الخميس، 9 فبراير 2017

أهل الكتاب 3

أهل الكتاب 3

من خلاصة القول في مسألة أهل الكتاب:
1.        الدين المقبول والمعتمد عند الله في أي زمان ومكان هو الإسلام.
2.        هذا الدين كان يكتمل عصرا بعد عصر مواكبا للتطور البشري وملبيا لاحتياجات الناس في عصرهم وقائدا ومحفزا لتطورهم.
3.        كان الأنبياء والرسالات التي أنزلت عليهم هم الآلات الإلهية لإكمال وتجديد الدين عصرا بعد عصر.
4.        كل نبي مرسل ومن آمن به واتبعه مسلمون، قال تعالى: {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُون}[آل عمران:52]، {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130) إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (131) وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (132) أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آَبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (133) }[البقرة].
5.        كل نبي مرسل ومن آمن به ملزم ومأخوذ عليه العهد والميثاق بالإيمان بالرسول الجديد المصدق لما معه، قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِين} [آل عمران:81]
6.        من يرفض رسالة الرسول الجديد هو فاسق: {فَمَن تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُون} [آل عمران:82]، ولكون القرءان فيه حكم الله تعالى فمن لم يحكم بما فيه فهو ظالم كافر فاسق.
7.        لذلك فبافتراض أن رسالة النبي السابق ظلت نقية صحيحة لم تُحرف فإن من ظل مؤمنًا برسالته ملزم باتباع الرسول الجديد، ولكن لا توجد رسالة إلا وألقى الشيطان فيها إلا القرءان الكريم، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آَيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52) لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (53) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (54) وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ (55)} الحج، فسيظل الَّذِينَ كَفَرُوا بالقرءان فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ.
8.        ومع ذلك فإن كل الرسالات التي أتت قبل الإسلام قد أضاعوا الكثير منها وتعرضت لتحريف هائل وضل بها متبعوها وأضلوا وضلوا عن سواء سبيل، والقرءان يندد بمسلك الذين أوتوا الكتب وأهل الكتاب بأقوى العبارات، {وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُون}[المائدة:14]، {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاء وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِين} [المائدة:64]، والآيات تبين أن النصارى باقون إلى يوم القيامة، والمسيحيون هم الفرع الأكبر والذي بقي من النصارى.
9.        الإسلام بصورته الكاملة هو الذي اكتمل بنزول الآية: {...الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا .....} [المائدة:3]، فلا يحق لأحد الاكتفاء بمرحلة سابقة نُسخ منها ما نُسخ، وتجاوزها الوحي والعصر، ومثل من يفعل ذلك أسوأ ممن اكتفى بالشهادة الابتدائية مثلا، ورفض التعليم العالي اللازم لتأهيله للعمل في حياته الباقية.
10.    الإسلام بصورته الكاملة هو رسالة للناس كافة، فكل إنسان موجود على ظهر الأرض الآن ملزم باتباع الإسلام بصورته الكاملة إذا بلغه البلاغ المبين، وشرط البلاغ المبين غير متحقق الآن نتيجة وجود المحسوبين على الإسلام مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُون، فهؤلاء المفرقون قد برَّأ الله تعالى رسوله منهم بقوله: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُون} [الأنعام:159]، فهؤلاء ليسوا إلا آلات شيطانية لصدّ الناس عن سبيل ربهم إلا قليلا ممن أنجاه الله منهم.
11.    كل كيان مسلم ملزم بدعوة من لم يكن مسلما بما فيهم أهل الكتاب إلى الإسلام بما في ذلك المحسوبون على الإسلام، ووسائل الدعوة سلمية، فهي يجب أن تكون بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن وبالعمل الصالح وبتقديم الأسوة الحسنة.
12.    أهل الكتاب بالذات مأمورون أمرا مشددا باتباع خاتم النبيين، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللّهِ مَفْعُولا} [النساء:47]، {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (70) يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (71)} آل عمران.
13.    أهل الكتب اختلفوا عن الإسلام الكامل ورفضوه، قال تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآَيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (19) فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (20)} آل عمران،{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُون} [آل عمران:64]، فأهل الكتاب ليسوا مسلمين.
14.    لكي يؤمن أهل الكتاب يجب أن يؤمنوا بمثل ما آمن متبعو القرءان: {فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (137) صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ (138)} البقرة.
15.    سيبقى دائما في الأمة محمدية قلة من قلة هم الذين اصطفوا لحمل الرسالة والدفاع عنها ودعوة الناس إليها، وهؤلاء تظهرهم وتنبئ بهم أعمالهم.
16.    للمصدر "أسلم" معانيه اللغوية ومعانيه الاصطلاحية، ومعناه الاصطلاحي الآن أنه اسم عَلَم Proper name هذا الدين الكامل الذي كتابه المقدس هو القرءان، ورسوله هو خاتم النبيين، ويلزم أتباعه بالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسوله دون تفريق، هذا مع العلم بأن القرءان هو الكتاب المهيمن على سائر الكتب، ولا يجوز استعمال المعاني الأخرى لكلمة إسلام لإضلال الناس.
17.    جلّ الناس بما فيهم المحسوبون على الإسلام لا يخلون من كفرٍ أو شرك، قال تعالى: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِين} [يوسف:103]، {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُون} [يوسف:106]، ومع ذلك فمتبع دين الحق ملزم بأن يعاملهم وفق منظومة القيم الإسلامية؛ أي يجب أن يحافظ على حقوقهم وكرامتهم وأن يحكم بالعدل وأن يؤدي الأمانات إلى أهلها وأن يبرهم وأن يقسط إليهم، ولأهل الكتاب حقوق إضافية على المسلم، فيمكن أن يتزوج منهم وأن يأكل من طعامهم، وهذه إشارة إلى وجوب التعايش البناء المثمر معهم.
*******

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق