الاثنين، 21 يناير 2019

لماذا لم يشكل ربكم ومؤسس دينكم معاوية لجنة للتدوين الرسمي لما تسمونه بالسنة؟

لماذا لم يشكل ربكم ومؤسس دينكم معاوية لجنة للتدوين الرسمي لما تسمونه بالسنة؟

ولقد استتب الأمر لمعاوية وظل متسلطا على الأمة بكاملها لحوالي عشرين سنة، وهو الركن الكبير والقوة الدافعة الحقيقية وراء نشأة المذهب القرشي السني الذي هو أحرص المذاهب على المرويات، ولقد طالت خلافته فكان عليه أن يكف عن العواء ولو قليلا، وأن يأمر بتدوين ما سيصطلحون من بعد على أنه السنة ولكنه لم يفعل ولم يُضبط لا هو ولا أحد الأمويين من بعده متلبسا بعمل شيء للحفاظ على تلك السنة إلا ما كان من عمر بن عبد العزيز والذي لم يتح له الزمان لإنجاز ما كان يريد، فقد اغتالوه بسرعة، بل من المعلوم أن معاوية كان أول من أقام القصاصين في المساجد وكان هؤلاء من عتاة أهل الكتاب السابقين، إنه لمن العجيب أن أكابر المجرمين من بني أمية الذين يعتبرهم أهل السنة أئمتهم ومبعث فخرهم لم يفعلوا أي شيء للحفاظ على السنة.
وإلى أهل اللاسنة والقطيع هذا السؤال:
لقد استتب الأمر تماماً لمعاوية، واستسلمت له الأمة واستنامت تماما، وتركته يقترف أبشع الجرائم ويلعن أئمة الهدى على المنابر كما يشاء، وكانت نسخ القرءان المعتمدة قد ذاعت وانتشرت في الأمصار بحيث لم يعد يخشى عليه من الاختلاط بغيره، كما لم يعد ثمة خوف من اندثار شيء منه، فلماذا لم يشكل إمامكم المعتمد معاوية لجنة رسمية لتدوين ما ستسمونه بالسنة؟
إن معاوية لم يكن أعرابيا، ولقد تعلم من أهل الكتاب في الشام أهمية التدوين، ولقد كان لديه ما يكفي من الموظفين والكتبة، فإذا كان هذا الأمر قد فات معاوية لانشغاله بتوريث التسلط على الأمة لابنه الفاسق اللعين يزيد، فلماذا لم يفعل ذلك من بعده أي وليد أو يزيد آخر؟ وهل كان هؤلاء يتصورون أنه يمكن الحفاظ على أقوال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ وسيرته بمجرد التداول الشفهي كما كان يحدث مع التراث الجاهلي؟ إن الأمويين كانوا ملزمين بالحفاظ على كل أقوال الرسول وسيرته على الأقل بحكم أنهم كانوا يستمدون شرعيتهم من كونهم خلفاءه كما كانوا يزعمون.

ومن المعلوم أنه لم يكن يوجد أي عمل جاد ومنظم لجمع المرويات إلا بعد أن قرر الشافعي على مسؤوليته الشخصية اعتبار السنة وفقا للاصطلاح الذي أحدثوه في الدين الأصل الثاني من أصول التشريع وذلك بعد مضى حوالي مائتي عام من الهجرة وتشبث ابن حنبل بما قرره الشافعي، ومن ثم بدأ الجمع المنهجي الجاد للمرويات على يد البخاري ثم مسلم، أما مالك فلقد جمع بعض المرويات في إطار الدين المختزل.

*******

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق