان، وهناك أيضاً رسل بالمعنى العام، ومنهم الملائكة.

*******

هناك تعليقان (2):

  1. السلام عليكم يا دكتور عندي سؤال في موضوع اريد فهمه
    اعتذر اذا كان سؤالي غير واضح او كانه مقتبس من محادثه اطول

    وشاكر لك كل الرد والجهد والاجتهاد

    مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَٰكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (40)
    سورة الأحزاب


    {وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهۡلِكَ ٱلۡقُرَىٰ حَتَّىٰ يَبۡعَثَ فِيٓ أُمِّهَا رَسُولٗا يَتۡلُواْ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتِنَاۚ وَمَا كُنَّا مُهۡلِكِي ٱلۡقُرَىٰٓ إِلَّا وَأَهۡلُهَا ظَٰلِمُونَ} (القصص:٥٩


    هل الرسول محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم خاتم الانبياء وخاتم الرسل؟
    النبي هو الذي نبا و المعنى هنا انه الذي نبا بالوحي
    فبالتالي اذا لم يكن هناك تنبيء بالوحي فهو فهو ليس نبي

    ولكن هل الرسول قد يكون اي شخص مرسل من الاسلام من الله الى اي امه كانت؟
    هل مكون انه كل من الناس الذين هم مهتمين بنشر رساله معينه من الاسلام هم رسل
    وبما انهم مرسلين من الاسلام من الله فهم رسل من الله؟

    ففي نص الايه التي سبقت في سوره القصص، قد يكون انه ليس من الضروري ان الله يرسل رسول نبي في امه يتلو عليهم
    اياته ولكن هل من الجائز انه بالكفايه رسول يتلو ايات الله


    واذا كان الجواب لا توجد رساله بدون نبوه

    اذا كيف نفسر الايه التي سبقت من سوره القصص؟
    اذا قلنا انه كل من هو على وجه الارض من يوم ارسل الرسول محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم هم امه واحده فبالتالي هو تفسير الايه انه هو الرسول محمد مرسل اليهم جميعا

    او اذا قلنا انه اختلفت حضارتهم ولغاتهم واشكالهم مكانهم الجغرافي فكيف يكونوا امه واحده، فبنص الايه لابد ان لكل امه رسول
    الا اذا قلنا انه المرسل من المسلمين ليس رسول من الله فبالتالي اذا كان ليس رسول من الله ، فكيف نفسر
    حتى يبعث في امه رسولا

    لان الرسول صلوات الله عليه وعلى اله وسلم ما خرج من الجزيره العربيه
    وحتى اذا كان ارسل من الناس رسل هذول رسل من الرسول وليسوا رسل من الله
    وحتى اذا قلنا الرسل المرسلين من الرسول فهم رسل من الله ففي عهد الرسول ما وصلوا الى كل بقاع الارض
    واذا قلنا انه قامت الحجه على الامه كلها لما ارسل الرسول فمعناها الان الامه اصبحوا البشريه، فهل هذا تعريف الامه؟

    ما هو الدليل القاطع من القران انه لا رساله بدون نبوه

    ردحذف