السبت، 2 يناير 2016

موقف الأعراب وسدنة المذهب الأدعشي من القرءان

موقف الأعراب وسدنة المذهب الأدعشي من القرءان

ولما كان النفاق من أخلاق الأعراب العريقة وقد نقلوه بدورهم إلى كل مكان انتشروا فيه فإنهم لا يصرحون علنا باتخاذهم القرءان مهجورا، بل يكيلون له أسمي آيات المدح والثناء، ثم يقولون له:
"ولكنك أجل قدرا ومقاما من أن تُقحم في أمورٍ كهذه، كما أنك لا تحوي التفصيل ولا البيان الكافي، ورغم أن مُنزِلك قد قال إنه جعلك مفصلاً ومبينا ومبيِّن وتبيانا لكل شيء فيبدو أن هذا الكلام هو (للاستهلاك المحلي) كما يقولون، ذلك لأن أصحاب الشأن وأرباب هذا الفن وأهل الذكر قد أجمعوا علي أنك غير مفصَّل وأن بيانك غير كاف وأن فيك ما هو مشكل محتاج إلى إيضاح مبهم محتاج إلى تبيين، مطلق محتاج إلى تقييد، والويل كل الويل لمن خالف هذا الإجماع واتبع غير سبيل الأنعام والمغفلين والمغضوب عليهم والضالين، فاترك أمر الناس للمرويات ودعها تحكم وتقضي عليك، ذلك لأنك لا تحوي إلا أمورا مبهمة أو كلية وقواعد إجمالية، والحياة أعقد من أن يتناولها مثلك، وبيان تفاصيل العبادات لم يكن أصلا في استطاعتك، وإلا فقل لنا أين نجد فيك صلاة الظهر؟؟؟ هه هه هه؟؟!! أين نجد فيك الوصف التفصيلي لكيفيات الصلاة الدقيقة والمعقدة؟ هل حددت لنا كيفية وضع اليدين في الصلاة؟!! هلا أدركت الآن مدى حاجتك للبخاااااااري؟
ولقد ثبت قطعا عند ذوي الشأن وأرباب هذا الفن أنك نسخت بنفسك بعض أجزاء نفسك، بل لقد ثبت أن المرويات قد نسخت بعض آياتك، فكيف يمكن الاحتكام إليك وأنت في حاجة إلى من يبيِّن ناسخك من منسوخك، ورغم أن منزلك قد تعهد بحفظك فإن مرويات السلف المقدس قد أكدت أنه قد ضاع منك الكثير، ورغم أن الذي أنزلك هو الغني الحميد فإنك فقير إلي المرويات لتبين أسباب نزولك وناسخك من منسوخك ولتفصِّل مجملك ولتبيِّن مبهمك ولتقيد مطلقك بينما هي غنية عنك!
ورغم أن الرب سبحانه قد جعلك مهيمنا على سائر الكتب فإن الأوزااااااااااااعي وشركاءه ومن اتبعهم قد قرروا أن المرويات يجب أن تقضي عليك، وقال غيره أنك في أمس الحاجة إلى المرويات بينما هي في غنى عنك!! ولا يمكن لأحد أن يعصى لأمثال هؤلاء أمرا، خاصة وأنهم قالوا ذلك في ظل الدولة الأموية المقدسة التي تضم باقة متميزة من أكابر المجرمين والسفلة والشواذ والمفسدين في الأرض يحق لنا أن نباهي بهم الأمم!
وماذا عليك لو أقررت بأن حاجتك إلى المرويات أكبر من حاجتها هي إليك وبأن لها الحكم فيك والقضاء عليك وبأن المهام المنوطة بك يمكن لصحيح البخاري أن يؤديها بطريقة أفضل منك؟ فحسبك أن يتلوك الناس للتبرك أو أن يشتغلوا بإعراب كلماتك والتأكد من اتساقها مع القواعد التي اشتقوها من الشعر الجاهلي المقدس، وحسبك أيضاً أن يشتغلوا باستخراج الصور البلاغية من آياتك، وأن يتغنوا بك في الحفلات والجمع والمآتم فيتصايح السامعون ثم يذرفون الدمع الهتون، وحسبك أن يزخرفوا بك المساجد وأن يقبلوك وأن يضعوك في السيارات وأن يكتبوك بماء الذهب وأن يزينوا بنسخك المكتبات، أما أمور الحياة فدعها لصحيح البخاري الذي لم يترك صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، ولم يعزب عن علمه مثقال ذرة في أمور الدين، ولم يترك أمراً إلا وقد بين له حكما، كيف لا والبخاري لا يخفي عليه شيء في الأرض ولا في النفوس، وهو يستطيع أن يدرك دون خطأ نوايا ودوافع ستة أجيال من الناس على مدى أعمارهم كلها، ألم يكن يعلم أسماء المنافقين الذين لم يعلمهم الرسول؟؟!! ألا تعلم أن البخاري كان يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور؟ ألا تعلم أنه كان يعلم أسماء المنافقين الذين لم يكن الرسول نفسه يعلمهم؟ ألا تعلم أنه كان يتوضأ ويصلي ركعتين قبل أن يكتب مروية في كتابه؟!
وإذا كان لابد لك من دور فإنه يمكن استخدام آياتك عند الحاجة لشرح مرويات البخاري، نعم إن تلك المرويات لم تأخذ شرعيتها إلا من حاجتك أنت للشرح والبيان وبالتالي يصبح هذا المسلك مخالفا لأبسط قواعد المنطق، ولكن ما قيمة هذا المنطق؟! من تمنطق فقد تزندق، والويل لك إن خالفت إحدى آياتك مروية من مرويات البخاري، إن هذه الآية تصبح بذلك منسوخة رغم أنها منك ومازالت تُتلى وتُفسَّر!
ولقد كنت أنت الذي حكمت على نفسك بذلك، فلا تلومنَّ إلا نفسك، ليس لك إلا أن تقنع بما قسمه لك أهل الشأن وأرباب هذا الفن وإلا فسيأتي يوم يتلو الناس فيه آيات البخاري بدلا من آياتك".

******* 

هناك 3 تعليقات: