السبت، 13 سبتمبر 2025

من كتابنا 38؛ حقيقة مصطلح الصحبة، طبعة ثانية باسم حقيقة مصطلح الصحابة 2019

 

لا وجود لمصطلح (الصحابة) في القرءان

إن القرءان الكريم، هو المصدر الأوحد للمصطلحات القرءانية، فطالما ورد المصطلحُ في القرءان فإن معناه يكون مبيَّنا في الآيات التي ورد فيها وفي فحواها ومقتضاها؛ أي إنه لابد أن فيه من الآيات ما يحدد مدلولاته ومعانيه، ولذلك لا يحقُّ أحد أن يفرض على المصطلح القرءاني معانيَ من عنده، وكذلك لا يحق لأحد إحداث مصطلح في الدين يجعله من أسسه ويرتب عليه نتائج خطيرة، كما لا يجوز العدول عن مصطلح قرءاني لحساب مصطلحات أحدثها الناس ونفخوا فيها لاعتبارات مذهبية، إن كل ذلك يكون من باب افتراء الكذب على الله والكفر بما ذكره القرءان في نصوص محكمة وتحريف الكلم عن مواضعه وتحريف الدين والإحداث في الدين، فهو من كبائر الإثم الخطير والعظيم.

والقرءان كتاب حقَّاني موضوعي لا يرتب أية مراتب على ارتباطٍ ما بأحد الصالحين وإنما على الصفات والأعمال، فهو لم يمتدح أو يذم أية طائفة إلا بصفاتها وأعمالها، وكما سبق القول لا يجوز أن يجمع كل هؤلاء مصطلح ديني يترتب عليه التزامات أو أمور دينية.

ويجب من جديد التأكيد على أن القرءان الكريم هو المصدر الأوحد للمصطلحات القرءانية الملزمة، وهو لم يستعمل أبداً لفظ "الصحبة" ولا مشتقاته مثل "الصحابة" بأي معنى اصطلاحي، ولم يكسبه أبدًا أية دلالة دينية، فهو باقٍ على أصل معناه اللغوي أو التاريخي.

أما المصطلح اللغوي الذي يغني عن مصطلح (الصحابة) الكفري الشركي، فموجود؛ وهو القرن (الجيل) المسلم الأول، ومسلم هنا بمعنى مذعن! لوجود المنافقين والأعراب الذين لم يؤمنوا! قال تعالى:

{وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيم} [التوبة:101]

أما قوم الرسول، فأكثرهم حقَّ عليه القول فلم يؤمنوا، وقد أكدت هذه الآيات هذا الأمر مرتين:

{يس (1) وَالْقرءان الْحَكِيمِ (2) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (3) عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (4) تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (5) لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آَبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ (6) لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (7) إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ (8) وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (9) وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (10)} يس

*****

إن الفعل "صحِب" ومشتقاته لم يرد أبدًا في القرءان كاصطلاح شرعي ديني أو كصفة لطائفة خاصة من الناس، ولم يرد ما يخرجه عن معناه اللغوي المعلوم، فلقد وُصِف الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ بأنه صاحب قومه من آمن منهم ومن كفر، قال تعالى:

{مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى(2)} (النجم)، {وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ(22)} (التكوير).

وورد للدلالة على من صحب الرسول أثناء الهجرة، قال تعالى: {إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا....} [التوبة:40].

 وقد يصاحب الكافر المؤمن، قال تعالى: {قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلا (37)} (الكهف).

وكذلك ورد اللفظ كصفة لمن لزم أمرًا وكان من أهله، {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (82)} (البقرة).

بل إن كلمة "صاحب" يمكن أن تُضاف في القرءان إلى الحيوان أو الجماد؛ فيقال: "صاحب الحوت" أو "صاحبا السجن" أو "أَصْحَابَ السَّفِينَةِ" أو "أصحاب الأيكة" أو "أصحاب الرسّ" أو "أصحاب الأخدود" أو "أصحاب الفيل".

فلا تفيد كلمة "صاحب" مدحًا ولا ذمًّا، فهي من الناحية اللغوية كلمة محايدة، وقد تكون الصحبة صحبة حسنة، وقد تكون صحبة سيئة.

وها هي بعض الآيات التي وردت فيها مشتقات كلمة "صحب":

{أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُواْ مَا بِصَاحِبِهِم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِين} [الأعراف:184]، {إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيم}[التوبة:40]، {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّار} [يوسف:39]، {قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً} [الكهف:37]، {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيد} [سبأ:46]، {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} [النجم:2]، {فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَر} [القمر:29]، {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلاَ تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُوم} [القلم:48]، {يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيه[المعارج:11] وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيه} [المعارج:12]، {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36)}[عبس]، {وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُون}[التكوير:22]، {وَالَّذِينَ كَفَرواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُولَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون}[البقرة:39]، {وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُولَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون}[البقرة:82]، {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيم}[البقرة:119]، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللّهِ مَفْعُولا}[النساء:47]، {قُلْ أَنَدْعُو مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُنَا وَلاَ يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَىَ وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِين}[الأنعام:71]، {وَنَادَى أَصْحَابُ الأَعْرَافِ رِجَالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُواْ مَا أَغْنَى عَنكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُون}[الأعراف:48]، {أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وِأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُون}[التوبة:70]، {وَإِن كَانَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ لَظَالِمِين}[الحجر:78]، {وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الحِجْرِ الْمُرْسَلِين}[الحجر:80]، {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا}[الكهف:9]، {قُلْ كُلٌّ مُّتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى}[طه:135]، {وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا}[الفرقان:38]، {فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُون}[الشعراء:61]، {فَأَنجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِّلْعَالَمِين}[العنكبوت:15]، {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِير} [فاطر:6]، {وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءهَا الْمُرْسَلُون}[يس:13]، {فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَة}[الواقعة:8]، {وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَة}[الواقعة:9]، {وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِين}[الواقعة:27]، {وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَال}[الواقعة:41]، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُور}[الممتحنة:13] {إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِين}[القلم:17] {قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُود}[البروج:4]، {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيل}[الفيل:1]

فمن الواضح أن مشتقات كلمة "صحب" لم تُستعمل قطّ خارج معناها اللغوي في القرءان، وآية [الشعراء:61] تجعل كل من خرج مع موسى من بني إسرائيل أصحابه، وهؤلاء هم الذين سيقولون بمجرد نجاتهم: {اجْعَل لَّنَا إِلَـهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ}، وهم الذين اتخذوا العجل وحُكِم عليهم أن يتيهوا في الأرض.

وقد وُصف النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ في القرءان كما يتبين من الآيات المذكورة بأنه صاحب قومه؛ مؤمنهم وكافرهم ومشركهم ومنافقهم، وهذا يقوِّض أية محاولة لجعل المصطلح "صاحب" مصطلحا دينيا بمثل ما يقوض تعريفهم للصحابي.

ولم يصف القرءان أبدًا من اتبع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ في حياته وآمن به بأنهم أصحابه، فلم يرد أبدًا قول مثل: "قل لأصحابك"، أو "يا أصحاب النبي"، رغم أن ثمة آيات عديدة لا تتحدث إلا عنهم حصرًا وقصرا، بل كانوا يدعون بالمؤمنين، أو بالذين آمنوا ... الخ.

ولكن عبيد الباطل يعمدون دائما إلى انتزاع الآيات من سياقها وضرب الآيات ببعضها وتجاهل كل الآيات التي تقوض مزاعمهم، فهم مثلا يأخذون بالآية {إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا....} [التوبة:40] لإثبات وجود مرتبة الصحبة وأن أبا بكر من الصحابة! رغم أن صاحب الرسول في الهجرة لم يكن أبا بكر، بل كان رجلا مشركا، هو الدليل الذي استأجره لذلك!

ولكل لذلك يجب العلم بما يلي:

1.   هؤلاء بالطبع يتجاهلون الآيات القرءانية الأخرى التي هي أكثر بكثير والتي تبين أن كلمة "صاحب" هي باقية على أصل معناها اللغوي، ومنها: {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُواْ مَا بِصَاحِبِهِم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِين} [الأعراف:184]، {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّار} [يوسف:39]، {قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً} [الكهف:37]، {... مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيد} [سبأ:46]، {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} [النجم:2]، {فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَر} [القمر:29]، {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلاَ تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُوم} [القلم:48]، {يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيه[المعارج:11] وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيه} [المعارج:12]، {وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُون}[التكوير:22]، {وَالَّذِينَ كَفَرواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُولَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون}[البقرة:39]، {وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُولَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون}[البقرة:82]، {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيم}[البقرة:119]، {وَنَادَى أَصْحَابُ الأَعْرَافِ رِجَالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُواْ مَا أَغْنَى عَنكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُون}[الأعراف:48]، {أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وِأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُون}[التوبة:70]، {وَإِن كَانَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ لَظَالِمِين}[الحجر:78]، {وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الحِجْرِ الْمُرْسَلِين}[الحجر:80]، {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا}[الكهف:9]، {قُلْ كُلٌّ مُّتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى}[طه:135]، {وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا}[الفرقان:38]، {فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُون}[الشعراء:61]، {فَأَنجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِّلْعَالَمِين}[العنكبوت:15]، {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِير} [فاطر:6]، {وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءهَا الْمُرْسَلُون}[يس:13]، {فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَة}[الواقعة:8]، {وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَة}[الواقعة:9]، {وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِين}[الواقعة:27]، {وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَال}[الواقعة:41]، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُور}[الممتحنة:13] {إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِين}[القلم:17] {قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُود}[البروج:4]، {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيل}[الفيل:1]، فمن الواضح تماما أن كل هذه الآيات بل كل الآيات التي ورد فيها كلمة "صاحب" تستعمله بمعناه اللغوي المعلوم وأنه لا يوجد أي مبرر لأي استثناء.

2.   لا يوجد في هذه الآية ولا في القرءان كله ما يبين أن "الصاحب" هنا كان أبا بكر، بل كان بالضرورة الدليل، وكان مشركا، حتى وإن زعموا أنه أبو بكر، فهذا ليس بدليل قطعي الدلالة، وإنما هو مجرد زعم، ولا يجوز الاحتكام إلا إلى نصٍّ قرءاني قطعي الدلالة في الأمور الدينية الكبرى ومنه أمر المصطلحات، وخاصة هذا المصطلح الخطير، الذي ترتب عليه ظهور مذاهب حلت محل الإسلام.

3.   رغم أن نفس اللفظ قد يُستعمل بمعنى لغوي وبمعنى اصطلاحي في القرءان إلا أنه يجب إثبات الدلالة الاصطلاحية دائما ببرهان مبين وبتقديم أدلة قطعية بحيث يكون واضحا أن المقصود هو المعنى الاصطلاحي وليس المعنى اللغوي، وهذا ما ليس بمتوفر هنا.

ولقد نصَّ القرءان بطريقة قطعية الدلالة على أن أكثر قوم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ لم يؤمنوا، وأن من آمنوا لم يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ، قال تعالى:

{وَالْقرءان الْحَكِيمِ{2} إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ{3} عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ{4} تَنزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ{5} لِتُنذِرَ قَوْماً مَّا أُنذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ{6} لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ{7}}يس7، {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (103) وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (104) وَكَأَيِّنْ مِنْ آَيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (105) وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (106))} يوسف، {بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ} فصلت4.

ومن المعلوم أيضا أن الأعراب أسلموا ولم يؤمنوا، قال تعالى:

{قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لاَ يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيم} [الحجرات:14]

وأنه كان منهم ومن أهل المدينة منافقون ومن مردوا على النفاق، قال تعالى:

{وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيم} [التوبة:101]

فهذه الآيات تتحدث بالتحديد وحصرا وقصرا عن قوم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه وسَلَّمَ، وتقرر أنه قَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ، وتنص على أن الأعراب أسلموا ولما يؤمنوا، وتقرر أنه كان منهم منافقون لا يعلمهم إلا الله تعالى، وهؤلاء الأعراب كانوا أكثر أهل القرن الأول.

وهذه الآيات لا تتضمن أحكاما شرعية، فلا يمكن للمغضوب عليهم والضالين وعبيد نعال السلف أن يقولوا بنسخها كما تعودوا أن يفعلوا بكل ما لا يوافق أهواءهم من الآيات القرءانية، بل هي تتضمن أنباءا وأخبارا، والقول بنسخها يتضمن لا محالة تكذيبها والكفر بها، والآيات تقول بكل وضوح أن من آمن حقاً هم فئة قليلة، أما السابقون فهم كما قال القرءان مجرد ثلة من هذه القلة، وكذلك أصحاب اليمين.

ولقد نص القرءان على أن الأعراب لم يؤمنوا وإنما أسلموا بمعنى أنهم أذعنوا وانقادوا إذ لا دين بلا إيمان، {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } الحجرات14.

وكل ذلك يجعل من التعريف المشهور للصحابة الذي أحدثه بعضهم في القرن الثالث الهجري فصاعدا تكذيبا بآيات الله وكفرا ينبغي أن يتوب المسلمون منه وأن يثوبوا إلى رشدهم.

أما المخلفون من الأعراب ومعتنقو مذاهبهم فيقولون إنهم كلهم صحابة عدول لأن الله تعالى عدَّلهم، فهم أصلا يفترون على الله تعالى الكذب ولا يعبئون بالقرءان ولا بآياته خاصة تلك التي تقوض مزاعمهم، وسيحاولون عبثا صرف الآيات المحكمة عن معانيها وتحريف الكلم عن مواضعه، وسيقولون إن التعريف يتحدث عمن مات على الإيمان دون أن يبينوا للناس كيف يمكن التحقق من ذلك، وسيقولون: نعم إن الرسول لم يكن يعلم المنافقين ومن مردوا على النفاق كما يقول القرءان، ولكن البخاري الذي جاء بعد انتهاء العصر النبوي  بأكثر من مائتي سنة كان يعلمهم هو ويحيى بن معين وعلي بن المديني وبضعة أشخاص آخرون لا يدري أحد أصلا من عيَّنهم أربابا مطلعين على ما تخفي الصدور!!!!!!!!!!!!

أو يقولون لك: ائتنا بآية قرءانية تقول بأن البخاري لم يكن يعلم أسماء المنافقين!! أو يقولون: نعم إن الرسول لم يكن يعلم المنافقين ومن مردوا على النفاق كما يقول القرءان، ولكنه مع ذلك كان يعلمهم كما تقول المرويات!!! ما المشكلة؟ أتنكر السنة؟؟!!

فلم يرد في القرءان أبدًا تعبير "أصحاب النبي" أو "صحابة النبي" ولو مرة واحدة تبرر تلك المكانة المهولة التي أعطاها الدين السني لهذا المصطلح حتى في تلك الآيات التي كانوا هم المقصودين بالخطاب فيها، حصر وقصرا.

ومن البديهي أنه لا يجوز الاحتجاج بالمرويات هاهنا، فهذا هو الاستدلال الدائري، وهو مغالطة منطقية   Logical fallacy.

فالصحبة لها معناها المعلوم؛ فهي مجرد التقاء في الزمان والمكان، فمن مشي مع أحد الناس إلى مكانٍ ما يقال إنه قد صحبه إليه، ومن تصادف وسافر مع من لم يكن يعرفه إلى مكان آخر يقال إنه صحبه إليه، والصحبة أو الالتقاء في الزمان والمكان لا تعني بالضرورة أبداً تطابقاً بين المتصاحبين، وهي لا تعنى ولا تقتضي أي تشابه أو اتفاق أو اشتراك في الصفات فيما بينهم.

وتعريف "الصحابي" المختلق يتضمن كفرا بآيات عديدة من القرءان وبمقاصد الإسلام، فلقد جعل الله تعالى مناط التفاضل هو التقوى والعمل الصالح وسلامة القلب، وليس صحبة أحد الصالحين أو رؤيته أو حتى الالتصاق به، ولقد قال تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ} التحريم10، وقال موجهاً الحديث للسيدتين عائشة وحفصة: {إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ }التحريم4.

ولقد قال الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ لابنته التي هي من صلبه ما معناه: "اعملي فإني لا أغني عنك من الله شيئا"، وهو لم يحتفظ بمن أسلم من أعمامه وأبنائهم بجانبه بحجة أنهم يكفيهم رؤيته، بل جعلهم دائما في الصف الأول أمام الأخطار، وقد استشهد ثلاثة من أصل أربعة من السابقين إلى الإسلام منهم.

فالانتفاع برؤية وصحبة أحد الصالحين هي تفاعل بين طرفين، ولابد من وجود رغبة في الاستفادة والانتفاع لدى الرائي، ولو كانت رؤية أحد الصالحين كافية بذاتها لانتفعت بها امرأة نوح عليه السلام الذي عمِّر مئات السنين وكان من أولي العزم من الرسل أو لانتفعت به امرأة لوط التي هلكت مع قومها.

ويجب العلم أولا بأن كل ما يتعلق بمصطلح "الصحابي" مستند إلى آثار ومرويات هي بذاتها تفترض صحة هذا المصطلح وما ترتب عليه وما حملوه إياه من معان لكي يكون لها أدنى مصداقية، وهذا هو الاستدلال الدائري أو الدور الباطل، وهو خلف.

والدور هو توقف الشيء على ما يتوقف عليه كما يتوقف أ على ب وبالعكس، فالدور في علم المنطق أن يعتمد الأمر على أمر يعتمد هو عليه من الجهة نفسها، فهذا الكلام يخالف القواعد المنطقية، فالقول بصحة المروية يستلزم القول بصحة تعريف الصحابي ومصاديقه وما يترتب عليه، ولكن صحة هذه الأمور لا تثبت إلا عن طريق المرويات!! ولا خروج من هذه الحلقة المفرغة إلا بالرجوع إلى ما كان يجب أولا الأخذ به وهو القرءان الكريم، وكل مسلم هو ملزم بالإيمان بالقرءان الكريم والتسليم بمصداقيته وحقانيته وصدقه المطلق، وإلى هذا المسلم المؤمن نوجه خطابنا.

إن اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا زوجتين لرسولين كريمين، والزواج هو أعلى درجات الصحبة وأشدها خصوصية وحميمية، فالزوجة بنص القرءان هي صاحبة الرجل وأشد الناس التصاقا به، ومن المعلوم أن الرسل الأنبياء هم أفضل البشر، ومع ذلك لم تنتفعا بهذه الصحبة، ولم يعصمهما ذلك من الخيانة والكفر، كما أن شدة قرب زوجتين من زوجات الرسول إليه لم تكسبهما أية عصمة من الذنوب بل من اقتراف الخطأ الجسيم في حقه هو، فكيف يكتسب العدالة والضبط -وهما من العصمة- أحد الأعراب لمجرد أنه قد قيل إنه رأى الرسول للحظة؟ وكيف يتم اعتبار الكلام المنسوب إلى هذا الأعرابي من السنة القاضية على كتاب الله والحاكمة عليه؟

فشدة قرب أحد الناس من نبي من الأنبياء لا تعصم الإنسان من الذنوب والشطط، بل لا تعصمه من الكفر، فكيف يأتي أحدهم بعد حوالي مائتي سنة ويجعل من قول منسوب لأحد رجال القرن الأول نصا دينيا ملزما وقاضيا على آيات القرءان لمجرد أنه قيل إنه رأى الرسول ولو للحظة وعن طريق مروية أيضا؟

ولم يعط القرءان لأحد مزية معينة لوجود صلةٍ ما له بأحد الصالحين وإنما نص على مضاعفة التبعات والمسئولية عليه، من البديهي ألا يكون في دين الحق محسوبيات أو أي شيء مضاد لقواعد العدالة المطلقة!! وهذا ما تقتضيه الفطرة الإنسانية السليمة وهذا ما ارتقى الإنسان إلى إدراكه باطراد التقدم.

ولم يرد في القرءان ما يدل على اكتساب الإنسان أية عصمة من الذنوب لمجرد وجود صلةٍ ما له بأحد الصالحين، ولقد حذَّر القرءان نساء النبي وقد كن أشد الناس التصاقا به من اقتراف الذنوب وجعل ذلك قرءاناً يتلى، قال تعالى:

{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (28) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآَخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا (29) يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (30)وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا (31) يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا (34) }الأحزاب، {إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ{4}} التحريم.

فهل مثل هذا الخطاب الحازم يوجه إلى آلهة أو أرباب أو ملائكة؟ أو حتى إلى بشر معصومين؟

إنه لا وجود لمصطلح الصحابة في القرءان، فالكلمة بذلك باقية على أصل معناها اللغوي، فهي ليست مصطلحا دينيا، بل هو مصطلح محدث تم تحميله بكثير من الأباطيل، وما بني على باطل فهو باطل، ومن أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو ردّ كما قال الرسول الأعظم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه وسَلَّمَ.

فلفظ "صحابة" لم يرد في القرءان الكريم أبدا، ولم يرد فيه بالطبع أي ثناء مطلق عليهم، وإنما ورد ثناء عليهم إذا كانوا يتصفون بصفات حسنة أو يقومون بعمل صالح، كما ورد تهديد لهم وتنديد بهم إذا كانوا يقترفون أعمالا سيئة.

أما قولهم الشهير "إن الله أثنى على الصحابة أو عدَّل الصحابة في كتابه" فهو محض كذب وتقول وافتراء على الله تعالى، يرددونه بلا كلل ولا ملل لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ.

فالله سبحانه لم يمتدح إلا الصفات والأفعال الحسنة للناس، كما ندد بالصفات والأفعال السيئة، بل ولعن المتصفين ببعض الصفات الذميمة، والقرءان حافل بالآيات التي تندد بكبائر الإثم التي اقترفها بعض من ينطبق عليهم تعريفهم المختلق لـ"الصحابة"، ولكن عبيد السلف مصرون على الكفر بكل تلك الآيات دفاعًا عن الأباطيل التي نشأوا عليها.

*******

 

مهام الرسول طبقًا للقرءان

يزعم البعض أنه لم تكن للرسول إلا مهمة واحدة هي تبليغ الرسالة، والحق هو أنه كان للرسول مهام عديدة مذكورة في القرءان، وها هي مهامُّ الرسول من القرءان بإيجاز حتى يعرف الحق من جهله ويرعوي عن الغيّ من لهج به:

1.         الدعوةُ إلى الله.

2.         التبشير.

3.         الإنذار.

4.         التبليغ.

5.         تبيين آيات القرءان.

6.         تلاوةُ القرءان عليهم.

7.         تزكيةُ أنفسهم.

8.         تعليمُهم الكتاب والحكمة.

9.         تعليمهم ما لم يكونوا يعلمون.

10.     ولايةُ كافة أمورهم.

11.     الحكم (القضاء) بينهم.

12.     أخذُ الصدقات منهم وتوزيعُها عليهم.

13.     الصلاة عليهم.

14.     الاستغفار لهم.

15.     تشريعُ بعض الأمور بإذن ربه مثل جعل الحج مرة واحدة في العمر.

16.     سن بعض الأذكار والأدعية مثلما هو الحال في الصلاة.

17.     الشهادةُ على أمته.

18.     الشهادةُ على شهداء الأمم

ويجب على الناس أن يعلموا أن القرءانَ يستعملُ أساليب الحصر أحيانا للتأكيد أو للتركيز على المهمة التي يقتضيها السياق أو للتسرية عن الرسول، ومن الواضح أنه لم يكن من مهامه أن يتخذ منهم صديقا أو خليلا، أما الصحبة فهي مجرد التقاء في الزمان والمكان ولا يجوز الزعم بأنها تكافئ معنى صديق أو خليل أو حميم، والنص على أنه شهيد عليهم ينفي كل علاقات تتنافى مع هذه المهمة أو الوظيفة.

فمهام الرسول الأعظم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ منصوص عليها في القرءان الكريم، ومن الآيات التي تذكر تلك المهام:

{إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ }البقرة119، {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ}البقرة151، {كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهَا أُمَمٌ لِّتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِيَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَـنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ }الرعد30، {رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلا}الإسراء54، {وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيرا}الإسراء105، {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ}الأنبياء107، مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً{40} الأحزاب، {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا (46)} الأحزاب، {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرا وَنَذِيرا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ }سبأ28، {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرا وَنَذِيرا وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلَا فِيهَا نَذِيرٌ }فاطر24، {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنسَانَ كَفُورٌ}الشورى48، {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}النحل44، {وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}النحل64، {الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}إبراهيم1، {وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكُواْ وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيل}الأنعام107، {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ}الرعد7، {إِنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ }الزمر41، {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَولِيَاء اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ}الشورى6، {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقرءان مَن يَخَافُ وَعِيدِ}ق45.

وهكذا فقد كان الرسول شَاهِدًا وَمُبَشِّرا وَنَذِيرا وبَشِيرا يَتْلُو عَلَيْهمْ آيَاتِ الله تعالى وَيُزَكِّيهمْ وَيُعَلِّمُهمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُهم مَّا لَمْ يكُونُواْ يعْلَمُونَ، وكان من مهامه أن يبيِّن الذكر بالذكر وأن يبين للناس (ولأهل الكتاب) بالكتاب العزيز ما اختلفوا فيه وأن يُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ، ولقد نفى الله تعالى عنه أن يكون عليهم جبارًا أو حفيظا أو مصيطرًا أو وكيلا، وأبى عليه أن يكرههم على الإيمان أو أن يكون أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِهمْ.

فهو صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ، لم يُرسَل ليتخذ منهم خلانا أو أصدقاء أو أصحابا، وكيف يفعل ومن مهامه العظمى أن يكون شهيدا وشاهدا عليهم، وإذا كان يبشرهم أحيانًا فقد كان ينذرهم أيضًا في أحيان أخرى، وإذا كان قد أثنى عليهم عندما أحسنوا فلقد أنَّبهم وربما عاقبهم إذا أساؤوا، وهو في ذلك كان متبعا لكتاب ربه، وربما سكت عن إساءاتهم حياءً منه إذا كانت الإساءة في حقه هو، فتنزل آيات تتولى عنه مهمة تأديبهم، قال تعالى:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا (53)} الأحزاب، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (1) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (2) إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (3) إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (4) وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6)} الحجرات

والقول بأنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ شهيد عليهم يقوِّض كل الأساطير التي حيكت حول مصطلح الصحبة الذي أحدثوه في الدين وضمَّنوه ما يُعدّ تكذيبا بالكثير من آيات القرءان الكريم.

أما الرسول فمهامه محددة ومبينة في القرءان، ولا يجوز لأحد أن يفترض له أي مهام أخرى من عنده، فهو الشاهد والمبشر والنذير، وهو الشهيد على أمته، وقد أُرسل فيهم ليتلو عليهم آيات الكتاب ويعلمهم ويزكيهم ويخرجهم من الظلمات إلى النور وليكون ولي أمورهم، وهذه مهام خطيرة وجادة، وحسن القيام بها يتنافى مع اتخاذ بعضهم خلانا، هل يتخذ الأستاذ من تلامذته خلانا؟ وبالأحرى، هل يتخذ النبي والمعلم والمزكي من تلامذته المنوط به تقويمهم والشهادة عليهم خلانا؟ وكيف سيؤدي الشهادة بحياد عنهم أمام ربه وخالقه؟ ولذلك أعلن الرسول بكل قوة ووضوح أنه لم يتخذ أحدا خليلا، وقال الله تعالى: {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيما} الأحزاب40.

*******

 

عودة إلى مصطلح (الصحابة)

لقد نص القرءان أيضا على وجود منافقين عديدين غير معروفين بين رجال أهل القرن الأول، قال تعالى:

{وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ} التوبة101

فهذه الآية تصفع أقفية عبيد نعال السلف الذين يقدسون الآن من كانوا منافقين غير معلومين بالقول بأنهم صحابة، ويتطاولون على الرسول ويؤذونه بنسبتهم إليه!!!

وليس لدى من استحدث تعريف الصحابة قائمة بأسمائهم، ومن عجيب أمر هذه الأمة أن يقرر أحد الرجال ويحدث في الدين تعريفا من عنده فتسير الأمة وراءه كالقطيع ولا يراجعه فيه أحد، ولقد دعا الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ الناس إلى الإيمان فآمن البعض وكفر البعض وأظهر البعض الإيمان نفاقا، فليس ثمة بشر اكتسبوا أية مرتبة دينية لمجرد أنهم رأوا الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ وآمنوا به وصحبوه ولو لساعة من النهار.

إنه لا بد للتزكية من استعداد لدى الإنسان للاستجابة لتأثير المزكي، وإلا فانه لن يزداد من ربه بلقائه إلا بعدا، ولهذا يضل بالقرءان من ليس له قلب أو لم يلق السمع أو كان من الظالمين، بل هو في آذان من لم يؤمنوا وقر وهو عليهم عمى، بل هو لا يزيد الظالمين إلا خسارا، فربَّ قارئ للقرءان، والقرءان يلعنه لظلمه وشركه.

ولقد كانت زوجة نوح تصاحبه آناء الليل وأطراف النهار وكذلك كانت زوجة لوط مع زوجها، فلم تنتفع أيهما بشيء من تلك الصحبة، قال تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ{10}}، التحريم.

سيقول السفهاء من الناس إن المنافقين ليسوا من "الصحابة"، والحق هو أنهم من الصحابة وفقا للمعنى الأصلي للكلمة وهو الملازمة والعشرة، وقد يصاحب الكافر مؤمنا، وقد تكون زوجة نبيٍّ من الأنبياء كافرة، وهي صاحبته، بل أشد الناس صحبة له، أما إذا كانوا يقصدون أنهم ليسوا منهم لأنهم لم يموتوا على الإيمان، فعليهم أن يأتوا للناس بقوائم بأسماء من لم يموتوا على الإيمان منهم، ولم ولن يفعلوا، فأكثر المنافقين لم يكن يعلمهم أحد من البشر، قال تعالى: {وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ} التوبة101

فهذه الآية تصفع أقفية عبيد نعال السلف الذين يقدسون الآن من كانوا منافقين غير معلومين ويتطاولون على الرسول بنسبتهم إليه!!!

ولقد نصَّ القرءان على أن أكثر قوم الرسول قد حقَّ القول عليهم فلم يؤمنوا رغم حرصه الشديد على هدايتهم.

والسؤال الذي يقوض باطل عبيد "الصحابة": "إن سورة التوبة وهي من أواخر السور نزولا تنص على وجود حزب هائل وقوي وعديد وعتيد من المنافقين استدعى الأمر إنذارهم وتهديدهم في آيات كثيرة، ولكن لا وجود لأي ذكر لهم من بعد انتقال الرسول، هل تبخر هؤلاء المنافقون فجأة أم تضاعفت أعدادهم؟" الجواب هو: "بل إن أعدادهم تضاعفت بطريقة أسية Exponential انفجارية Explosive، ذلك لأن الكثيرين من المرتدين المهزومين وأبناء الشعوب المقهورة الموتورين اضطروا إلى إظهار الإسلام وهم مصممون على الثأر منه بعدما رأوا العرب والأعراب يذبحون أبناءهم ويستحيون نساءهم وينهبون أموالهم ويستوطنون بلادهم ويمعنون في إذلالهم، ومن المستحيل بالطبع معرفة كل هؤلاء المنافقين، ولكن أثرهم ماثل في الفتن التي اندلعت بين المسلمين وما حدث من مذابح لطخت وجه التاريخ وصبغته بالدم وكذلك ماثل في تمزيق الأمة وتفريق الدين ووضع مئات الألوف من المرويات!

ومن الآيات التي تقوض تماما تعريفهم لما أسموه بالصحابي:

{إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا اللّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ }آل عمران155، {وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }التوبة106، {وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ} التوبة101.

هل يجرؤ أحد سدنة المذهب (السني) أو السلفي على أن يذكر الآن اسم واحد ممن استزلهم الشيطان ففروا؟ هذا رغم أن أسماءهم مسجلة في كتب التاريخ الأصلية، وهل اختفي المنافقون الذين لم يكن الرسول يعلمهم من بعد انتقاله أم تضاعفت أعدادهم؟

وقال تعالى: {إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} التحريم4، {يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرا} الأحزاب30، ألا يعني هذا الأمر أنهن كن غير معصومات؟ إن زوجات الرجل هن أشد الناس صحبة له، فهل اكتسب نساء النبي أي عصمة بسبب هذه الصحبة؟

إن الله تعالى قد ذكر في القرءان بعض الآثام التي اقرفها أهل القرن الأول في آيات عديدة، وقال ذلك في معرض تحذير للمؤمنين وتأنيب وإنذار من اقترفوها، فلا يجوز الكفر بهذه الآيات والأخذ فقط بالآيات التي تثني على بعضهم، قال تعالى:

{إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا اللّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} آل عمران155، فالذين تَوَلَّوْاْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ والذين اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ هم من المخاطبين وليسوا من الفرس أو الروم، فهم (الصحابة) وليس غيرهم.

وقال:

{لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ }التوبة25، فالذين ولوا مدبرين في أحد وحنين هم من (الصحابة)، وقال: {إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ }النور11

فالَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ هم عُصْبَةٌ من المخاطبين، وهم (الصحابة) أنفسهم.....الخ، وهم الذين في أخريات العصر النبوي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ انفضوا إلى اللهو والتجارة وتركوه قائما يصلي: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِما قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} الجمعة11.

والأمثلة عديدة، فإذا كان (الصحابة) قد اقترفوا كبائر إثمٍ منصوص عليها في القرءان في حياة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ووجوده بينهم معرضينه هو نفسه للخطر فما الذي يمنعهم من اقتراف أكثر منها وأكبر منها أو مثلها من بعد انتقاله، وإذا كانوا غير معصومين من اقتراف الآثام في حياته فهل اكتسبوا عصمة من بعد انتقاله؟ وما هو النص الذي يفيد ذلك؟

وليس الأمر أمر تربص بهم، وإنما هو الدفاع عن الحقائق القرءانية الراسخة.

والحق هو أن من يحاول أن يكذِّب بالقرءان في سبيل صورة افتعلها له السلف الطالح هو الذي يجب أن يبكي على نفسه بدلا من أن يتطاول على غيره فيستحق عذاباً فوق العذاب.

وقد قال تعالى: {أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} المجادلة13

والمشكلة هي في زعم عبيد نعال السلف، من أجل السلف، أن هذه الآية تنسخ الآية السابقة لها والتي تأمرهم بتقديم صدقة بين يدي مناجاة الرسول، وكأن الله تعالى كان ملزما بالتراجع عن أوامره إذا لم تعجب (الصحابة)! وهي تقول:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيم} [المجادلة:12]

ولا وجود لأي نسخ هاهنا، فالمسلم غير مكلف إلا بما هو في وسعه أصلا، والآية 12 تؤكد ذلك بالقول: {فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيم}.

والآية 13 لا تلغي الأمر بتقديم الصدقة، وإنما تتضمن تقريعًا شديدا لهم، وتعتبر إشفاقهم من تقديم الصدقات معصية تستوجب التوبة، ومن الواضح أنها نزلت في حق المستطيع الذي امتنع عن تنفيذ الأمر، أما الأوامر التي خُتمت بها الآية فهي ملزمة للمسلمين كافة، وهي مع ذلك تؤكد لهم من جديد وجوب طاعة الله ورسوله، وهو ما لم يلتزموا به هاهنا.

*******

هناك تعليق واحد: