الجمعة، 3 أكتوبر 2025

إنه هو العليم الحكيم

 

العليم الحكيم
اسمٌ يشرق في ليل الوجود
يمدّ للقلوب معارج من نور
ويفتح للعقول مفاتيح الأسرار

هو العلم المقترن بالحكمة
هو العلم المفضي إلى حكمة
هو القانون والغاية والمقصد والمصير

منه انبثقت الشرائع
واستقامت الموازين
وتجلّت السنن في تفاصيل اليوم والدهر

به عُرفت الأسرة نظامًا
والميراث قسمة بالعدل
وبه صارت العقوبة ردعًا ورحمة
وصار الأدب سياجًا يحفظ العفة والحياء

هو الذي وزّع الصدقات
فأعطى الفقير والمسكين وابن السبيل
هو الذي نسخ الإلقاء الشيطاني
وأحكم آياته بالحق والبرهان

العليم الحكيم
يدبّر الواقعة في صمتٍ ولطف
يُخفي النعمة في ثوب النقمة
ثم يكشفها فجأةً نورًا وفتحًا مبينًا

منه كان التأويل
ومن علمه تنبثق الغايات
كل رؤية لها سر
وكل واقعة تحمل رسالة

في قصة يوسف تجلّى سره
في السجن لطف، وفي الغربة حكمة
وفي التمكين آية
وفي الجمع بعد الشتات معنى لا يبلغه عقل

وفي قصة آدم انكشفت بوادره
علم الأسماء هو البداية
ثم جاء السجود خاتمة الحكمة
فسبّحت الملائكة: سبحانك أنت العليم الحكيم

العليم الحكيم
ليس علمًا منفصلًا
ولا حكمة مبهمة
بل وحدة تجمع بين المعرفة والغاية

هو الذي وهب الإنسان ملكاته
ملكة التأليف والتصوير
ملكة الاستنباط والتأويل
ملكة ربط الجزئي بالكلي
والحسّي بالمقصد الخفي

هو الذي يقود العلماء إلى القوانين
لكن في الموعد المقدر
فلا يكتشفون إلا بإذنه
ولا يستنبطون إلا بفتحه

العليم الحكيم
يحكم بين الناس بالحق
ويُبَيّن لهم الآيات تفصيلًا
ويكشف الحكمة من كل تشريع
ويُريهم المقاصد وراء كل حكم

هو الذي أنزل السكينة
فزاد الإيمان إيمانًا
وأرسل جنوده من السموات والأرض
فكان الوجود محروسًا بالعلم والحكمة

يا أيها الباحثون عن الحقيقة
إنه الاسم الذي لا ينفصل عنكم
هو الذي يراقب أنفاسكم
ويستدرجكم إلى الخير
ولو في أثواب البلاء

يا أيها السائرون في طرق الغيب
تعلموا أن العلم بلا حكمة ضلال
وأن الحكمة بلا علم عجز
وأن العليم الحكيم وحده
يجمع الكمالين في اسم واحد

هو الذي أظهر المقاصد
وأودع في الشرائع حكمًا لا تنفد
وترك للإنسان باب التأمل مفتوحًا
كي يستخلص من الوقائع عبرة
ومن العبرة قانونًا
ومن القانون حكمة
ومن الحكمة سبيلًا إلى الله

العليم الحكيم
هو بداية الفهم ونهايته
هو أفق الشرائع وغايتها
هو الحاكم على ملكات العقل والقلب
هو الذي يربط الأرض بالسماء
والشهادة بالغيب
والتفصيل بالإجمال

فسبّحوه كما سبّحته الملائكة
واهتفوا كما هتف يوسف في التمكين:
إن ربي لطيف لما يشاء
إنه هو العليم الحكيم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق