الأربعاء، 18 مايو 2016

عالمية الإسلام

عالمية الإسلام
من سمات الإسلام الحاكمة: العالمية، فهذه السمة الكبرى لها الحكم والتقدم في كل ما يختص بدين الحق مثل مصادر هذا الدين وأوامره، وهذه السمة ثابتة بآيات القرءان الكريم، فلها التقدم على كل ما نسبوه للإسلام، ويجب رفض كل ما تعارض معها أو وضعه في حجمه الطبيعي، بكل ما يعنيه ذلك، ومن الآيات التي تثبت عالمية الإسلام:
{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُون}[سبأ:28]، {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُون}[الأعراف:158]، {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا}[الفرقان:1]، {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين}[الأنبياء:107]، {... قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِين}[الأنعام:90]، {وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِين}[يوسف:104]، {إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِين}[ص:87]، {وَمَا هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِين}[القلم:52]، {إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِين}[التكوير:27]، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا} [النساء:174]، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِين} [يونس:57].
سيقول السفهاء من الناس، ولماذا لم ينزل القرءان إذًا مترجمًا إلى كل اللغات العالمية؟ ومن يسألون هذا السؤال يجهلون أن اللغات العالمية الكبرى المستعملة الآن لم يكن لها وجود أصلاً في زمن البعثة، بل إن هذه اللغات تتغير بسرعة شديدة، فالإنجليزية المستعملة الآن تختلف عن إنجليزية شكسبير اختلافا هائلا، ولو نزل القرءان على شكل كتب بكل لغات العالم لكان ذلك آية مفحمة وملزمة، ولن يكون هناك أي معنى للابتلاء، ومن يكفرون بعد رؤية الآيات يعذبون عذابا بلا نظير ولا نهاية! فهم الذي يحيق بهم ما هو مذكور في الآية: {قَالَ اللّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِين} [المائدة:115].
فقد كان ولابد من أن ينزل القرءان بلسان قومٍ ما مثلما حدث مع الكتب من قبله، ولقد اختار الله تعالى أن يكون القرءان بلسانٍ عربي مبين، وقد ذكر ذلك في كتابه، قال تعالى:
{وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195)} الشعراء، {الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (1) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قرءانا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2)} يوسف، {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (102) وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (103)} النحل، {حم (1) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2) كِتَابٌ فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ قرءانا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (3)} فُصِّلَتْ
فهذا لا تنافى مع عالمية الإسلام، ولكنه يلقي بعبءٍ ثقيل على من يفقهون اللسان العربي، فعليهم مسؤوليات مضاعفة تجاه المسلمين وغيرهم من غير العرب، وفي كل الأحوال فالأكرمية عند الله تعالى هي بالإيمان والعمل الصالح والتقوى والقلب السليم.
ولعالمية الإسلام لا يجوز لأحد أن يلزم الإسلام والمسلمين بعادات وتقاليد وتاريخ قوم معينين أو عصر معين، ولذلك كانت السلفية هي من كبائر الإثم المضادة لعالمية الإسلام، فضلا عن أنها من تجليات الشرك وأركانه.
إنه على الداعين إلى الله أن يعملوا بمقتضى عالمية الإسلام، ولذلك عليهم أن يتعايشوا سلميا مع كافة الأقوام والشعوب، وعليهم ألا يحاولوا أن يتميزوا عنهم بزيٍّ معين إلا بقدر الضرورة، وعليهم أن يعلموا الموازين القرءانية الحقيقية للأوامر الدينية وأن يتصرفوا بمقتضى ذلك.
ومن مقتضيات ولوازم عالمية الإسلام أن من مقاصده العظمى تزويد أمة المسلمين بما يلزمهم للتعايش السلمي مع الآخرين مع كون الدعوة إلى الإسلام من الأوامر الملزمة لكافة الكيانات الإسلامية بدءا من الفرد وانتهاءٍ بالأمة، والقرءان يبين للمسلمين أساليب الدعوة، وكلها أساليب سلمية.
والأمة الإسلامية هي الأمة المصطفاة التي أُورثت الكتاب، وهي المنوط بها حمله للعالمين وتبليغهم إياه البلاغ المبين، وهي التي تتحمل مسؤولية أي تقاعس عن ذلك أو تقصير فيه، خاصة وأن النبوة قد خُتمت.
ولعالمية الإسلام يجب رفض كل ما يقيده ببيئة خاصة أو بعصرٍ خاص أو بقبيلة معينة، فالإسلام هو الدين عند الله الرحمن، وليس دينا خاصا بقريش أو عبس أو غطفان.

*******

هناك تعليق واحد: