الخميس، 14 يناير 2016

أهل الحق

أهل الحق

أهل الحق هم أصفى الناس نفسا وأنقاهم سريرة وأنبلهم خلقا وأشدهم حياءً ورحمة وأكثرهم طيبة وتواضعا، لا يتعصبون لما ألفوا عليه آباءهم، لا يقيدون أنفسهم بمحدثات المذاهب ولا يحفلون بها، يطلبون الحق أينما كان، يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ، قد عقدوا العزم على أن يعملوا بكل ما يصل إليه علمهم من الأوامر القرءانية؛ فهم يعظِّمون شأن ما عظَّم القرءان شأنه، يقيمون الشهادة لله، ولا يخشون في الحق لومة لائم، يؤدون الأمانة إلى أهلها، يحكمون بالعدل، ويقومون بالقسط، ويتصفون بمكارم الأخلاق، وهم -وإن لم يعلموا- يعملون بأركان دين الحق ويحققون مقاصده دون أن يكون لهم علم مسبق بهذه الأركان، فبدون أن يعلموا أن أركان الدين الجوهرية تقتضي ذكر الله تعالى وإقامة صلة وثيقة به هم يذكرون الله ذكرا كثيرا ويعملون على تقوية صلاتهم به، وبدون أن يعلموا أن التزكي هو لب أركان الدين هم يجاهدون للتطهر من الأخلاق الذميمة والتحلي بمكارم الأخلاق، والخلاصة أنهم يتبعون دين الحق وإن لم يعلموا شيئا عن هيكله ومنظوماته، أما من علموا منهم فهم أولو الألباب؛ المقصودون من كل خطاب، فهم الذين إذا رآهم الصالحون المخلصون لا يملكون إلا أن يشيروا إليهم قائلين: أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ.
أما لماذا هم ليسوا بأهل مذهب؛ فلأنهم لم يذهبوا إلا إلى ربهم، يقول قائلهم، وهم الصادقون: إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ، لم يفروا إلا إليه، ولم يلوذوا إلا به، ولأنهم لم يحدثوا شيئا في الدين ليُردّ عليهم، فكل ما به يقولون مستخلص من القرءان الكريم وفقا لأسس منطقية صارمة، يمكنهم أن ينقلوها للآخرين فيستخلصونها بأنفسهم، فمن عرف نظرية الأسماء الحسنى يمكنه أن يحصيها في القرءان بنفسه، ومن عرف نظرية الأركان أو بالأحرى الأوامر الدينية العظمى يمكنه أن يستخلصها من القرءان بنفسه.
أما المذاهب التي حلت محل الإسلام فكل مذهب منهم قائم على اصطلاحات ومقولات محدثة في الدين؛ يمكن دحضها بكل سهولة، وللأسف لا يكاد يخلو مذهبٌ منها من شرك أو كفر أو إلحاد في أسماء الله أو إلحاد في آيات الله سبحانه وتعالى أو تكذيب ببعضها أو سوء تأويل لها.

*******


هناك 4 تعليقات: