الخميس، 30 يوليو 2015

من أسباب انهيار الحضارة الإسلامية 1

من أسباب انهيار الحضارة الإسلامية 1

إن انهيار الحضارة الإسلامية كان له أسباب عديدة منها:
1.           الخلط بين مفهوم ولاية الأمر وبين مفهوم التسلط الدنيوي تحت أي مُسمَّى.
2.           إصرار قريش على التمسك بالسلطة وأن تكون دولة بين بطونهم وإجادتهم استثمار الخلافات لصالح التمكين لأنفسهم واستبعاد الأنصار ثم اضطهادهم، وقد ترتب على ذلك تعرض الأنصار من بعد لشبه إبادة على أيدي الأمويين، ووجود الأنصار كان شديد الأهمية للحفاظ على روح الأمة وطبيعة الإسلام ولمواجهة النزعات القرشية، لذلك شدد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ على الوصية بهم.
3.           كون أكثر الأعراب (أكثر من مائة ألف) لم يسلموا إلا في نهاية العصر النبوي وعدم تلقيهم تقريبا أي قدر من التعليم والتزكية النبوية خاصة بعد أن حالت قريش بين المعلمين المتمكنين وبينهم مع قلة هؤلاء المعلمين، فظلوا على طبيعتهم الجاهلية القديمة ولم يأخذوا من الإسلام إلا قشوره، ورغم هذا تمَّ من بعد توثينهم ضمن من وُثِّنوا واعتبرت بالتالي أفعالهم جزءا من الدين.
4.           حروب تأسيس الدولة وإخضاعها لسلطة قريش والمختلطة بالحرب مع بعض المرتدين ومع من رفضوا التسلط القرشي، وما شاب تلك الحروب من فظائع، وقد ترتب على ذلك انشغال الأمة بالصراعات الدموية وسفك الدماء في فجر تاريخها مما أثر من بعد على مجمل التاريخ الإسلامي.
5.           خضوع العرب المزري والغريب للخلفاء مع طول تمردهم على النبي، فرغم أنهم أبوا على الرسول أن يكتب لهم كتابا لا يضلون بعده أبدا بحجة أنه يهجر فقد قبلوا بتولية أبي بكر وهو يحتضر لعمر عليهم، كما قبلوا صاغرين بالخطة التي رسمها لهم عمر وهو يحتضر أيضا لاختيار الخليفة من بعده!! هذا فضلا عن سكوتهم عن الظلم الذي تعرض له عترة النبي وخِذلانهم لهم.
6.           تولي عثمان أمور المسلمين نتيجة مؤامرة قرشية مما تسبب في علو الأمويين والتمكين لهم في الأرض بكل ما طبعوا عليه من جشع للمال والسلطة وازدراء للقيم والمثل العليا، هذا رغم أنهم كانوا الأعداء الألداء للإسلام ولم يكن لهم دور يُعتد به في الفتوحات الإسلامية.
7.           الاضطهاد الذي تعرض له أفضل من بقي من السابقين الأولين على أيدي الأمويين في عصر عثمان.
8.           تقريب عثمان لأقاربه وكان منهم عدو لدود للرسول وفاسق شهير ومرتد خطير أوصى الرسول بقتله ولو وجدوه متعلقا بأستار الكعبة ... الخ، وهؤلاء أداروا الأمور بالعسف والجور ورتعوا في أموال الأمة وصدموها صدمة كبرى أدت إلى تأجيج الفتنة
9.           تدفق ثروات العالم القديم على المدينة وسياسة عمر المالية التي خالف بها سنة الرسول وأبي بكر، والتي ترتب عليها تكدس ثروات أسطورية عند قلة محدودة.
10.       انحراف بعض الأكابر وافتتانهم بالدنيا وتنافسهم فيها.
11.       فشل الخلفاء في استثمار الأموال المنهوبة من الشعوب في أية مشاريع استثمارية أو لتحصين المدينة ومكة مما جعلهما من بعد أهدافا سهلة لجيوش الأمويين من القتلة غلاظ الأكباد.
12.       تخلي الناس عن الإمام الذي كان من الممكن أن يعيد الأمور إلى نصابها نتيجة استفحال قوة الأعراب والأمويين.
13.       استيلاء أهل البغي بقيادة معاوية على السلطة والذي جمع بين مساوئ الأكاسرة والقياصرة والجاهلية واستعانته بالمنافقين وأعداء الإسلام مثل سرجون الرومي وأسرته للتمكين لنفسه في الأرض وإفساده للمسلمين بالرشاوي وقيامه بالقضاء على الصالحين من المسلمين وتعيينه القصاص في المساجد ليلهوا الناس عن حقيقة الدين بأساطير الأولين.
14.       الجرائم الكبرى التي اقترفها يزيد بن معاوية والتي أدت إلى تمزيق الأمة تمزيقا نهائيا ترتب عليه تفريق الدين.
15.       أصبح التراث الديني مشاعا بين الناس يضيف إليه من يريد أن يضيف ويحرف من يريد أن يحرف فاهتبل المنافقون من أهل الكتاب والموتورون من المجوس والأعراب وعبيد السلطة الفرصة إلى المدى الأقصى.
16.       نبتت طائفة في الشام أساسا تخصصت في وضع المرويات لتمجيد معاوية ومن اتبعه من أهل البغي وتم إحداث مصطلح الصحابة والنفخ فيه ليتسع للمنافقين وأكابر المنافقين والمرتدين، كما تم تحريف معنى السنة لتكون مرادفة للمرويات بما فيها من تحريف ووضع وتزييف.
17.       ولد بذلك المذهب اللاسني بطبيعته الدموية الإقصائية وبتأليهه للمتسلطين ونما معارضا له المذهب الشيعي.
18.       عندما استولى العباسيون على السلطة بالغدر والخيانة وأبادوا الأمويين تبنوا أساليبهم في الحكم ومذهبهم بعد أن رأوا أنه يعطيهم سلطات إلهية على الرعية.
19.       تم اكتمال صياغة المذهب اللاسني بما يتضمنه من الكوارث وأصبح مذهب الدولة في عهد المتوكل العباسي ثم أصدر أمرا باضطهاد المخالفين للمذهب والتنكيل الشديد بهم.
20.       كان بعض المجتهدين يحاولون إنقاذ الموقف بتدوين السنن العملية ثم الآثار، تم ذلك بمبادرات فردية واجتهادات شخصية مقيدة بطبيعة العصر وسقفه الحضاري، وبالطبع كان عملا شاقا مضنيا ومحدود المصداقية، أما الدولة التي احتلت البلدان بحجة نشر الإسلام وإخراج الناس من ضيق الدنيا إلى سعتها فقد انغمست في أوحال الدنيا تعب منها عبا ولم تبذل أي جهد حتى للحفاظ على التراث الإسلامي.
21.       في كل مجال دخل المسلمون في جحر ضب لا يمكن إلا الدوران فيه ذهابا وإيابا والتخبط دون أمل في الخروج بعد أن وضعوا الصياغات الدينية التقليدية، فبعد أن وضعوا مقاصد الشريعة بالصورة الهزيلة المعلومة لم يعد من الممكن تطويرها أو الزيادة عليها، وبعد أن حرموا الناس من كل حقوقهم وأعطوا كل الحقوق للمتسلط طالما لم يظهر كفرا بواحا لم يعد من الممكن تطوير أية نظريات سياسية لإدارة أمور الأمة وأصبحت (الرعية) ملزمة بالتسبيح بحمد كل من قهرها وتسلط عليها.
22.       وبعد الصياغة الأشعرية للعقيدة التي تقبل القول ونقيضه لم يعد من الممكن الزيادة في العلم الديني الحقيقي، وكان القول بوحدة الوجود النتيجة الطبيعية للمذهب الأشعري في التصوف، وبه انتهى أيضا التطور في هذا المجال، وكان انتشار التصوف بمثابة ثورة روحانية وجدانية ضد المذهب الأموي الأعرابي، ولكنه نشأ متأثرا بتراث الأمم المتعايشة مع المسلمين ومثقلا بمقولاتهم وعقائدهم.
23.       كان هناك أيضا المذهب الأثري الحشوي الذي بلغ الغاية في الجهل والتشبيه والتجسيم والتدني الخلقي والتخلف المزري والانحراف عن دين الحق بتقديس أهل البغي والمجرمين وأقوال كل من اعتبروه سلفا لهم على حساب الله وكتابه ورسوله.
24.       كان قد تم تكريس اختزال الدين وتوارى دين الحق وراء المذاهب الشركية الضالة التي حلت محله.
25.       تم تكريس إهمال العلوم الطبيعية والفلسفة باعتبارها إما فتنة للناس أو علوما الجهل بها لا يضر والعلم بها لا ينفع ولا يتعلق بها أي غرض شرعي.
26.       تم استبعاد واستعباد النساء ووأدهن وهن أحياء وبذلك فقدت الأمة أكثر من نصف قوتها البشرية.
27.       استفحل أمر تجارة الرقيق بكافة أنواعه وترتب على ذلك انحطاط عام وفتن وكوارث لا حصر لها.
28.       عندما اكتسح الصليبيون قلب العالم الإسلامي استلزم الأمر التشبث بعقيدة ذات بعد روحاني لإعداد وتربية جنود يضارعون الصليبيين الذين ثبت تفوقهم الساحق، ولذلك تبنى الزنكيون والأيوبيون والمماليك الصيغة الشافعية الأشعرية التصوفية، وأصبحت هي المذهب السني المعتمد، وفي عهد سلطان مصر بيبرس تم اعتماد أربعة مذاهب كمذاهب سنية.
29.       انتشر التصوف بشدة، وأصبح بمثابة جزء من الدين، فانتشر بين العامة، وأصبح له مؤسساته الضخمة وطرقه بشعاراتها وأعلامها، وفرض العامة منظومتهم المعنوية، فانتشرت الخزعبلات والخرافات والأساطير.
30.       حاول ابن تيمية التصدي لما استشرى خطره من محدثات المتصوفة بكافة ألوانهم، ولكنه تطرف في الاتجاه الأثري الدموي الإجرامي.
31.       طوال تاريخ المحسوبين على الإسلام كانت كل دولة أو دويلة في حالة عداء مستحكم مع من جاورها من الدويلات الأخرى ينتهي لصالح الأقوى.
32.       في أثناء سيطرة العثمانيين تم التوثين التام لمحدثات المذهب السني، فأصبحت أسماء الخلفاء الأربعة تُكتب في القبلة مع الله ورسوله وأصبح البخاري إلها رسميا وربا حاميا للدولة وأصبحت (السنة) أي المرويات بمثابة آيات قرءانية، واستعملت للتصدي لأي تطوير.
33.       كان استيلاء العثمانيين على قلب العالم الإسلامي كارثة ماحقة، وهي تعادل بمقاييس هذا العصر ضرب هذا القلب بكافة أسلحة التدمير الشامل الفيروسية والكيميائية والذرية.
34.       فشلت الأمة فشلا مخزيا على كافة الأصعدة، ولو كانت أوروبا باقية على صليبيتها لأبادتها، ولكنها كانت قد أصبحت علمانية تحركها الدوافع الاقتصادية فاكتفت بالسيطرة عليها، وبذلك بدأ صفوة الأمة في البحث عن طريق جديد.
وهناك بالطبع عوامل خارجية استحثها أصلا المحسوبون على الإسلام ضد أنفسهم، ومنها على سبيل المثال الحملات الصليبية والصواعق المغولية التتارية، وها هو ملخص سريع لها:
بدأت العلاقة مع أوروبا الغربية بالعدوان السافر الذي شنه المسلمون على شعوب أيبريا ونهبهم لأموالهم وسبيهم لخيرة نسائها وإرسالهم إلى الشام ليستمتع بهن الأمويون المجرمون وحاشيتهم، ولم يهتم هؤلاء بنشر الإسلام في أيبريا أو أوروبا، وقرَّبوا اليهود إليهم واعتمدوا عليهم ضد سكان البلاد المسيحيين واقترفوا كل ما يزيد من حقد أهل أيبريا على الإسلام والذي تأجج بالصراع المرير الدامي بينهم، وبعد أن ألقى الإسبان والبرتغاليون بالمسلمين في البحر وطردوا اليهود معهم انطلقوا ليطوقوا العالم الإسلامي فاكتشفوا طريق رأس الرجاء الصالح والعالم الجديد والطريق إلى الهند، وهكذا تدهورت أحوال مصر الاقتصادية ولم تستطع التصدي للاحتلال العثماني البشع، وخرج قلب العالم الإسلامي الذي كان مهد الحضارة من الحضارة، وتعملق الغرب وتضخم وأصبح قوة قاهرة غلابة.
عندما اجتاح السلاجقة المشرق الإسلامي واستعبدوا الخليفة العباسي وسحقوا الجيش البيزنطي واستولوا على القدس من الفاطميين قضوا على سياسة الفاطميين المتسمة بالتسامح مع الحجاج المسيحيين واضطهدوا الحجاج الغربيين مما هيَّج الرأي العام الأوروبي ضدهم، وهكذا بدأت الحروب الصليبية، ولكن بعد أن تفرق السلاجقة وذهبت ريحهم، وهكذا استطاعت شراذم صغيرة من الأوروبيين اجتياح قلب العالم الإسلامي وإبادة عشرات الألوف من المسلمين في الشام دون أن يحرك الخليفة العباسي الطرطور ساكنا، ورغم أن الحروب في النهاية انتهت بانتصار جيش مصر بقيادة المماليك وبإلقاء الصليبيين في البحر إلا أن الحروب الطويلة أدت إلى تدمير ساحل الشام ومقتل ما لا يُحصى عدده من الناس هناك وفي دمياط مصر، وقد أدى الانتصار إلى زيادة ثقة الناس بتراثهم واستنامتهم إليه، بينما حدث العكس في أوروبا وبدأت مراجعة حادة ومؤلمة لكل تراثهم أدت في النهاية إلى نهضتهم الهائلة وبزوغ فجر العصر الحديث.
أما الضربة الكبرى التي تلقاها العالم المحسوب على الإسلام فكانت على أيدي المغول والتتار، وكان بعض تجارهم المسلمين!! قد تعرضوا للقتل على أيدي الخليفة الخوارومي فقرر جنكيز خان الانتقام لهم –بعد تردد-بعد أن استهان الخليفة بطلب جنكيز خان إقامة العدل بشأن قضيتهم، وهكذا اجتاح التتار والمغول العالم الإسلامي ودمروا أعظم مدنه ازدهارا وأبادوا ملايين المسلمين وقتلوا الخليفة العباسي ركلا بالأقدام ودمروا بغداد، وكانت أعظم مدن العصور الوسطى، ولم يوقف زحفهم إلا الجيش المصري بقيادة بيبرس وقطز، ليبدأ صراع مرير معهم كان ميدانه الشام إلى أن هزموا نهائيا.
أما العثمانيون فكانت حصيلة جهودهم العدوانية تحويل أوروبا الشرقية وخاصة روسيا إلى دول شديدة العداء للإسلام، وقد دفعت دول وسط آسيا الإسلامية ثمن ذلك غاليا وقُتل منهم عشرات الملايين نتيجة للتوسع الروسي في بلادهم.
وفي العصر العثماني تم توثين البخاري وأئمة المذهب السني وعمل الرباعيات المقدسة الشهيرة وكان ذلك للأسباب الآتية:
1.     التدهور الحضاري الحاد.
2.     كون الأتراك كانوا بدوا متغطرسين بعيدين عن الحضارة، ورفضهم التحدث بالعربية، أما المماليك مثلا فتعربوا وفي عهدهم كتبت الموسوعات الضخمة في الدين والأدب.
3.     الصراع الدموي الطويل مع شيعة فارس.
4.     وحشية النظام العثماني والتي فرضوها على العالم، ومن ذلك إلزام أهالي أوروبا بتقديم جزية بشرية، كانت هي عماد الجيش العثماني، وستكون من أسباب انهياره.

*******

هناك 4 تعليقات:

  1. أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.

    ردحذف
  2. ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه

    ردحذف
  3. متى سقطت الحضارة الإسلامية

    ردحذف