المرويات التي تتحدث عن
تعريف الإسلام وأركانه
ما
هو الإسلام طبقا لما اتفق عليه الشيخان (البخاري ومسلم)؟
إجابة
هذا السؤال ستوضح للناس الكثير من منهجنا في التعامل مع المرويات.
جاء في كتاب
الإيمان من كتاب اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان:
مروية
1
حديث
أبي هُرَيْرَةَ قال كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم بارزًا يومًا للناسِ فأَتاه
رجلٌ فقال: ما الإيمان قال: الإيمان أن تؤمنَ بالله وملائكتِهِ وبلقائِهِ وبرسلِهِ
وتؤمَن بالبعثِ قال: ما الإسلامُ قال: الإسلامُ أن تعبدَ اللهَ ولا تشركَ به وتقيمَ
الصلاةَ وتؤدِّيَ الزكاةَ المفروضةَ وتصومَ رمضانَ قال: ما الإحسان قال: أن تعبدَ
الله كأنك تراهُ، فإِن لم تكن تراه فإِنه يراك قال: متى الساعةُ قال: ما المسئولُ
عنها بأَعْلَم مِنَ السائل، وسأُخبرُكَ عن أشراطِها؛ إِذا وَلَدَتِ الأَمَةُ
رَبَّهَا، وَإِذا تطاولَ رُعاةُ الإبِلِ البَهْمُ في البنيان، في خمسٍ لا يعلمهنَّ
إِلاَّ الله ثم تلا النبيُّ صلى الله عليه وسلم (إِنَّ الله عنده علم الساعة)
الآية: ثم أدبر فقال: رُدُّوه فلم يَرَوْا شيئاً فقال: هذا جبريل جاءَ يُعَلِّمُ
الناسَ دينَهم.
المروية
تعرِّف الإسلام بأربعة أمور، ولا ذكر فيها للحج، وكما هو معتاد في كتب المرويات لا
ذكر للزمن الذي قيلت فيه المروية، فذلك أمر متروك للبحث والنظر والتحليل، ولكن
المروية لا تجعل من مجرد التلفظ بالشهادة ركنا من أركان الدين، ولكنها تذكر بدلا
من ذلك: "أن تعبدَ اللهَ ولا تشركَ به"، وذلك أمر متسق مع القرءان، فهو
يتضمن الأمر بعبادة الله تعالى بإخلاص وإخبات، وكل ما تقدمه المروية موجود في
القرءان، ولا يمكن بالطبع الاستناد إلى هذه المروية لإلغاء الحج مثلا، والجزء
الأول من المروية يحقق شروط المروية الصحيحة، وهي أنه يمكن الاستغناء عنها بالقرءان؛
فهي مجرد إعادة لبعض ما هو فيه وتجميع لبعض الأمور المترابطة لتيسير الأمر على من
لا يحفظون القرءان كله.
مروية
2
حديث
طَلْحَةَ بن عُبَيْد الله قال: جاءَ رجلٌ إِلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم من
أهل نجْدٍ ثائرُ الرأسِ يُسْمَعُ دوِيُّ صوتِهِ ولا يُفْقَهُ ما يقول، حتى دنا
فإِذا هو يسأَل عن الإسلام؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خمسُ صلواتٍ في
اليومِ والليلةِ فقال: هل عليّ غيرُها قال: لا إِلاَّ أَنْ تَطَوَّعَ قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: وصيامُ رمضانَ قال: هل عليّ غيره قال: لا إِلاَّ أَن
تَطَوَّعَ قال، وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاةَ قال هل عليَّ غيرُها
قال لا إِلاَّ أَنْ تَطَوَّعَ قال فأَدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد على هذا
ولا أَنْقصُ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ.
المروية
لم تذكر إلا ثلاثة أركان؛ الصلوات الخمس وصيام رمضان والزكاة، ولا ذكر فيها للحج
أيضا، والمروية ترجع إلى أصلٍ صحيح، ولا تغني عن القرءان، ويمكن الاستغناء عنها
بالقرءان.
مروية
3
حديث
أبي أيوبَ الأَنصاريّ رضي الله عنه أَنَّ رجلاً قال: يا رسول الله أخبرني بعمل
يُدْخِلُني الجنة، فقال القوم: مَا لَهُ مَالَه فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه
وسلم: أَرَبٌ مَّا لَهُ فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: تعبُدُ اللهَ لا
تُشْرِكُ بهِ شيئًا وتُقيمُ الصَّلاةَ وَتُؤْتِي الزكاةَ وَتَصِلُ الرَّحِمَ ذرْها
قَال كأنّه كانَ عَلى رَاحِلَتِهِ.
المروية
لا تذكر إلا أربعة أركان فقط، ولا ذكر فيها للحج أيضا، وهي تذكر صلة الرحم بدلا من
الصيام، وواضح من المروية أن السائل استوقف الرسول في الطريق، فأوجز له بعض الأمور
المشهورة، ولم يكن المقصود بالطبع حصر الإسلام فيها، والمروية ترجع إلى أصلٍ صحيح،
ولا تغني عن القرءان، ويمكن الاستغناء عنها بالقرءان.
مروية
4
حديث
أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ أَعْرابِيًّا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه
وسلم فَقالَ: دُلَّني عَلى عَمَلٍ إِذا عَمِلْتُهُ دَخَلْتُ الجنة قَالَ: تَعْبُدُ
اللهَ لا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقيمُ الصَّلاةَ المَكْتُوبَةَ، وَتُؤَدِّي
الزَّكَاةَ الْمفْروضَة وَتَصُومُ رَمَضانَ قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ
أَزِيدُ عَلى هذا فَلَمّا وَلّى، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَنْ
سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَلْيَنْظُرْ إِلى
هَذا.
المروية
تذكر أربعة أركان فقط، ولا ذكر فيها للحج أيضا، والمروية ترجع إلى أصلٍ صحيح، ولا
تغني عن القرءان، ويمكن الاستغناء عنها بالقرءان.
مروية
5
قول
النبي صلى الله عليه وسلم بُني الإسلام على خمس: حديث ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: بُنِيَ الإِسْلامُ عَلى خَمْسٍ:
شَهادَةِ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ وَإِقامِ
الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَالْحَجِّ وَصَوْمِ رَمَضَانَ.
هذه
هي المروية الوحيدة التي تذكر الأركان الخمسة المشهورة، وهي أول مروية أيضا تستبدل
بالعبارة "تَعْبُدُ اللهَ لا تُشْرِكُ بِهِ
شَيْئًا" مجرد الشهادة: "شَهادَة أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ
مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ".
والمروية
مع ذلك ترجع إلى أصلٍ صحيح، وهي لا تغني عن القرءان، ويمكن الاستغناء عنها
بالقرءان، وهي لا تذكر الكثير من أوامر القرءان الكبرى، ومع ذلك فقد جعلها أتباع
الدين الأعرابي الأموي قدس أقداس دينهم وأبطلوا بها -لدى أتباعهم- مئات الأوامر
الواردة في القرءان، وبذلك أصبح غاية ما هو متاح لمن أراد أن يستزيد من الدين أن
يكرر ما استطاع الحج والعمرة وأن يصلي عشرات الركعات كل يوم وأن يصوم ما استطاع
إلى ذلك سبيلا متجاهلا بذلك أركان الدين الجوهرية والكبرى ومقاصده العظمى.
مروية
6
حديث
ابْنِ عَبّاس قَالَ إِنَّ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ لَمّا أَتَوُا النَّبِيَّ صلى
الله عليه وسلم قَالَ: مَنِ الْقَوْمُ أَوْ مَنِ الْوَفْدُ قَالُوا: رَبِيعَةَ
قَالَ: مَرْحَبًا بِالْقَوْمِ أَوْ بِالْوَفْدِ غَيْرَ خَزايا وَلاَ نَدَامَى
فَقالُوا: يا رَسُولَ اللهِ إِنَّا لاَ نَسْتَطِيعُ أَنْ نَأْتِيَكَ إِلاَّ في
الشَّهْرِ الْحَرامِ، وَبَيْنَنَا وَبَيْنَكَ هَذا الْحَيُّ مِنْ كُفّارِ مُضَرَ،
فَمُرْنَا بِأَمْرٍ فَصْلٍ نُخْبِرْ بِهِ مَنْ وَرَاءَنا وَنَدْخُلْ بِهِ
الْجَنَّةَ وَسَأَلُوهُ عَنِ الأَشْرِبَةِ فَأَمَرَهُمْ بِأَرْبَعٍ وَنَهاهُمْ
عَنْ أَرْبَعٍ: أَمَرَهُمْ بِالإِيمانِ بِاللهِ وَحْدَهُ، قَالَ: أَتَدْرُونَ مَا
الإِيمانُ بِاللهِ وَحْدَهُ قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: شَهادَةُ
أَنْ لاَ إِلهَ إِلاّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقامُ الصَّلاةِ
وَإِيتاءُ الزَّكاةِ وَصِيامُ رَمَضَانَ وَأَنْ تُعْطُوا مِنَ الْمغنَمِ الْخُمُسَ
وَنَهاهُمْ عَنْ أَرْبَعٍ: عَنِ الْحَنْتَمِ وَالدُّبَّاءِ وَالنَّقِيرِ
وَالمُزَفَّتِ وَرُبَّما قَالَ المُقَيَّرِ وَقالَ: احْفَظُوهُنَّ وَأَخْبِرُوا
بِهِنَّ مَنْ وَراءَكُمْ.
المروية تذكر أن الرسول أَمَرَهُمْ بِأَرْبَعٍ ثم تذكر
خمسة أوامر!!!: "شَهادَةُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا
رَسُولُ اللهِ، وَإِقامُ الصَّلاةِ وَإِيتاءُ الزَّكاةِ وَصِيامُ رَمَضَانَ وَأَنْ
تُعْطُوا مِنَ الْمغنَمِ الْخُمُسَ"
ولا ذكر فيها للحج أيضا، فالركن الخامس هو إعطاء الْخُمُسَ مِنَ الْمغنَمِ،
وتذكر المروية أنه نَهاهُمْ عَنْ أَرْبَعٍ: عَنِ الْحَنْتَمِ وَالدُّبَّاءِ
وَالنَّقِيرِ وَالمُزَفَّتِ وَرُبَّما قَالَ المُقَيَّرِ، ولا ذكر لهذه الأمور
الأربع في القرءان، ولم تذكر المروية نهيا عن كبائر الإثم مثلا، وإنما عن هذه
الأمور العجيبة، وكالعادة لا ذكر لزمان صدور هذه المروية، ولا يجوز حصر الإسلام
فيها.
مروية
7
حَدْيث
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا بَعَثَ مُعَاذاً
رضي الله عنه عَلى الْيَمنِ قَالَ: إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلى قَوْمِ أَهْلِ كِتَابٍ،
فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ عِبادَةُ اللهِ، فَإِذَا عَرَفُوا
اللهَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَواتٍ في
يَوْمِهِمْ وَلَيْلَتِهِمْ، فَإِذا فَعَلُوا فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللهَ فَرَضَ
عَلَيْهِمْ زَكاةً مِنْ أَمْوالِهِمْ وَتَردُّ عَلى فُقَرائِهِمْ فَإِذا أَطَاعُوا
بِها فَخُذْ مِنْهُمْ وَتَوَقَّ كَرائِم أَمْوالِ النَّاسِ
لهذه
المروية أهمية خاصة، فهي تبين أسلوب الدعوة، وتبين بكل وضوح أنه يمكن التدرج في
مطالبة المسلمين الجدد بالأوامر الدينية بما فيها أهمها، وهي تلزم الداعية بألا
يأمرهم بالأمور العملية والتكاليف إلا من بعد أن يعرفوا الله، وهذا يعني أن يعلموا
ما ذكره القرءان عن رب العالمين.
والمروية
لا تذكر إلا ثلاثة أركان، وتبين أن الزكاة تؤخذ من أغنياء البلد وتُردّ على
فقرائهم، فهي لا تُحمل إلى (عاصمة دولة) أو (حكومة مركزية)، فالإسلام دين عالمي لا
يجمد مثل هذه الأمور.
والمروية
تذكر أن أهل الكتاب هم أهل دعوة، وهذا يعني أن لهم دينهم الخاص بهم، وأنهم ليسوا
مسلمين، وهي بذلك تدحض حجج المهرجين والضالين الجدد، وهي تدحض أيضًا حجج أتباع
الدين الأعرابي الأموي، فالرسول لم يأمر مُعَاذا بأن يخيرهم بين القتال أو الإسلام
أو الجزية.
والمروية
ترجع إلى أصلٍ صحيح، ولا تغني عن القرءان، ويمكن الاستغناء عنها بالقرءان.
مروية
8
الأمر
بقتال الناس حتى يقولوا لا إِله إِلا الله محمد رسول الله: حديث أَبي بَكْر
وَعُمَر قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: لَمّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه
وسلم، وَكانَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه، وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ الْعَرَب،
فَقالَ عُمَرُ رضي الله عنه: كَيْفَ تُقاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ
صلى الله عليه وسلم: أُمِرْتُ أَنْ أُقاتِلَ النَّاسَ حَتّى يَقُولوا لا إِلهَ
إِلاَّ اللهُ، فَمَنْ قالَها فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلاَّ
بِحَقِّهِ، وَحِسابُهُ عَلى اللهِ فَقالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاللهِ لأُقاتِلَنَّ مَنْ
فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلاةِ وَالزَّكاةِ، فَإِنَّ الزَّكاةَ حَقُّ الْمالِ، وَاللهِ
لَوْ مَنَعُوني عَناقًا كَانوا يُؤَدُّونَها إِلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه
وسلم لَقاتَلْتُهُمْ عَلى مَنْعِها، قالَ عُمَر رضي الله عنه: فَواللهِ ما هُوَ
إِلاَّ أَنْ قَدْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَ أَبي بَكْرٍ رضي الله عنه فَعَرَفْتُ
أَنَّهُ الْحَقُّ.
المروية
تنص على أن الرسول كان مأمورا بقتال الناس (المشركين
من قومه) حَتّى يَقُولوا لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ،
فالذي كان مطلوبا أساسا من الأعراب هو الإسلام بمعنى الإذعان، أي الإسلام الذي لا
يُشترط فيه الإيمان، فلا يمكن إكراه إنسان على الإيمان، ولكن يُرجى له الإيمان
بمخالطة المؤمنين والتعامل معهم، قال تعالى:
{قَالَتِ
الأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا
يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لاَ
يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيم}
[الحجرات:14]
وتلك
هي السنة في أقوام الرسل، ذلك لأن إرسال رسول إلى الناس هو أمرٌ هائل، ولابد من
الفصل بينه وبين قومه في هذه الحياة الدنيا، فإن لم يسلموا من بعد أن جاءهم
بالبينات وكفوا عدوانهم وبأسهم عن الذين آمنوا فلابد من هلاكهم بآية كونية أو
بأيدي المؤمنين، قال تعالى:
{وَلَقَدْ
سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمُ
الْمَنْصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (173)} الصافات، {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ
رُسُلاً إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاؤُوهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَانتَقَمْنَا مِنَ
الذِّينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}الروم47، {وَلَقَدْ
أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِن قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُواْ وَجَاءتْهُمْ رُسُلُهُم
بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ
الْمُجْرِمِينَ }يونس13، {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ فَإِذَا
جَاء رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُون} [يونس:47].
أما قول أبي بكر: "وَاللهِ لأُقاتِلَنَّ مَنْ
فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلاةِ وَالزَّكاةِ، فَإِنَّ الزَّكاةَ حَقُّ الْمالِ، وَاللهِ
لَوْ مَنَعُوني عَناقًا كَانوا يُؤَدُّونَها إِلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه
وسلم لَقاتَلْتُهُمْ عَلى مَنْعِها" فلا علاقة له بالإسلام لا من قريب ولا من
بعيد، ولا يتحمل الإسلام وزره أبدا، ويتبين منه استهانة شديدة بالدماء والحياة
البشرية، والغايات في الإسلام لا تبرر الوسائل، وليس لأبي بكر أن يطالب لنفسه بما
هو حق للرسول، فهو لم يكن نبيا مرسلا، والعرب والأعراب الذين تمردوا عليه لم يروا
أن له أي حق عليهم خاصة وأنهم لم يشاركوا في اختياره.
والمروية تشير إلى أصل صحيح، وأكثر ما فيها هو الجانب
التاريخي، ولا شأن لهذا الجانب بالإسلام، فالأمور والوقائع من بعد الرسول هي أمور
تاريخية لا تلزم الإسلام بشيء.
مروية
9
حديث
ابْنُ عُمَر أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: أُمِرْتُ أَنْ
أُقاتِلَ النَّاسَ حَتّى يَشْهَدوا أَنْ لا إِلهَ إِلاّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدا
رَسُولُ اللهِ، وَيُقيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ، فَإِذا فَعَلُوا
ذَلِكَ عَصَمُوا مِنّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ إِلاّ بِحَقِّ الإسْلامِ،
وَحِسابُهُمْ عَلى اللهِ.
المروية
تنص على أن الرسول كان مأمورا بقتال الناس (المشركين
من قومه) حتى يؤدوا ثلاثة أركان، وهي الأركان
المذكورة مرتين في سورة التوبة: {فَإِذَا
انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ
وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ
فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ
سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيم} [التوبة:5]،{فَإِن تَابُواْ
وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ
وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُون} [التوبة:11]، فالمروية لها أصل في
القرءان، وهي تبين أركان الإسلام الكافية لاعتبار الفرد عضوا في الأمة وأخا في
الدين لكل من فيها، بغض النظر عن حقيقة إيمانه، ولا ذكر فيها للحج أيضا.
وقد
سبق بيان حكم أقوام الرسل، والمروية ترجع إلى أصلٍ صحيح، ولا تغني عن القرءان،
ويمكن الاستغناء عنها بالقرءان.
مروية
10
حديث
أَبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أُمِرْتُ أَنْ
أُقاتِلَ النَّاسَ حَتّى يَقُولُوا لا إِلهَ إِلاّ اللهُ، فَمَنْ قَالَ لا إِلهَ
إِلاّ اللهُ فَقَدْ عَصَمَ مِنّي نَفْسَهُ وَمالَهُ إِلاَّ بِحَقِّهِ، وَحِسابُهُ
عَلى اللهِ.
المروية
تنص على أن الرسول كان مأمورا بقتال الناس (المشركين
من قومه) حَتّى يَقُولوا لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ،
فالذي كان مطلوبا أساسا من الأعراب هو الإسلام بمعنى الإذعان، أي الإسلام الذي لا
يُشترط فيه الإيمان، فلا يمكن إكراه إنسان على الإيمان، ولكن يُرجى له الإيمان
بمخالطة المؤمنين والتعامل معهم.
والمروية تجعل قول "لا إِلهَ إِلاّ اللهُ" كافيا لاعتبار المرء مسلما، وهذا
يتناقض مع المرويتين السابقتين، والمرويتان 9و10 تجعلان
ذلك القتال حقا للرسول فقط، وليست حقا لأي فرد آخر، ومن الناحية الدينية المحض ليس
من حق ابي بكر أن يعطي لنفسه ما هو حق للرسول وحده، فللرسول حقوق مقررة على قومه،
ليس لأحد أن يزعمها لنفسه، ولا يمكن أن يخلفه فيها إلا نبي مثله، ولكن من المعلوم
أن النبوة قد خُتِمت به، فليس لأحد أن يدعي لنفسه ما هو للرسول، لذلك فلم يكن من
حق أبي بكر من الناحية الدينية أن يقول: "وَاللهِ لأُقاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلاةِ
وَالزَّكاةِ، فَإِنَّ الزَّكاةَ حَقُّ الْمالِ، وَاللهِ لَوْ مَنَعُوني عَناقًا
كَانوا يُؤَدُّونَها إِلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَقاتَلْتُهُمْ عَلى
مَنْعِها"، فلا يوجد أي نص قرءاني يجعل له ولا لغيره حقوق الرسول، ولو كان
يوجد شيء من ذلك لما اعترض عمر بن الخطاب، فموقفه كان اجتهادا منه، وهو الذي يتحمل
عواقبه.
وقد
سبق بيان حكم أقوام الرسل، والمروية ترجع إلى أصلٍ صحيح، ولا تغني عن القرءان،
ويمكن الاستغناء عنها بالقرءان.
مروية
11
حديث عبْد اللهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَجُلاً
سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَيُّ الإِسْلامِ خَيْرٌ قَالَ: تُطْعِمُ
الطَّعامَ وَتَقْرَأُ السَّلامَ عَلى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ.
وهذه
المروية توضح أنه لم يكن من مقاصد الرسول عند خطابه لقومه إعطاء تعريفات نظرية
صارمة للمصطلحات، وإنما كان من مهامه تعليمهم وتربيتهم وتزكيتهم، فقد كان يجيب كل
سائل بما يناسبه ويلزمه، كما كان يعرِّف الشيء بمقتضياته ولوازمه، ولا ريب أن
السائل هنا يختلف عن السائل عن الإسلام في المرويات الأخرى، فهو كان يعلم أركان
الإسلام الكبرى، وإنما أراد الاستزادة من الخير، والمروية تعني أن من لوازم
الإسلام التحلي بمكارم الأخلاق والعمل بمقتضاها.
والمروية
ترجع إلى أصلٍ صحيح، ولا تغني عن القرءان، ويمكن الاستغناء عنها بالقرءان.
مروية
12
حديث
أَبي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ: قَالُوا يا رَسُولَ اللهِ أَيُّ الإِسْلامِ
أَفْضَلُ قَالَ: مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسانِهِ وَيَدِهِ.
وهذه
المروية أيضًا توضح أنه لم يكن من مقاصد الرسول عند خطابه لقومه إعطاء تعريفات
نظرية صارمة للمصطلحات، وإنما كان من مهامه تعليمهم وتربيتهم وتزكيتهم، والمروية
تعني أن من لوازم الإسلام التحلي بمكارم الأخلاق والعمل بمقتضاها، وكل مسلم مأمور
في القرءان بالدخول في السلم وإدراك أن المؤمنين إخوة له، فعليه أن يكفَّ أذاه
عنهم وأن يحسن إليهم.
والمروية
ترجع إلى أصلٍ صحيح، ولا تغني عن القرءان، ويمكن الاستغناء عنها بالقرءان.
وبالنظر
في تلك المرويات الخاصة بأركان الإسلام يتضح ما يلي:
1-
لم يكن المقصود
إعطاء تعاريف جامعة ممانعة للإسلام.
2-
اعتبار أن هذه
المرويات تعطي تعريفات جامعة مانعة يعني أن في الدين اختلافا.
3-
اعتبار هذه
المرويات كآيات قرءانية تُتلى وتُفسر يعني أن هذا الدين متناقض.
4-
لم يسجل الرواة
التواريخ التي قيلت فيها المرويات، وهذا خطأ جسيم، وهذا يدل على أنهم عاملوا
المرويات كآيات قرءانية بل أكثر، فبينما لم يقيدوا هذه المرويات بأوقاتها
وملابساتها وظروفها فإنهم يقيدون آيات القرءان بما يسمونه بأسباب النزول، ويهتمون
بالتوقيت انطلاقا من إيمانهم الراسخ بأن في القرءان آيات منسوخة، وأنه يمكن أن
ينسخ اللاحق منها السابق، وإن كانوا تورطوا أيضا في الزعم بأن آية سابقة نسخت آية
لاحقة! وهذا يدل أيضا على قصور منهجهم وعلى اندثار
العلم بالكثير مما يتعلق بالمرويات.
5-
آيات القرءان
يجب أن تُفقه في سياقها الخاص وفي سياقها وفق منهج قرءاني صارم، بينما لا يوجد أي
سياق خاص للمرويات، لذلك لا مكان لما له أصل صحيح منها إلا داخل إطار دين الحق
المستخلص من القرءان.
6-
كل المرويات
المذكورة لها أصول صحيحة في القرءان، ما عدا جزء من مروية 6، فهي تتضمن النهي عن بعض الأشياء غير
المذكورة بلفظها في القرءان، وربما لا يعرف أحد لها معاني مؤكدة، وبالتالي فهي لا
تلزم أحدا بشيء.
7-
لو سجلوا
التاريخ الدقيق لكل مروية لتبين ما هو معلوم أصلا، وهو أن هذه المرويات مقيدة
بظروفها وأنها تعبر عن تطور فرض الأحكام، فهي لم تُفرض كما هو معلوم دفعة واحدة،
فهذه المرويات كان المعني بها أساسا أهل العصر النبوي، وفي مثلها ورد الأمر بالنهي
عن التدوين حتى لا تسبب للناس من بعد لبسا.
8-
وكذلك يمكن بيان
القاعدة التي نقول بها، وهي: "إن
المروية ذات الأصل الصحيح هي المروية التي يمكن الاستغناء عنها بالقرءان"، فهذه المرويات يمكن الاستغناء
عنها كلها بما ورد في القرءان، وحتى الحج الذي لم يرد إلا في مروية واحدة فهناك
أمر قرءاني به مع التأكيد أنه لمن استطاع إليه سبيلا، وهذا يبين حقيقة وزنه
القرءاني بالنسبة للأوامر القرءانية الأخرى.
9-
ومن هنا يمكن
بيان القاعدة التي نقول بها، وهي: "المروية
ذات الأصل الصحيح هي المروية التي يمكن الاستغناء عنها بالقرءان"، فهذه المرويات يمكن الاستغناء
عنها كلها بما ورد في القرءان، فهي مجرد إعادة لبعض ما هو فيه وتجميع لبعض الأمور
المترابطة لتيسير الأمر على من لا يحفظون القرءان كله، وحتى الحج الذي لم يرد إلا
في مروية واحدة فهناك أمر قرءاني به مع التأكيد أنه لمن استطاع إليه سبيلا، وهذا
يبين حقيقة وزنه القرءاني بالنسبة للأوامر القرءانية الأخرى
10-
المرويات من 1
إلى 10 تعبر عن الإسلام الظاهري أو الشكلي (Restricted or limited or superficial or minor or formal Islâm)،
وهو جماع ما يعلن به الإنسانُ من الناحية الظاهرية على الأقل انتماءَه للأمة
المؤمنة المسلمة ومسالمتَه لها وولاءَه لها، وكان يعني في العصر النبوي إظهار
القبول والخضوع لما أتى به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ
وَسَلَّمَ، وفيه قال تعالى: {فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ
الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ
رَّحِيمٌ }التوبة5، {فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ
فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ
}التوبة11، {قَالَتْ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا
أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلْ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} الحجرات: 14، وَقُل
لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ
أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ
وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ }آل عمران20، وهو يتضمن الأركانَ الثلاثة المذكورة
في الآيات؛ أي التوبة إلى الله من الشرك (الإيمان) وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة،
وهو لا يتضمنُ بالضرورة إيمانا أو إحسانا، وهو الإسلام الذي كان قومُ الرسولِ
مطالبين به، وبه يكتسب المرءُ الهوية الإسلامية؛ أي يكون من حقه أن يكون عضواً في
الأمة الإسلامية، فأداء هذه الأركان كان بمثابة بطاقة الهوية The
identity card للمسلم المنتمي إلى هذه الأمة، وبذلك تجب
معاملته كمسلم يكون له كافةُ حقوقِ المسلم ولو كان يخفي نفاقاً عريقا، ولكنه يكون
أيضاً ملزماً بما عليه من واجبات، ومثلُ هذا لا يجوز إخراجه من الجماعة المؤمنة
وإن كان يجب أخذُ الحِذْرِ منه وجهادُه بالقرءان، والالتزام بالأركان المعلومة هو
بمثابة بطاقة هوية لكل من ينتمي إلي الأمة، لذلك يجب مؤاخذة من لا يلتزم بها في
حالة وجود تلك الأمة وامتلاكِها لمقدراتها ووجود ولاة أمر لها منها، ومن الجلي أن
إسلاماً كهذا لا يضمن النجاة لصاحبه، أما من اعتنق هذا الإسلام رغبةً في الاهتداء
وليس نفاقاً أو علي سبيل التقية فإنه بقيامه بأركانه وحرصه علي العمل بما فقهه من
كتاب الله سيدخل الإيمان في قلبه شيئاً فشيئا ويصبح مؤهلاً ليكون مسلماً بالمعنى
الحقيقي.
11-
المرويتان 11،
12 تهدفان إلى بيان أهمية التحلي بمكارم الأخلاق والعمل بمقتضاها.
12-
الرسول كان يجيب
على ما يوجه إليه من أسئلة بما يناسب السائل من حيث أنه كان معلما ومزكيا لقومه.
13-
الرسول لم يكن
يقصد إعطاء قومه تعريفات نظرية جامعة مانعة، وإنما كان يعرف الشيء بلوازمه وبما
يقتضي منهم.
14-
لم يرد في
المرويات أي نهي عن كبائر الإثم، وإنما ورد النهي عن بعض الأشياء المجهولة أو
الثانوية، هذا مع أن الانتهاء عن كبائر الإثم والفحشاء والمنكر مقدم في القرءان
على إقامة الصلاة بجعله غاية لها ومقصدا من مقاصدها.
15-
ما يسمونه
بالأركان الخمسة لم ترد إلا في مروية واحدة منسوبة إلى عبد الله بن عمر، ومع ذلك
فقد اعتبروها قدس أقداس المذهب السني وأعرضوا عن جلّ أوامر القرءان الكبرى بسببها،
وهذا يبين طبيعة المذهب السني، فهو المذهب الذي يعتبر مرجعه الأعلى هو المرويات
بكل ما يعنيه ذلك من معنى، ولا يعبأ في سبيل ذلك بالقرءان، فلا يوجد فيهم من يرتاب
في أن الأركان الخمسة الواردة في مروية ابن عمر هي الإسلام، ومن أراد التعمق في
مثل هذا الإسلام فإنه يكثر من هذه الأركان، فيصلي نوافل أكثر، ويصوم تطوعا أكثر
ويحج ويعتمر أكثر!!
16-
كل هذه المرويات
يمكن اعتبارها مرويات تاريخية، ولا يجوز شغل الناس بها، فالقرءان يغني عنها تماما،
هذا مع أن هذه المرويات هي من أصح المرويات عندهم، وهي أيضا التي تتعلق بأمور
الدين الكبرى.
17-
الاعتماد على
المرويات المذكورة لا يمكن أن يؤدي إلى أية نتائج مثمرة، بل أدى على مدى التاريخ
إلى الإعراض عن القرءان واختزال الدين، وكان لذلك آثاره الكارثية على الأمة.
18-
ما هو مذكور هنا
لا يجوز تعميمه على كل المرويات، فهناك مرويات أخرى تحقق القاعدة المذكورة، ولكنها
تؤدي إلى نتائج مثمرة.
19-
من آثار منهجهم
الكارثي أن تم اختزال الإسلام وتفريغه من مقاصده العظمى وأكثر أركانه الجوهرية
الكبرى، وفي المقابل تم توثين الصلاة والصيام والحج وتحويلها إلى مقاصد عظمى.
20-
ومن كل ذلك يتضح
أهمية الاحتكام إلى القرءان واعتماده كمصدر أوحد لأركان الإسلام الكبرى، والمقصود
بالإسلام هاهنا هو دين الحق الملزم للناس كافة (The
religion of truth, The official or the true Islâm) ، والذي كان الرسول مجسدا له بأقواله وأفعاله
وسنته وحياته، وهذا الإسلام هو الدين الكامل الجامع الخاتم، وهو أيضاً الدين
العالمي والرسمي والاصطلاحي، وهو دين الفطرة في صورته الكاملة التامة، وهو الذي
أعلن الله تعالى في القرءان أنه أكمله للناس وأنه سيظهره على الدين كله،
{....الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي
وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً.....}المائدة3، ولهذا الدين سماتُه وعلومُه
وبيِّناته ومقاصده وقيمه وأركانه وسننه، ولكل عنصر من العناصر الواردة في القرءان
مكانه في هذا الدين، وأركانه هي كل ما ورد به أمر شرعي ملزِم ومشدَّد وحرص القرءان
علي تأكيده وبيان أهميته، وعلي رأس تلك الأركان الإيمان بالإله الواحد الذي له
الأسماء الحسني والأفعال والشئون المذكورة في القرءان، ولب هذه الأركان عبادة الله
تعالى بإخلاص وذكر الله والعمل على إقامة صلة وثيقة به والتزكِّي، ولا نجاة لإنسان
الآن إلا بالالتزام بهذا الإسلام طالما بلغه البلاغ الكافي، وقد كان يجب بداية
استخلاص هذا الدين من القرءان ثم تحكيمه والاستناد إليه لتمحيص الآثار الأخرى.
*******
الإسلام، أركان الإسلام
ردحذف