معركة آسك، عندما تمكن 40 من الخوارج الضالين
من هزيمة جيش أموي عدده 2000 من الفاسقين
معركة آسك (أو يوم آسك) هي واحدة
من أغرب المعارك في تاريخ المحسوبين على الإسلام من حيث التفاوت العددي، وقد وقعت
في عهد الدولة الأموية (حوالي عام 65 هـ / 684 م) بين طائفة من الخوارج الأزارقة
وجيش والي البصرة عبيد الله بن زياد. ًا ًا
تُعد هذه المعركة مثالًا تاريخيًا
حيًا على قوة العقيدة القتالية والاندفاع الانتحاري الذي ميز الخوارج، مقابل ضعف
الروح المعنوية والارتباك في صفوف الجيوش النظامية حينها.
تفاصيل المعركة وسياقها
1. الأطراف المتحاربة
- الخوارج:
مجموعة صغيرة جدًا قوامها 40 فارسًا فقط، بقيادة عبيدة بن هلال اليشكري (وقيل
كان معه نافع بن الأزرق).
- الجيش
الأموي: جيش نظامي ضخم يضم 2000 جندي، بقيادة مسلم بن عبيس بن كريز بن ربيعة.
2. موقع المعركة
وقعت المعركة في منطقة تسمى "آسك"،
وهي بلدة تاريخية كانت تقع بين إقليمي الأهواز وفارس (إيران الحالية).
3. أحداث الموقعة
عندما التقى الجمعان، استخفّ قائد
الجيش الأموي بعدد الخوارج القليل، لكن الخوارج اعتمدوا استراتيجية "الهجوم
الصاعق". شنّ الأربعون فارسًا حملة واحدة رجل واحد وهم يقرأون القرآن وينادون
بشعارهم "لا حكم إلا لله"، مما أحدث رعبًا هائلًا في صفوف الجيش الأموي.
تقول الروايات التاريخية (مثل ما
ذكر ابن الأثير في الكامل في التاريخ):
"حمل الخوارج حملة واحدة،
فما ولى أحد منهم وجهه حتى هزموا الألفين وقتلوا أميرهم مسلم بن عبيس."
4. النتيجة الصادمة
- هزيمة
ساحقة: فرّ بقية الجيش الأموي (2000 جندي) أمام صمود وشدة بأس الأربعين فارسًا.
- مقتل
القادة: قُتل قائد الجيش الأموي مسلم بن عبيس، ومعه عدد من الأشراف والقادة.
- أثر
المعركة: كانت هذه المعركة سببًا في تعاظم شوكة الأزارقة (أشد فرق الخوارج)
وبداية لسلسلة حروب طويلة استنزفت الدولة الأموية في العراق وفارس لسنوات
طويلة، ولم يكسر شوكتهم تمامًا إلا المهلب بن أبي صفرة لاحقًا.
لماذا انتصر الـ 40 على الـ 2000؟
يرجع المؤرخون هذا النصر غير
المنطقي إلى عدة أسباب:
1.
الاستماتة: كان
الخوارج يقاتلون لطلب "الشهادة" (بزعمهم) ولا يفكرون في التراجع، مما
جعل ضرباتهم قاتلة ومؤثرة.
2.
عنصر المفاجأة
والرهبة: الصدمة النفسية برؤية مجموعة صغيرة تهاجم جيشًا جرارًا جعلت الجنود يظنون
أن هؤلاء "مستبسلون لا يمكن قهرهم".
3.
ضعف القيادة:
أدى مقتل القائد الأموي في بداية الاشتباك إلى انهيار التشكيل العسكري وفرار
الجنود.
ومن أشهر ما قيل في تلك الوقعة،
وهو يمثل ذروة التهكم والسخرية من الهزيمة المنكرة التي لحقت بالجيش الأموي:
أألفا مؤمنٍ فيما زعمتمْ ...
يقتلُهم بآسكَ أربعونا؟
كذبتم ليس ذاك كما زعمتمْ ...
ولكنّ الخوارجَ مؤمنونا
هذان البيتان قالهما المجرم السافل
عمران بن حِطّان، وهو أحد كبار شعراء الخوارج وخطبائهم، وكان لسان حالهم الذي
يفاخر ببطولاتهم.
تحليل الأبيات ودلالتها
1.
التشكيك في
"الإيمان": الشاعر هنا يستخدم سلاح "التكفير" والمقابلة؛ فإذا
كان الجيش الأموي يزعم أنه على إيمان، فكيف يهزمه 40 رجلًا فقط؟ هو يرى أن النصر
دليل على "تأييد إلهي" للخوارج، وأن الهزيمة دليل على بطلان عقيدة الجيش
المقابل.
2.
الحرب النفسية: كانت
مثل هذه القصائد تنتشر في الأمصار أسرع من البريد، مما تسبب في إحراج كبير للدولة
الأموية، وزاد من رعب الجنود في الكوفة والبصرة من مواجهة الخوارج، لأنهم أصبحوا
يُنظر إليهم كقوة "غير بشرية" في القتال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق