الأحد، 11 ديسمبر 2016

المقصد الديني الأعظم الخامس 1

المقصد الديني الأعظم الخامس 1

 

هذا المقصد هو باختصار: التعايش السلمي البناء المثمر مع الأمم الأخرى لتحقيق الفردوس الأرضي.

وبتفصيل أكبر:

تزويد كل كيان إنساني -بما في ذلك الفرد والأمة وما بينهما من كيانات- بالأسس والعلوم والمبادئ والسنن التي تمكنه من التعامل والتعايش مع الكيانات الأخرى في شتى الظروف والأحوال والقيام بمقتضيات حمل الأمانة والاستخلاف في الأرض   


إن المقصد الديني الأعظم الخامس لدين الحق يتضمن تزويد كل كيان إنساني -بما في ذلك الفرد والأسرة والأمة وكل ما يمكن أن يستجد من كيانات والبشرية جمعاء- بالكيانات الأمرية (المنظومة المعنوية التي تتضمن منظومات القيم والسنن) التي تمكنه من التعايش السلمي المثمر مع الكيانات الأخرى رغم الاختلاف في الدين والمذهب وأسلوب المعيشة والوطن والقومية والسلالة....إلخ، وهذا يتضمن التوظيف الإيجابي للاختلافات بين الفرق المختلفة، وهذه العلوم لازمة لصلاح أمر البشرية وازدهارها وقيامها بمقتضيات حمل الأمانة والاستخلاف في الأرض وحتى يتحقق الأمن والسلام والتعايش السلمي بين الناس وحتى تتحقق الاستفادة الأمثل من موارد الأرض والحفاظ عليها والانتهاء عن الإفساد فيها.
والمنظومة المعنوية الملزمة للكيان الإسلامي تشمل العلوم والقيم والمناهج والأوامر والسنن والأحكام والمعايير الأسس والآليات والسلوكيات، ومن فروع هذا مقصد الأعظم الخامس تزويد الجماعة المسلمة في أي بلد من البلدان بالمنظومة المعنوية اللازمة لتمكينها من أداء المهام المنوطة بالأمة بقدر وسعها ومن التعايش مع شتي الأحوال الممكنة.
وهذه المنظومة المعنوية هي أساسا مقتضيات الأسماء الحسنى الإلهية، فمن الأسماء الحسنى مثلا: "الحق، السلام، المؤمن"، لذلك من أركان هذه المنظومة: الحكم بالعدل، القيام بالقسط، الالتزام بالعهود والمواثيق، الصدق في القول، السلام، الأمن، تجنب ما يثير البغضاء بين الشعوب مثل النزعات الاستعلائية والعنصرية ... الخ. 
إن المقصد الديني الأعظم الخامس لدين الحق يتضمن التعايش السلمي والتفاعل البناء المثمر مع الآخرين لتحقيق الفردوس الأرضي، صفات هذا الفردوس هي ما وصف به الله تعالى ما أعد لعباده الصالحين في اليوم الآخر، وهي أيضا الصفات المضادة لما أعده للكافرين والظلمة والمجرمين والمنافقين والمشركين في اليوم الآخر، فهذا الفردوس يتصف بما يلي:
1.    جنات تجري من تحتها الأنهار.
2.    تحقق السلام التام.
3.    تحقق الأمن التام.
4.    تحقق السعادة الكاملة، فلا تعاسة ولا شقاء ولا حسرة ولا ندم.
5.    تحقق الأخوة.
6.    اختفاء الغل من الصدور، وهذا يعني اختفاء كل أسبابه.
7.    تحقق الرفاه والوفرة.
8.    تحقق كل ما يشاؤه الإنسان.
ومن المعلوم أن الكثير من هذه الصفات متحقق في البلدان الغربية بصفة خاصة، وأن أبعد البلدان عنها هي البلدان المحسوبة ظلما على الإسلام.
إن المقصد الديني الأعظم الخامس يتضمن تزويد الكيان الإنساني المؤمن بالأسس والعلوم والمبادئ والسنن التي تمكنه من التعامل والتعايش مع الكيانات الأخرى في شتى الظروف والأحوال، ويتضمن أيضاً تزويد البشرية بصفة عامة بكل ما يلزم لصلاح أمر كافة الكيانات الإنسانية وازدهارها وقيامها بمقتضيات حمل الأمانة والاستخلاف في الأرض وحتى يتحقق الأمن والسلام والتعايش السلمي بين الناس رغم الاختلاف في الدين والمذهب وأسلوب المعيشة والوطن والقومية والسلالة....إلخ وحتى تتحقق الاستفادة الأمثل من موارد الأرض والحفاظ عليها والانتهاء عن الإفساد فيها وبحيث يتم التوظيف الإيجابي للاختلافات بين الفرق المختلفة، أما ما يلزم لذلك فهو يتضمن القيم والمناهج والأوامر والمعلومات والأحكام والمعايير الأسس والآليات والسلوكيات، وهذا المقصد هو من لوازم تحقيق المقاصد الوجودية.
فالمقصد الخامس يتضمن توفير الأسس والآليات والمعلومات التي تمكن البشرية جمعاء من القيام بمقتضيات استخلاف الإنسان في الأرض والحفاظ علي حقوقه واحترام كرامته.
ومن لوازمه المقصد الخامس تحقيق المهام المنوطة بالأمة الخيرة وما هي مأمورة به من الأركان وما يجب عليها اتباعه من السنن وأن يحسن الإنسان استعمار الأرض وألا يفسد فيها وأن يحسن الإفادة من مواردها للحفاظ علي وجود وبقاء وانتشار الجنس البشري.
*****
ومن الأمور المنصوص عليها بالنسبة للمقصد الديني الخامس:
1.       الله تعالى رب العالمين وليس ربا لقبيلة خاصة أو لشعب خاص.
2.       الله تعالى لم يتبنَّ أحدا ولم يتخذ صاحبة ولا ولدا.
3.       الإيمان بالأخوة الإنسانية أي بوحدة الأصل الإنساني أي بوحدة الانتماء إلي نفس واحدة ظهرت في صورتين وتعددت أشكالها، فيجب الإقرار بما هو ثابت علميا الآن وهو أن البشر متكافئون، فالبشر كلهم ينتمون إلى أصل واحد وإلى والد واحد.
4.       الإنسان خليفة وحامل للأمانة ومكرَّم ومفضل على سائر الكائنات الأرضية.
5.       الإنسان هو العلة الغائية لخلق السماوات والأرض.
6.       كل ما في السماوات والأرض مسخر للإنسان.
7.       لا يتحمل الإنسان المسئولية عن أفعال الآخرين بما في ذلك أسلافه.
8.       إنزال الرسل ومعهم الكتاب والميزان كان ليقوم الناس بالقسط.
9.       لا إكراه في الدين، فالاضطهاد الديني ممنوع ومُجرَّم، وهو كبيرة من كبائر الإثم.
10.    في القصاص حياة.
11.    مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا
12.    الله تعالى هو الذي خلق الناس مختلفين.
13.    ذلك يقتضي أن يتعارفوا بكل ما يعنيه ذلك فيتبادلوا العلوم والخبرات.
14.    هو الذي جعل لكل طائفة شرعة ومنهاجا، ليس ليتقاتلوا ولكن ليستبقوا الخيرات وليحققوا أكبر قدر من الإنجازات.
15.    الحكم بين الناس في الأمور الدينية مؤجل إلى يوم القيامة.
16.    الأصل في العلاقات بين شتى الشعوب والطوائف هو السلم والبر والإقساط.
17.    القتال حالة استثنائية مكروهة وله أسبابه الشرعية المحددة مثل التصدي للاضطهاد الديني والدفاع عن المستضعفين ولاسترداد الديار والأوطان السليبة ومنع الفتنة، ولكنه يتحول إلى عمل إجرامي إذا كان في سبيل الدنيا مثل سرقة موارد الآخرين والاستيلاء على أموالهم ونسائهم وأطفالهم.
18.    من كبائر الإثم المحرَّمة والمُجرَّمة البغي والجور والظلم والعدوان والإفساد في الأرض.
19.    الناس جميعا مسئولون عن كل ما هو علي الأرض أو فيها ومكلفون باستعمارها وإصلاحها وبألا يفسدوا فيها.
20.    يجب رد العدوان ولكن لا يجوز الإسراف في ذلك، وكذلك لا يجوز أي إفراط في استخدام القوة ولا الإفساد في الأرض، ويجب الجنوح للسلم عند أول بادرة من المعتدي، وإلزامه بدفع غرامة مالية (الجزية) هي حل للتمادي في القتال المهلك.
21.    لا يجوز أن يتعالى أو يستكبر إنسان علي آخر استنادا إلي أسس غير موضوعية كاللون مثلا والذي اقتضاه ضرورة تكيف النوع الإنساني مع بيئته.
22.    إن ما يجمع بين المسلمين من شتى المذاهب أكثر بكثير مما يفرقهم وأكثر مما يجمع بينهم وبين غيرهم.
23.    إن ما يجمع بين المسلمين وبين أهل الكتاب أكثر مما يفرقهم وأكثر مما يجمع بينهم وبين غيرهم.
24.    إن كون الإنسان قد ولد مسلما لا يعطيه الحق في التطاول على الناس والعدوان عليهم ولا يضمن له الجنة ولكنه يلقي عليه واجبات ثقيلة ويلزمه بالعمل وفق مقتضيات ميثاق غليظ ويرتب عليه حقوقا تجاه نفسه وأمته والبشرية جمعاء وسائر الكائنات.
25.    ليس من حق أحد نشر عقائده وأساليب حياته بالقهر والترويع والاسترهاب وإنما بالحكمة والموعظة الحسنة والحوار الموضوعي والجدال بالتي هي أحسن وتقديم الأسوة الحسنة وهي السبل الشرعية للدعوة إلي الإسلام، وعلي الداعين إلي الأديان الأخرى ألا يتجاوزوا ذلك.
26.    لابد من التعاون المثمر بين شتى الطوائف للقيام بواجبات الاستخلاف في الأرض فكل إنسان مسئول عن أخيه الإنسان، كما أنه مسئول عن دواب الأرض وعن البيئة ممنوع من الإفساد فيها، التعاون لا يكون على الإثم والعدوان.
27.    يجب دائما الجنوح للسلم.

*******

هناك تعليقان (2):