الأحد، 20 يناير 2019

مرض جنون البقر الحقيقي

مرض جنون البقر الحقيقي

لما كان أكثر الناس كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا فهم يصابون بسهولة بجنون البقر، وجنون البقر يدفعهم إلى سوء الظن بربهم، ورغم تأكيد الله تعالى في القرءان على أنه ما كان نسيا إلا إنهم يتصرفون بالفعل وكأنه كذلك، ويريدون دائما تنبيهه إلى ما يتصورون أنه غفل عنه من تفاصيل الأوامر.
فإذا ما أمرهم أن يذبحوا بقرة لا يبادرون بالالتزام بذلك وإنما يتشددون في طلب المواصفات الخاصة بهذه البقرة فيُشدد الأمر عليهم حتى تصبح المواصفات لا تنطبق إلا على بقرة واحدة في العالم كله، وإذا قال لهم: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} أصروا على التحديد الدقيق للمراد بالوجه والمراد بالغسل ونوع الماء التي يجب استعمالها للغسل!!!! وألفوا في بيان ذلك المجلدات، وكم من مباحث كتبت في شروط الماء الذي يمكن الاغتسال به، وقد تباروا في تعقيد الأمور حتى قال أحدهم إن من ترك نقطة صغيرة من وجهه بطل وضوؤه وبطلت بالتالي صلاته!!! فأصابوا الشباب بالوساوس والهلاوس!!! 
وكان ذلك بالطبع على حساب الأوامر الدينية الكبرى، بل كان تشددهم في ذلك لشغل الناس عن هذه الأوامر!!!!
هذا المرض يصيب عادة الأمة المكلفة بحمل رسالة الحق إلى العالمين ليحولها إلى أمة تصد الناس عن سبيل رب العالمين، وليحولها من خير أمة أخرجت للناس إلى خير مطية لإبليس اللعين.
وأسباب هذا المرض هي الكفر بأسماء الله الحسنى وسماته العليا، فمن ضربه هذا المرض يظن أن ربه كان نسيا، أو أنه موظف بيروقراطي مولع بالرسوم والشكليات والإجراءات، ويظن أنه يعرف مصلحة ربه وسننه أفضل من ربه.
ولذلك إن لم يجده هذا المريض قد حدد كل أمر التحديد الذي يشبع أهواءه ويرضي طموحاته يجوب الأرض شرقا وغربا وشمالا وجنوبا ويضرب أكباد الإبل ويبحث عن أية شاردة أو واردة لتقييد الأمر الإلهي، وإن لم يجد حكما شرعيا على كل فعل عادي ارتاب في الأمر وجن جنونه وأخذ يبحث عن هذا الحكم، واستجابة لهذا النوع من الجنون أسست كل إمارة همجستانية مؤسسة عظمى للفتوى!!!!!! وأصبح هناك مهنة رسمية عظمى هي فضيلة المفتي!!! وهذه الدار تصدر في مصر وحدها ما يناهز المليون فتوى سنويا!!!!!
ولخطورة هذا المرض ولكونه شديد الانتشار سريع العدوى فقد تم تحذير الأمة منه، وأطلق اسم "البقرة" على أطول سورة قرءانية تصف كل أعراض هذا المرض وكيف حول أمة كانت مفضلة على العالمين إلى أمة من المغضوب عليهم الملعونين، ولكن لم يجد هذا نفعا مع هذه الأمة، وانطلق السلف المقدس ليتتلمذوا على الأمة التي ضربها هذا الداء ولينقلوا عنهم المرض إلى هذه الأمة، وقد حصَّنوا مسلكهم هذا بالإعلان الدستوري الوارد في كتابهم الأقدس؛ البخاري، هذا الإعلان يقول: "حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج"!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
ومن آثار هذا الداء الوبيل تراث هائل يتحدث عما يسمونه بـ "الفقه" وبـ "أصول الفقه"، هذه الأصول منقولة عن بني إسرائيل، ولو تخلصت الأمة من 99% من هذا التراث لكان خيرا لها، ولكان ثمة أمل في شفائها!!!!!

*******

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق