مروية
الإيمان والإسلام والإحسان
المروية المشهورة هي:
جاء في البخاري ومسلم: كانَ النبيُّ
صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَارِزًا يَوْمًا لِلنَّاسِ، فأتَاهُ جِبْرِيلُ فَقالَ:
ما الإيمَانُ؟ قالَ: الإيمَانُ أنْ تُؤْمِنَ باللَّهِ ومَلَائِكَتِهِ، وكُتُبِهِ،
وبِلِقَائِهِ، ورُسُلِهِ وتُؤْمِنَ بالبَعْثِ. قالَ: ما الإسْلَامُ؟ قالَ:
الإسْلَامُ: أنْ تَعْبُدَ اللَّهَ، ولَا تُشْرِكَ به شيئًا، وتُقِيمَ الصَّلَاةَ،
وتُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ المَفْرُوضَةَ، وتَصُومَ رَمَضَانَ. قالَ: ما الإحْسَانُ؟
قالَ: أنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأنَّكَ تَرَاهُ، فإنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فإنَّه
يَرَاكَ ، قالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟ قالَ: ما المَسْؤولُ عَنْهَا بأَعْلَمَ مِنَ
السَّائِلِ، وسَأُخْبِرُكَ عن أشْرَاطِهَا: إذَا ولَدَتِ الأمَةُ رَبَّهَا، وإذَا
تَطَاوَلَ رُعَاةُ الإبِلِ البُهْمُ في البُنْيَانِ، في خَمْسٍ لا يَعْلَمُهُنَّ
إلَّا اللَّهُ، ثُمَّ تَلَا النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: {إنَّ اللَّهَ
عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} [لقمان: 34] الآيَةَ،
ثُمَّ أدْبَرَ فَقالَ: رُدُّوهُ فَلَمْ يَرَوْا شيئًا، فَقالَ: هذا جِبْرِيلُ
جَاءَ يُعَلِّمُ النَّاسَ دِينَهُمْ.
الراوي : أبو هريرة | المحدث
: البخاري | المصدر
: صحيح
البخاري
هذه المروية وردت في
"الصحيحين"، وهي ليست متواترة، وإنما مشهورة، وقد اتخذت مكانة كبرى في
خطاب المذاهب التراثية، حتى جعلوها أُسَّ الإسلام ولبَّه و"أمّ السنة"، وغلوا
بها إلى درجة إقصاء أوامر القرءان الكبرى وتهميش مقاصده العظمى، واختزاله إلى دين
شكلي شعائري، وهنا يلزم التدقيق والبيان على ضوء المنهج القرءاني.
القول
في المروية:
الجزء الصحيح منها، والمتسق مع القرءان
هو:
"كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه
وسلَّمَ بَارِزًا يَوْمًا لِلنَّاسِ، فأتَاهُ جِبْرِيلُ فَقالَ: ما الإيمَانُ؟
قالَ: الإيمَانُ أنْ تُؤْمِنَ باللَّهِ ومَلَائِكَتِهِ، وكُتُبِهِ، وبِلِقَائِهِ،
ورُسُلِهِ وتُؤْمِنَ بالبَعْثِ. قالَ: ما الإسْلَامُ؟ قالَ: الإسْلَامُ: أنْ
تَعْبُدَ اللَّهَ، ولَا تُشْرِكَ به شيئًا، وتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وتُؤَدِّيَ
الزَّكَاةَ المَفْرُوضَةَ، وتَصُومَ رَمَضَانَ. قالَ: ما الإحْسَانُ؟ قالَ: أنْ
تَعْبُدَ اللَّهَ كَأنَّكَ تَرَاهُ، فإنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فإنَّه يَرَاكَ ،
قالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟ قالَ: ما المَسْؤولُ عَنْهَا بأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ،
وسَأُخْبِرُكَ عن أشْرَاطِهَا: إذَا ولَدَتِ الأمَةُ رَبَّهَا، وإذَا تَطَاوَلَ
رُعَاةُ الإبِلِ البُهْمُ في البُنْيَانِ، ثُمَّ أدْبَرَ فَقالَ: رُدُّوهُ فَلَمْ
يَرَوْا شيئًا، فَقالَ: هذا جِبْرِيلُ جَاءَ يُعَلِّمُ النَّاسَ دِينَهُمْ".
