الأربعاء، 18 مايو 2016

تعدد زوجات النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ

تعدد زوجات النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ


الرسول كان بشرا مأمورا باتباع ما أُنزل عليه من ربه، قال تعالى:
{ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (18)} الجاثية، {اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (106)} الأنعام، {وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (109)} يونس
ولكنه كان هو أيضًا النبي الذي يتلقى الوحي، فكان ثمة أوامر خاصة به موجهة إليه مثل قيام الليل إلا قليلا، ولا حرج على المسلم أن يتأسَّى به في ذلك، ولكنه غير ملزم به، ووجود مثل هذه الآيات له أهميته القصوى حتى يعلم كل مسلم شيئا عن عظمة قدر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ وحتى يبرئ ساحته مما أشاعه عنه المنافقون وأهل البغي من أنه كان مولعا بالنساء ينفق ليله ونهاره في الدوران عليهن.
أما موضوع تعدد الزوجات فلا يوجد فيه أي تحديد في القرءان، وإنما هو متروك كما كان عليه من قبل لأحوال العصر والمصر، والمسلمون استنبطوا التحديد بأربعة من التوقف عند "رباع" في آية نكاح النساء في آية الإقساط في اليتامى، فالأمر هو:
{وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا (3)} النساء
والتعبير "مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ" لا يعني بالضرورة التحديد الصارم لعدد من يمكن نكاحهن، فهو مثل نفس التعبير الوارد في الآية:
{الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1)} فاطر
فالتحديد بأربعة هو اجتهاد جدير بالاعتبار، ويلزم الأخذ به الآن، ولكنه لم يكن نهيا مطلقا عن نكاح أكثر من أربعة، فالتحريم أو النهي المطلق يرد في نصوص بيِّنة صريحة محكمة، ولكن توجد أولويات في الدين، فالمسلم مأمور أولا وقبل كل شيء بالقيام بأركان الدين الكبرى، وهذا يمنعه من الانشغال بالحياة الدنيا ومتاعها القليل، قال تعالى:
{..... قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا (77)} النساء
ولقد بين القرءان أن القيام بأمور الدين والتحلي بالصفات الإسلامية أفضل عند الله تعالى بكثير من كل شهوات الدنيا، ومن بينها شهوة النساء، قال تعالى:
{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآَبِ (14) قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (15) الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (16) الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ (17){ آل عمران.
فالاستغفار بالأسحار خير من شهوة النساء.
وآية سورة النساء تتضمن القول بأن الزواج هو وظيفة اجتماعية وليس لمجرد التشهي أو التلهي بالدنيا، ولا يمكن الآن لمن أراد القيام بأركان الدين لتحقيق مقاصد الدين أن يجعل أكبر همه أمور النكاح وجمع أفضل ما يمكن من النساء أو أكبر عدد ممكن منهن، فالزواج أساسا مبني على المودة والرحمة والعدل، ولا يمكن عادة تحقيق ذلك إلا بالاكتفاء بزوجة واحدة.
ولكن يمكن في ظروف زيادة نسبة الإناث إلى الذكور زيادة كبيرة لأي سبب مثل الحروب أو الكوارث السماح بتعدد الزوجات على أكبر نطاق، بل وتشجيع الناس عليه، وقد اضطر الألمان مثلا بعد حرب الثلاثين عاما إلى ذلك.
وبالنسبة للرسول كان تعدد الزوجات أكثر إلحاحا من كل ذلك لإنجاح الرسالة والدعوة وحقن الكثير من الدماء وتأليف قلوب المسلمين ونشر العلم الديني والحكمة، فهو لم يخالف أمرا قرءانيا ولم ينل أي استثناء خاص، وعندما اكتمل الأمر نزل النهي عن أي نكاح من بعد:
{لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا (52)} الأحزاب  


******* 

هناك 4 تعليقات:

  1. افيدونا دكتورنا العظيم كيف نرد عل من قال ان النبي لم يكن لدية اكثر من اربع زوجات لانه لم يرد ذلك في القران وان كان في السنة فانا ناخذ منه ما يعجبنا افيدنا احسن الله اليك لانها اشياء يتم طرحها علينا

    ردحذف
  2. زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ !!
    المخاطب في هذه الآية هم "الناس" مما يعني أن المخاطب هم الرجال والنساء علي حد سواء ، فكيف نفسر بأن النساء في الآية هي إشارة للمرأة ؟!!

    ردحذف
    الردود
    1. mahmoud elngar | الاية تقول زُيِنَ للناس (رجال و نساء) فذكرت ما زُيِنَ للرجال (حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ) و كذلك ما زُيِنَ للنساء (وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ) أي الحُلي و المجوهرات , و بالتالي تكون الاية قد بينت ما زُيِنَ للرجال و النساء أي { الناس }

      حذف