الخميس، 30 يوليو 2015

مراتب الإنسان الصالح

مراتب الإنسان الصالح

إنه ليس ثمة نص فى القرءان على أنه هناك محاباة لفئة ما أو لقبيلة ما، بل إن القرءان نص على وحدة النوع والأصل البشرى وعلي أن تنوع الناس واختلاف ألوانهم وألسنتهم وجعلهم شعوبا وقبائل من آيات الله تعالى ومن وسائل إثراء التعارف والتعامل بين الناس؛ أي من وسائل إظهار أعظم قدر من الكمالات التفصيلية، أما كل تفضيل وارد فى الكتاب فإن له أسبابه الموضوعية ينتفى بانتفائها ويدور معها وجودا وعدما طبقا للقوانين والسنن.
ولقد نص القرءان على أسباب التفاضل بين الناس ومنها: الإيمان والعلم  والعمل الصالح  والتقوى والصبر والمسارعة فى الخيرات والدعاء رهبا ورغبا وصدق الوعد والأمر بالصلاة والقيام لله والشهادة له…… إلخ، أما من ارتبط بالمفضَّل أو المصطفى برباط ما أو تعلق به بسبب ما وجاهر بذلك أو ظهر به فإنه يتحمل لتوه المسؤولية مضاعفة فيضاعف عليه العقاب بقدر مضاعفة الثواب وذلك لوضعه الخاص من حيث أن الناس يتأسون به ولأنه أصبح محسوبا على المختار، أما المختارون فهم أشد الناس خوفا من ربهم، ولذلك اختارهم، وهكذا ينبغي أن يكون من تعلق بهم.
والإنسان في الإسلام إما أن ينتسب إلي اسم من الأسماء الحسني عندما يغلب عليه القيام بمقتضياته، وإما أن ينتسب إلي ما يغلب عليه من صفة أو خلق أو فعل، وذلك هو النسب الحقيقي الذي سيعرف به الإنسان في العالم الأبقي والأعلي.
وللإنسان الفائق مراتب عديدة مذكورة في القرءان، وسيتم الآن بيان بعض هذه المراتب بإيجاز.  

المتقون
المتقون هم من تحققوا بحد مقبول من التقوى بحيث يمكنهم مواصلة التحقق بالمزيد منها، والتقوى هي جماع الصفات والمشاعر والأفعال والاستجابات المترتبة على ذكر الله؛ أي على الإحساس الصادق بالحضور الإلهي بكافة الأسماء الحسنى، والوصول بالإنسان إلى هذه المرتبة هو المقصد من الكثير من الأوامر القرءانية، وهذا معلن ومُبَيَّن في القرءان بأجلى بيان، فالتقوى هي من الصفات اللازمة للإنسان الرباني الصالح المفلح.
*******
عباد الرحمن
عباد الرحمن هم أشد الناس احتفالا بآيات ربهم، فهم  يحاولون بكل ملكاتهم وبكل قوى وجودهم إدامة النظر فيها وتدبرها واكتشاف القوانين والسنن المسيرة لها لا انشغالاً بها عنه بل لإنها آثار أفعاله ومظاهر تجلياته ومقتضيات أسمائه، فهم يطالعون  فيها أسماءه وسماته أي يطالعون كل تفاصيل ومقتضيات الاسم الرحمن، فعباد الرحمن هم الذين إذا ذكِّروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صماً وعميانا، ولذا فأعداؤهم هم الجهلة الذين أهملوا ملكاتهم، أما عباد الرحمن فهم يعرفون أن ما لديهم من ملكات وحواس هو من مقتضيات أسماء ربهم ومن مظاهر فضله وكماله، لذلك فهم حريصون عليها يشتغلون بإعمالها وتزكيتها.
ولقد أُمِر عباد الرحمن بالإعراض عن الجهلة لأنه لا جدوى من محاولة إصلاحهم، وليس الجاهل هو من لا يعلم فذلك من الواجب تعليمه، ولكن الجاهل هو من عطل ملكاته الذهنية فلا سبيل الى إصلاحه ولا إلى إعادة برمجته، فالجهل عكس الحلم الذي هو العقل والأناة، والجاهل عكس الحليم من حيث أن الحلم هو العقل أو جماع الملكات الذهنية.
والجاهل ليس له من الإنسان إلا الصورة الظاهرية أما صورته الباطنية فهي صورة أية دابة من الدواب التى يتوافق معها.
وعباد الرحمن يعيشون بين ظهرانى الناس فهم الأمة الوسط ولهم الاتزان التام والميزان الرحمانى، وهم يتزوجون ويطلبون الذرية التي تقر بها الأعين لأنهم يعلمون أن كل إنسان جديد هو وسيلة من وسائل ظهور تفصيلات جديدة للكمال الرحمانى، وهم يقابلون كل تجلٍّ رحماني بالأدب اللائق فيخافون أن يمسهم عذاب من الرحمن ويرجون ثوابه فحياتهم جد وليست بالهزل، وعباد الرحمن هم أئمة المتقين فدعاؤهم الوارد فى سورة الفرقان مجاب وهو: {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا(74)}، ذلك لأنهم أعلى درجة منهم؛ ففي حين يُحشر المتقون من عند المليك المقتدر إلى الرحمن وفدا يوم القيامة فإن عباد الرحمن هم عنده، كما أن لهم الغرفة المفردة غير القابلة للتعدد، قال تعالي: {أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلامًا(75)خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا(76)} (الفرقان)، أما المتقون فلهم غرف من فوقها غرف وأعلاها هو تلك الغرفة المفردة : {لَكِنْ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ(20)} (الزمر).
*******