فالمروية ذات أصل صحيح، وهي تعرف الإيمان
بما يجب الإيمان به، وهذا ما كان يلزم الناس والأميين، فليس مطلوبًا منهم أن
يخوضوا في مباحث لاهوتية نظرية فلسفية، فمعنى كلمة الإيمان كان معلومًا للعرب
الأميين كما كان معلومًا لهم معنى الأكل أو الشرب مثلا، ومشركو العرب كانوا يؤمنون
بأصنامهم مثلا، وأهل التثليث كانوا يؤمنون بأن الله ثالث ثلاثة، فتعريف الإيمَان
بأنه أنْ تُؤْمِنَ باللَّهِ ومَلَائِكَتِهِ، وكُتُبِهِ، وبِلِقَائِهِ، ورُسُلِهِ
وتُؤْمِنَ بالبَعْثِ، هو ما يميز المسلم المؤمن عن غيره، فالإيمان كلمة عامة، وما
يلزم معرفته هو ما يجب الإيمان به.
والمروية تبين أركان الإسلام الظاهري
الذي يعلن به المسلم إسلامه وانتماءه للأمة المسلمة في أي زمان ومكان، وهي أساسًا:
عبادة الله وحده والتطهر من الشرك، إقامة الصَّلَاةَ، إيتاء الزَّكَاةَ
المَفْرُوضَةَ، وأضيف إليها صيام رَمَضَانَ، فمن كان يفعل فهو من الأمة المسلمة،
وله عليها حقوق المسلم، وليس لأحد أن بكفره، وعليه هو أيضًا أن يقوم بواجباته،
وهذا هو الإسلام الذي قُبِل من الأعراب، ولكن الأمر كما قال القرءان: { قَالَتِ
الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا
وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ }، فهو إسلام بلا إيمان، ومن
البديهي أنه لا يكفي للنجاة.
كما
تؤكد المروية على أن علم الساعة عند الله، وهذا هو قول القرءان، { إِنَّ اللَّهَ
عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ }، {وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ
تُرْجَعُونَ}.
أما الدين المشار إليه في القول: "هذا
جِبْرِيلُ جَاءَ يُعَلِّمُ النَّاسَ دِينَهُمْ" فهو الإطار الجامع الذي يجمع الإيمان
والإسلام والإحسان، وهو الإسلام الكامل، وهو دين الحق الذي رضيه الله للناس، وأعلن
اكتماله قبيل انتهاء البعثة النبوية في قوله تعالى {وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ
أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ
الْإِسْلَامَ دِينًا}، هذا الدين يتضمن أوامر كبرى، لم تذكرها المروية، منها:
والقرءان يتضمن أمورًا كبرى وردت في نصوص
محكمة، سيتم ذكر بعض هذه الأمور، وسيتم ذكر النص القرءاني الذي يذكرها لبعضها:
1.
ذكر الله والشكر
له: { فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ }، والذكر
نفسه يتضمن أمورًا كبرى مشددة: ذكر أسماءِ الله الواردةِ في القرءان وذكرَ الآياتِ
التي ورد فيها الأسماءُ والتسبيحَ لله والتسبيحَ بأسماءِ الله والتسبيحَ لأسماءِ
الله والتسبيح بحمد الله والتكبير والاستغفار والحمدَ لله والتفكر في خلق الله
والنظر في آياته وسننه.
2.
إسلامَ الوجه
لله والولاءَ لله والإخلاصَ لله والتوبة والإنابة إلى الله والإخبات إلى الله وحب
الله وتقوى الله وذكر الله والاعتصام به والتوكلَ عليه وتفويضَ الأمر إليه وإجلالَه وتعظيم قدره والاستعانة به
والاستعاذة به والفرار إليه والشكرَ له واتخاذَه وليًّا، والتقوى هي مناط الأكرمية
عند الله { إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ }
3.
القيام بحقوق
القرءان وتلاوتِه باتِّباعه واتخاذِه إماما وتلاوةِ آياته وتعلمِّه وتعلم ما
يتضمنه من الحكمة وقراءته وتذكره وتدبر آياته وإدمان النظر والتفكير فيها لفقهها
وعقلها، { كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ
وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ }، وتلاوة القرءان مقدمة على إقامة الصلاة { إِنَّ
الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا
رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ }.
4.
التزكِّي؛ أي
تزكيةُ الكيان الإنساني بكل ما يتضمنه من قلبٍ ولطائف ونفسٍ وجسم، وذلك بالعمل على التطهر من كل
عناصر وآثار منظومة الأخلاق الذميمة والصفات الشيطانية وعلى اكتسابِ وتنمية كلِّ عناصر المنظومة المعنوية الإسلامية من
القيم والمبادئ والمثل والصفات الحسنى ومكارم الأخلاق.
5.
إقامة القسط،
وهو المقصد من إرسال الرسل بالبينات وإنزال الكتب معهم: { لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ
وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ }.
6.
الحكم بالعدل
وأداء الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا، وقد وردت في واحد من أقوى الأوامر القرءانية:
{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا
وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ}.
7.
عمل الصالحات، والصالحات
تتضمن كل عمل يقوم به الإنسان للوفاء بمقتضيات كونه حاملا للأمانة والرسالة ومستخلفًا في الأرض ومسئولا، فهو يتضمن كل ما يؤدي إلى إصلاح
وتعمير، والقرءان يضيف كثيرًا العمل الصالح إلى الإيمان: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}، فهما متلازمان، كل منهما يقوي الآخر في نفس الإنسان.
8.
برّ الوالدين، والإحسان
إلى أولي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى
وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ.
9.
إعمال الشورى في
كل أمر.
10.
الوفاء بالعهودِ
والمواثيق والعقود
11.
اجتنابُ كبائر
الإثمِ والفواحش والانتهاءُ عن المنكر
12.
النهي عن سفك
الدماء والإفساد في الأرض.
أما إذا صار الإسلام طقوسًا شكلية، فقد
فُرّغ من جوهره الاجتماعي والسياسي والإنساني، وتحول إلى ديانة شعائرية لا تنهض
بأمانة الاستخلاف.
فالمنهج القرءاني الصارم يضع المروية في
مكانها الطبيعي، ويبين أنها تجميع لبعض ما هو مذكور في القرءان لتسهيل الأمور على
الناس.
وهذا ما يلزم من هذه المروية، ولكن سدنة
المذاهب غلوا في أمرها غلوًّا شديدا واستعملوها لإبطال أكثر القرءان وأوامره
الكبرى ومقاصده العظمى، ولتحويله إلى ديانة شكلية طقوسية، وكان ذلك بسبب إصرارهم
العنيد على اتخاذ القرءان مهجورًا لحساب أي شيءٍ آخر، مثل الآثار الظنية، أو
عقولهم المقيدة المحدودة.
فالمشكلة ليست في المروية، وإنما في موقف
المذاهب منها.
*******
مروية جبريل عليه السلام حين سأل النبي ﷺ
عن الإيمان والإسلام والإحسان أصبحت نصًّا استقر في الوعي الإسلامي حتى صار – في
الموروث – بمثابة "أمّ السنة"، وأساسًا يُبنى عليه خطاب المذاهب، حتى
كاد يُختزل الدين فيه، ويُقصى كل ما عداه. ومع أن المروية ذات أصلٍ صحيح، إلا أن الغلوّ
في أمرها والمبالغة في تقديسها أفضت إلى إقصاء أوامر القرءان الكبرى، وتعطيل
مقاصده العظمى، واختزال الدين إلى شعائر شكلية وطقوس جامدة.
إن الإيمان في هذه المروية عرّفه النبي ﷺ
بما هو جوهري: الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله ولقائه والبعث. وهذا التعريف
كان كافيًا للأميين الذين لم يكن مطلوبًا منهم خوض غمار الفلسفات اللاهوتية أو
الجدل العقلي، بل يكفيهم التمييز بين الإيمان الحق والشرك الباطل، أما الإسلام فقد
حدّدته المروية بما يُعلن به المسلم انتماءه للأمة: عبادة الله وحده، إقامة
الصلاة، إيتاء الزكاة، وصوم رمضان. وهو الإسلام الظاهري الشكلي الذي يُقبل من
الأعراب باعتباره دخولًا في الجماعة، فهو إسلام بلا إيمان: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ
آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا}، ومن البديهي أنه غير
كافٍ للنجاة، أما الإحسان فقد رفع الخطاب إلى الذروة الروحية: أن تعبد الله كأنك
تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك.
هذه الدرجات الثلاث – إيمان، إسلام،
إحسان – إطار صحيح ومتناغم، لكنها ليست الدين كلَّه، بل مدخل إليه. فالدين الذي
أكمله الله وأتمّه على عباده لا يُختزل في تعريفات موجزة، بل هو منظومة كبرى من
العقيدة والعمل والأخلاق والمقاصد، أعلنها القرءان في آيات محكمات: {الْيَوْمَ
أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ
الْإِسْلَامَ دِينًا}.
الدين الحقّ أوسع من هذه المروية:
إنه ذكر الله في كل حال، وتسبيحه وحمده،
والخضوع لجلاله.
إنه إسلام الوجه لله خالصًا بلا شريك،
وتقواه التي هي معيار الكرامة عنده.
إنه القيام بحق القرءان: تلاوةً، تدبرًا،
واتباعًا، حتى يكون هو الإمام والنور.
إنه التزكية: تطهير القلب من الصفات
الشيطانية، وغرس الفضائل والمكارم حتى يصير الكيان الإنساني مرآةً للحق.
إنه إقامة القسط بين الناس، والحكم
بالعدل، وأداء الأمانات، وحمل الأمانة الكبرى في الأرض. إنه العمل الصالح بكل ما
يصلح حياة الإنسان والكون، وصيانة الدماء، وحفظ العهود، والإحسان إلى الوالدين
والضعفاء والمساكين.
فإذا تحوّل الإسلام إلى طقوس مجردة، فقد
انقلب إلى دين ميت لا ينهض بإنسان ولا يعمِّر أرضًا، بل يُفرَّغ من مقاصده الكبرى
ليصبح ظلاً بلا جوهر، وشكلا بلا روح. وهنا تكمن خطورة الغلو في المروية: ليس في
ذاتها، بل في استعمال المذاهب لها لإقصاء القرءان وتهميشه.
إن القرءان يضع كل شيء في موضعه: المروية
تيسيرٌ وتعليم، أما الوحي فهو الأصل الجامع، والنبع الذي لا يغني عنه أي أثر.
الدين ليس نصًّا واحدًا ولا مروية، بل هو
حياة كاملة تحت راية الحق، تجمع الإيمان العقلي، والإسلام العملي، والإحسان
الروحي، في وحدة متكاملة هي "دين الحق".
وهكذا يتجلّى أن المشكلة لم تكن في النص
نفسه، وإنما في المذاهب التي جعلته بديلا عن الكتاب المبين.
أما المنهج القرءاني فيعيد الأمور إلى
نصابها: يجعل المروية شاهدًا، ويجعل القرءان إمامًا، ويجعل الدين أفقًا أرحب من أن
يُختزل في شعيرة أو تعريف. إنه دين الحياة كلها، دين الإنسان كله، دين الحق الذي
لا يزول.
*******
*******
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق