الأربعاء، 1 أكتوبر 2025

فعل الخلق

 

فعل الخلق

إن فعل الخلق ومشتقاته يشير إلى:

1.        المادة التي صنع منها الكائن، ومن الآيات التي تبين ذلك: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ مِن طِين}[السجدة:7]، {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلا وَأَجَلٌ مُّسمًّى عِندَهُ ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُون}[الأنعام:2]، {فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَم مَّنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لاَّزِب}[الصافات:11]، {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنتُم بَشَرٌ تَنتَشِرُون}[الروم:20]، {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِن مَّاء فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاء إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير} [النور:45]، {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ (14) وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ (15)} الرحمن.

2.        الأطوار المختلفة التي مرَّ بها الكائن، ومن الآيات التي تبين ذلك: {وَاللَّهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلاَ يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِير} [فاطر:11]، وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14) المؤمنون.

3.        الحالات المختلفة التي مرَّ بها الكائن والصفات المركوزة فيه: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِير} [الروم:54]، {خُلِقَ الإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلاَ تَسْتَعْجِلُون} [الأنبياء:37]

4.        تقدير الماهية وكذلك تقدير صفاتها اللازمة.

5.        صياغة المواد الملائمة وفق هذا التقدير ليبرز ما يكون مظهرًا لتلك الماهية.

فالقول بأن الله خلق كائنا ما من شيءٍ ما يمكن أن يعني أنه جعل هذا الشيء مادة له أو حالة ابتدائية له أو طورا سابقا عليه، أو خُلُقًا فطريا فيه، ولذا فإن كل إنسان مخلوق من عَجَل، ومن طين ومن تراب ومن ماء ومن صلصال ومن ضعف ومن نطفة ومن علقة، فكل طور من تلك الأطوار يقتضي خلقا بمعنى التقدير وخلقا بمعنى صياغة المواد لتوافق هذا التقدير وتحققه، والإنسان مخلوق من الطين دون أن يعني ذلك بالضرورة أن الله سبحانه قد صنع تمثالا طينيا ثم نفخ فيه أمرا ما فأصبح إنسانا، بل إن ذلك إشارة إلى المادة التي خلق منها جسمه المادي، ولذا فكل إنسان مخلوق من طين وليس آدم فقط؛ وإن كان آدم قد نبت من طين بالفعل، فالطين هو مصدر كل ما يتكون منه  جسم الإنسان وكل ما يلزمه لنموه، وعيسى عليه السلام مخلوق مثل آدم من تراب.

أما من أراد أن يعرف كيف بدأ الخلق فعليه أن يسير في الأرض وأن ينظر وأن يبحث وأن يتفقه وأن يتدبر الآيات لا أن يعكف على أساطير أهل الكتاب التي يبرأ الإسلام منها ولا يتحمل وزرها، وليس على المسلمين أن يدافعوا عنها بل عليهم أن يتبرؤوا منها.

وليس في القرءان ما يشير إلى أن الله سبحانه صنع من الطين تمثالا ثم نفخ فيه من روحه فصار إنسانا، إن تلك المقولة هي من الأسباب التي دفعت وتدفع أهل الغرب إلى الكفر بالأديان، فالخلق بدأ وفق قوانين وسنن يمكن البحث عنها ومعرفتها والنظر فيها، فالله سبحانه لا يكلف عباده بالمحال، وكذلك سيتم البعث وفق قوانين وسنن لا يعلمها الإنسان ولا يمكن أن يعلمها الآن لأنها خارج نطاق مألوفاته.

ولذلك لا تعارضَ بين الآيات الخاصة بخلق الإنسان، فكل آية تشير إلى طور من أطواره أو حالة من حالاته أو وصف من أوصافه أو مادة من المواد التي صنع منها، والله الخالق سبحانه ليس بملزم بعمل تماثيل طينية لكل أصناف الكائنات ثم النفخ فيها، بل إن خلق الكائنات الأرضية إنما بدأ في بيئات طينية، ولذا فقد بدأت الحياة في أبسط صورها الممكنة, ثم توالى شيئا فشيئا ظهور كائنات أرقى، وكان هذا التطور بأمر الله تعالى وبمقتضى قوانينه وسننه، فهو الذي يدفع هذا التطور دفعا يؤدي إلى ظهور هذه الكائنات ذات التنوع المذهل، ولقد نشأت الخلايا الحية الأولية حاملة لإمكانات لا حصر لها لتتنوع وتتكاثر وتتطور وتتحد مع غيرها أو تستوعبه وكل ذلك من مقتضيات أسمائه، ذلك لأن الظهور التفصيلي لكماله المطلق يقتضي أن تتطور الكائنات وأن ترقى لتمهد لظهور الإنسان الذي هو أداة التفصيل التام, فالذي اقتضى التطور هو ترتب الأسماء في أنساق تتفاوت من حيث الإحاطة والإحكام وكذلك حتمية ظهور كمالها المطلق، وتلك الحتمية تقتضي من التفاصيل ما لا يتناهى كما تقتضي ظهور كائن تتضمن حقيقته الإرادة الحرة والاختيار وكذلك الملكات القلبية العليا، وتتضمن أن يكون لهذا الكائن السيادة على الأرض بحكم أن لنسق الأسماء الذي اقتضاه الإحاطة بالأنساق الأخرى.

فكل إنسان موجود الآن إنما خلق من تراب وماء أي من طين، ولا يعني ذلك أبدًا أن الله سبحانه فعل مثلما كان يفعل عيسى عليه السلام؛ فهو لم ينزل إلى الأرض في زمن متناهٍ في القدم، ولم يقم بعمل تمثال طيني لذلك الإنسان ثم نفخ فيه من روحه فصار لتوه إنسانا، وإنما يعني أن الطين هو المادة التي صُنع منها جسم الإنسان الذي أنبت من هذه الأرض نباتا، وبالمثل فإن كل ما هو على ظهر الأرض من دابة إنما خلق من طين وفقا لقوانين وسنن معلومة لديه سبحانه أتيحت لها الأحوال الملائمة للسريان والعمل في العصور الأولى.

إن التصورات التي لدى الناس عن كيفية بدء الخلق إنما جاءتهم من أهل الكتاب الذين تتلمذ السلف عليهم ونقلوا أساطيرهم إلى التراث الإسلامي تحت مسمَّى المرويات، وملئوا بها ما أسموه بكتب تفسير القرءان، وكانت تلك الأساطير ألغاما انفجرت من بعد في وجوه المسلمين وحالت بينهم وبين البحث العلمي الجاد وبين الالتزام بالنهج القرءاني، أي حالت بينهم وبين العمل بالأمر القرءاني بالسير في الأرض للنظر في كيفية بدء الخلق ومعرفة أسباب القوة والأخذ بها، فأساطير أهل الكتاب قذفت بالمحسوبين على الإسلام بعيدا عن الحق وأضلتهم عن الصراط المستقيم.

أما أهل الكتاب في الغرب فألقوا بأساطيرهم وراء ظهورهم، وعملوا بالأمر القرءاني الذي أعرض عنه (المسلمون) فساروا في الأرض، لينظروا كيف بدأ الخلق.

 

*******

حكم الله

 

حكم الله

الله تعالى لا يشرك في حكمه أحدا، وهو يحكم ولا معقب لحكمه، ومن حكمه:

1.   توصيف الفعل الإنساني، بمعنى أن يقرر أن فعلًا ما هو طاعة، والآخر معصية مثلا، أو أن أمرًا ما هو حلال، وأمرًا آخر هو حرام.

2.   الحكم على مدى ونوعية استجابة الإنسان للأمر الشرعي؛ أي الحكم على الفعل الصادر.

3.   الحكم على الإنسان الذي صدر عنه الفعل.

4.   الحكم العام على كل إنسان.

5.   الحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه من القضايا الكلية أو الجزئية.

فليس لإنسان أن يقيِّم أو يقوِّم حكم الله، ولا أن يحكم على حكم الله، وإنما يجب عليه أن يسلم لله تسليما.

وليس لأولي الأمر في هذا المجال إلا النظر في مدى دخول أمور مستجدة تحت حكم شرعيّ حقيقي.

ويجب الإيمان بأن الله تعالى هو العليّ الكبير والعزيز الحكيم، فهو غير مسبوق بأحد، وأحكامه غير مسبوقة بأحكام أحد، فحكمه هو الميزان والمعيار.

 

الحكم الديني بالمعنى العام هو الأمر الديني ذاته، وهو أيضًا توصيف هذا الأمر وإعطاؤه وزنه الديني، ومن ناحية أخرى هو الحكم على أمرٍ أو فعل إنساني أو على الإنسان نفسه، أي إثبات أمرٍ لأمر أو نفيه عنه عن طريق القرءان الكريم.

قال تعالى:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُم مَّا أَنفَقُوا وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلاَ تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيم} [الممتحنة:10]

فالآية توضح أن الأوامر الدينية المذكورة هي حكم الله.

والخطاب الموجود في مصادر الدين، وهي كتاب الله وما يتسق تماما معه من المصادر الثانوية، هو دليل الحكم، وإنما يُسمَّى حكما لتضمنه إياه.

قال تعالى:

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوْتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُمْ وَهُم مُّعْرِضُون} [آل عمران:23]

مثال:

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيد} [المائدة:1]

الآية تتضمن حكما من أحكام الله وأمرًا دينيا هو الوفاء بالعقود، فهذا أمر ديني يجب الالتزام به، والدليل على وجوده هو هذه الآية القرءانية.

هذا الأمر الديني يمكن أن يندرج في إطار أمر كبير جامع يلزم الناس بالتعامل فيما بينهم وفق الأمور الدينية الحاكمة على هذا التعامل.

قال تعالى:

{وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلا} [الإسراء:32]

هذا أمر ديني يتضمن نهيًا عن الاقتراب من الزنى، وبالأولى نهيا عن اقترافه، والحكم على الزنى أنه فاحشة، واجتناب كبائر الإثم والفواحش هو ركن ديني كبير.

 

إن الحكم على شيء هو نسبة صفة إلى هذا الشيء، أي إلحاق صفة شرعية بهذا الشيء، والحكم هو أمرٌ نسبي بمعنى أنه يجب تحديد الأصل الذي يرتكز إليه الحكم، والذي يعني هنا هو الدين أو بالأحرى القرءان، ويمكن التعبير عن ذلك بالشرع أيضًا، فيقال الحكم القرءاني أو الديني أو الشرعي على فعلٍ ما أنه حلال أو أنه وسيلة إلى الله أو أنه أمرٌ كبير أو مقصد (غاية) لأمرٍ شرعي، أو طاعة أو معصية أو إثم أو لمم أو محرم أو مأمور باجتنابه .... الخ، أمثلة:

إقامة الصلاة أمر قرءاني كبير ومؤكد، ذكر الله هو ركن جوهري كبير، وهو مقصد لأمرٍ كبير هو إقامة الصلاة.

ولا مشكلة في التعبير عن معنى شرعي يستغرق بيانه عبارات أو كلمات عديدة بكلمة واحدة على سبيل الاصطلاح إذا لم يتضمن ذلك أي مساس بمصطلح قرءاني آخر ولم يترتب عليه إلزامات دينية جديدة غير متضمنة في دين الحق، مثال:

ركن = أمر قرءاني كبير أو مؤكد أو جامع لتضمنه أوامر عديدة مترابطة.

فلابد من برهان لإثبات أن أمرًا ما هو من الدين، والبرهان يجب أن يكون في القرءان الكريم، فقد يكون البرهان هو وجود نص قرءاني صريح، وقد يستلزم الأمر شيئا من الاستنباط.

وهم يستعملون كلمة "دليل" بدلا من برهان، ونحن نفضل بالطبع استعمال المصطلح القرءاني، وهو يؤدي ما هو مطلوب بطريقة أفضل من غيره، ولا يستلزم أي تغيير للمعنى اللغوي، قال تعالى:

{.... قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِين} [البقرة:111]، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا} [النساء:174].

ويلاحظ أن آية النساء قد جعلت القرءان نفسه برهانا، هذا بالإضافة إلى أن من أسمائه النور، فهو الكاشف عن أمور الدين الحقيقية. 

والبرهان (الدليل) القرءاني هو بالطبع عبارة أو أكثر من القرءان الكريم؛ أي نص قرءاني A Qur’anic text، وذلك بالمعنى اللغوي للنصّ.

فالقرءان هو المصدر الأوحد لكل أمور الدين الكبرى، والمصدر الأعلى لكل الأمور الثانوية، هذا القول هو مسلمة كبرى A major postulate من مسلمات دين الحق، والمصدر الديني الآخر هو الآثار العملية والقولية المنسوبة إلى الرسول إذا كانت مصدقة لكتاب الله ولعناصر الدين الماثلة فيه أو المستخلصة منه.

 

ومن مصادر العلوم الدينية الأخرى السنن الكونية العامة، والسنن الكونية الخاصة بالإنسان.

وترتيبهم للمصادر أو الأصول الدينية غير صحيح أصلا، وهم يقحمون فيها ما ليس منها، ويرفعون من شأن ما يفضلونه من المصادر الثانوية، ويجعلون لها الحكم والهيمنة على القرءان الكريم، كما أنها يعتبرونها عمليا وواقعيا مصادر مستقلة للدين، ولا قيمة لمزاعمهم المخالفة لذلك، فلقد أصبح من مكوناتهم الأساسية النفاق والكذب واللامنطق، وهم يقرون بأنهم يأخذون من المصادر الثانوية جلّ الدين.

إن كل مصادر الدين الأخرى إنما تستمد مصداقيتها من القرءان الكريم، وبالتالي فيجب أن تحقق شرط الاتساق التام The condition of perfect consistency معه.

وهذه المكانة للقرءان هي ثابتة بالقرءان نفسه، وهي ما يجب أن يسلم بها كل من آمن بالقرءان، فالقرءان هو البرهان والنور والكتاب المبين والمبيِّن، ولا يجوز لأحد أن يزعم أنه يعتبر القرءان الأصل الأول أو المصدر الأول ثم يقدم عليه غيره بكل وقاحة وتبجح مثلما يفعل من يقولون إن (السنة) -ويقصدون بها المرويات- قاضية على القرءان وحاكمة عليه وناسخة لآياته عند التعارض وأنها هي جلّ الدين، دون أن يدركوا ما في كلامهم وسلوكهم من خلل!!!