الشاكرون

الشاكرون هم المقرون بالنعمة والفضل الإلهي علي كافة المستويات، ولذا تكون كل أعمالهم مصداقاً لهذا الإقرار، وجعل الإنسان يتحقق بمرتبة الشكر هو في القرءان المقصد من جعل ما لدى الإنسان من حواس وملكات، وهو المقصد من تبيين وتصريف وتفصيل الآيات ومن تسخير كل شيء للإنسان والتمكين له في الأرض ومن الإنعام عليه، قال تعالي:
{ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمْ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلا مَا تَشْكُرُونَ(9)} (السجدة)، {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ(89) (المائدة)، {كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ(58)} (الأعراف)، { اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمْ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ(12)} (الجاثية)، {وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلا مَا تَشْكُرُونَ(10)} (الأعراف)، {لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ(35)} (يس)، {وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمْ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ(73)} (القصص)، {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ(46)} (الروم)، والشاكر هو المستفيد بهذا الشكر لأنه هو محل آثاره: {وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ(40)} (النمل)، {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنْ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ(12)} (لقمان)، ولقد أعلن الرب سبحانه أنه جعل اليسر والتيسير واجتناب التعسير من مقاصد الشرع حتي يصل بالإنسان إلي تلك المرتبة: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ(185)} (البقرة)، والشكر من المراتب العليا التي طلبها الأنبياء كسليمان عليه السلام، ومن الواجب علي كل إنسان أن يطلبها عند استوائه، والتحقق بها يقتضي عملاً صالحا، قال تعالي: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنْ الْمُسْلِمِينَ(15)} (الأحقاف)، {اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِي الشَّكُورُ(13)} (سبأ)، ولما كان التحقق بالشكر من المراتب العظمي فإن الشيطان قد تعهد بأن يبذل قصاري جهده ليحول بين الإنسان وبين تلك المرتبة، ولذا ورد هذا القول في الكتاب منسوبا إليه: { ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ(17)} (الأعراف).
*******
أولوا الألباب
أولوا الألباب هم الذين  يعلمون أنه سبحانه ما خلق شيئا إلا بالحق وأن له في كل أمر وفعل غاية وحكمة وقصد، فهم الذين ارتقي قلب كل فرد منهم وأصبح هذا القلب ينطبق عليه تعريف اللب، ولذا فالفرد منهم يخاطب ربه كما يليق بجلاله ويحادثه وينزل به كل حوائجه، كما أن فكره يجول دائماً في آيات الله الكتابية والكونية فيتحقق بمعرفة الأسماء الإلهية ويتذوق آثار تلك الأسماء ويدرك المقاصد من الآيات ويفقه القوانين والسنن وعواقب الأمور، وهو أيضاً متحقق بذكر الله تعالي ويسعي للقيام بمقتضيات التقوى.
إن أولى الألباب هم الذين يذكرون الله تعالى فى كل أحوالهم وخاصة أثناء تفكرهم فى خلق السموات والأرض فلا ينشغلون بهذا عن ذاك وهذا ما يطلق ألسنتهم بالدعاء لربهم، وبذلك يطالعون آياته فى كل ما يرون و يتزكون بإعمال ملكاتهم.
والفرق بين أولى الألباب وبين علماء الغرب هو أن هؤلاء غفلوا عن ذكر الله تعالى فجاءت معارفهم مبتورة و جزئية وشقوْا بها وإن ظنوا غير ذلك، وشقي بهم غيرهم وكانوا فتنة للقوم الظالمين.
ولقد كان مما أودى بتلك الأمة وهوى بها إلى الحضيض الأسفل اشتغال المتفوقين المتميزين فيها بما نقل إليهم من أساطير الأولين وأديان الضالين وفلسفات المبطلين والصياغات الناقصة والمحرفة للدين، وكذلك بالمنطق الصوري الأجوف والجزئيات والتفريعات المتعلقة بظواهر العبادات والأحكام والمعاملات فتضخم كل ذلك على أيديهم وغفلوا عن كل ما لم يندرج تحت هذه البنود أى أعرضوا وهجروا أكثر القرءان، ولم يتفاعلوا التفاعل الحى المثمر مع الأوامر الدينية ولم يأخذوا معظمها مأخذ الجد، ولم يحفلوا بما يتضمنه الدين من المشاعر الراقية النبيلة ولم يحاولوا استنباط مناهج شرعية لتزكية النفوس؛ فكان أن ترك كل ذلك لينمو نموا عشوائيا تحت تأثير كل ما تواجد في البيئة الإسلامية من تراث الملل والنحل والمذاهب السابقة، ويمكن إيجاز مساعيهم وأعمالهم في تلك العبارة: إنهم ضيعوا أهم ما يلزم في سبيل ما ألزموا به أنفسهم وغيرهم وهو في الحقيقة لا يلزم.
فأولوا الألباب هم من تزكت لديهم الملكات الذهنية العقلية فهم الذاكرون لما علموا والمتحققون به وهم على بينة مما علموا من الآيات والقوانين والسنن، وهم الذين يمكنهم الانتفاع بما يرونه من آيات كونية وما يتلون من آيات كتابية، فهم القادرون على تدبرها وتذكر ما فيها، ولكى يتم اكتمالهم لابد لهم من التحقق بالتقوى بمعنى أنه يجب عليهم العمل على تزكية ملكاتهم الوجدانية.
وتبين الآيات الآتية المكانة السامية التي خصَّ بها الحق أولي الألباب:
{يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُوْلُوا الأَلْبَابِ(269)} (البقرة)، {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَـوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ(190)} (آل عمران)، {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي الأَلْبَابِ} (يوسف: 111)، {أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ(19)} (الرعد)، { قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ(9) (الزمر)، {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمْ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ(18)} (الزمر).
*******
أولو الأمر
أولو الأمر هم أَوْلي الناس بأمر من الأمور وأجدرهم به بكل مقياس من المقاييس أو معيار من المعايير، فأولو الأمر في علم معين مثلاً هم الذين يُرجَع إليهم في كل ما يختص بهذا العلم، لذلك كانت طاعتهم واجبة، وأولو الأمر هؤلاء فإنهم ملزمون بالتشاور فيما بينهم فيما يدخل في مجال إختصاصهم، أما كيفية إعداد أولي الأمر فهي تختلف من عصر إلي عصر ومن أمر إلي أمر، ولكي يكون إنسانٌ ما من أولي الأمر لا بد له من تلقي هذا الإعداد واجتياز كل ما يلزم من اختبارات.
وولاية أمور الناس العامة هي علم وخبرة مثل كل الأمور، وخاصة في هذا العصر، فلا يجوز أن تُترك لأمزجة وأهواء القائمين بالأمور، ولا يجوز أن تكون الشعوب حقول تجارب لهم، وهناك مدارس وأحزاب وبيوت خبرة تتولى إعدادهم في الخارج، وهم يخوضون غمار الحياة العامة ويتدرجون في تحمل المسؤوليات، هذا فضلا عن الحد من مسؤولياتهم ووجود أجهزة أخرى لإحداث التوازن المطلوب بين السلطات.
وهناك أولو أمر لصلات قربى، فالوالدان يتوليان أمور أولادهما، ولا يكفي الصلة البيولوجية والعادات الشائعة، بل لابد من أن يتلقى هؤلاء التأهيل اللازم أيضا، فالتربية علم يشمل فترة الحمل والسنوات الأولى للطفل فلهذه الفترة والسنوات تأثير هائل على الإنسان، وأكثر استعدادات الأطفال وخاصة الروحانية منها تندثر بسبب جهل الإنسان بأساليب التربية الصحيحة.
*******
أولو العلم
أولو العلم هم من أصبح القرءان آيات بينات في صدورهم، قال تعالي:
{بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلا الظَّالِمُونَ(49)} (العنكبوت).
وهذا يعني أن يكون قلبهم الذي هو مركز القيادة والسيطرة والتحكم Command and control center فيهم قد أصبح مبرمجا وفق مقتضيات القرءان فلا يستطيعون أن يخالفوا ما فيه إذ يعلمون أنه الحق الآتي من قبل الحق فينطقون بما هو متفق معه فيشهدون لربهم بما هو حق له وإذا تليت عليهم آياته شعروا وكأنها تنبعث من أعماقهم، وهم يعلمون أن ثواب الله خير وأبقي وأن الله هو خير وأبقي.
والراسخون في العلم هم أعلي مَنْ أوتوا العلم مرتبة، فهم الذين يعلمون أنه لا يمكن أن يكون ثمة تناقض أو اختلاف فى الآيات ويستطيعون بمقتضى ذلك أن يعرفوا فحوى الآيات النافع للناس والدافع للفتن، فأولئك هم أصحاب الدرجات الرفيعة وستظل درجاتهم في ارتفاع إلي ما لا يتناهي كما أن علم ربهم لا يتناهي، والراسخون في العلم يؤمنون بكل ما جاءهم من عند ربهم ويطلبون منه النجاة من الزيغ بعد الهدي، وهذا الدعاء مجاب لهم وذلك شأن كل دعاء نسبه الله تعالي إلي عباده الأخيار، ولهذا يهديهم ربهم إلي تفسير الآيات الذي يناسب مراتبهم وعصرهم. 

*******


هناك تعليق واحد: