الاثنين، 13 يونيو 2016

مكانة الأسماء الإلهية الحسنى في الإسلام

مكانة الأسماء الإلهية الحسنى في الإسلام

إن المقصدَ الدينيَ الأعظم الأول هو تزويدُ الإنسان بالعلومِ اللازمة لصلاحِ أمره في الدنيا والآخرة، وعلى رأسِ هذه العلوم العلمُ بالله عزَّ وجل أي العلمُ بأسمائه الحسنى وبسماته وشؤونه وأفعاله وسننه ومقتضياتِ ذلك من الأمورِ الغيبية، وكذلك العلمُ بما يتضمنُّه كتابه من الأوامر والمعلوماتِ والسنن والبيِّنات والوصايا، فالعلمُ بأسماءِ الله الحسنى هو المقصدُ الأعظمُ على المستوي العرفاني العلمي.
إن هذا المقصد يتضمن تزويد الإنسان بالمعلومات والأسس والأوامر والسنن والآليات اللازمة لصلاح أمره في الدنيا والآخرة وللقيام بالواجبات والمهام المنوطة به من حيث كونه حاملاً للأمانة ومكرما ومفضلا ومستخلفا في الأرض ومسئولاً عن عمارتها، وعلي رأس العلوم اللازمة تلك المتعلقة بعالم الغيب والتي يمكنه استيعابها والإفادة منها مع الأخذ في الاعتبار أن ثمة غيبا مطلقا لا سبيل إلي معرفته أبدا، فمن الغيب المطلق كنه ذات الله عزَّ وجلَّ وحقائق أسمائه وسماته، أما ما يمكن معرفته من الأمور الغيبية فهو مذكور في القرءان بلسان وبيان يمكن أن يدركه الإنسان، ومن يقرأ القرءان بتدبر يجد أن أكثر آياته تهدف إلي تزويد الإنسان بقدر من المعرفة بالإله لا يمكن له بمفرده أن يعرفه كما ثبت علي مدى التاريخ، هذا مع العلم بأن هذا القدر هو أمر لازم لكي يصل الإنسان إلي أعلى مراتب السمو الجوهري في الدنيا والآخرة، والأسماء الحسنى هي مصدر المنظومة الأمرية الرحمانية؛ أي مصدر منظومة القيم الإسلامية، فكل قيمة من القيم الإسلامية تستند إلى اسمٍ أو أكثر من الأسماء الإلهية.
لكل ذلك فالمقصد الديني الأول هو أن يعرف الإنسان ما يلي:
1-       الأسماء الحسنى بكافة أنساقها.
2-       السمات والأفعال والشؤون الإلهية.
3-       مقتضيات كل ذلك من السنن الإلهية.
4-       مقتضيات كل ذلك من السنن الإلهية الكونية الخاصة بالمخيرين وغيرهم.
5-       مقتضيات كل ذلك من منظومات القيم والسنن الشرعية والتشريعية والأوامر والنواهي.
6-        المقاصد الدينية العظمى والفرعية والمعلومات اللازمة لتحقيقها.
7-       السنن الكونية العامة المذكورة في الكتاب العزيز.

ولتحقيق هذا المقصد يجب القيام بكل أركان الدين بصفة عامة، وبالأركان الآتية بصفة خاصة:
1.    الإيمان بالإله الواحد الذي له الأسماء الحسنى والشئون والأفعال والسنن الواردة في القرءان الكريم، (والحد الأدنى اللازم للوفاء بهذا الركن هو في الإسلام الظاهري: شهادة أن لا إله إلا الله).
2.    عبادةُ الله تعالى بإخلاصٍ وذلك بطاعته والاستجابة له؛ أي القيامُ بحقوق أسمائه الحسنى ومقتضياتها، ومن ذلك العمل بمقتضى سننه وأوامره وإسلامُ الوجه له والشكرُ له والاستقامةُ كما أمر والتوجهُ إليه بالدعاء، والإخلاص يعني ابتغاء وجه الله في كل عمل.
3.    ذكر الله، والذكرُ هو الوعي والإحساس الصادق بالحضور الإلهي، والركن الملزم هو جماع كلِّ ما يؤدي إلى تنميةِ وتزكية هذا الإحساس، وهو يتضمن ذكرَ أسماءِ الله الواردةِ في القرءان وذكرَ الآياتِ التي ورد فيها الأسماءُ والتسبيحَ لله والتسبيحَ بأسماءِ الله والتسبيحَ لأسماءِ الله والتسبيح بحمد الله والتكبير والاستغفار والحمدَ لله والشكر لله والتفكر في خلق الله والنظر في آياته وسننه، وذكرُ الله يستلزم ذكر نعمته والقيام بواجب الشكر عليها وحسن استثمارها والانتفاع بها.
4.    العملُ على إقامةِ ودعمِ وترسيخ صلةٍ وثيقة بالله تعالي وعلاقةٍ حميمة معه سبحانه، وهذا الركن يقتضي إسلامَ الوجه لله والولاءَ لله والإخلاصَ لله والتوبة والإنابة إلي الله والإخبات إلي الله وحب الله وتقوى الله وذكر الله والاعتصام به والتوكلَ عليه وتفويضَ الأمر إليه وإجلالَه وتعظيم قدره والاستعانة به والاستعاذة به والفرار إليه والشكرَ له وطلب الهدى منه واتخاذَه وليًّا والعمل لإعلاء كلمته والإقرار بنعمته والمبادرة بالاستغفار عند اقترافِ أيِّ خطأ في حقه.
5.    التزكِّي؛ أي تزكيةُ الكيان الإنساني بكل ما يتضمنه من قلبٍ ولطائف ونفسٍ وجسد، وذلك بالعمل على التطهر من كل عناصر وآثار منظومة الأخلاق الذميمة والصفات الشيطانية وعلى اكتسابِ وتنمية كلِّ عناصر المنظومة المعنوية الإسلامية من القيم والمبادئ والمثل والصفات الحسنى ومكارم الأخلاق، ومن الأركان الفرعية لهذا الركن الجوهري الكبير التحققُ بالتقوى والصبرِ والحكمةِ والإحسانِ والشكرِ والصلاحِ وطلبِ العلم والصدق والولاءِ للحق.
6.    إقامةُ الصلاة، وهي تتضمنُ إقامةَ الصلواتِ الخمس، كما تتضمن وصلَ ما أمر الله به أن يوصل؛ أي إقامةَ شبكات من الوصلات والعلاقات الشرعية بين الإنسان وبين الكيانات الأخرى التي هو مأمور أن يقيم صلاتٍ بها.
*******
وأركان الدين ذات الصلة المباشرة بالأسماء الحسنى بمزيد من التفصيل هي:
  1-              الإيمان بالإله الواحد الذي له الأسماء الحسنى الواردة في القرءان، وهذا يستلزم أن يعرفها الإنسان بقدر وسعه وأن يدعو ربه بها كما أمره وأن يعرف الآيات التي وردت فيها، ومن لوازم ذلك الإيمان بما نسبه الله إلي نفسه في الكتاب العزيز من السمات والشؤون والأفعال والسنن، والحد الأدنى اللازم للوفاء بمقتضيات هذا الركن أن يؤمن الإنسان بأنه لا اله إلا الله علي أن يعرف المقصود منها وأن يحيا بمقتضى ذلك.
  2-              وفي حالة وجود الأمة المؤمنة الخيرة فإنه يكون ملزما بأن يعلن إيمانه على رؤوس الأشهاد وأن ينضم إلي تلك الأمة وأن يكون قوة تضاف إليها، والإيمان بقدر الله وقضائه وبتدبيره للأمور وتصريفه للآيات وبكل أفعاله التي ذكرها في كتابه هو من فروع الإيمان بأسمائه وأفعاله، ويجب الإيمان بأن الله سبحانه ليس كمثله شيء، وهذا الركن يلزم الإنسان باحترام حقوق الله تعالى؛ فلا يكفر بشيء مما ذكره عن نفسه ولا يشرك به شيئا ولا يلحد في أسمائه ولا يجحد بآياته ولا يخطئ في حقه ولا يشبهه بأحد خلقه ولا يزعم لهم ما هو له ولا يسيء الظن به ولا يتقول عليه ولا يفتري عليه ولا يتقدم بين يديه ولا يتخذ من دونه شفعاء أو أولياء، وأن يعلم أن الله هو الأصدق حديثا، وأن يعلم أن كل كمال وفضل ونعمة ورزق حسن إنما هو من الله، وأن يلتزم باحترام وإجلال الجناب الإلهي، وأن يسعى دائما إلي زيادة علمه بربه، وأن يستعين بالله وأن يطلب الهداية وكل شيء منه وألا ينظر إلى من هم من دونه إلا من حيث هم آلات بيده يسيرهم كيف يشاء ويصرفهم كيف يشاء وهو الآخذ بنواصيهم والمستوى على عروشهم، ومن كبائر الإثم المضادة لهذا الركن الشرك؛ وهو أن يزعم لمخلوق ما هو حق لله تعالي؛ وكذلك الكفر وهو إنكار أي أمر نسبه الله إلي نفسه، ومن كبائر الإثم أيضا تشبيه الله بخلقه وتجسيمه ومحاولة تقييده بالتصورات البشرية وسوء الظن به وكل ما يترتب علي ذلك من النفاق والرياء، ومن كبائر الإثم المضادة لهذا الركن أيضا أن يخطئ الإنسان في حق ربه وأن يجهل ما نسبه إلي نفسه وأن يتصرف وفق مقتضيات جهله وأن يتصف بما يترتب علي ذلك من الفسق أو النفاق أو الرياء، إن الإيمان الحقيقي بأنه لا إله إلا الله يقتضي بالضرورة العمل وفق ذلك، لذلك فهو يتضمن رفض أن يستعبد الإنسان لأي شيء من دون الله تعالى، فهو يعني الحرية الحقيقية والعزة والكرامة للمؤمن، وهذا الركن من أركان الدين الأساسية.
  3-              عبادة الله تعالى، والعبادة هي الاسم الجامع لكل الأعمال والأنماط السلوكية التي تصدر عن الإنسان استجابة للأوامر الإلهية، فهذا الركن يعني الاستجابة لله؛ وهذا يعني العمل بمقتضيات الركن السابق أي القيام بحقوق الأسماء الحسنى أي أن يتحقق بمقتضياتها وأن يقابل بالآداب اللازمة تجلياتها، ومن مقتضيات الإيمان بأن لله الأسماء الحسنى والقيام بحقوقها والعيش وفق مقتضياتها: دعوة الله تعالي بتلك الأسماء وذكر الله بها والتبتل إلي الله، تقوى الله، خشية الله، الاستعانة بالله، الاستغفار، التسبيح بحمد الله، التسبيح لله، القنوت لله، طاعة الله، الشكر لله والإقرار بنعمته وذكرها والتحديث بها، التطلع إلى ما عند الله، إسلام الوجه لله، إخلاص الدين لله، ألا يخشى أحدا إلا الله، الاكتفاء بالله تعالى واستمداد الأمن والهدى منه واتخاذه وليا، خشوع القلب لذكر الله وما نزل من الحق، الصبر ابتغاء وجه الله، الحمد لله، الثناء على الله، الشهادة لله، الدعوة إلى الله، تعظيم حرمات الله، النظر في آيات الله، إجلال وتوقير سنن الله، ومن كبائر الإثم المضادة لهذا الركن الشرك والنفاق والاستجابة للشيطان وحزبه والرياء واقتراف الذنوب والإصرار عليها والإعراض عن آيات الله، وهذا الركن من أركان الدين الجوهرية.
  4-              ذكر الله، والذكر هو الإحساس الصادق بالحضور الإلهي، والركن الملزم هو جماع كل ما يؤدي إلي تنمية وتزكية هذا الإحساس بمعنى أن يلتزم الإنسان بكل ما يذكره بالحضور الإلهي معه في كل أحواله حتى يتحقق له هذا الذكر فلا يغفل عن ربه أبدا ويتولد لديه إحساس صادق دائم بهذا الحضور، وهذا الركن هو من الأركان الجوهرية والأعظم والأبقى، ومن لوازم هذا الركن ومن وسائل التحقق به ذكر أسماء الله وذكر الآيات التي وردت فيها الأسماء والتسبيح لله والتسبيح بأسماء الله والتسبيح بحمد الله تعالى والتكبير والاستغفار وخاصة بالأسحار والتبتل إلي الله، ذكر نعمة الله تعالى بمعني أن يعلم الإنسان أن ما به من نعمة هو من الله وأن يعمل وفق مقتضيات هذا العلم، وكل هذا يستلزم الإعراض عن الغافلين عن ذكر الله لأن مجرد مخالطتهم وربما مجرد رؤيتهم قد تبدد آثار ما يبذله الإنسان من جهد للتحقق بهذا الركن، ومن كبائر الإثم المضادة لهذا الركن الإعراض عن ذكر الله والغفلة عنه والإعراض والغفلة عن آياته وسننه، وهذا الركن من أركان الدين الجوهرية.
  5-              العمل على إقامة صلة وثيقة بالله تعالي وعلاقة حميمة معه سبحانه والعمل علي دعمهما وترسيخها، ويقتضي هذا الركن أولا العمل بالأركان السابقة وعلى رأسها العلم بالأسماء الحسنى الإلهية، وهو يتضمن كذلك عدة أركان فرعية هامة علي رأسها التوبة والإنابة إلي الله والولاء لله والإخلاص لله وحب الله والتحقق بتقوى الله والاعتصام به والتوكل عليه وتفويض الأمر إليه والاستعانة به والاستعاذة به من الشيطان ومن كل شر، فيجب أن تكون لله تعالى المكانة العظمي في الكيان الجوهري للإنسان، والتوبة تكون من كل مظاهر النقص الإنساني ومقتضياته فيفر منها الإنسان إلي ربه، والتحقق بتقوى الله يعنى أن يتحلى الإنسان بمقتضيات تحققه بذكر الله فيحبه ويجله ويوقره ويخشاه ولا يتعدى حدوده، فالتقوى هي جماع مقتضيات الإحساس القلبي الصادق بالحضور الإلهي، والتقوى هي ثمرة الأركان السابقة وكذلك هي ما ينتج عن التحقق بذكر الله، والاعتصام بالله يعني أن يتخذ المؤمن منه ملاذًا ومولي ونصيرا ويتمسك بكل ما أمره به، وهذا يقتضى الاعتصام بحبله وهو القرءان الكريم، فيجب أن يتحلى المؤمن باليقين بأنه يستند إلي ركن ركين هو تأييد ونصر رب العالمين، والتوكل على الله يقتضي تفويض الأمر إليه والفرار إليه والاعتماد علي حوله وقوته، وهذه صفات تقتضي أفعالا وكلها من لوازم القيام بحقوق الأسماء الحسني، ومن ذلك الفرح بفضل الله تعالى ورحمته، الاستعاذة بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، الاستعاذة بالله السميع البصير من شر الناس، ألا يوالى أعداء الله، أن يتخذ الشيطان عدوا، والاستعاذة ليست بمجرد التلفظ بعبارة وإنما هي حالة وجدانية يعمل الإنسان علي اكتسابها والتحقق بها وما التلفظ بعبارات الاستعاذة إلا وسيلة للتحقق بتلك الحالة، فالعلاقة بين الإنسان وربه تتضمن صفات يجب أن يعمل الإنسان على اكتسابها وتقتضي منه أعمالاً وأنماطاً سلوكية تؤدي إلي ترسيخ وتقوية تلك الصفات، ومن كبائر الإثم المضادة لهذا الركن اتخاذ أرباب من دون الله والركون إلي غير الله والاعتصام بما هو من دون كتابه من الكتب والمذاهب وكراهية ما أنزل الله وتعدي حدود الله وألا يقيم الإنسان وزنا لأوامر الله ونواهيه، ومن لوازم هذا الركن المبادرة بالتوبة والاستغفار كلما صدر عن الإنسان معصية، وكل ما يصدر عن الإنسان ينبغي أن يصطبغ بتقوى الله، وهذا الركن هو من أركان الدين الجوهرية، وهو من الأركان الأعظم والأبقى.
  6-              تزكية الكيان الإنساني بكل ما يتضمنه من قلب ولطائف ونفس وجسد، وهذا الركن هو من الأركان العظمى ذات الأثر الأبقى، وهو  يقتضي العمل علي التطهر من كل ما يناقض منظومة القيم الرحمانية من الصفات والأخلاق الذميمة مع اكتساب كل ما تتضمنه تلك المنظومة من القيم ومكارم الأخلاق، وهذا يستلزم العمل علي تزكية وتنمية الملكات القلبية الوجدانية والذهنية وأن يكون الإنسان حريصا علي الإفادة الأمثل من الوقت وتجنب إهداره عبثا وعلى طلب العلم والانتفاع به، وعلي رأس ما يجب طلبه العلم بكتاب الله وما يتضمنه من الحكمة والعلم بأسماء الله وبالأمور الغيبية وبمقاصد الدين وأركانه وسننه وبكل ما يلزم للقيام بكل ذلك، وكذلك العلم بالآيات الكتابية والكونية وما تتضمنه وما يسري فيها من السنن الإلهية والكونية، والمعلومات التي هي مجال العلم تتسع وتتنوع بالتقدم، فكل مسلم ملزم بالاستزادة الدائمة من العلم ومن كل ما يستجد من المعلومات فذلك أمر لازم للقيام بسائر الأركان الأخرى، ومن مكارم الأخلاق التي يجب التحلي بها: تقوي الله والشكر لله والصبر والحلم والعفو عن الناس (عند المقدرة عليهم) والصفح الجميل وكظم الغيظ والإعراض عن الجاهلين والشجاعة والقوة والعزة والأمانة والصدق ومودة المؤمنين ورحمتهم والحلم والتواضع وخفض الجناح للمؤمنين والتفكر والتدبر والتفقه وحب العلم والاستقامة والرأفة والرحمة والحياء والإحسان والأمانة والتوكل على الله والعدل واللين والرفق والأمانة والمصابرة والشدة على الكافرين والفقر إلى الله، ويجب العمل علي اكتساب الحكمة وتنمية ملكة الفقه، واكتساب الحكمة هو الذي يؤدي بالإنسان إلي فقه مقاصد الدين العظمي ومقاصد الأحكام والأوامر الكلية والجزئية وكذلك معرفة أفضل السبل لتحقيقها وتفعيلها بالنظر إلي حالة الواقع وحالة الناس، والفقه ملكة قلبية لدي الإنسان وهو أيضا صفة تعني تفوق الملكات الذهنية لديه وقدرته علي إعمالها والإفادة منها، فالفقيه هو من يجيد استعمال ملكاته لتحقيق مقاصده، ومما يعين علي تزكية النفس مصاحبة عباد الله الصالحين المخلصين له الذين يريدون وجهه، ومن علامات السائر على درب التزكي أنه إذا ذكر الله أمامه وجل قلبه وإذا ذكَر هو الله اطمأن قلبه وإذا تليت عليه آياته زادته إيمانا، ومن كبائر الإثم المضادة لهذا الركن أن يكون أمر الإنسان فرطا وألا يبذل ما في وسعه لتزكية نفسه وأن يعمل علي اكتساب الأخلاق السيئة أو أن يتركها لتستفحل وأن يصاحب أهل الظلم والفسق وأن يركن إليهم، ولقد توعد الكتاب من يركن إلي من ظلم بعذاب النار فكيف بمن يركن إلي الظالم أم كيف بمن يظلم الناس، والصبر هو ركن فرعي هام وهو من أوجب الصفات وهو أيضا من لوازم ومقاصد أركان أخري، ولقد شدد الكتاب علي أهميته الفائقة، وهو الصفة المعبرة عن متانة البنيان النفسي، وهو يعني الجلد والتماسك والقدرة علي متابعة العمل والتحمل علي كافة المستويات ومن ذلك تحمل أعباء القيام بأركان الدين والصمود في مواجهة الشدائد والبأساء والضراء والمحن والابتلاءات، ويعني كذلك أيضاً القدرة علي مواجهة المشاعر النفسية المخربة مثل الغضب والحقد والرغبة في الانتقام، ويضاد هذا الركن الجزع والهلع علي المستوي الصفاتي والارتداد علي الأعقاب والنكوص والإخلاد إلي الأرض والفرار من الجهاد أو القتال علي المستوي العملي، أما تزكية الجسد فمن لوازمها التطهر ووقاية الجسد من كل ما يمكن أن يؤدي إلي تدهور أحواله مما هو معلوم ومما يمكن أن تستجد معرفته، ولقد عرف الإنسان في العصر الحديث مخاطر الميكروبات والفيروسات مثلاً، لذلك فهو ملزم بوقاية جسده منها، ومن لوازم تقوية الجسد الحرص علي سلامته وعلي زيادة كفاءته، وهذا الركن هو من أركان الدين الجوهرية.
  7-              إقامة الصلاة، وعلي الإنسان أن يعمل علي تحقيق مقاصدها وهي تشمل إقامة صلة وثيقة بالله والتحقق بذكر الله وتلاوة آيات الكتاب والانتهاء عن الفحشاء والمنكر، وهي تتضمنُ إقامةَ الصلواتِ الخمس، كما تتضمن وصلَ ما أمر الله به أن يوصل؛ أي إقامةَ شبكات من الوصلات والعلاقات الشرعية بين الإنسان وبين الكيانات الأخرى التي هو مأمور أن يقيم صلاتٍ بها، ويجب العلم بأن تحقيق المقصد أهم بما لا يقاس من الانشغال المبالغ فيه بالأمور الشكلية، ولابد أن تقام الصلاة بخشوع وخضوع وإخبات وحضور ذهن، ولابد أن يعمل الإنسان علي الاتصاف بالصفات التي ذكرها الله تعالى في كتابه للمصلين، وهذا الركن هو التجسيد علي مستوى الشعائر لركن إقامة الصلة بالله تعالي، وبالإضافة إلي الصلوات المعلومة علي الإنسان أن يحرص علي التهجد نافلة له، ومن كبائر الإثم المضادة لهذا الركن الغفلة عن تحقيق مقاصد الصلاة أو محاولة التكسب بأدائها.
*******
إن ركنَ الدين الأعظمَ هو الإيمان بالإله الواحد الذي له الأسماء الحسنى المذكورة في القرءان.
أما العبادة؛ وهي حق الله تعالى على الناس فهي القيامُ بمقتضياتٍ هذه الأسماء وحسنُ الاستجابةِ لها، أما المقصد الوجودي الأعظم فهو الظهور التفصيلي للأسماء الإلهية الحسنى، وهذه الأسماء هي مصدرُ منظومة القيمِ الإسلامية ومصدرُ المثل الإسلامية العليا، وهي التي اقتضت منظوماتِ السنن الكونية والسنن الدينية، فكل ذلك يبيِّنُ مدى أهمية العلم بالأسماء الحسنى.
ولقد ذكر الله عزَّ وجلَّ مصطلحَ الأسماء الحسنى في الآيات الآتية:
{وَلِلّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} الأعراف180  *  {قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً}الإسراء110  *  {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى }طه8  *  {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}الحشر24.
فهذه الآيات تبيِّن الأهميةَ القصوى للعلم بالأسماءِ الحسنى، وهي تتضمنُ أمرا مشددا بالتوجه إلى الله تعالى بالدعاء بهذه الأسماء، وهذا يقتضي العلمَ بها حتى لا يقترفَ الإنسان إثمَ الإلحادِ في الأسماء الإلهية، فالعلمُ بهذه الأسماءِ أمرٌ لازم لكي يبديَ الإنسانُ الاستجابةَ اللازمة لها ولكي يعملَ وفق مقتضياتها ولكي يقيمَ صلةً بربه بذكرها ولكي يفقهَ آياتِه الكتابية والكونية وسننَه الشرعيةَ والكونيةَ مما يؤهله لشيءٍ من فقهها.
والتوجه إلي الله سبحانه يكون بالأسماء الحسنى المذكورة في القرءان، فهو مصدرها الأوحد، ولذلك فورود أسماءٍ معينة في الأدعية القرءانية يشير إلى أن هذه الأسماء من الأسماء الحسنى، ولقد ذكر الله تعالى في كتابه كيف كان يدعوه بها الصفوة من عباده المصطفين الأخيار، قال تعالى:
{قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} البقرة32، {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}البقرة127، {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} البقرة128، {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ }البقرة129، {رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ} آل عمران8، {إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} آل عمران35، {قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدا لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ }المائدة114، {.....أَنتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ}الأعراف155، {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ} ص35، {رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدتَّهُم وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}غافر8، {رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}الممتحنة5، {هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء} آل عمران38، {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}الأعراف151، {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}الأنبياء83.
فكل الأسماء المذكورة في هذه الآيات هي من الأسماء الحسنى.
وهذه بعض الآيات التي تحثُّ الإنسان على العلم بأسماء الله الحسنى وتأمره بذلك وتبين أن هذا العلم هو غاية المقاصد بكافة أنواعها، قال تعالى:
{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً }الطلاق12، {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }البقرة106، {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }المائدة40، {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}الحج70، {فَإِن زَلَلْتُمْ مِّن بَعْدِ مَا جَاءتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}البقرة209، وَلاَ تَتَّخِذُوَاْ آيَاتِ اللّهِ هُزُواً وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}البقرة231، وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }البقرة233، وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ }البقرة235، {وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }البقرة244، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ }البقرة267، {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }المائدة34، {اعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}المائدة98، {وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}الأنفال25، {وَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَوْلاَكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ }الأنفال40.
*****
إن الكتاب العزيز قد بيَّن للناس أن لله الأسماء الحسني وأمرهم أن يدعوه أي ينادوه ويخاطبوه ويعبدوه بها وأن يستجيبوا بالعمل بمقتضياتها، وجعل من العلم بهذه الأسماء المقصد من إنزال الكتاب وتبيين وتفصيل آياته ومن إيجاد وإبداع وتصريف الآيات الكونية والكتابية ومن سنِّ الأوامر الدينية والوصايا الشرعية ومن ضرب الأمثال ومن تقدير القوانين والسنن والنواميس ومن تدبير الوقائع والأمور على المستوي الكوني ومن تقليب الإنسان في أطواره المختلفة ومن تسخير ما في السماوات والأرض له ومن جعل ما في الأرض له ومن الإنعام عليه ومن قصِّ القصص وضربِ الأمثال، لكل ذلك تضمنت نسبة هائلة من الآيات تلك الأسماء الحسني؛ فوردت الأسماء الحسني إما في ثناياها وإما أنها خُتِمت بها، بل إن ثمة آيات مخصصة بالكامل لذكر اسم أو أكثر من هذه الأسماء، ومنها:
{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ }الفاتحة1، {الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ }الفاتحة3، {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ}الرعد9، {ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ }السجدة6، {الرَّحْمَنُ }الرحمن1، {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ }الحشر22، {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }التغابن18، {وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ}البروج14، {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ}البروج15، {فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ} البروج16، {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ}الزمر62، {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} الأنعام18. 
فالأسماء الحسني موجودة في القرءان العظيم، ولقد أحصيناها فيه واستخرجناها منه بفضل الله تعالي وألَّفنا في بيان ذلك وفي تفصيله كتبا عديدة.
هذا، ويمكن القول بأن دين الحق يكاد يتلخص في العلم بالأسماء الحسنى الإلهية والعيش والعمل بمقتضى ذلك.
*****
إن أساس كل دين هو ما لدى معتنقيه من عقيدة أو تصور أو مفهوم (Concept) عن إله الكون أو رب العالمين، وللأسف لم يستمد أي مذهب محسوب على الإسلام هذا التصور من القرءان الكريم، وأبسط دليل على ذلك تلك القائمة من الأسماء التي يتغنى بها الناس والتي يزعمون أنها هي الأسماء الحسنى المطلوب إحصاؤها مع أن كثيرا منها ليس مذكورا في القرءان، كما أن في القرءان أسماء غير مذكورة فيها، هذا بالإضافة إلى أنه من الثابت أنها ليست من كلام الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ وأن علماء الحديث أعلنوا بكل وضوح أن هذه القائمة مدرجة، فالتمسك الرهيب بتلك القائمة والحملات القاسية على كل من تسول له نفسه بيان الحقيقة كل ذلك يبين مدى تجذُّر عقيدة اتباع ما ألفوا عليه الآباء في نفوس الناس.
أما المذاهب التي تحدد للمسلم عقيدته مثل الأشعرية والمعتزلة والسلفية فلم تُقِم لأسماء الله في القرءان ما تستحقه من وزن، وبنوا عقائدهم بعيدا عنها!!! والمذهب الذي يبني أسس عقيدته المركزية بعيدا عن القرءان لا يمكن أن يمثل الإسلام، بل هو بالأحرى مذهب حلَّ محل الإسلام.



*******

هناك تعليق واحد: