الأحد، 14 سبتمبر 2025

من كتابنا 149، من الرسائل المنشورة عن منهجنا على شبكة المعلومات 1، 2018

 

إن منهجنا القرءاني الحقاني العلمي يأخذ بكل الآيات القرءانية التي تتحدث عن مسألةٍ ما عند استخلاص القول القرءاني في هذه المسألة وهو مبني على الإيمان بأنه لا تعارض ولا اختلاف في القرءان وأن آياته يبين ويفصِّل بعضها بعضا، ومع ذلك نفاجأ بمن يتعجل فيعلق على الرسالة بكتابة آية ويتجاهل كل الآيات الأخرى، ومن يفعل ذلك يقترف الآثام الآتية:

1.   إن كان يعلم الآيات الأخرى فهو يقترف إثم تجاهلها والإلحاد فيها، وربما الكفر بها.

2.   يحاول أن يضرب الآيات ببعضها البعض.

3.   يستبطن التسليم بوجود اختلاف في القرءان.

4.   يحاول تأويل آية محكمة ابتغاء فرض تصور أو قول باطل.

5.   يستبطن الإيمان بأن النسخ سيحل له مشكلة التعارض الذي يتصوره، وهو يجهل أن عتاة القائلين بالنسخ يقصرونه على الأحكام فقط.

وهناك العديد من الآيات التي حاول أتباع المذاهب التي حلَّت محل الإسلام تأويلها لاستنطاقها بما أحدثوه في الدين، ولكثرتها فقد أفردنا لها كتابًا خاصا، هو: "من الآيات المظلومة، 2017 (نسخة إلكترونية)".

*******

أسباب وجود مرويات تكرر ما ورد في القرءان

هذه المرويات كانت موجهة بالأصالة إلى قوم الرسول بلسان أقرب إلى لسانهم.

للقرءان نهجه الخاص في إيراد المعلومات، ومنها أنه يوردها موزعة على السور والآيات، فكان الرسول يجمع لهم ما تناثر في القرءان في حديث واحد، فلم يكن كلهم يحفظون القرءان أو لديهم نسخ منه.

كان الرسول باعتباره أعلم الناس بالقرءان وبمنهجه يستخلص لهم القول القرءاني ويقدمه لهم بلسان أقرب إلى لسانهم.

ومن ذلك يتبين أيضًا مدى فائدة المرويات الصحيحة للناس الآن.

*******

لا يجوز محاولة فرض المفاهيم العصرية على القرءان ولكن يمكن استعمال هذه المفاهيم للحصول على فقه وإدراك أفضل له وللتعبير عن عناصر دين الحق بطريقة أفضل وأكثر مواءمة للعصر.

وعادة ما يجهل المجتهدون والمنادون بالإصلاح طبيعة الدين، فبعضهم يغلب عليه تصور أنه وسيلة للإصلاح الاجتماعي وتحقيق العدالة، وبعضهم يريده نسقا نظريا مبرهنا عليه للعقائد، وبعضهم يركز على الجانب التشريعي أو القانوني، وبعضهم يريد بأية طريقة فرض المفاهيم العصرية على القرءان، وبعضهم يريد فرض أحد المذاهب الفلسفية عليه واستنطاقه به ويأخذ في التحدث عن الصيرورة والسيرورة والضرورة والاستلاب والدياليكتيك والأممية والمقاربة ... الخ، وبعضهم يريد أن يتعارك به مع المذهب السائد في بلده!

ولكن طبيعة الدين هي أشمل وأعمق من ذلك بكثير، إنه يلبي أعمق حاجات الكيان الإنساني الجوهري ويربط الإنسان بالنظام الكوني، ويجعله على وعي حقيقي به، وأية محاولة لافتعال دين يرضي شياطين الغرب أو افتعال دين هو مجرد مذهب اجتماعي إنساني محكوم عليها مسبقا بالفشل.

وليس من منهجنا أبدا إنكار المرويات إنكارا مطلقا، بل نحن ضد الإنكار العشوائي للمرويات، ونحن أكثر الناس اهتماما بالصحيح من المرويات! ولدينا منهجنا القرءاني لفحص وتمحيص المرويات، وقد ألفنا عدة كتب في شرح مروية الحث على إحصاء الأسماء التسعة والتسعين! وقد دافعنا عن مرويات يُعتبر إنكارها من مقدسات المجتهدين الجدد ونراها نحن صحيحة مثل مروية "أمرت أن أقاتل الناس......." وغيرها، وقدمنا لمثل هذه المرويات شرحا مسهبا.

والبخاري كتاب تاريخي، وليس كتابا مقدسا، هذه بديهية، ويجب أن يُعامل على هذا الأساس، ولكن بما أن فيه مرويات منسوبة إلى الرسول فلا يجوز الإعراض كلية عنها، فلا يمكن وفق أي منطق أن تكون كلها مزورة، لذلك يجب النظر في مرويات البخاري وغيره بجدية ومسئولية ووفق منهج قرءاني صارم ودقيق.

فالمروية التي تتسق تماما مع دين الحق يجب الأخذ بها، والمروية التي تتعارض معه تماما لا يجوز الأخذ بها، ولكن لا يجوز الإعراض كلية عن مروية بدون إبداء أسباب وحجج قوية، ومن البديهي أن المسلم ليس ملزما بالنظر في مرويات تتحدث عن أمور مستقبلية لا يوجد لها أصل صحيح وصريح في القرءان.

أما المروية التي لا يستبين أمرها فيجب تركها لعلماء التاريخ واللغويات ومقارنة الأديان وغيرهم ليفحصوها وفق المناهج العلمية الحديثة، والأمة بالطبع ليست ملزمة بانتظار نتائج أعمالهم، فلديها أحسن الحديث، وهو كتاب الله تعالى.

*******

في أمر المرويات يجب العلم بما يلي:

1.   من الناحية الدينية البحتة فالمروية تصح إذا كانت في اتساق تام مع دين الحق الماثل في القرءان بمعنى أنه يمكن اندراجها في إطاره، وبذلك يجب رفض كل مروية تتعارض مع القرءان، أما المرويات الأخرى فيجب أن تترك للتحليل العلمي باستعمال للوسائل الحديثة، والأمة ليست ملزمة بانتظار نتائج هذا التحليل، فدين الحق كامل بدونها.

2.   لا يجوز الرفض المطلق أو الاعتباطي للمرويات، لا يجوز رفض أية مروية إلا بثبوت تعارضها التام مع أي عنصر من عناصر دين الحق الثابت بالقرءان.

3.   من الناحية العلمية فإنه يجب أن تعامل كتب المرويات ككتب تاريخية، ويوجد منهج علمي راسخ استعمله الغربيون لفحص وتمحيص الكتب المقدسة اسمه "النقد الكتابي" يمكن للمسلمين الانتفاع به بلا حرج.

4.   يجب على الأمة الجادة أن تكون حازمة مع المتكسبين بالدين لقدرتهم على تحريك الدهماء والغوغاء والسفلة، وذلك حتى تجنب الأمة ويلات الحروب الأهلية الدينية التي خاضتها شعوب أوروبا لتتحرر من سيطرة هذه الكائنات الأخطبوطية اللزجة وما تكرسه من جهل وتخلف.

5.   بالنظر إلى تاريخ أوروبا فالأمم التي لم تتقبل الإصلاح الديني بالطرق السلمية انتقلت بعد ثورات دامية -خسرت فيها أفضل مكوناتها- إلى الإلحاد.

*******

إن الإيمان المطلق بالبخاري يعني لا محالة الكفر بالله وكتابه ورسوله لمن قرأ البخاري وعلم ما به حقا! تلك هي الحقيقة المرة! ولكن سدنة الدين اللاسني يسترهبون العامة ويدجلون عليهم ولا يصارحونهم بالحقائق، وربما كانوا هم أنفسهم لا يعلمونها، أو لا يعلمون مدى خطورتها.

ولا يعني هذا أن كل مرويات البخاري باطلة، بل إن الكثير منها يعود إلى أصول صحيحة، ولكن هذا لا يمنع من وجود كوارث فيه تكفي لتقويض أي دين! هذا فضلًا عن أنه لا يمكن أن يمثل الدين البخاري الإسلام القرءاني تمثيلا صادقا، هذه حقيقة علمية راسخة، يمكن لأي إنسان أن يتحقق منها بنفسه! إسلام القرءان أسمى وأعلى بكثير من إسلام البخاري وشركائه، هذه الحقيقة يجب أن يرددها عبيد البخاري على مسبحة ضخمة كل يوم مائة ألف مرة حتى يبرؤوا مما هم فيه.

وما هو في كتاب البخاري يظل كلامًا للبخاري طالما لم تثبت صحته، فالبخاري لا يكافئ الله تعالى، ولا يكافئ رسوله، ولا توجد مشكلة لنا أو لدين الحق مع البخاري أو غيره، ونشكر له جهوده ونرجو له النجاة (سيقول من هم أخسّ النعال من عبيد النعال هنا: ومن أنت حتى ترجو النجاة للبخااااااري؟)، ولكننا نندد بعبادة البخاري واتخاذه ربا مشرعا مع الله ونحذر من ذلك بأقوى عبارات ممكنة، وهذا ما وقع فيه للأسف الشديد أتباع المذاهب اللاسنية والأثرية والسلفية عمدا وعنادا وجهلا.

ومع ذلك فنحن لا نقول بالترك المطلق لكل ما هو منسوب إلى الرسول حتى وإن ضعَّفه الجهابذة، بل نقول بأنه لابد من اتباع منهج قرءاني علمي صارم لفحص المروية، فالمنهج الذي اتبعه جامعو المرويات لم يكن منهجا علميا ولا شرعيا ولا موضوعيا بل غلبت عليه الذاتية والمذهبية والعشوائية! ونحن أيضًا نرفض ردّ أية مروية منسوبة للرسول بدون وجود أسباب قوية مثل التعارض مع دين الحق الماثل في القرءان الكريم، فلا يجوز الرفض العشوائي أو الاعتباطي لأي أثر منسوب للرسول حتى وإن ضعَّفه الجهابذة، وكذلك لا يجوز القبول بأثر زعموا له التواتر إذا ثبت تعارضه مع دين الحق الماثل في القرءان.

*******

هناك تعليق واحد: