الأربعاء، 29 يوليو 2015

عملاء الشيطان

عملاء الشيطان 

إن عملاء الشيطان هم علماء السوء الذين أعادوا صياغة هذا الدين بحيث جعلوا منه حربا على كل القيم الرفيعة التي أتى بها، وجعلوا منه أداة لمنعه من تحقيق مقاصده، بل جعلوا الأمور التي جاء ليقوضها هي مقاصده، وبدلاً من أن يكونوا آلات الرحمن لإظهار الإسلام علي الدين كله جعلوا من أنفسهم آلات الشيطان لإظهار كافة الأديان الباطلة والمذاهب البشرية عليه، وبدلا من أن يُظهروا مقاصد الدين التي هي لصالح الإنسان جعلوا من أنفستهم أدوات لصناعة دين لا يخدم إلا السلطان، ومن مساعيهم وحصاد أعمالهم:

1-            إن الدين العالمي الأوحد جعلوه دينا أعرابيا فلكوريا محلياً لا هم له إلا تخليد تقاليد وعادات الأعراب الأقدمين، وأخفوا بذلك وجهة العالمي.
2-            إن الدين الذي جاء لحث الإنسان على الاستخدام الأمثل لملكاته وتزكيتها والاستثمار الأقصى لها جعلوا منه حربا على تلك الملكات وعلى استخدامها، ولم تجمع كافة طوائفهم وشيعهم إلا على تحريم وتجريم استخدام تلك الملكات، فعملوا بذلك على تحويل الناس إلى دواب تركب أو قطيع يقاد، فإذا ما جوبهوا بذلك اكتفوا بالتشدق بالآيات دون أدني عمل بمقتضياتها.
3-            إن الدين الذي جاء بالرحمة للعالمين والسلام للبشرية جمعاء جعلوا منه حربا ونقمة عليها وفرضوا على المسلمين أن يكونوا مصدر ترويع لكل من جاورهم.
4-            إن الدين الذي جعل تكريم الإنسان من مقاصده جعلوه إهانة لكرامة الإنسان وجعلوا المثل الأعلى له من يتقبل الإذلال والامتهان من كل ذي سلطان.
5-            إن الدين الوحيد الذي أعاد للمرأة اعتبارها وكرامتها وحقوقها وتضمن الوصايا المشددة باحترامها وبرأها من تهمة إغراء آدم التي ألصقها أهل الكتاب بها وعاقبوها بسببها وسلبوها كل حقوقها بل وأنكروا عليها إنسانيتها هذا الدين جعلوه حرباً علي المرأة وعدوانا سافرا علي حقوقها وأداة ازدراء لها، هذا الدين حملوه وأثقلوا كاهله بتقاليد البدو من أعراب وأتراك حتى انتهى الأمر إلي أن أصدروا علي المرأة أقسى عقوبة يمكن أن توقع على إنسان لم يأت جرما وهي أن تسجن في بيتها وأن يفرض حظر التجول عليها وأن تمنع من ممارسة الحياة الكريمة.
6-            إن الدين الذي حمل بشدة على الاتباع الأعمى للآباء والأجداد وحمل بشدة على التمسك بتراثهم دون تمحيصه التمحيص اللازم جعلوا منه عبادة للأسلاف وتقديساً لكل ما صدر عنهم بل لجرائمهم ومخالفاتهم لأصول الدين وأسسه، وبذلك أصبحت السلفية هي الفضيلة العظمى وأصبحت مكانة السلف عندهم أعظم من مكانة الله ورسوله بلسان الحال إن لم يكن بلسان المقال، ولقد دفعهم ذلك إلى التصدي لكل تطور أو تقدم ولكل سنن الحياة حتى ولو أدى ذلك إلى القضاء على أمتهم وعليهم.
7-            إن الدين الذي حمَّل كل إنسان مسؤولية نفسه بل جعله مسؤولا عن أمته وعن البشرية جمعاء بل جعله مسؤولا عن كل ما في الأرض جعلوه سلباً لتلك المسؤولية وأصبح الإنسان عندهم كريشة في مهب الريح ساقطة لا يملك من أمر نفسه شيئا أو ممثلا في رواية يؤدي دورا كتب عليه بدون إرادة أو اختيار منه، وعليه مع ذلك أن يتحمل المسؤولية عنه.
8-            إن الدين الذي جاء بأسمى مفهوم عن الإله الأعظم وتضمن كتابه العزيز منظومات أسمائه الحسنى جعلوه دين تشبيه وتبنوا تصورات المغضوب عليهم والضالين من أهل الكتاب وفرضوها على الناس.
9-            إن الدين الذي جعل الشورى في الأمر عبادة جماعية كإقامة الصلاة وألزم الرسول الأعظم بها وكانت من سننه التي مارسها والتزم حقا بها مهما كانت عواقبها جعلوه دين استبداد وقهر وتسلط وألزموا الناس بتقبل ولاية سلسلة من حثالة الطغاة المجرمين والظلمة والسفاحين بل وحرموا عليهم حتى الدعاء عليهم، وحمَّلوا الإنسان المستضعف الذليل المسؤولية عن وجودهم ووجود أمثالهم بحجة أنه مذنب وعاصي.
10-       إن الدين الذي جاء ثورة على الظلم وجعل الظلم هو الجرم الأكبر والمعصية الأعظم وأشاد بمن انتصر من بعد ما ظلم وجعل القتال في سبيل القضاء على الظلم عبادة جماعية ومهمة منوطة بالأمة الخيرة وأباح الجهر بالسوء من القول لمن ظُلِم جعلوه داعياً إلى الاستسلام لكل ظالم، وجعلوا من محاولة دفع الظلم أعظم الجرائم وجعلوا من يحاول ذلك مارقا من الدين خارجا على الجماعة والإجماع حتى أصبح المثل الأعلى لديهم هو المسلم الذليل الخانع المستسلم لكل طاغية.
11-       إن الدين الذي أمر بقيام الناس بالقسط وبالحكم فيما بينهم بالعدل جعلوا منه دعوة للخضوع للظلمة والطغاة وأهل الجور.
12-       إن الدين الذي جاء مفيدا لكل علم وحاثا على طلب العلم والفقه الحقيقي جعلوه حربا عليهما، وتحمس بعضهم فجعل من الاهتمام بالعلم شركا يحول بين الإنسان وبين قرب ربه.
13-       إن الدين الذي ألزم الناس بالأخذ بالأسباب والذي جعل من ذلك سنة مارسها الرسول بكل صدق وإخلاص وجدية جعلوه حربا على السببية وظنوا أن وجودها أي وجود القوانين والسنن يعني انتقاصا من قدرته سبحانه أو شركا فحكموا على أنفسهم وعلى غيرهم بالجهل المزري فإن تلك القوانين والسنن هي مقتضيات الأسماء الحسنى وبالتالي فإن التعرف عليها وفقهها هو السبيل إلى المعرفة الآمنة والممكنة بالله تعالى، وكذلك هو السبيل إلي المعرفة اللازمة لإعداد القوة الكافية لإرهاب الأعداء، كما أن تلك القوانين هي مقتضيات المشيئة والإيمان بوجودها هو من لوازم الإيمان بالقدر الذي هو من أركان الإيمان ولوازمه، وموقفهم هذا بالإضافة إلى جنوحهم نحو التشبيه وتبني تصورات أهل الكتاب يبين أنهم ما عبدوا ربهم وإنما عبدوا ما سولت لهم أنفسهم وما صوره لهم خيالهم فضلوا وأضلوا وضلوا عن سواء السبيل.
14-       إن الدين الذي جعل مجال الفقه هو الآيات والقوانين والسنن وجعل السبيل إلى ذلك إعمال كافة الملكات القلبية الإنسانية، جعلوا مجال الفقه فيه هو كيفية الأداء الظاهري للشعائر وكيفية الالتزام بأشكال المعاملات والعقوبات وابتدعوا فيما نهوا عن الابتداع فيه ولم يبدعوا فيما أمروا بالإبداع فيه.
15-       إن الدين الذي جاء لوضع الإصر والأغلال عن كاهل الناس ولدفع الحرج ولتغليب اليسر حولوه إلى شبكة هائلة من الأوامر والنواهي والأحكام والشعائر وجعلوا من ربهم موظفا بيروقراطياً أو خليفة أمويا أو عباسيا فقاسوه على ما ألفوه وحالوا بين الناس وبينه وصدوهم عن سبيله، كما جعلوا من دين اليسر دين الحرج الذي لا هم له إلا سلامة الأشكال الظاهرية والإجراءات القانونية.
16-          إن الدين الذي أعلن أن كل الناس قد خلقوا من نفس واحدة وأنهم سواسية كأسنان المشط وأنهم مأمورون بالسعي إلى الدرجات العلى واستباق الخيرات وأن تلك الدرجات ليست حكراً علي أحد قد جعلوه ديناً عنصريا أتي ليستعبد الناس لقريش أو لبني هاشم.
17-          إن عقيدة الإيمان بالقدر الإيجابية الملهمة والتي كانت من أسباب إعداد خير أمة أخرجت للناس وكذلك من أسباب عظمة ما حققته تلك الأمة من انتصارات وإنجازات جعلوا منها عقيدة مثبطة محبطة أصابت الأمة بشتى الأمراض النفسية والاجتماعية من اكتئاب وإحباط ويأس وفصام وقنوط ولا مسؤولية.
18-          إن الدين الذي جاء للناس باليقين جعلوه دينا للظنون.

*******



هناك تعليق واحد: