إيثار الحياة الدنيا
إن إيثار الحياة الدنيا على الآخرة هو من كبائر
الإثم، فمن يؤثر الحياة الدنيا إيثارا حقيقيا على الآخرة هو لا يؤمن حقيقة بالآخرة
فلن يكون له فيها من نصيب، أو هو على الأقل في شك منها يجعله لا يكاد يقيم لها
وزنا، وهو لن يكون له نصيب منها إلا بقدر إيمانه بما ذكره الله تعالى عنها، وهو أيضاً
لا يؤمن حقيقة بأن ما عند الله خير وأبقى ولا بأن الله خير وأبقى.
ومَثل الإنسان الذي يحاول التمسك بالحياة الدنيا
كمثل من يحاول الإمساك بالماء أو التعلق بالهواء أو إبقاء الفناء، فهو يبدد عبثاً طاقته،
وعليه إن استطاع أن يوقف سريان الزمان، والإنسان لا يأخذ من حياته الدنيا إلا آثار
أعماله الاختيارية الواعية على كيانه الجوهري.
ولقد حذر الرسول الناس من فتنة الدنيا فلم
يستمع له أكثرهم، ولقد كان إيثار الدنيا على الآخرة من أكبر الأسباب التي أشعلت
نيران الفتن وقوَّضت صرح الأمة، بل ضلَّ بسببها بعض من كانوا من السابقين الأولين،
وإن كانوا قد ندموا ولم ينتفعوا بما نالوه من الدنيا.
ومن
يؤثر الحياة الدنيا هو في الحقيقة لا يؤمن باليوم الآخر ولا يقيم له وزناً، وهو
بالضرورة من المحسوبين ظلماً علي الإسلام، فالإسلام بالنسبة إليه ليس أكثر من تراث
ألفى عليه آباءه
قال تعالى:
{بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ
الدُّنْيَا{16} وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى{17}}الأعلى * {وَما
الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ}آل عمران185 * {وَمَا
الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ
يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }الأنعام32
* {الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ
لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا
نَسُواْ لِقَاء يَوْمِهِمْ هَـذَا وَمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ }الأعراف51 * {يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ
اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ
فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ}التوبة38 * { إَنَّ
الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا وَرَضُواْ بِالْحَياةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّواْ
بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ{7} أُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمُ النُّارُ
بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ{8} }يونس
* {وَفَرِحُواْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا
وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ }الرعد26 * {ذَلِكَ
بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّواْ الْحَيَاةَ الْدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَأَنَّ اللّهَ
لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}النحل107
* {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ
أَمَلاً }الكهف46 * {وَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ
}القصص60 * {أَفَمَن وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لَاقِيهِ
كَمَن مَّتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
مِنَ الْمُحْضَرِينَ }القصص61 * {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ
وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ
}العنكبوت64 * {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا
يَوْماً لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ
شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا
يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ}لقمان33
* {فَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ
الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى
رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ }الشورى36
* {ذَلِكُم بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ
آيَاتِ اللَّهِ هُزُواً وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ لَا يُخْرَجُونَ
مِنْهَا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ }الجاثية35
* {إِنَّمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ
وَلَهْوٌ وَإِن تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ
أَمْوَالَكُمْ }محمد36 * {فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّى عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ
يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا}النجم29
* فَأَمَّا مَن طَغَى{37} وَآثَرَ الْحَيَاةَ
الدُّنْيَا{38} فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى{39}النازعات
{وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا
إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ}آل عمران185، {قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ
خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً }النساء77، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ
إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ }التوبة38، {اللّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ
يَشَاءُ وَيَقَدِرُ وَفَرِحُواْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا
فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ }الرعد26، {وَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ
}القصص60، {يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ
هِيَ دَارُ الْقَرَارِ }غافر39، {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ
وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ
كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً
ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ
وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ }الحديد20.
{أُولَـئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الْحَيَاةَ
الدُّنْيَا بِالآَخِرَةِ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ
يُنصَرُونَ }البقرة86 * {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ
النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ
وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ
مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ }آل عمران14 * {كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا
تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ
وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ
الْغُرُورِ }آل عمران185 * {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ
وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ
تَعْقِلُونَ }الأنعام32 * {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ
يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ
لِقَاء يَوْمِكُمْ هَـذَا قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ
الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ
كَافِرِينَ }الأنعام130 * {الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْواً
وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا
نَسُواْ لِقَاء يَوْمِهِمْ هَـذَا وَمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ
}الأعراف51 * {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ
إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ
أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ }التوبة38 * {
إَنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا وَرَضُواْ بِالْحَياةِ الدُّنْيَا
وَاطْمَأَنُّواْ بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ{7} أُوْلَـئِكَ
مَأْوَاهُمُ النُّارُ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ{8} }يونس * {اللّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ
وَيَقَدِرُ وَفَرِحُواْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي
الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ }الرعد26 * {الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ
الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَيَبْغُونَهَا
عِوَجاً أُوْلَـئِكَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ }إبراهيم3 * {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّواْ الْحَيَاةَ
الْدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ
}النحل107 * {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ
رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ
عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا
قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً }الكهف28 * {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ
أَمَلاً }الكهف46 * {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا
بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ
وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى }طه131
* {وَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ
فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ
وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ }القصص60 *
{أَفَمَن وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً
فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَن مَّتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ}القصص61
* {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ
الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ
الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ }العنكبوت64 * {يَا
أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لَّا يَجْزِي وَالِدٌ
عَن وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ
اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم
بِاللَّهِ الْغَرُورُ }لقمان33 * {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ
حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ
الْغَرُورُ }فاطر5 * {يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ
الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ }غافر39 * {فَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ
الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا
وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ }الشورى36
* {ذَلِكُم بِأَنَّكُمُ
اتَّخَذْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُواً وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا
فَالْيَوْمَ لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ }الجاثية35 * {إِنَّمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ
وَإِن تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ
أَمْوَالَكُمْ }محمد36 * {فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّى عَن ذِكْرِنَا
وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا }النجم29 * {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا
لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ
وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ
فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ
وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا
مَتَاعُ الْغُرُورِ }الحديد20 * فَأَمَّا مَن طَغَى{37} وَآثَرَ الْحَيَاةَ
الدُّنْيَا{38} فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى{39}النازعات
إن كل هذه الآيات تكشف حقيقة الحياة الدنيا وتبين
أنها متاع قليل محدود من كافة الجوانب، فهو محدود المدى محدود التنوع....، فالآخرة
أعظم شأناً وأجل منها، وما عند الله خير وأبقى، والله خير وأبقى، وإدراك كل ذلك والعمل
بمقتضاه هو من وسائل تزكية النفس وهو عين الحكمة، فيجب الأخذ بالمرويات التي تندرج
في هذا السياق وتصف للناس سبل التحلي بالزهد في متاع الدنيا القليل، فهي تفصِّل لهم
سبل تزكية النفس، بينما يجب رفض المرويات التي تحاول أن تنال من قدر الرسول صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ بتصويره منكباً على هذا المتاع القليل ومنشغلاً به.
وبالطبع ضرب كل خلفاء وسلاطين المسلمين -إلا
قليلا منهم- للعالم أسوأ الأمثلة في الانخراط في متاع الدنيا والانكباب عليها
والتفنن في تحصيل لذَّاتها، وكان أحدهم يكنز الأموال ويقتني في قصره مئات وربما
آلاف الجواري من شتى السلالات، فهل ضرب هؤلاء للناس المثل في إيثار الآخرة على
الدنيا؟ وهل خطر ببالهم أن القيام بما يمليه عليه واجبهم تجاه الناس أعظم أهمية من
إشباع غرائزهم البهيمية؟
إنه يجب أن يقرأ الإنسان جيدا وأن يذكر جيدا كل
الآيات التي تكشف حقيقة الحياة الدنيا حتى يزكي بها نفسه ويطهرها من عبادة الدنيا
والتكالب على متاعها، وعليه ألا يتأسى بالسلف فيما ظهر منهم من جشع وتشبث بمتاع
الدنيا القليل وحب للغنائم دفعهم إلى شن حرب شعواء على البشرية جمعاء وتسبب لهم في
هزائم راح ضحيتها بعض الصفوة منهم.
ولكن لا يجوز للمسلم أن يعرض تماما عن الحياة
الدنيا بل هو مطالب بخوض غمارها والسعي فيها بكل ما أوتي من قوة، فبجهاد نفسه في
الدنيا يتطهر ويتزكى ويحقق مقاصد الدين بالنسبة لنفسه.
*******
إن الشهيد هو من اشترى الله منه نفسه، فهو يبذلها
لله رب العالمين، ولا يعني ذلك بالضرورة أن يُقتل، بل هناك الشهداء الأحياء، ومنهم
الذي يكرس نفسه تماما لله ولتحقيق مقاصده وللقيام بما أمره به، فيكون كل قوله
وعمله وسعيه لله رب العالمين، فهو الأسوة الحسنة لكل من زهد الحياة الدنيا وآثر عليها
الآخرة، وأعلى الشهداء درجة هم من آمنوا إيمانا حقيقيا بأن اللَّه خَيْرٌ وَأَبْقَى
واعتصموا بهذا الإيمان لم تزحزحهم عنه الشدائد.
وممن ضربوا أروع الأمثلة للشهداء السحرةُ المصريون
الذين تحدوا فرعون ولم يحفلوا بتهديده لهم بأن ينزل بهم أشد العذاب، وآثروا الله وأعلنوا
أنه خير وأبقى:
{قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءنَا مِنَ
الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ
الْحَيَاةَ الدُّنْيَا{72} إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا
وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى{73} طه.
إن إيثار الحياة الدنيا هو من أركان المنظومة
الشيطانية المهلكة، ذلك لأنه يمكن أن يدفع الإنسان إلى اقتراف شتى كبائر الإثم
وإلى خيانة دينه وأمته وبلده، وفي المقابل فإن الإيمان باليوم الآخر هو من أركان
الإيمان، وإيثار اليوم الآخر هو الذي يقوي من مناعة الإنسان ضد اقتراف الآثام
والولع بها.
ويقابل هذا الخلق في الإنسان إيثار الدار
الآخرة وأعلى من ذلك إيثار الله على كل ما هو سواه.
*******
من المنظومة الشيطانية
ردحذف