الثلاثاء، 7 يونيو 2016

صلاة التراويح

صلاة التراويح

لا وجود في الإسلام لشيء اسمه صلاة التراويح، هناك التهجد بالليل نافلة، ولا علاقة بين هذا التهجد وبين صلاة التراويح، وصلاة التراويح ليست بدعة حسنة، ولكنها إحداث في الدين أدَّى في هذا العصر إلى تجارة بالدين يجب اتخاذ موقف حاسم بشأنها، وهناك أوامر قرءانية أعظم بكثير من المحدثات في الدين، اذكروا الله واتقوه، اذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ، اذكر ربك بأسمائه الحسنى، تدبروا القرءان بتركيز وهدوء، تفكروا في خلق السماوات والأرض، ادرسوا شيئا من العلوم الطبيعية أو استمعوا إلى محاضرات مصورة عنها على شبكة المعلومات أو الفضائيات، تعلموا لغة عصرية تفتح لكم آفاقا من العلم، .... الخ.
وعلى العموم تراويح الظالم عبادة، إذا كانت التراويح ستستهلك بعض طاقات الظالمين والمشركين والمفسدين في الأرض وتشغلهم لبعض الوقت عن ممارسة ظلمهم وشركهم وصدّ الناس عن سبيل ربهم فلا بأس بها.
*****
إن من أقوى حيل الشيطان استعمال حماس الناس الديني ليركبهم وليقودهم إلى ما فيه هلاكهم، فسيقول الناس دائما: وماذا في صلاة التراويح؟ هل الصلاة ذنب يجب النهي عنه؟ وما المشكلة في أن يُحدث الناس في الدين طاعة حسنة؟ وهم بذلك يجهلون أن حق التشريع في الدين هو لله تعالى وحده، قال تعالى:
{ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (18) إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ (19)} الجاثية، {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُون} [المائدة:48]
فالشريعة إنما تكون بالجعل الإلهي، وليس بجعل الناس واستحسانهم، والرسول الأعظم نفسه ملزم باتباع الشريعة الأمرية التي جعله الله عليها وألا يتبع أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ، والآيات تبين أن المخالفة عن ذلك هي ظلم مبين.
إن الاحتفال الشديد بالأمور التي ليست من الدين في شيء هو من وسائل الشيطان لصدّ الناس عن دين الحق، ويتحمل وزر ذلك أولئك المتنطعون والمحدثون، يجب العلم بأن لدين الحق مقاصده العظمى، كما أن له منظومة سمات ثابتة، ومن سماته الراسخة العالمية، فلا يجوز لأحد تقييده بمحدثات الناس.
وما يُسمَّى بصلاة التراويح لم يرد في كتاب الله ولا في سنة رسوله، وهناك أوامر قرءانية كبرى أعظم منها بكثير تمَّ بيان بعضها، والنبوة قد خُتمت بالرسول الأعظم، فليس من حق أحد أن يشرِّع في الدين من بعده، قال تعالى:
{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ وَلَوْلاَ كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم} [الشورى:21]، وقوله تعالى يعلو فوق كل المرويات التي تتعارض معه! ولقد ثبت أن الرسول امتنع عن أدائها خشية أن تُكتب على الناس فتكون حرجا عليهم في دين من سماته أنه لا حرج فيه!
فلا دخل للخليفة عمر بن الخطاب بهذا الشأن، وهو بغض النظر عن حقيقته لم يكن بالتأكيد نبيا ولا رسولا، وليس من حقه أن يشرِّع في الدين؛ فليس له أن يضيف للإسلام شيئا ولا أن يحذف منه شيئا، ولا مكان هاهنا للصراع التقليدي بين السنة وبين الشيعة الذي أهلك المسلمين! وحرية الدين والمذهب من أسس دين الحق، من أراد أن يعتبر عمر بن الخطاب مالكا لحق التشريع في الدين هو حرٌّ فيما اختاره لنفسه، فلن يكون أول المشركين ولا آخرهم، ولقد قال تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُون} [يوسف:106]، فمن أراد أن يصليها هو وشأنه، ولا يملك أحد أن يمنعه! ولكن يجب عليه ألا يحاول الزعم بأنها من عناصر دين الحق، وعندها يجب التصدي لباطله ودحضه.
ويلاحظ دائما أن المحدثات في الدين هي دائما الأحب إلى قلوب المغضوب عليهم والضالين مهما كان فيها من المشقة! إنه الشيطان يحبب إلى أتباعه الشرك والكفر والفسوق والعصيان.
ولا يمكن لأحد أن يتعبد إلى الله باتخاذ شركاء مشرعين في الدين معه ولا بالكفر بآياته التي تؤكد أن القرءان مبين ومبيِّن وتبيان لكل شيء، والله سبحانه هو الغني عن الشركاء وعن المشركين وعن المنافقين الذين يزعمون أنهم يؤمنون بكتابه، وهم في الحقيقة يكفرون ببعضه، ومن كفر ببعض الكتاب فقد كفر به كله.
ومن أراد أن يستزيد من الدين فهناك أوامر قرءانية مفتوحة؛ أي لا سقف لها إلا إمكاناتك:
اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا، اذكر الله في كل أحوالك، تفكر في خلق السماوات والأرض، سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ، اسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا، أنفق في سبيل الله ولا تكنز الذهب والفضة، أطعم اليتامى والمساكين، تعاونوا على البرّ والتقوى، تدبر القرءان، انظر في ملكوت السماوات والأرض، ادرس كيف خُلقت الإبل وغيرها، تعرف على آيات الله في الآفاق وفي نفسك، أطعم الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا، آَتِ الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ..... الخ.
*****
لعله قد اتضح للجميع حقيقة المذهب الأعرابي الأموي الذي بُرمج الناس على العمل به في موقفهم مما يُسمَّى بصلاة التراويح ومدى تناقضه مع دين الحق:
إن سنة الله ورسوله الثابتة تماما والمعلومة لدى الجميع ولديهم أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ امتنع عن أداء ما أسموه من بعده بصلاة التراويح، وكان يصلي ركعات قيام الليل في بيته.
ولكنهم يستدلون بسنة عمر بن الخطاب لضرب سنة الله ورسوله بالاستناد إلى مروية آحادية ظنية توصي باتباع سنة الخلفاء الراشدين!!! وهم يتجاهلون أنه حتى في هذه المروية فإن الرسول قدم سنَّته أولا، فسنته لها التقدم على سنة غيره!!!
ولذلك إذا تعارضت سنة أحد الخلفاء مع سنة الله ورسوله فيجب الأخذ بسنة الله ورسوله، سيقول السفهاء المشركون: وهل يمكن أن يخطئ خليفة راشد، الجواب: ليست هذه هي القضية الآن، القضية هي وجود سنتين متعارضتين، سنة الله تعالى الواحد القهار، وسنة عبد من عباده لا يملك لأحد ضرا ولا نفعا، فيجب على من يزعم أنه يعبد الله أن يطيعه هو وليس غيره في حالة التعارض!
إن موقفهم ليس هو التناقض والتهافت فقط، إنه الإصرار العنيد على اتخاذ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ، وهذا هو الظلم الذي توعد الله مقترفه بالعذاب الأليم، قال تعالى:
{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ وَلَوْلاَ كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم} [الشورى:21]
سيقول المضلون والمشركون: وما المشكلة في أن يُحدث الناس في الدين ما شاءوا من الطاعات؟ هل صلاة التراويح كفر؟!
المشكلة أن هذا هو الشرك المنهي عنه، ولا يمكن أن تتقرب إلى الله باقتراف ما نهاك عنه، والشرك هو الإثم الأعظم والظلم الكبير الذي لا يُغفر، ولا يمكنك أن تتقرب إلى الله باقتراف الشرك الذي لا يُغفر! الشرك بالله هو من أكبر كبائر الإثم، هو أبشع من الزنى ومن قول الزور مثلا، هل يمكن أن تتقرب إلى ربك بقول الزور؟
هذا مع العلم بأنه هناك عشرات الأوامر القرءانية التي هي أقوى بكثير من عمل غير منصوص عليه في القرءان!


وقد أفتت دار الإفتاء المصرية بما يلي:
((يجوز للمسلم أن يصلي صلاة التراويح في المنزل، ولكن صلاتها في الجماعة أفضل على المفتى به، وهو مذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة.
وأضافت أن ابن قدامة قال في "المغني" (2/ 123): [وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ فِعْلُهَا –أي التراويح- فِي الْجَمَاعَةِ، قَالَ فِي رِوَايَةِ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى: الْجَمَاعَةُ فِي التَّرَاوِيحِ أَفْضَلُ، وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُقْتَدَى بِهِ فَصَلاهَا فِي بَيْتِهِ خِفْت أَنْ يَقْتَدِيَ النَّاسُ بِهِ، وَقَدْ جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: {اقْتَدُوا بِالْخُلَفَاءِ}، وَقَدْ جَاءَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فِي الْجَمَاعَةِ].
وتابعت: ذهب السادة المالكية إلى ندب صلاة التراويح في المنزل، ولكن هذا الندب مشروط بثلاثة أمور ذكرها: الصاوي في "حاشيته على الشرح الصغير" فقال: [قَوْلُهُ: (وَنُدِبَ الِانْفِرَادُ بِهَا) إلَخْ: حَاصِلُهُ أَنَّ نَدْبَ فِعْلِهَا فِي الْبُيُوتِ مَشْرُوطٌ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ: أَنْ لَا تُعَطَّلَ الْمَسَاجِدُ، وَأَنْ يَنْشَطَ لِفِعْلِهَا فِي بَيْتِهِ، وَأَنْ يَكُونَ غَيْرَ آفَاقِيٍّ بِالْحَرَمَيْنِ، فَإِنْ تَخَلَّفَ مِنْهَا شَرْطٌ كَانَ فِعْلُهَا فِي الْمَسْجِدِ أَفْضَلَ].
وأفادت: وعليه فصلاة التراويح في المسجد أفضل من صلاتها في المنزل.))
المصدر:

هل بمثل هذا الكلام تُفرض صلاة كهذه على المسلمين ويُستحدث مثل هذا الأمر في الدين؟! فها هم لم يحتجوا ولو بآية قرءانية واحدة، ولم يحتجوا بفعل الرسول، وإنما بكلام أشخاص متمذهبين من السلف، وحتى هذا الكلام لا يجعل من هذه الصلوات شيئا رهيبا مهيبا يجب أن يلتزم الناس به ويخشى بعضهم أن يراه الآخرون متخلفا عنها! ومن المعلوم أن أكثر الحريصين على التراويح لا يكادون يصلون شيئا من الصلوات المكتوبة في جماعة حتى في رمضان!
إن هؤلاء يعاملون القرءان كما يعامل الإنجليز ملكة بريطانيا، لا يسمحون له بالتدخل في شؤونهم الحقيقية. 

*******




هناك 9 تعليقات:

  1. بارك الله في حضرتك يا سلام ليت المؤمنين يعلمون ....
    دكتور حسني مش لاقية صفحة حضرتك علي الفيسبوك والصفحة التانية كاملة العدد ... ماذا أفعل يا سيدي

    ردحذف
  2. أحسنت وفقك الله تعالى ...
    مبارك عليك شهر الله سبحانه

    ردحذف
  3. زادك الله هدى وتقوى

    ردحذف
  4. المشكلة ان الكثيرين يعظمونها ويقدسونها أكثر من تعظيمهم للصلوات المفروضة
    بوركت يادكتور

    ردحذف