الأحد، 19 يوليو 2015

الصبـر

  الصبـر  



الصبر هو الصفة الرئيسة المعبرة عن متانةِ البنيان النفسي، فهو الصفة النفسية التي تقابل القوة الجسدية على مستوى الكيان المادي، ومن لوازم وتفاصيل الصبر الجلد والصمود والقدرة على تحمل المشاق ومواجهة الابتلاءات وتحدى الصعاب والتغلب على الأمور المعاكسة والمحبطات.
فالصبر ليس الاستكانةَ والاستسلام والخنوع وإنما هو المثابرةُ على العمل وتحملُ المشاق والصمودُ أمام الصعاب والارتفاع فوق المحن وعدم النكوص على الأعقاب وعدم تعجل النتائج أو النجاح، وهو يتضمن التماسكَ وعدمَ الانهيار عندما تكون بعض النتائج محبطة أو مثبطة، فهو من علامات متانة البنيان النفسي والاتزان النفسي، فالصبر مرتبط بالإيمان بالله تعالي وصدق التوكل عليه والثقة به والثقة بصدق أقواله ووعوده، وهو كذلك مرتبط بالثقة بالنفس وبإمكاناتها التي هي من مقتضيات الكمالات الإلهية، ومن الجدير بالذكر أن التحقق بالصبر والعمل وفق مقتضيات ذلك هو من فروع أركان الدين الحقيقية، وهو من شروط الغلبة والانتصار، ومن اجتمع فيه الإيمان والصبر والفقه هو غالب على أمره.
والصبر هو من مقتضيات وآثار الأسماء الإلهية الصمد والقوي والمتين في كيان الإنسان، فالصبر يعني الجلد والقدرة على التحمل والصمود، ومن الصبر تحمل أعباء الأمانة والوفاء بمقتضياتها من التكاليف؛ وتحمل أعباء الاستخلاف في الأرض، والصبر على كل عمل شاق يؤدى إلى تحقيق مقاصد الدين العظمى.
-------
إن كلمة "الصبر: هي مصدر؛ أي اسم معنى، يُطلق على الصفة، كما يُطلق على الأفعال والاستجابات التي هي من مقتضياتها، فالصفة تظهر في قدرة الإنسان على التصدي للصعاب والمحن والصمودِ في مواجهة الشدائد والثبات في المعارك، وركن التزكي يقتضي من الإنسان العمل على اكتساب هذه الصفة والتطهر مما يناقضها، وركن اجتناب كبائر الإثم والفواحش يقتضي ألا يتصرف الإنسان بمقتضى ما يناقضُها، وما يناقضها هو الجبن والهلع والذي يؤدي إلى النكوص في مواجهة المحن والفرار من ميدان المعركة. 

إن الصبر هو ركن فرعي هام من أركان الدين، وهو من أوجب الصفات وهو أيضاً من لوازم ومقاصد أركان أخري، ولقد شدد الكتاب العزيز علي أهميته الفائقة حتى لقد قدمه أحياناً علي بعض الأركان المشهورة، وهو الصفة المعبرة –بالنسبة للفرد- عن متانة البنيان النفسي، وهو يعني الجلد والتماسك والقدرة علي متابعة العمل والتحمل علي كافة المستويات ومن ذلك تحمل أعباء القيام بأركان الدين والصمود في مواجهة الشدائد والبأساء والضراء والمحن والابتلاءات، ويعني أيضاً القدرة علي مواجهة المشاعر النفسية المخربة مثل الغضب والحقد والرغبة في الانتقام، ويضاد هذا الركن الجزع والهلع علي المستوي الصفاتي والارتداد علي الأعقاب والنكوص والإخلاد إلي الأرض والفرار من الجهاد أو القتال علي المستوي العملي.
ومن عناصر وأنواع الصبر:
1-          الصبرُ على القيام بمقتضيات الأوامر الدينية وتحملِ ما فيها من مشاق تسببها طبيعةُ النفس وطبيعةُ الحياة الدنيا والطبيعةُ الغالبة علي أكثر الناس، وهو من لوازم إدراك أن الدنيا دارُ ابتلاء في حين أن الفصلَ التام في أكثر الأمور مؤجل إلى يوم القيامة وذلك لإتمام تحقيق المقاصد الوجودية.
2-          الصبر علي حمل أعباء الأمانة والتكاليف وعلى أداء أركان الدين وتحقيق مقاصده فالصبر يسري في كل أركان الدين وهو من لوازم القيام بها وهو يتمثل في القدرة على متابعة العمل دون ملل أو كلل أو تبرم.
3-          القدرة علي تحمل المشاق في سبيل الله تعالي.
4-          الصمود وتحمل الابتلاءات والشدائد ومواجهة المثبطات والمحبطات والثبات في مواجهة المحن.
5-          متابعة العمل حتى يتحقق المقصد أو الهدف.
--------------------
إن الصبر هو ركن فرعي من أركان الدين، ولعظم أهميته فإنه يذكر مقارناً للصلاة بل ويسبقها أحياناً، والصبر هو من مقتضيات حسن الظن بالله تعالى والعلم بأسمائه الحسنى، وهو من لوازم حسن الخلق، كما أنه يترتب على التحلي به حسن الخلق، ومن جمع بين الإيمان والصبر والفقه لابد له من النصر، ومن جمع بين الصبر وبين التقوى يستحق صلوات من الله ورحمة ويستحق التأييد بالملائكة، وللصابر حسن العاقبة في الدنيا والآخرة، ولابد منه لمن يتطلع إلى مرتبة الإمامة، وهو من الصفات اللازمة للمصطفين الأخيار من عباد الله، ومن يصبر ويتقي ربه لا يضره كيد الناس شيئا ويأتيه مدد إلهي روحاني عند كل حاجة وينتصر بربه على من يفوقونه في الإمكانات المادية.
والصبر من أكبر أركان منظومة القيم الإسلامية، ومن أركان الدين الفرعية، ولذلك يمكن اعتبار التحقق به ركناً من أركان الدين، فهو يُذكر أحياناً متقدماً على بعض الأركان، ولقد بيَّن الله في آياته أنه مع الصابرين وأنه يحب الصابرين، ولقد بشرهم بكل خير، والآيات التي أمر الله تعالى فيها بالصبر وحثَّ على التخلق به هي أكثر عددا بكثير من الآيات الخاصة بصيام رمضان وحج البيت، ومن هذه الآيات:
{وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ }البقرة45  *  {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ }البقرة153 *  {إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُوْلَـئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ}هود11  *  {الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ }آل عمران17  *  {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ }البقرة250  *  {وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ }آل عمران120  *  {بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَـذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ }آل عمران125  *  {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيراً وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ }آل عمران186  *  {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }آل عمران200  *  وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }النساء25  *  {وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ وَلَقدْ جَاءكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ }الأنعام34  *  {وَمَا تَنقِمُ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ }الأعراف126  *  {قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ }الأعراف128  *  {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُواْ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ}الأعراف137  *  {وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ }الأنفال46  *  {وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّىَ يَحْكُمَ اللّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ}يونس109  *  {تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَـذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ }هود49  *  {وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ }هود115  *  {إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}يوسف90  *  {وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ }الرعد22  *  {سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ }الرعد24  *  وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ فِي اللّهِ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ{41} الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ{42} النحل  *  {مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }النحل96  *  {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُواْ مِن بَعْدِ مَا فُتِنُواْ ثُمَّ جَاهَدُواْ وَصَبَرُواْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ }النحل110  *  {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ }النحل126  *  {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ }النحل127  *  {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاء اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى }طه130  *  {إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ }المؤمنون111  *  {وَما أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً }الفرقان20  *  {أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَاماً }الفرقان75  *  {أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ }القصص54  *  وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُم مِّنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ{58} الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ{59} العنكبوت  *  {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ}الروم60  *  {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}لقمان17  *  {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ}السجدة24  *  {اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ }ص17  *  {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ }غافر55  *  {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ}غافر77  *  {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ }فصلت35  *  {وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ }الشورى43  *  {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ }الأحقاف35  *  {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ }ق39  *  {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ }الطور48  *  {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ }القلم48  *  {فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً }المعارج5  *  {وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً }المزمل10  *  {وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ }المدثر7  *  {وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً}الإنسان12  *  {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً }الإنسان24  *  {ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ }البلد17  *  {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ }العصر3  *  {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155)الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ(156)أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ(157) البقرة  *  {لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ }البقرة177  *  كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ }البقرة249  *  {وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ }آل عمران146  *  {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفاً مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ-الآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}الأنفال65-66  *  {وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ }الأنبياء85  *  وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ{34} الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ{35} الحج  *  {وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ }القصص80  *  {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً }الأحزاب35  * {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ }ص44  *  {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ }الزمر10  *  {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ}محمد31


وتبيِّن آيات القرءان أن الله تعالى يحدد المراتب ويقرر الدرجات وفقاً لأمور حقانية موضوعية وليس وفقا للأنساب والأمور الشخصية والذاتية، والأمور الحقانية الموضوعية تشمل الأعمال والصفات، قال تعالى:
{إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35)} الأحزاب

لذلك فإن اللَّهُ قد أَعَدَّ مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً لمن تحقق لديه ما يلي: الإسلام، الإيمان، القنوت، الصدق، الصبر، الخشوع، التصدق، الصيام، حفظ الفرج (العفة)، ذكر الله كثيرا، ولم يذكر أي شيء شخصي أو ذاتي، فلم يقل مثلا: "وأصحاب النبي والصاحبات" أو "من رأوا النبي والرائيات"، فالصحبة مجرد التقاء في الزمان والمكان، وقد يكون هذا الصاحب كافرا أو منافقا، وكذلك رأى كثير من الكفار النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ، ولم ينتفعوا بهذه الرؤية.
ولا توجد أية آية تجعل الأكرمية لمن وُجد في عصر معين، وإنما يؤكد القرءان أن مناط الأكرمية عند الله هو التقوى، ولم ترد أية آية تقول إن أهل عصر معين كانوا أتقى الناس، بل وردت آيات تؤكد أن أكثر قوم النبي قد حق القول عليهم فهم لا يؤمنون، وأن الأعراب لم يؤمنوا وإنما أسلموا؛ أي أذعنوا، وأنهم أشد كفرا ونفاقا.
والوجود في عصر نبي أو القرب منه بسبب يضاعف المسؤولية والتبعات، وآية ذلك قوله تعالى:
{يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (30) وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا (31)} الأحزاب
هذا التحذير الشديد قيل لنساء النبي وهنَّ أشد الناس صحبة له، فكيف بمن هم من دونهن؟
وهذا يبين مدى جناية السلف الطالح على دين الله تعالى فقد جعلوه دين أمور شخصية ومحسوبيات وصحبة وأنساب!!
-------
إن الصبر هو من مقتضيات العلم بالله وبأسمائه الحسنى ومقاصده الوجودية والدينية، وهو من لوازم أركان دينية عديدة، وهو أيضاً من صفات الإنسان الرباني الصالح الذي يقصد الدين إلى تربيته وإعداده، لذلك على الإنسان أن يتزكى بالعمل على التحلي بهذه الصفة وتجنب ما يناقضها مثل الهلع والجزع والتراخي والنكوص على الأعقاب وعدم الثبات وسرعة الانهيار والفرار من القتال، والإنسان المؤمن الذي يتحلى بالفقه والصبر لابد من انتصاره، وكذلك الأمر بالنسبة إلى أي كيان إنساني أكبر من الإنسان الفرد.

والصبر أيضا من الصفات التي يمكن أن تتصف بها جماعة من الناس أو الأمة في مجموعها، وهو الصفة المعبرة عن قدرة الجماعة على الصمود ومجابهة المخاطر والتحديات والتصدي للمحن ومواجهة الشدائد والتماسك، وهو من لوازم تحقيق النصر مع الإيمان والفقه، ويزداد نصيب الجماعة أو الأمة من الصبر كلما تحقق ما يلي:
  1. اتصاف أكثر أفرادها بهذه الصفة.
  2. كلما وجدت روابط وصلات بين كافة مكوناتها.
  3. كلما قويت وترسخت الصلات بين كافة مكوناتها.
  4. كلما توفرت آليات لصيانة وتقوية ودعم الصلات بين مكوناتها.
  5. كلما اقتربت من أن تكون كجسد واحد وكنفس واحدة، يعرف كل فرد فيها عدو الأمة من صديقها، فتكون قوة واحدة مع الصديق وضد العدو.

*******

إن الصبر هو من أركان المنظومة الأمرية الرحمانية؛ أي من أركان منظومة القيم الإسلامية، وهو اسم معنى لصفة إنسانية فردية وجماعية، ومن لوازم أركان الدين الحقيقية ومن الصفات اللازمة لكي يحب الله تعالى عبده المحبة الخاصة، والتحلي به من لوازم ركن التزكي وركن الجهاد بصفة خاصة وباقي الأركان بصفة عامة، وفي قائمة الأركان شديدة التفصيل يتبوأ الصبر مكانه كواحد من الأركان الكبرى اللازمة بشدة لتحقيق مقاصد الدين.


*******

هناك تعليق واحد: