الشخصيات المختلفة لمسمَّى
المسيح
يجب التمييز التام بين الشخصيات التالية:
1.
المسيح القرءاني
عيسى بن مريم الهارونية -التي عاشت عذراء- والمولود بطريقة إعجازية، وهو المسيح
الحقيقي، وهو لم يُقتل ولم يُصلب بل كفَّ الله عنه بني إسرائيل ونجاه منهم، وأدَّى
رسالته كاملة، وكانت خاصة ببني إسرائيل، وهو خاتم أنبياء بني إسرائيل وكان مرسلا
إليهم وحدهم من دون الناس لتجديد الدين ولفت أنظار الناس إلى عالم الباطن وجوهر
الدين، وقد توفاه الله تعالى ورفعه إليه، وسيقدم شهادته على قومه يوم القيامة، وهو
المشار إليه باسمه الحقيقي المسيح عيسى بن مريم في كتبنا، وقد ظهر قبل العصر
الروماني، وأتباعه هم الذيم كتبوا ما يُسمَّى بوثائق ومخطوطات البحر الميت The Dead
Sea scrolls.
2.
المسيح المزيف، يسوع
بن يوسف النجار من امرأته مريم بنت يواقيم، وله إخوة ذكرت الأناجيل أسماءهم، وهم يَعْقُوبَ
وَيُوسِي وَيَهُوذَا وَسِمْعَانَ (شمعون)،
كما أن له أختين هما: آسيا وليديا كما ورد في بعض الآثار، وفي آثار أخرى ورد: ماري
وسالومي، وهو الذي ظهر في العصر الروماني
وظن أنه المسيح الذي بُعث، كما ظنَّ اليهود كذلك، وكان له نفس اسمه، وهو الذي
يحاولون إرجاع نسبه إلى داود بن يسَّى ليتوافق مع نبوءات سفر أشعيا، وهو الشخصية
الأساسية في الأناجيل الثلاثة المتناظرة المتناسقة المعتمدة (Canonical
synoptic gospels)، وهو الذي تقدم هذه الأناجيل قصة محاكمته
وصلبه، هذا مع بعض آثار عن المسيح الأصلي، هذه الآثار ترجع إلى سببين؛ أحدهما
الآثار التي ظلت متداولة منذ أيام المسيح الحقيقي، والثاني أقوال ترجع إلى المسيح
المزيف كان يحفظها وتعلمها من طائفته العيسويين؛ أتباع المسيح عيسى الحقيقيين،
فكان يتلوها ويتمثل بها كلما دعت الحاجة.
3.
المسيح الأسطوري،
وهو الشخصية التي اختلقوها وأضفوا عليها صفات الألوهية، وهو مركب من كل آلهة الشرق
الأوسط القديمة، وتوجد إشارات إليه في
إنجيل يوحنا، وهو الشخصية المحورية لرسائل بولس المسؤول الأول عن اختلاقه.
4.
مسيح المجامع
المسكونية Ecumenical Councils of churches،
وصياغة شخصيته بدأت من حيث انتهى بولس، وهو الذي أصبح أقنوما (Hypostasis) من أقانيم الثالوث الإلهي (The Divine
Trinity) أو شخصا (Person) من أشخاص
هذا الثالوث، وهو أكثرها فعالية وأحبها إلى قلوب المسيحيين، وإليه ينتسبون، وهو
الابن (The Son)، وهو الإله الابن (God the Son).
5.
مسيح المؤرخين،
ويكتنفه غموض شديد، فهو لا يكاد يوجد، ومن يقول منهم بوجوده لا يجد دليلا إلا أن
يقول: إنه لابد من افتراض وجوده حتى يمكن تفسير بعض وقائع التاريخ! وكل الدلائل
على وجوده مستمدة من إشارات مقتضبة من كتاب للمؤرخ اليهودي يوسيفوس وللمؤرخ
الروماني تاسيتوس، ولا يكادون يعرفون عنه بصفة مؤكدة في زعمهم إلا واقعتي التعميد
والصلب وأن له أخا اسمه يعقوب قتله
اليهود رجما بالحجارة.
*****
ويلاحظ باستقراء الأناجيل أنها تتحدث عن شخصيتين لا يمكن أبدا التوفيق
بينهما:
1.
المسيح الحقيقي، عيسى بن مريم الهارونية، وهو النبي المصدق لما بين يديه من
التوراة، والذي هو على ذروة عالية من الخلق الرفيع والود والحنان والأدب والاهتمام
بجوهر الدين، وهو مؤيد بالقدرة على إبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى بإذن الله
تعالى، وهو الذي أعلن على بني إسرائيل الحكم الإلهي الصادر في حقهم، والذي يبشرهم
بقدوم رسول آخر لا يكون لدينه نهاية.
2.
المسيح المزيف ابن يوسف النجار، وهو الذي حذرهم منه المسيح الحقيقي، والذي
لديه بعض التسلط على الجن والشياطين، والذي له إخوة ويسيء معاملة أمه ويشرب الخمر
ويحول الماء إلى خمر ويتلفظ بالألفاظ البذيئة أحيانا، ولا يلتزم بالناموس وتكذب
أفعاله أقواله، ولا يمانع في أن تدلك إحدى النساء الأجنبيات قدميه بشعرها، وهو
الذي تم القبض عليه وإهانته وصلبه!
وهذا المزيف كان أصلا رجلا صالحا ومن
المؤمنين برسالة المسيح الأصلي، وكان بالفعل مزودا بالقدرة على إتيان بعض الأمور الخارقة للمألوف مثله
مثل الأولياء الصالحين واليوجيين الهنود، فكان يمكن أن يقلب الماء خمرا وأن يعالج
المس الشيطاني، كما كان له تسلط
على الجن بالفعل كما ذكرت الأناجيل.... الخ، ولكنه
استدرج إلى الظن بأنه المسيح مثلما يُستدرج بأحد المسلمين الصالحين ليظن أنه النبي
أو المهدي، كما حدث على مدى التاريخ!!! ولقد ظل ينتظر معجزة تنقذه مما حاق به إلى
أن أصابه اليأس فصرخ صرخته العظيمة: «إِلُوِي، إِلُوِي، لِمَا شَبَقْتَنِي؟»
اَلَّذِي تَفْسِيرُهُ: إِلهِي، إِلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟ والتي استنفدت قواه
ومات بعدها وسط ذهول أتباعه!
والقرءان نفى القصة الشائعة جملة وتفصيلا
وقال إن الأمر كله التبس عليهم!
*******
من قصص الأنبياء
ردحذفمقال ممتاز يا دكتور، أنار الله طريقك كما تنير دروبنا..
ردحذف