الاثنين، 13 أكتوبر 2025

عبادة "الصحابة": من أخطر الانحرافات الدينية في تاريخ البشرية

 

عبادة "الصحابة": من أخطر الانحرافات الدينية في تاريخ البشرية

تُعدُّ عبادة الصحابة" من أسوأ وأخطر أشكال العبادة المنحرفة التي ابتُليت بها البشرية، إذ إنها تحوِّل الإنسان من كائنٍ عاقل مُكرَّم إلى ما هو أضلُّ من بهيمة الأنعام، وأشرس من وحوش الغاب، وأخسّ منزلة من الشيطان نفسه.

هذه العبادة لا تدور حول "الصحبة" بوصفها قيمة أخلاقية أو جهادًا في سبيل الحق، بل تتمركز — من حيث الجوهر — حول تقديس من انقلبوا على أعقابهم وبدلوا تبديلا والطلقاء والمنافقين وعبيد الدنيا.

والمكانة الأكبر لكل معبود منهم تتحدد بقدر تورطه في البغي والعدوان وغزو البلدان بالسيف، وانتهاك الحرمات، وإهدار حقوق الإنسان.

وقدس أقداس هذه العقيدة هو معاوية بن أبي سفيان، وتُقاس منزلة الصحابي بقدر ما قدَّم من خدمة لمشروعه السياسي وساهم في تمهيد الطريق لسلطته، أو من التفوا حوله طمعًا في قطعة من دنياه.

جوهر عقيدة "عبادة الصحابة"

هي عقيدة تُعلِي الأشخاص فوق المبادئ، وتُقدِّم الولاء البشري على الولاء القيمي، وهذه العقيدة تتضمن القول بعدالة الصحابي، والتي تعني باختصار أن أي نص نسبه أحد الرواة إلى صحابي في القرن الثالث أو الرابع الهجري يصبح نصًّا دينيا وجزءً من السنة التي هي الأصل الثاني للدين نظريا، والأصل الأول عمليا وواقعيا.

 

وتتضمن عقيدة "عبادة الصحابة" العناصر التالية:

1.         كفر بالله الحق الإله الذي له الأسماء الحسنى والذي أنزل القرءان؛ لأن عبادة الأشخاص تنقض التوحيد من أساسه.

2.         كفر ببعض الكتاب رفض أو تجاهل الآيات المحكمة التي تُدين الظلم والبغي، وهو ما يفضي بالضرورة إلى الكفر بدين الحق كله.

3.         اتخاذ بعض البشر أربابًا مشرعين في الدين.

4.         إعلاء الصلات الشخصية تقديم القرابة أو الصحبة أو الولاء السياسي على القيم الرحمانية والإنسانية.

5.         تقديس الظلم والجور تبرير القتل والسلب والعدوان باسم الدين.

6.         الولع بسفك الدماء والإفساد في الأرض جعل الغزو والقتل معيارًا للمجد.

7.         تقديس الجاهلية إعادة إنتاج عادات وتقاليد العصر الجاهلي وتغليفها بغطاء "الصحابة".

8.         عبادة الشهوات السعي إلى جمع أكبر عدد ممكن من النساء تحت مسميات مختلفة، وكنز الذهب والفضة بلا حق.

9.         ازدراء حقوق الإنسان تهميش الكرامة الإنسانية لصالح سلطة الحاكم أو القائد.

10.     ازدراء حقوق المرأة تحويلها إلى أداة متعة أو سلعة ملكية.

11.     ازدراء المشاعر الوجدانية الرفيعة قتل الضمير الجمعي وتشويه الحس الإنساني.

12.     ازدراء العلوم النافعة محاربة الفكر والإبداع والمعارف العملية.

13.     تعصب عنصري مقيت إعلاء العرق أو القبيلة فوق القيم الإنسانية العالمية.

 

التناقض الجوهري

لا يمكن أن يجتمع في قلب إنسان سوي الإيمان بالله الذي له الأسماء الحسنى وأنزل القرءان، مع الإيمان بعقيدة الصحابة كما قررها الدين الأعرابي الأموي؛ إذ يقوم الأول على القسط والعدل والرحمة والحق والتقوى، وعلى اتخاذ القرءان المصدر الأعلى الحقيقي للدين، بينما يقوم الثاني على القهر والتمييز والتقديس الأعمى للأشخاص، واتخاذ الأقوال التي نسبها الناس إلى الصحابة المصدر الأعلى الحقيقي للدين.

 

الأثر الحضاري والتاريخي

هذه العقيدة هي أساس الدين الأعرابي الأموي بكل صوره، وتمكن هذا الدين وعلوّ أمره كان سببًا في إطفاء أنوار حضارات عريقة، أو في منعها من استعادة دورها القديم، كما ظهر ذلك في:

أ‌.      مصر، مهد العلوم والفنون والإبداع، حين وقعت تحت سيطرة الجهل الأعرابي الأموي.

ب‌.  بلاد ما بين النهرين والشام، حيث توقفت عجلة الإبداع بعد أن كانت منارات للمعرفة.

نعم كان يظهر علماء من حين لآخر، ولكن أكثر ظهور لهؤلاء كان في أطراف العالم الإسلامي، أو في عصور ضعف سلطة الخلافة المركزية، وكان ظهور هؤلاء العلماء أشبه بطفرات فردية، وسرعان ما كانت جهودهم تذهب هباء، ولا تصب في تيار عام مستمر، كان جو العداء للعلم خانقًا ومدعومًا بمشاعر الغوغاء المعادية له وبحملات رجال الدين التقليديين، ويجب العلم بأن الدول المتقدمة تنتج الآن سنويا من العلوم أضعاف أضعاف ما أنتجته هذه الأمة في ألف عام.

وعلى سبيل المثال: كانت الدولة العثمانية أقوى من كل الدول الأوروبية لعدة قرون، وكانت أوروبا تحقق نهضتها العلمية أمام أعينها، ما الذي منعها من المشاركة فيها؟ إنه الدين الأعرابي الأموي القائم على عقيدة عبادة الصحابة، وقد كان العثمانيون يكتبون أسماء الخلفاء الأربعة في قبلتهم، ويتلون البخاري الجامع لما هو منسوب إلى بعض الصحابة طلبًا للنصر.

  • في المقابل، الدول التي تحررت من عبادة الأشخاص حققت قفزات حضارية هائلة:

أ‌.      الغرب الحديث، الذي شهد ثورة إنسانية وعلمية مذهلة.

ب‌.  الهند، التي تُنتج اليوم علماء بارزين في الرياضيات وعلوم الحاسب والفيزياء.

  • حتى في التاريخ القريب، كانت مصر قوة ناعمة كبرى في عصرها الليبرالي، قبل أن تتحول — منذ عهد "الرئيس المؤمن" — إلى بؤرة للتخلف وأحد أكبر مصادر الإرهاب "الأدعشي" في العالم.، حين تسلط عليها الدين السلفي الوهابي القائم على عبادة الصحابة، واتخاذهم أربابًا مشرعين في الدين.

*******

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق