الجمعة، 28 نوفمبر 2014

المائدة 33

المائدة 33

{إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} المائدة33.

هذه الآية محكمة مثل سائر آيات الأحكام، وهي تحدد العقوبة الدنيوية الواجب إنزالها بمن اقترف ما يلي:
محاربة الله ورسوله، وهذه المحاربة كما هو واضح تكون عن علم وقصد وتعمد، وتكون مقترنة بالإفساد في الأرض، والتعبير (الله ورسوله) يعني الآن بالنسبة للمسلمين الرسالة، وهي القرءان، فمن عمد إلى إبطال أو انتهاك أي أمر من أوامره أو مقصد من مقاصده بالحرب والقوة فهو محارب له، ومن هؤلاء من يعملون على تمزيق الأمة في حال وحدتها واجتماعها على الحق أو من يقوضون الأمن والسلم.
والإفساد في الأرض هو تعبير قابل للاتساع مع تطور العصر، وقد كان قديما يشمل القطع المسلح للطرق والاعتداء على قوافل الحجيج والقوافل التجارية، وهو الآن يشمل الإتلاف المتعمد للأراضي الزراعية أو لأي مورد من موارد الأمة أو التلويث المتعمد للبيئة أو تخريب المرافق وشبكات الاتصالات والكهرباء والطرق وترويع الآمنين والقتل العشوائي للناس وزرع القنابل في الطرقات أو وسائل المواصلات وجرائم الاغتصاب ونشر الفواحش والأمراض، وأوضح الأمثلة للمفسدين في الأرض في العصر الحديث الإرهابيون.
والآية تحدد نهايتهم الحتمية في الدنيا؛ ألا وهي الخزي، وهو يكون بعد الفشل الذريع والافتضاح المذل.
والعقوبات واضحة، فالتقتيل مثلا هو المبالغة في القتل، وقد ذكِر بصيغة التشديد لإفادة الشدة في القتل وللإِشارة إلى الاستمرار في قتلهم دونما هوادة أو شفقة ما داموا مستمرين في الجريمة وليكونوا نكالا لمن هم على شاكلتهم.
 والتصليب: وضع المجرم الذي يراد قتله مشدودا على مكان مرتفع بحيث يُرى بعد القتل ليكون نكالاً لغيره، وجاء لام "يُصلَّبوا" مشددة لإِفادة التشديد في تنفيذ هذه العقوبة وإثبات أنه لا رأفة ولا هوادة فيها.
والتقطيع "مِّنْ ٍخِلافٍ" هو لغويا حال في أيديهم وأرجلهم؛ أي لا تكون اليد والرجل المقطوعتان من جانب واحد بل تكونان من جانبين مختلفين.
و"النفي من الأرض" يعني طردهم من بلاد الأمة المؤمنة ولما كان هذا غير ممكن الآن فيمكن أن يكون هذا النفي الآن بسجنهم مع إبعادهم إلى مناطق نائية (الأشغال الشاقة في الجبال أو الصحارى مثلا).
ولأولي الأمر أن يختاروا من بين هذه العقوبات ما يناسب طبيعة الجرم وأحوال العصر والمصر، ولا يجوز أبدا محاولة صرف الألفاظ عن معانيها استجابة لدواعي العصرية الزائفة مثلما فعل المجتهدون الجدد الذين ألغوا مضمون الآية التي تحدد عقوبة السرقة.
وباستعمال القياس يمكن لهؤلاء المجتهدين الجدد أن يقولوا إن تقطيع الأرجل يكون بمنعهم عن المشي على الأرض وإنما بحملهم على الأعناق!!!! فلا جدوى من استعمال المعاني المجازية لصرف الألفاظ عن معانيها الحقيقية!!

والأحكام الشرعية من الآيات المحكمات التي لا تشابه ولا مجاز فيها!!!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق