الأربعاء، 31 أغسطس 2016

جهنم ستمتلئ من الجنة والناس وليس بقدم خالق الجنة والناس

جهنم ستمتلئ من الجنة والناس وليس بقدم خالق الجنة والناس

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ( تَحَاجَّتْ النَّارُ وَالْجَنَّةُ فَقَالَتْ النَّارُ أُوثِرْتُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ وَالْمُتَجَبِّرِينَ وَقَالَتْ الْجَنَّةُ فَمَا لِي لَا يَدْخُلُنِي إِلَّا ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَسَقَطُهُمْ وَعَجَزُهُمْ فَقَالَ اللَّهُ لِلْجَنَّةِ أَنْتِ رَحْمَتِي أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي وَقَالَ لِلنَّارِ أَنْتِ عَذَابِي أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْكُمْ مِلْؤُهَا فَأَمَّا النَّارُ فَلَا تَمْتَلِئُ فَيَضَعُ قَدَمَهُ عَلَيْهَا فَتَقُولُ قَطْ قَطْ فَهُنَالِكَ تَمْتَلِئُ وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ ). رواه البخاري ( 4569 ) مسلم ( 2846 ) .
وفي رواية لهما: ( فَأَمَّا النَّارُ فَلاَ تَمْتَلِئُ حَتَّى يَضَعَ رِجْلَهُ فَتَقُولُ قَطٍ قَطٍ قَطٍ ) .
لما كانت المروية آحادية ظنية كما أن دلالاتها هي الأخرى ظنية فالأمة ليست ملزمة بشيءٍ ما بخصوصها، ولما كانت تتكلم عن شؤون إلهية وعن أمور من عالم الغيب فالأمة أيضا ليست ملزمة بشيء ما بخصوصها، فالمصدر الوحيد للمعلومات الخاصة بكل ذلك هو الكتاب العزيز.
ولا يوجد أي مبرر لوصف أفضل خلق الله والمصطفين الأخيار، وهم أهل الجنة، بأنهم ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَسَقَطُهُمْ وَعَجَزُهُمْ.
والعرب تسمى جماعة الجراد رجلا وما أكثر ما يضرب العرب الأمثال في كلامهم، وإضافة الرجل أو القدم إلى الله سبحانه هي إضافة الملكية والتحكم والسيادة، ولكن السلفية يريدون -لعلة في نفوسهم- إلزام الناس بالمعنى الحرفي الدارج، ولقد كان المقصد من الحديث الأصلي هو الوعظ وتخويف الناس حتى يكتسبوا مزيدا من التقوى وليس المقصد فرض عقيدة جديدة على الناس أو تشبيه الله بخلقه، ولكن دأب عملاء الشيطان هو تقويض مقاصد الدين والقضاء على الدين بالدين.
وكما سبق القول في مثل هذه المرويات، يجب أن تظل في كتب المرويات الظنية كما هي، ولا مكان لها في دين الحق، ولا يجوز إشاعتها بين الناس.
ويلاحظ أن ما ورد بخصوص تبرم الجنة من أنه لا يدخلها إلا ضعفاء الناس وسقطتهم هي حجة الملأ من قوم نوح عندما قالوا له {أنؤمن لك واتبعك الأرذلون} (الشعراء: 111) والجنة بذلك تعرِّض بمن أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وتتبع سبيل الملأ المجرمين، أما النار فتفخر بمن لعنه الله من المتجبرين والمتكبرين!! وتصور المروية الله سبحانه وكأنه ملزم بالاستجابة الفورية لمطالب النار ورغبتها التي لا تنتهي في الامتلاء ولذلك ينشئ لها ما يملأها به ولكن هيهات أن تمتلئ بما خلقه لها فيضع فيها قدمه حتى تمتلئ؟!!!
وليت عبيد الأسلاف يبينون للناس ما الذي يضطر الواحد القهار إلي أن يفعل كل ذلك، وإذا كان هؤلاء المغضوب عليهم يؤمنون بأن له قدماً بالمعني الحرفي الدارج الذي يسمونه بالمعني الظاهر وإن اختلفت عن أقدام الناس أو وإن كانت كما يليق بذاته كما يقولون فما الذي يضطره إلي وضعها في النار مع الشياطين والظلمة والكفار والفجار لمجرد استرضاء النار وإشباع نهمها، أما المروية فلقد أوردها البخاري نفسه بألفاظ مختلفة، ويجب هنا التأكيد علي أن الأمة ليست بملزمة بالنظر في أمثال تلك المرويات أو باعتبارها وإنما يجب أن تترك للمتخصصين لدراستها وتمحيصها ومعرفة كيف وصلت إلي تلك الحالة وكيف خدع بها البخاري فهي يجب أن تدرس بحياد وموضوعية كأثر تاريخي أدبي وليس كنص ديني.
ومن العجب أن يتخذ بعض المتكلمين من ذلك حجة علي مذهبهم القائل بجواز أن يعذب الله تعالى الناس بدون جريرة لأن كل شيء ملكه وكأن للمالك حق انتهاك كل القيم والمبادئ والقوانين فيما يملكه، وهؤلاء إنما كفروا بأسماء الله الحسنى وما قدروا الله حق قدره وما أرضوه بقولهم هذا وإنما كذبوا بآياته قطعية الدلالة والثبوت وكفروا ببعض الكتاب وكذبوا بالآيات التي يعلن فيها الله سبحانه أنه ما كان ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون، إن هؤلاء المتكلمين الأصوليين لم يعبدوا الإله الذي أنزل القرءان الكريم والذي له الأسماء الحسني وإنما عبدوا صورة صاغوها وفق أهوائهم وتتوافق مع مقتضيات جهلهم وافتتانهم بالمتسلطين عليهم.
أما الكتاب العزيز فلقد نص على أن جهنم ستمتلئ من الجنة والناس وليس بقدم خالق الجنة والناس.

*******

هناك تعليقان (2):