الركن الرابع
عشر، العمل الصالح ج1
العمل
الصالح هو كل عمل يقوم به الإنسان أو أي كيان إنساني للوفاء بمقتضيات كونه حاملاً
للأمانة والرسالة ومستخلفاً في الأرض ومسئولاً، فهو يتضمن كل ما يؤدي إلى إصلاح
وبناء وتعمير، ومن يقوم بهذا العمل الصالح وهو مؤمن هو مبشر بالجنة وهو موعود
بالسعادة والأمن والأجر الوفير والدرجات العلى.
***
إن
العمل الصالح هو ركن ركين من أركان الدين، وهو كل عمل يقوم به كيان إنساني (فرد،
أسرة، أمة ...) للوفاء بمقتضيات حمل الأمانة والاستخلاف في الأرض، وشرط الانتفاع
به على المستوى الجوهري أن يكون صادرا عن إيمان صحيح؛ أي أن يكون العمل خالصاً
لوجه الله رب العالمين، والعمل الصالح لابد أن يؤدي إلي نفع كيان ما والصلاح
يتناسب مع حجم الكيان وسعته؛ لذلك فالعمل الذي يؤدي إلي نفع أمة أفضل من ذلك الذي
لا يتجاوز تأثيره فاعله، والعمل الذي يؤدي إلي نفع البشرية جمعاء أفضل من العمل
الذي يؤدي إلي نفع أمة بمفردها.
والعمل
الصالح يشمل العبادات المعروفة وكل ما يمكن أن يصدر عن الإنسان؛ فهو يشمل مثلاً
التزكية والتعليم والبحث العلمي وكافة ما هو معروف من المهن وما يمكن أن يستجد
منها كمقتضى من مقتضيات التطور، ولابد لكل إنسان من إجادة مهنة أو حرفة ينتفع بها
وينفع الناس بها وخاصة الأقرب فالأقرب، ومن ثمار العمل الصالح تحقيق الأمن
والسعادة وتعمير الأرض، ومن لوازم ذلك أن ينمي قدراته وملكاته وأن يحسن الانتفاع
بها وبوقته وألا يهدر شيئاً من ذلك عبثا فلا يسرف ولا يبذر تبذيرا، وهذا يقتضي
الإعراض عن اللغو وأن يعمل علي إتقان مهنة أو حرفة يتكسب منها وأن يؤدي واجباته
تجاه من هو مسؤول عنهم فيعلمهم الصلاة ويأمرهم بها وكذلك يعلمهم مكارم الأخلاق،
ومن ذلك أيضاً الأكل من الطيبات من الرزق والانتشار في الأرض وابتغاء فضل الله وأن
يحترم حق الكائنات الأرضية الأخرى في البقاء، ومن كبائر الإثم المضادة لهذا الركن
الإفساد في الأرض والذي يتضمن العمل علي تقويض مقاصد الدين العظمي والعدوان علي حقوق
وكرامة الإنسان والعدوان علي الاتزان الكوني الطبيعي وعلي حقوق الكائنات الأخرى
والتخريب، ومن الآثام المضادة لهذا الركن التبذير وإهدار وتبديد الموارد والشح
والبخل والأثرة، ولقد نبأهم الله تعالي بأنه ما خلق السماوات والأرض وما بينهما
إلا بالحق وأن العلة الغائية لخلقهما هو الإنسان وأنه سخر له كل ما فيهما وأنه لا
سبيل إلي تبديل سنن أو كلمات الله، وعلي الناس أن يعملوا بمقتضيات ذلك.
*******
إن
العمل الصالح هو كل عمل يقوم به الإنسان أو أي كيان إنساني أكبر للوفاء بمقتضيات
حمل الأمانة والاستخلاف في الأرض ولتحقيق مقاصد الدين، وهو يُقبَل عند الله إذا
كان صادراً عن إيمان سليم، أي عندما يكون العمل خالصاً لوجه الله رب العالمين،
والقبول يعني ويقتضي أن ينتفع به الكيان الإنساني الجوهري ويتزكى بآثاره، والعمل
الصالح لابد أن يؤدي إلي نفع كيانٍ ما والصلاح يتناسب مع حجم الكيان وسعته؛ لذلك
فالعمل الذي يؤدي إلى نفع أمة أفضل من ذلك الذي لا يتجاوز تأثيره فاعله، والعمل
الذي يؤدي إلي نفع البشرية جمعاء أفضل من العمل الذي يؤدي إلي نفع أمة بمفردها،
والعمل الذي يؤدي إلى نفع الآخرين سيظل الإنسان يجني ثماره إلى يوم الدين، وكل عمل
يصدر عن إنسان يمكن أن يكون عملا صالحا بتصحيح القصد والنية.
*******
للعمل
الصالح مفهومان:
1-
كل أعمال المسلم
المؤمن إذا ما صحح نواياه ومقاصده، وهذا هو المفهوم العام ويشمل بذلك كل ما يمكن
أن يُسمى بالعمل، فكل أعمال المؤمن لو فقه هي للإصلاح وهي لصالحه.
2-
كل عمل يقوم به
كل كيان إنساني (من الفرد إلى الأمة) للوفاء بمقتضيات حمل الأمانة والاستخلاف في
الأرض، فهو كل عمل يقوم به هذا الكيان لتحقيق مقاصد الدين وكمقتضى لكونه حاملاً
للرسالة العالمية الخاتمة، وهذا هو المفهوم الخاص، والذي هو ركن ديني ملزم لكل
كيان إنساني من الفرد إلى الأمة.
والعمل
الصالح –بالمفهوم العام- يشمل العبادات المعروفة وكذلك كل ما يمكن أن يصدر عن
الإنسان من الأعمال النافعة التي يمكن أن يستجد منها الكثير على مدى العصور؛ فهو
يشمل الآن مثلاً التزكية والتعليم والبحث العلمي وكافة ما هو معروف من المهن وما
يمكن أن يستجد منها كمقتضى من مقتضيات التطور، وكذلك يشمل كل عمل يؤدي إلى الحفاظ
على البيئة وموارد الرزق، ومن ثمار العمل الصالح تحقيق الأمن والسعادة والوفاء
بكافة احتياجات الإنسان وتعمير الأرض.
والإنسان
ملزم بالعمل الصالح بقدر ما استطاع مثلما هو ملزم بإقامة الصلاة وصيام رمضان، وفي
هذا العصر أصبح محتما على كل إنسان –أكثر من أي عصر مضى- أن يجيد مهنة أو حرفة
ينتفع بها وينفع ذوي قرباه والناس وبلده بها، وذلك من لوازم القيام بهذا الركن،
فكلما ارتقت البشرية كلما اضطر الناس إلى الأخذ بما قرره الإسلام من قبل وكلما
استجدت ظواهر جديدة مفصِّلة لما أجمله القرءان.
وركن
العمل الصالح الملزم للأمة يتضمن القيام بمقتضيات حمل الأمانة والاستخلاف في الأرض
على المستوى الأممي، ومن ذلك استعمار الأرض وحسن الإفادة من مواردها والحفاظ عليها
وعلى الكائنات الحية التي تقاسم الإنسان العيش فيها، ومن العمل الصالح إعداد
وتمويل مؤسسات البحث العلمي وتأهيل الناس وتعليمهم بحيث يكونون قادرين على العمل
الصالح المتقن واتخاذ كل ما يلزم للرقي بالمسلمين بصفة خاصة والبشرية جمعاء بصفة
عامة.
*******
وقيام
المؤمن بركن العمل الصالح يجعله من المبشرين بالجنة وممن رضي الله عنهم، قال
تعالى: {وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ
جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن
ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَـذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ
مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
}البقرة25، {وَالَّذِينَ آمَنُواْ
وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُولَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا
خَالِدُونَ }البقرة82، {إِنَّ الَّذِينَ
آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً
}الكهف107، {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ
خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7) جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي
مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ
وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (8)} البينة
فالَّذِينَ
آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ هُمْ بنصِّ القرءان خَيْرُ الْبَرِيَّةِ وهم
مبشرون بالجنة، وقد رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، ولكن المغضوب عليهم والضالين حاولوا
شخصنة القرءان وتحويله إلى قصائد مدح لبعض القرشيين وأساءوا استعمال هذه الآيات
البينات واتخذوها ذريعة لافتعال أرباب مشرعين مع الله تعالى!!!!!!!!!!
ولقد قال تعالى: {أَمْ نَجْعَلُ
الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ
نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّار} [ص:28]، وبذلك فالفرد من الَّذِينَ آمَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ -وهم المبشرون الحقيقيون بالجنة- هو أفضل من أي شخص ثبت
أنه كان من المفسدين في الأرض حتى وإن اختلق له عبيد نعله لقب (صحابي جليل) أو
المسيح المنتظر أو المهدي المنتظر أو أي لقب آخر، فالإفساد في الأرض جريمة كبرى
ليس لدى العبيد سلطة أن يغفروها لأربابهم.
فمن
وجد نفسه مؤمنا بالله وكتابه ورسوله ويعمل الصَّالِحَاتِ فليعلم أنه مبشر لذلك
بالجنة وأن الله تعالي قد رضي عنه طالما ظل على حالته هذه، فليعتصم بربه، وعليه
ألا يشغل نفسه بأمر السلف ولا بأمر عبيد نعالهم، فهو ليس مسئولا عن أحدٍ منهم!! بل
عليه أن يعتصم بربه حتى لا ينزل عن حالته وإنما يرتفع إلى الله تعالى بها!!
*******
إن
ركن العمل الصالح ملزم لكافة الكيانات الإنسانية بدءا من الفرد إلى الأمة، ومرورا
بكل ما يمكن أن يستجد من كيانات، وأثر العمل الصالح يتزايد مع كبر حجم الكيان وعظم
أهميته، فالعمل الصالح هو من أركان الدين الواجبة على كل كيان إنساني معلوم أو من
الممكن أن يستجد، وهو من الأركان التي يزداد وزنها وثقلها بازدياد حجم الكيان
الملزم بها.
*******
إن
العمل الصالح هو كل عمل من مقتضيات الوفاء بالأمانة التي حملها الإنسان وكذلك
استخلافه في الأرض، ومن لوازم ذلك أن ينمِّي قدراته وملكاته وأن يحسن الانتفاع بها
وبوقته وألا يهدر شيئاً من ذلك عبثا فلا يسرف ولا يبذر تبذيرا، وهذا يقتضي الإعراض
عن اللغو، ومن لوازم ذلك أيضاً الأكل من الطيبات من الرزق والانتشار في الأرض
وابتغاء فضل الله وأن يحترم حق الكائنات الأرضية الأخرى في البقاء، ومن كبائر
الإثم المضادة لهذا الركن الإفساد في الأرض والذي يتضمن العمل علي تقويض مقاصد
الدين العظمي والعدوان علي حقوق وكرامة الإنسان والعدوان علي الاتزان الكوني
الطبيعي وعلي حقوق الكائنات الأخرى والتخريب، ومن الآثام المضادة لهذا الركن
التبذير وإهدار وتبديد الموارد والشح والبخل والأثرة، ولقد نبأهم الله تعالي بأنه
ما خلق السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأن العلة الغائية لخلقهما هو
الإنسان وأنه سخر له كل ما فيهما وأنه لا سبيل إلي تبديل سنن أو كلمات الله، وعلي
الناس أن يعملوا بمقتضيات ذلك، والعمل الصالح ملزم أيضاً للأمة وهو يتضمن العمل
الذي يستلزم كياناً إنسانياً كبيراً للقيام به، فهو جماع كل ما كان قياماً
بمقتضيات حمل الأمانة والاستخلاف في الأرض وهى تتسع بالتقدم الحضاري، ومن ذلك
إيجاد مؤسسات كبيرة للبحث العلمي في كل المجالات التي تؤدي إلي تحقيق مقاصد الدين
وإلي ازدهار الحضارة، إيجاد مؤسسات لمد يد العون للأقليات الإسلامية وللمنكوبين
والمضطهدين والمستضعفين وكذلك مساعدة كافة الشعوب علي مواجهة الفقر والجهل والتخلف
وسوء الاستغلال وآثار الحروب والكوارث الطبيعية، والإثم الأعظم المضاد لهذا الركن
هو الإفساد في الأرض، وهو يتضمن كل أعمال التخريب وكل ما يؤدي إلي تلويثها
والإخلال بالتوازن البيئي فيها، ويلاحظ أنه كلما تقدمت البشرية كلما اتجهت نحو
إيجاد آليات لتفعيل هذا الركن، ولقد سبق الغرب المسلمين إلي العمل ببعض تفاصيل هذا
الركن وقدم لهم المثل وأقام عليهم الحجج وبين لهم ما كان يجب أن يفعلوه عندما
كانوا سادة العالم.
*******
إن
العمل الصالح وهو
جماع كل ما هو مضاد للفساد والإفساد، فمن كبائر الإثم المضادة للعمل الصالح السعي
في الأرض فسادا، والعمل
الصالح هو ركن ركين من أركان الدين المتنامية المتسعة المتطورة
برقي الحضارة، فهو كل عمل يمكن أن تنتفع به الكيانات
الإنسانية وغيرها، وأهل الغرب هم أكثر من عرفوا هذه الأعمال الصالحة وأفضل من
قاموا بها وإن كانوا هم أيضا أكثر من أفسد في الأرض، ولكن الغربي يقوم بالأعمال
الصالحة ليس في سبيل الله ولا لابتغاء
مرضاته، وإنما لتخليد ذكره أو لتحقيق مجد دنيوي أو لصالح قومه أو وطنه، أما المسلم
فعمله الصالح إنما يكون انطلاقا من إيمانه بالله تعالى وفى سبيله، وهذا العمل
الصالح تتسع آفاقه باطِّراد التقدم، ولذلك لم تأت تفصيلات له، فالعمل الصالح يشمل الآن مثلا القيام
بالأبحاث العلمية والطبية والحفاظ على البيئة من التلوث والإفساد ومقاومة الأوبئة
ومساعدة من تعرضوا لكوارث طبيعية ومكافحة الفقر والجهل والمرض، كما يشمل المساهمة
في الرقي بالناس على كافة المستويات العلمية والخلقية والثقافية.
*******
إن
العمل الصالح هو من الأركان الشاملة الممتدة القابلة للاتساع عبر العصور، فكل ما
يستجد مما هو نافع للناس هو من العمل الصالح، ولمَّا أهمل الناس هذا الركن بعد أن
حرفوا مفهومه وقصروه على ضروب العبادة التقليدية اضطروا إلى إحداث مفهوم المصلحة
المرسلة، والقول بهذه المصلحة المرسلة يتضمن الإقرار بأن الدين غير كامل وغير صالح
لكل زمان ومكان، والحق هو أن كل ما هو داخل تحت بند تلك المصلحة هو من لوازم
وتفاصيل أركان الدين ومنها ركن العمل الصالح.
ولما
كان العمل الصالح من أركان الدين الكبرى فإن كل ما هو مضاد له هو من الآثام
الكبرى، لذلك من كبائر الإثم على كافة المستويات سفك الدماء وإشاعة الفواحش
والإفساد في الأرض، وهذه الآثام قابلة للزيادة والاتساع واتخاذ أشكال جديدة وصور
متنوعة.
*******
إنه
لابد للإنسان من العمل بحكم أنه حامل للأمانة ومستخلف في الأرض، والعمل الصالح هو
ما يؤدي إلي نفع كيانٍ إنساني ما، والعمل لا يراد لذاته وإنما لمقاصده، ومقاصد
العمل هي لوازم وتفاصيل مقاصد الدين العظمى، فبالنسبة إلي الإنسان فإن المقصد من
العمل أن يكون هذا الإنسان إنسانا ربانيا فائقا صالحا مفلحا، وكل عمل صالح سيؤدى
إلى التحلي بخلق كريم أو اكتساب ملكة ما أو اتساع ملكة ما أو كمال ما، فالعمل ليس
إلا وسيلة، ولكن الإنسان أيضا يُعامل وفق ظنه ويؤاخذ بما أوجبه على نفسه بمقتضى ما
أُودع في كيانه من قوى وأسرار، فإن تصور أن التقرب إلى الله لا يكون إلا بالمداومة
على عملٍ ما فسيعامل وفق ظنه هذا، وسيثاب إذا واظب على العمل وأتقنه وإن لم توجبه
عليه شريعة ما أصلا، ومما يقوى من أثر عمل كهذا تأثير الملائكة الأرضية والجنود،
فهي تستحسن ما استقر في عرفها أنه سبيل إلى مرضاة الإله مما عرفته من أعمال الناس
وأنماط سلوكهم، فيترتب على ذلك آثار حسنة على القائمين بتلك الأعمال.
*******
إن
الإيمان الحقيقي لابد أن يقتضي عملاً صالحا، ومن لا يجد في نفسه رغبة في عمل صالح
فليتَّهم نفسه وليعلم أنه متلاعب، وعليه أن يتدارك نفسه، والإيمان والعمل الصالح
المترتب عليه يشكلان حلقة تغذية موجبة Positive
feedback loop؛ أي يقوي كل منهما الآخر، ويترتب على ذلك
تزكية الكيان الإنساني الجوهري، وتلك التزكية لابد منها لدخول الجنة في الدار
الآخرة، فدرجته في تلك الدار هي مرتبته الحقانية المناسبة لكيانه الجوهري.
*******
إن
ما يعطي العمل قيمة وما يجعل له أثراً على الكيان الجوهري للإنسان هو أن يصدر عنه
بمحض اختياره وإرادته، ولا يعني ذلك أن للإنسان حرية مطلقة، ولكنه يعني أنه يمتلك
من حرية الإرادة ما يمكنه من السعي إلى والعمل على تحقيق المقصد من وجوده والتحقق
بكماله المنشود.
*******
لقد
حرفوا مفهوم العمل الصالح الذي هو ركن من أركان الدين واختزلوه حتى أصبح يقتصر علي
الأداء الشكلي للعبادات أو الشعائر، والحق هو أن العمل الصالح هو كل عمل من
مقتضيات الوفاء بالأمانة التي حملها الإنسان وكذلك استخلافه في الأرض، ومن لوازم
ذلك أن ينمي قدراته وملكاته وأن يحسن الانتفاع بها وبوقته وألا يهدر شيئاً من ذلك
عبثا فلا يسرف ولا يبذر تبذيرا، وهذا يقتضي الإعراض عن اللغو وأن يعمل علي إتقان
مهنة أو حرفة يتكسب منها وأن يؤدي واجباته تجاه من هو مسئول عنهم فيعلمهم الصلاة
ويأمرهم بها وكذلك يعلمهم مكارم الأخلاق، ومن ذلك أيضاً الأكل من الطيبات من الرزق
والانتشار في الأرض وابتغاء فضل الله وأن يحترم حق الكائنات الأرضية الأخرى في
البقاء، ومن كبائر الإثم المضادة لهذا الركن الإفساد في الأرض والذي يتضمن العمل
علي تقويض مقاصد الدين العظمي والعدوان علي حقوق وكرامة الإنسان والعدوان علي
الاتزان الكوني الطبيعي وعلي حقوق الكائنات الأخرى والتخريب، ومن الآثام المضادة
لهذا الركن التبذير وإهدار وتبديد الموارد والشح والبخل والأثرة، ولقد نبأهم الله
تعالي بأنه ما خلق السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأن العلة الغائية
لخلقهما هو الإنسان وأنه سخر له كل ما فيهما وأنه لا سبيل إلي تبديل سنن أو كلمات
الله، وعلي الناس أن يعملوا بمقتضيات ذلك، وعلى رأس ذلك أن يأخذوا كل أمور حياتهم
بكل جدية وأن يقوموا بمسئولياتهم الحقيقية.
*******
قال تعالى: {وَإِذْ
قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ
أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ
بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }البقرة30،
{وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ
طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي
الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ }الأنعام38،
{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ
الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا
آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ }الأنعام165،
{هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي
الْأَرْضِ فَمَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ
كُفْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتاً وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ
كُفْرُهُمْ إِلَّا خَسَاراً }فاطر39، {وَسَخَّرَ
لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ إِنَّ فِي
ذَلِكَ لَآيَاتٍ لَّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }الجاثية13.
بمقتضى كل هذه الآيات فالإنسان مسئول عن
كافة ما هو أمم أمثاله، فهو خليفة في الأرض وكل ما في السماوات والأرض مسخر له،
وهو مسئول عن الإصلاح في الأرض منهي عن الإفساد فيها، ولذلك فمد يد الغوث للمنكوب
وحسن معاملة دواب الأرض بل والجماد من سمات الإسلام وأوامره، أما الجور على الدواب
بالقتل دون مبرر شرعي أو بالتعذيب فهو من الآثام بلا ريب.
ولقد رووا أن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ
وَسَلَّمَ قال: "إن
رجلاً وجد كلباً يلهث من شدة العطش فحمل خفه ونزل بئراً وملأه وسقى الكلب فشكر
الله له"، وكذلك: "إن امرأة دخلت النار في هرة
حبستها لا هي أطعمتها وسقتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض"، ولقد أوصى الرسول بالاهتمام
بزراعة النخيل والأشجار وعدم قطعها حتى أثناء الحروب في مرويات عديدة، والمرويات
تشير إلى أصل صحيح يندرج في الإطار العام لدين الحق وهما يبينان الآيات المذكورة.
فالعمل الصالح في الإسلام يتضمن كل ما
يؤدي إلى الحفاظ على البيئة ومراعاة مصالح كل دواب الأرض، ولقد قال تعالى:
{وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ
طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي
الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُون} [الأنعام:38].
لذلك فللدواب والطيور على الأمة ما للأمم
من حقوق عليها، هذا فضلا عن أن الإنسان ملزم بالحفاظ عليها بحكم أنه مستخلف في
الأرض، والبشرية ملزمة بألا تسفك الدماء وبألا تفسد في الأرض.
*******
إن
العمل الصالح يتضمن القيام بمقتضيات حمل الأمانة والاستخلاف في الأرض، ومن ذلك
استعمار الأرض والانتفاع الأمثل بمواردها والحفاظ عليها وعلي الكائنات الحية التي
تقاسم الإنسان العيش فيها، والكثير من تفاصيل ومقتضيات هذا الركن يستلزم كياناً
إنسانياً كبيراً للقيام بها، ومقتضيات حمل الأمانة والاستخلاف في الأرض تتسع
بالتقدم الحضاري، ومن ذلك الآن إيجاد مؤسسات كبيرة للبحث العلمي في كل المجالات
التي تؤدي إلي تحقيق مقاصد الدين وإلي ازدهار الحضارة، إيجاد مؤسسات لمد يد العون
للأقليات الإسلامية وللمنكوبين والمضطهدين والمستضعفين وكذلك مساعدة كافة الشعوب
علي مواجهة الفقر والجهل والتخلف والاستبداد والطغيان وسوء الاستغلال وآثار الحروب
والكوارث الطبيعية، وكذلك مساعدتها علي التصدي لكل من يحاول انتهاك حقوقها
والعدوان علي كرامتها، ومن ذلك الامتناع عن الإفساد في الأرض والانتهاء عن الإسراف
والترف والحفاظ علي الأمم من دواب الأرض، والإثم الأعظم المضاد لهذا الركن هو
الإفساد في الأرض.
ويلاحظ
أنه كلما تقدمت البشرية كلما اتجهت نحو إيجاد آليات لتفعيل هذا الركن، ولقد سبق
الغربُ أولئك المحسوبين ظلماً علي الإسلام إلي العمل ببعض تفاصيل هذا الركن وقدم
لهم المثل وأقام عليهم الحجج وبين لهم ما كان يجب عليهم أن يفعلوه عندما كانوا
سادة العالم.
*******
إن العمل الصالح
هو كل عمل يقوم به الإنسان للوفاء بمقتضيات حمل الأمانة والاستخلاف في الأرض علي
أن يكون صادرا عن إيمان سليم، وذلك يعني أنه يجب أن يكون خالصاً لوجه الله الكريم،
والإنسان الحريص على ذلك تكون كل حركاته وسكناته لله رب العالمين، فبتصحيح القصد
والنية يمكن أن يكون كل ما يصدر عن الإنسان عملاً صالحا، وبالمثل فمن وصل إلى درجة
أن كانت كل حياته لله رب العالمين يصبح كل عمل صدر عنه عملاً صالحا، أما العمل غير
الصالح فهو ما كان فيه إخلال بالتعريف
السابق،
والعمل الصالح لابد أن يؤدي إلي نفع كيان ما والصلاح يتناسب مع حجم الكيان وسعته،
ومن ثمار العمل الصالح تحقيق الأمن والسعادة وتعمير الأرض، ومن لوازم ذلك أن ينمي
الإنسان قدراته وملكاته وأن يحسن الانتفاع بها وبوقته وألا يهدر شيئاً من ذلك عبثا
فلا يسرف ولا يبذر تبذيرا، وهذا يقتضي الإعراض عن اللغو وأن يعمل علي إتقان مهنة
أو حرفة يتكسب منها وأن يؤدي واجباته تجاه من هو مسؤول عنهم فيعلمهم الصلاة مثلاً
ويأمرهم بها وكذلك يعلمهم مكارم الأخلاق، ومن ذلك أيضاً الأكل من الطيبات من الرزق
والانتشار في الأرض وابتغاء فضل الله وأن يحترم حق الكائنات الأرضية الأخرى في
البقاء، ومن كبائر الإثم المضادة لهذا الركن الإفساد في الأرض ومن تفاصيل ذلك
العمل علي تقويض مقاصد الدين العظمي والعدوان علي حقوق وكرامة الإنسان والعدوان
علي الاتزان الكوني الطبيعي وعلي حقوق الكائنات الأخرى والتخريب، ومن الآثام
المضادة لهذا الركن التبذير وإهدار وتبديد الموارد والشح والبخل والأثرة، ولقد
أعلن الله تعالي بأنه ما خلق السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأن العلة
الغائية لخلقهما هي الإنسان وأنه سخَّر له كل ما فيهما وأنه لا سبيل إلي تبديل سنن
أو كلمات الله، وعلي الناس أن يعملوا بمقتضيات ذلك.
*******
إن
العمل الصالح يمكن أن يصدر من أي إنسان مهما كان دينه، ولكن الإنسان لا يفيد منه
على المستوي الجوهري إلا إذا من مقتضيات إيمان سليم، أما من كان عمله طلبا لمجد
شخصي أو دنيا يصيبها فماله على المستوى الجوهري من نصيب، وإنما قد ينال نصيبه في
هذه الدنيا، والعمل الصالح يؤدي بالضرورة إلى نفع كيانٍ ما وهو يتضمن كل عمل من
مقتضيات الالتزام بالأوامر الشرعية الخاصة بالتعامل مع الكيانات الإنسانية،
والأعمال ذات الصبغة الدينية الإسلامية هي التي يتضمنها ركن معاملة الكيانات
الأخرى طبقاً للأوامر الشرعية.
*******
إن
الله عزَّ وجلَّ يحب من يعرف لنعمته قدرها ويحدِّث بها ولا يحب من يزدريها أو
يجحدها أو يكفر بها أو يسعى إلى تحريمها، إن التفضل على الناس بالنعم هو من لوازم
التجلي الإلهي وتفصيل الكمالات الإلهية وتحقيق المقاصد الوجودية، والعمل الصالح هو
من وسائل الانتفاع بالنعم الإلهية وتعميم هذا الانتفاع.
*******
إن
العمل الصالح هو ركن ركين من أركان الدين، والعمل الصالح هو كل عمل يقوم به
الإنسان للوفاء بمقتضيات حمل الأمانة والاستخلاف في الأرض، فهو يتضمن ما كان به
صلاح الأرض واستعمارها والحفاظ علي عمَّارها من الكائنات، فهو ما يؤدي بالضرورة
إلى نفع كائن أو كيان ما، والقيام بواجبات الاستخلاف في الأرض هو من الأعمال
الصالحة التي يمكن أن تصدر عن أي إنسان مهما كان دينه أو مذهبه، فالإصلاح مضاد
للإفساد، قال تعالى: {وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي
وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ}الأعراف142، ولكن قبول العمل
عند الله تعالى والذي يترتب عليه تحسن الكيان الجوهري للإنسان يستلزم أن يكون
العمل الصالح صادرا عن إيمان صحيح، أما الكافرون والمشركون الملحدون أو المتشككون
أو اللاأدريون الذين تصدر عنهم أعمال صالحة فالعدل يقتضي أن ينالوا ثواب ذلك في
حياتهم الدنيا إذ لا ثواب لهم في الآخرة، ولا يحق لأحد الدفاع عنهم، فهؤلاء مجرد
مخلوقات لله الواحد القهار، خلقهم ولم يكونوا من قبل شيئا مذكورا، وبدلا من أن
يُظهروا لخالقهم ما هو حق له من الحمد والشكر فإنهم أنكروا وجوده أصلا أو زعموا
لشيء مما هو من دونه ما هو حق له، هل يجوز مثلا لطفل صغير يعيش في بيت والديه أن
ينكر وجودهما أو أن يقول لهما إنه ما وُجد إلا بمحض الصدفة أو أن يقول لهما:
"ليس لكم علي أي فضل، ولم تقدما لي ما يلزم من الطعام والشراب"؟ إن لله
تعالى أوجب الحقوق على مخلوقاته، والفوز برضوان منه أفضل بما لا يتناهى من محاولة
استرضاء الناس على حساب حقوقه على عباده.
*******
إن الإنسان بحكم
أنه مستخلف في الأرض مسئول عن كل ما هو فيها من دواب وطيور وجماد وموارد طبيعية،
وهو مأمور بأن يستعمر الأرض وألا يفسد فيها، والأرض ليست بملك خالص له بل لربه
وإنما هو مستخلف فيها، وليس له إلا حق الانتفاع بها، ودواب الأرض وطيورها هي أمم
مثل البشر، لها حق العيش في هذا الكوكب، لذلك فعلى الإنسان الرفق بدواب الأرض
والعمل علي بقائها وليس له أن يقترف ما قد يؤدي إلى إبادة أي نوع من دواب الأرض
خاصة بعد أن أعلن الله تعالى في كتابه العزيز إنهم أمم أمثالنا وأنه قد خلق كل شيء
بالحق وبمقدار وقدر، فهو الأعلم بما يلزم لصلاح هذا الكوكب واستمرار عمرانه، ولكن
حق الإنسان مقدم على حقوق غيره من المخلوقات الأرضية بحكم كونه خليفة، لذلك فله أن
يعمل على أن يقي نفسه شر ما ثبت ضرره عليه.
*******
إن الأمر بالسير
في الأرض للنظر في كيفية بدأ الخلق هو أمر قرءاني ملزم، وهو تكليف بما هو في الوسع
وبما هو ممكن، ذلك لأنه كما هو معلوم: لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ
وُسْعَهَا، فهذا الأمر يعني أن في الأرض كل ما يلزم لمعرفة كيفية هذا البدء، ولو
عمل المسلمون بمثل هذه الأوامر القرءانية لتحققت النهضة العلمية هنا قبل أن تتحقق
في أوروبا.
*******
إن للإنسان مكانته في هذا العالم
المشهود، والأشياء مسخَّرة له بحكم كونه خليفة في الأرض ومكرما وحاملا للأمانة،
قال تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا
مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لَّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون} [الجاثية:13]، {وَإِذْ
قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً.....}
[البقرة:30]، {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ
وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ
مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا} [الإسراء:70]
{إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ
عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا
وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً}
الأحزاب72.
والإنسان مدعو إلى الانتفاع بذلك،
فهذا الانتفاع هو من لوازم شكر الله على نعمائه وآلائه وهو من لوازم حمده والثناء
عليه بأسمائه، والله تعالى يحب من يقدِّر نعمته ومن يقر بها وبأنها منه، والإنسان
هو المنتفع بذلك.
*******
وتبين
آيات القرءان أن الرزق من الطيبات هو من النعم الكبرى التي ذكرها الله عزَّ وجلَّ
مقارنة لإيتاء الكتاب والنبوة وأن عمل الصالحات يعادل الإيمان؛ فهو من نفس مرتبته،
وأن العمل الصالح لا يعني بالضرورة أداء العبادات المعروفة وأن العمل الصالح ينجي
الإنسان من الهلاك في الدنيا ويجعل له حسن العاقبة في الآخرة إذا اقترن بالإيمان
وأنه ركن آخر غير الأركان المشهورة مثل إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وأن الذي آمن
وعمل صالحاً مبشر بالجنة، فلقد بشر الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالجنة بكل
صور التبشير، والعمل الصالح مضاد للإفساد في الأرض والإساءة، والعمل الصالح قد
يصدر من أي إنسان ولكنه علي المستوى الجوهري لن ينتفع به إلا إذا كان صادرا عن
إيمان بالله وباليوم الآخر.
*******
من الأركان
ردحذفذلك تحليل موسع وشامل لمعاني العمل الصالح الذي يرضى به الله ..
ردحذف..قول النبي سليمان ..وان اعمل صالحا ترضاه ..يوحي لنا انه يقصد به شيء اخر غير فعل الخيرات الكثيرة المختلفة المعروفة لنا ..فهو نبي لا ينقصه فعل الخيرات ,اي الاعمال الصالحة لوجه الله ..
وانظر كذلك لقول الله لنوح عن ابنه ..انه ليس من اهلك انه عمل غير صالح ..
فلو كان ابنه عمل صالح ,لكان من ضمن اصحاب السغينة ..
ولا توجد ايات توضح لنا اركان او صفات العمل الصالح ,مثل اركان الاسلام والايمان والاحسان ..
لذا يبدو لي ان العمل الصالح او الصالحلات ..يقصد بها الاولاد المربيين الصالحين من قبل الاباء والامهات ..فمن يخلف اولاد ,ذكور او اناث ..ويتم تربيتهم بشكل صحيح سوي مستقيم ..فا الله يرضى عن الاباء والامهات ويجازيهم بالجنة ..
لذلك ,النبي سليمان ,كان يطمح ويتمنى ان يخلف ذرية صالحة ..حتى يضمن بهم رضى الله ..
ردحذفلقد كان ابن نوح غلام غير سوي في الخلقة والتربية وغير صالح للبقاء والتناسل ,فاهلك مع قومه الغير صالحين ..
ردحذف