الاثنين، 22 سبتمبر 2025

مصادر الدين عند المذاهب المختلفة وعندنا

 

مصادر الدين عند المذاهب المختلفة.

ملحوظة: المقصود بكلمة "السنة" مفهوم المذاهب التقليدي عنها، والذي لا علاقة له بالمصطلح القرءاني ولا باللغة، والذي هو في حقيقته عندهم "المرويات التي نسبها أتباع المذاهب السنية للرسول".

المعتزلة

  • المصادر المعلنة:

1.   العقل أصل أول.

    1. القرءان مصدر أعلى بعد العقل.
    2. السنة: مقبولة إذا صحت ولم تخالف العقل (ولا خبر آحاد في العقائد).
    3. الإجماع: معتبر إن وافق العقل.
    4. القياس وأصول الاستدلال الأخرى تابعة للعقل.  المصادر الحقيقية:
  • المصادر الحقيقية:
    1. عقل المعتزلة وحده هو المرجع الحاكم، والقرءان لا يفهم إلا من خلاله.
    2. كثير من نصوص السنة تُرد أو تُؤوَّل إذا خالفت العقل المعتزلي
    3. إجماع الأمة أو السلف لا قيمة له إن تعارض مع العقل المعتزلي.
      النتيجة: مصدرهم الحقيقي هو العقل المعتزلي المفسِّر والمنتقي للنصوص.

 

الأشاعرة (السنة الكلامية)

  • المصادر المعلنة:

1.   القرءان

2.   السنة.

    1. الإجماع حجة قطعية.
    2. القياس معمول به.
    3. خبر الآحاد يعمل به في الفقه لا في العقيدة.
    4. الاستحسان: مرفوض عند جمهورهم (إلا الحنفية وبعض الآخرين).
    5. المصلحة: معتبرة عند المالكية، ضعيفة عند غيرهم.

تختلف المذاهب الفقهية فيما بينها، ويمكن تقديم المصادر المعلنة لأحدها وهو المذهب المالكي بشيء من التفصيل:

1.        القرءان الكريم

2.        السُّنَّة، ما ثبت صحته عندهم عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من قول أو فعل أو تقرير.

3.        الإجماع، وهو اتفاق علماء الأمة المجتهدين في عصر من العصور على حكم شرعي.

4.        عمل أهل المدينة، وهم يرون أن عمل أهلها أقرب إلى السنة.

5.        القياس، إلحاق فرع بأصل لعلة جامعة بينهما.

6.        المصلحة المرسلة، وهي رعاية المصلحة التي لم يرد نصّ خاصّ باعتبارها أو إلغائها، شريطة ألا تصادم نصًّا ولا قاعدة قطعية.

7.        سدّ الذرائع، أي منع الوسائل التي تؤدي إلى مفاسد، حتى وإن كانت في ذاتها مباحة.

8.        الاستحسان، ترجيح وجه من وجوه الاجتهاد لدليل خاص أو مصلحة راجحة.

9.        الاستصحاب، إبقاء ما كان على ما كان حتى يثبت ما يغيّره.

10.    قول الصحابي، عند بعض المالكية له اعتباره، خاصة إن لم يُعرف له مخالف.

الأشاعرة مالكية وشافعية، والشافعية يقدمون النصوص على الرأي بشكل صارم، أي يقدمون النقل على العقل، حتى قال الشافعي: إذا وجدتم في كتابي خلاف كتاب الله أو سنة رسوله، فاضربوا بقولي عرض الحائط.

وقد رفض الشافعي الاستحسان بصرامة، وقال: من استحسن فقد شرّع، كما رفض أن تنسخ السنة القرءان، ولكن لم يأخذ بكلامه أحد واعتبروها كبوة فارس.

 

  • المصادر الحقيقية:
    1. السنة هي المرجع الأهم: منها أخذوا أركان الإيمان وأركان الإسلام والعبادات والمعاملات.
    2. جعلوا السنة حاكمة على القرءان: بالنسخ، وبالتخصيص، وبالبيان.
    3. أغلب تفصيلات العقيدة العملية (الإيمان، الغيبيات) مأخوذة من السنة، لا من القرءان.
       
      النتيجة: مصدرهم الحقيقي هو السنة كما فُهمت في مدونات الحديث، والقرءان يُفسَّر على ضوئها، عند المالكية عمل أهل المدينة أدَّل على هذه السنة.
    4. يقدمون النقل على العقل، بمعنى أنهم يقدمون السنة على أي اجتهاد.

 

الماتريدية (السنة الكلامية الحنفية)

  • المصادر المعلنة:

1.   قريب من الأشاعرة، مع مزيد اعتماد على العقل في العقائد.

    1. السنة: خبر الآحاد لا يُبنى عليه في العقائد.
    2. الإجماع والقياس معتبران.
    3. الاستحسان أصل معتمد (خاصية حنفية).
    4. المصلحة والعرف معتبران.
  • المصادر الحقيقية:
    1. مثل الأشاعرة: جل تفاصيل العقيدة والتشريع وأركان الدين والأحكام مأخوذة من السنة، مع إعطاء مجال أكبر لعقولهم.
    2. الفقه الحنفي قائم فعليًا على القياس والاستحسان والعرف أكثر من النصوص المباشرة.، والمقصود بالاستحسان ما يستحسنه بالطبع العقل الحنفي.
       
      النتيجة: السنة + أدوات الفقه الحنفي (القياس، الاستحسان) هي مصادرهم الحقيقية، أما العقل فهو إطار للتأويل العقدي.

 

السلفية (الأثرية/أهل الحديث)

  • المصادر المعلنة:

1.   القرءان

    1. السنة.
    2. خبر الآحاد مقبول في العقائد والأحكام.
    3. الإجماع معتبر المقصود به إجماع الصحابة.
    4. قول الصحابي إذا لم يخالفه آخر.
    5. القياس معتبر.
    6. الاستحسان مرفوض.
    7. المصلحة والعرف معتبرة بشروط.
  • شدة تقديمهم للنصوص على الرأي.
  • توسّعهم في قبول المرويات
  • تعظيمهم لأقوال الصحابة وجعلها مرجعًا قويًا.
  • تحفظهم على الاعتماد على القياس أو المصلحة إذا وُجد نص أو أثر
  • المصادر الحقيقية:
    1. لا يعتمدون على القرءان بذاته، بل على تفسير السلف (الصحابة والتابعين ومن وافقهم).
    2. المرجعية النهائية: كتب الحديث + أقوال السلف + فهم ابن تيمية وأتباعه.
    3. القرءان لا يُفسَّر إلا بما ورد عن هؤلاء.
    4.  النتيجة: المصدر الحقيقي عندهم = السنة + تفسير السلف (بما فيه من تجسيم وتشبيه أحيانًا)، أما القرءان فيُقرأ عبر هذا المنظار فقط.

 

الشيعة الإمامية (الاثنا عشرية)

  • المصادر المعلنة:

1.   القرءان.

    1. السنة (النبي والأئمة).
    2. الإجماع إذا كشف عن قول الإمام.
    3. العقل أصل مستقل.
    4. الاستصحاب أصل عملي معتمد.
  • المصادر الحقيقية:
    1. لا يُقبل فهم القرءان إلا من خلال الأئمة المعصومين.
    2. السنة عندهم هي روايات الأئمة أساسًا.
    3. العقل أداة للتأويل والتنظير، لكن الفيصل هو قول الإمام

 النتيجة: المصدر الحقيقي = أقوال الأئمة وتفاسيرهم، والقرءان لا يفهم إلا عبرهم.

 

الشيعة الزيدية

  • المصادر المعلنة:

1.   القرءان

    1. السنة.
    2. العقل أصل معتبر (متأثرون بالمعتزلة).
    3. الإجماع معتبر.
    4. القياس معمول به.
    5. الاستصحاب والمصلحة والعرف معتبرة.
  • المصادر الحقيقية:
    1. يميلون إلى الاعتزال في العقيدة (العقل مرجع قوي).
    2. وفي الفقه أقرب إلى أهل السنة (خاصة الحنفية والشافعية).

النتيجة: المصدر الحقيقي = العقل + القرءان والسنة بتفسير معتزلي غالبًا، دون عصمة الأئمة كما عند الإمامية.

 

مصادر الدين عندنا

مصادر الدين هي التي تتضمن عناصره وعلومه وأموره، أحكامه؛ الشرعية والتشريعية، أي كل ما يجب العلم به كعنصر ديني، والإيمان به، والعمل بمقتضاه.

أولا:

كتاب الله؛ أي القرءان، هو المصدر المستقل الأوحد للدين، ولا يجوز أن يُقرن به أي مصدر آخر، ولا أن يُذكر معه في نظم واحد، فكما تعالى الخالق على خلقه كذلك علا كتابه على كل المصادر الأخرى، وأي مصدر آخر إنما هو لخدمته، ويظل للقرءان الهيمنة المطلقة عليه، واستخلاص عناصر الدين من القرءان يتم وفق منهج قرءاني منطقي صارم، يتضمنه علم أمور الدين، ومن أسسه:

1.   القرءان هو المصدر الأوحد لأمور الدين الكبرى، والمصدر الأعلى لأمور الدين الثانوية، والميزان من الأمور الكبرى، فهو في القرءان، فمنه يعرف وزن كل أمر، والأمور الكبرى هي التي أعطاها القرءان وزنًا عظيما، أما ما لم يذكره القرءان فليس بشيء، ولا يجوز فرضه على الناس كعنصر ديني.

2.   لكل آيات القرءان كامل المصداقية والحجية، فهي تتكامل ويصدق بعضها بعضا، توجد في القرءان آيات متشابهات تُرد إلى آياته المحكمات، ولكن لا توجد فيه آيات منسوخات، والقول بأن آية قرءانية منسوخة هو من الكفر ببعض كتاب الله.

ثانيا:

مصادر الدين الأخرى

مصادر الدين الأخرى هي من أمور الدين الكبرى، ولذلك يجب أن يكون لها ذكر فيه، فهي إنما تستمد شرعيتها مما ذكره كتاب الله عنها، أما ما لم يذكره من مصادر ذكرًا صريحًا فليست بشيء.

1.   السنة النبوية العملية

السنة النبوية العملية هي عين عمل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ بمقتضي الأوامر القرءانية بحيث صار ذلك العمل سلوكا لازما له عُرِف وتواتر عنه، ومن السنة النبوية العملية ملة إبراهيم المذكورة في القرءان الكريم، مثل إقامة الصلاة والصيام وحج البيت وسنن الفطرة.

2.   الأقوال المنسوبة إلى الرسول

وذلك بشرط أن تكون متسقة اتساقًا مطلقًا مع عناصر الدين المستخلص من القرءان.

 

3.   السنن الإلهية الكونية

كل علمٍ بسنة إلهية كونية هو طريق إلى العلم بالله وبأسمائه الحسنى وأفعاله، وهو علم بأسلوب الله في الخلق والتدبير وتصريف الأمور.

4.   الكتب الإلهية المنزلة

ما لدى أهل الكتاب هو من آثار الكتب الإلهية المنزلة التي يجب الإيمان بها، لذلك فحكمها حكم المرويات، للقرءان الهيمنة المطلقة عليها، ولا يؤحذ منها إلا ما هو متسق معه اتساقًا مطلقا.

 

*******

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق