الخميس، 18 يونيو 2015

منظومة سمات دين الحق ج1

منظومة سمات دين الحق ج1

إن تلك المنظومة تشمل السمات والخصائص العامة للدين المنصوص عليها في الكتاب العزيز أو المستنبطة منه وفق منهج علمي صارم، والمؤمن ملزم بمعرفتها حتى لا يضل سواء السبيل فيغلِّب أمرا مضادا لسمة من تلك السمات أو يلتزم بما يقوضها أو يتعارض معها.
ولتلك المنظومة الحكم على ما ورد في مصادر المعرفة الدينية الثانوية وعلى آراء الناس وعلى ما يزعمون أنه أحكام دينية، لذلك يجب رفض كل ما يتعارض مع أية سمة من سمات الدين، وكذلك يجب أن تؤخذ تلك السمات في الاعتبار عند سنَّ أي تشريع أو قانون جديد.
فمن سمات الدين الثابتة مثلاً "العالمية"، فكل ما ورد متعارضاً مع عالمية الدين يجب اعتباره أموراً خاصة بعرب القرن الأول أو خاصاً بالفترة التي كانت قبل اكتمال الدين، ولا يجوز فرضه على العالمين باسم الدين، فلا يجوز مثلا إلزام مسلمي السويد بزي ومأكولات وعادات عرب القرن السابع الميلادي.

ومما تتضمنه تلك المنظومة من سمات وخصائص دين الحق:

1.                 أنه الدين الخالص لله تعالى، فهو دين التوحيد الصارم الذي لا يقبل بأية تعددية في الألوهية ويرفض كل معتقدات وصور ومظاهر الشرك والنفاق والرياء، وهو لا يقبل بتشبيه الإله بخلقه ولا بتشبيه خلقه به، وهو لا يسمح باتخاذ أرباب مشرعين في الدين.
2.                 أنه الدين الذي يتضمن أسمى تصور أو مفهوم Concept ممكن عن الإله، وهذا أمر لا يمكن المراء فيه، وهو ثابت بالنظر إلى الكتب الأصلية لكل دين من الأديان.
3.                 أنه الدين الذي ينص على أسماء الله الحسني ويحث الناس على معرفتها والعمل وفق مقتضياتها، كما أنه يقدم ما يجب على الناس معرفته من السمات والأفعال والشؤون والسنن الإلهية.
4.                 أنه يجعل لله وحده العلو المطلق على سائر خلقه، ويجعل كل من هم من دونه مهما علت مراتبهم مسؤولين أمامه، فلا يجوز لأحد أن يتخذ ربا من دونه.
5.                 أنه دين الحق، فكل ما يتضمنه من معلومات هو عين الصدق ومن موازين هي الموازين القسط ومن أحكام هي عين العدل، وهو لذلك يرفض الاحتكام إلى الأمور غير الموضوعية في البحث والنظر وتدبر الأمور، وهو يذكر ذلك في نصوص واضحة لا تحتاج تفسيرا ولا تحتمل تأويلا.
6.                 أنه دين الرحمة العامة للعالمين والخاصة للمؤمنين، وهذه حجة دامغة ضد من جعلوه دين نقمة، والنص على أن الرسالة رحمة للعالمين هو حقيقة ثابتة لا مراء فيها، وكل الناس يدركون ماذا تعني الرحمة.
7.                 أن كتابه هدى ورحمة وبشرى وموعظة وشفاء وبرهان ونور مبين لمن آمن به.
8.                 أنه دين القوانين والسنن الحقانية؛ فهو الدين الذي أعلن أن لله سننه الإلهية والكونية التي لا تبديل لها ولا تحويل وأمر الناس بالنظر في الآيات الكونية لمعرفة القوانين الكونية الإلهية.
9.                 أنه الدين العالمي الملزم للناس كافة، لذلك فهو لا يتقيد بخصائص أو ميول أو عادات شعب معين ولا يفرضها على الناس.
10.             أنه الدين الذي يحرر الإنسان من العبودية لغير الله تعالى.
11.             أنه الدين الوحيد الذي لديه كتاب ديني موثق.
12.             أنه دين القسط والعدل وإحقاق الحق وتأدية الأمانات إلى أهلها.
13.             أنه دين بلا كهنوت، فهو الدين الذي حرَّم وجرَّم وجود طبقة كهنوتية تتطفل على العلاقة بين الإنسان وربه وأعلن بكل وضوح أن الله عزَّ وجلَّ مع كل إنسان وأنه أقرب إلى كل إنسان من نفسه وأمر الإنسان أن يتوجه مباشرة إلي ربه وأن يفر إليه من كل ما هو من دونه، وهو الدين الذي يتضمن من الضمانات ما يمنع وجود الكهنوت ومن الأسس ما يمكن بها التصدي له.
14.             أنه دين بلا كنيسة ولا كنيس.
15.             أنه الدين الذي يجعل التشريع الديني حقاً خالصاً لله وحده ويجعل كل تشريع آخر أمراً بشريا وضعياً.
16.             أنه دين الفطرة، فلا يمكن أن يتضمن أمراً أو تكليفاً مضاداً لما فطر الناس عليه فلا يمكن مثلاً أن يحرم الزواج ولا أن يؤخره ولا أن يحرم على الناس الطيبات من الرزق ولا أن يبيح العلاقات الجنسية غير السوية.
17.             أنه الدين الكامل، فلا يمكن أن يستجد أمر لم يتضمن هذا الدين الأسس اللازمة لمعالجته أو التعامل معه، وهو يتضمن كل ما يلزم الناس من معلومات دينية وغيبية، وكذلك كل ما يلزم من الأسس والقوانين والسنن اللازمة لاستنباط ما ينفعهم في كل زمان ومكان ولمعالجة ما يستجد من الأمور.
18.             أنه دين الحكمة، وهذا يعنى أنه لابد أن يكون كل أمر من أوامره محفوفاً بالحكمة والتي تتمثل في وجود مقصد لكل أمر شرعي ووجود مقاصد كلية عظمى للدين كله.
19.             أنه ذروة تطور الأديان على مدي العصور.
20.             أنه الدين الخاتم لكل ما سبقه من شرائع وأديان؛ فهو خير الدين ولا دين بعده.
21.             أنه الدين الناسخ الذي نسخ ما يتعارض معه في الرسالات السابقة في اتجاه التخفيف ورفع الحرج، ووضع الإصر والأعلال عن الناس، فلا يمكن أن يتضمن تشريعاً منسوخاً ولا يمكن أن يأتي من بعده ما ينسخه، وكل ما خالف ما يتضمنه فهو منسوخ أو باطل.
22.             أنه دين العقلانية والأمور الحقانية والموضوعية، وهو الذي ينهي عن اتباع الظنون والأهواء والأوهام والأسلاف.
23.             أنه دين مكارم الأخلاق، فهو يجعل من التحلي بها والتطهر مما يناقضها من أركانه الجوهرية الكبرى.
24.             أنه متسق اتساقاً ذاتيا، فلا يمكن أن تتعارض أوامره أو تعليماته مع بعضها البعض، وذلك مرتبط بالاتساق التام لكتابه.
25.             أنه ملائم لكافة الكيانات الإنسانية؛ فيتضمن من الأوامر والتعليمات ما يلائم كل كيان.
26.             أنه الدين الذي يعامل كل إنسان على ما هو عليه لا وفق ما ينبغي أن يكون عليه، فهو لا يفترض صفات ملائكية أو خيالية أو بطولية في الناس.
27.             أنه الدين الذي يهدي الإنسان إلي أفضل السبل للتحقق بكماله ويعطيه كل الحق في استعمال ملكاته بل ويأمره باستعمالها للنظر في آياته ويتدرج به ويأخذه نحو الكمال بالرفق واللين.
28.             أنه دين يسر فلا حرج فيه ولا مشقة ولا إصر ولا أغلال.
29.             أنه دين لا تكليف فيه إلا بالوسع وبقدر الاستطاعة.
30.             أنه دين شامل قد بين الله تعالي فيه للناس كل ما يلزم لصلاح أمورهم.
31.             أنه تبيان لكل شيء مما يمكن أن يحتاجه أي كيان إنساني لتحقيق مقاصد الدين.
32.             أنه الدين الذي ينص على أن كل إنسان مكرم ومفضل ومستخلف في الأرض وذو إرادة حرة.
33.             أنه الدين الوحيد الذي يلزم الإنسان بالإيمان بكل كتب الله ورسله.
34.             أنه الدين الذي يتضمن ما أنزله الله في كتبه السابقة مما يلزم الإنسان في كل زمان ومكان.
35.             أنه دين مرن فهو يتضمن من السنن والآليات ما يسمح له بأن يلبي كل ما يمكن أن يستجد من احتياجات الناس في كل عصر ومصر ويأخذ في اعتباره سنن التطور.
36.             أنه يتميز بالاقتصاد في الأحكام الشرعية.
37.             أنه دين الفعالية والفضائل الإيجابية فهو يلزم الكيان الإنساني بالانتصار ممن ظلمه أو بغي عليه ويرد العدوان بمثله كما يلزمه بألا يعفو عن المعتدي إلا عند القدرة عليه.
38.             أنه دين القوة والعزة، فهو لا يرضى بالذلة لأي كيان إنساني سواء أكان فرداً أو أمة.
39.             أنه دين العلم الحقيقي، فهو الدين الذي يقدم للإنسان المعلومات الأعظم من حيث القيمة والأهمية واللازمة لكي يتحقق بكماله المنشود.
40.             أنه دين العمل الصالح، فهو الدين الذي أعلي من شأن العمل الصالح وجعله نظيراً للإيمان وألزم المسلم أن يكون عمله شاهداً علي فعاليته وحقانيته.
41.             أنه لابد لكل أمر من أوامره من نفع في الدنيا والآخرة.
42.             أنه الدين الوسط فلا إفراط فيه ولا تفريط.
43.             أنه الدين الوحيد الذي يتضمن ما يلزم من القيم والسنن للتعايش السلمي مع الآخرين.
44.             أنه دين السماحة فلا كراهية فيه ولا بغضاء ولا شنآن ولا لدد في الخصومة مع الآخرين.
45.             أنه دين السلام، فهو الدين الذي يجعل السلم هو الحالة الطبيعية ويحرم العدوان ويأمر بالجنوح للسلم ويقرر بأن القتال الذي قد لا يكون ثمة مفر منه هو أمر مكروه.
46.             أنه الدين الذي يقرر بكل وضوح أن للإنسان إرادة حرة وأنه مسؤول عن أفعاله وأنه لا تزر وازرة وزر أخرى وأن الإنسان مبرأ مما يسمي بالخطيئة الأصلية.
47.             أنه الدين الوحيد الذي ينص على أن الظواهر الكونية المألوفة للإنسان هي آيات ربانية ومن أركانه أن ينظر الناس فيها ليتعرفوا من خلالها على السنن الكونية والإلهية وبالتالي تكون وسيلتهم لمعرفة آثار الأسماء الإلهية وللمعرفة الممكنة بربهم.
48.             أنه دين جاد لا هزل فيه، وهو يلزم المسلم بان يأخذ كل أمور حياته بالجدية اللازمة.
49.             أنه دين دعوة وتبشير، فهو بحكم طبيعته لابد له من الذيوع والانتشار، وهو يلزم كل كيان آمن به بأن يكون داعية إليه ويحدد له الأساليب الشرعية للدعوة، فهو دين عالمي وليس دين طائفة منغلقة علي نفسها.
50.             أنه دين بلا رهبانية، فهو دين جهاد وقوة وإيجابية.
51.             أنه دين للمعايشة الحقيقية وليس مجرد معلومات نظرية غير قابلة للتطبيق والتفعيل.
52.             هو الدين الذي يجعل كل المؤمنين به رجاله، فكلهم منوط بهم خدمته وتحقيق مقاصده والدعوة إليه، وكلهم لهم الحق في السعي إلي الدرجات العلي بل هم مطالبون بذلك.
53.             أنه الدين الوحيد الذي ينص بكل وضوح وبأجلي بيان علي أنه لا إكراه في الدين وعلي أنه ليس من حق أحد مهما كانت مكانته أن يكره الناس حتى يكونوا مؤمنين، وهو يرسي بذلك أسس التعايش السلمي بين أتباع الأديان المختلفة.
54.             أنه الدين الوحيد الذي ينص بكل وضوح وبأجلي بيان علي أن البشر خلقوا من نفس النوع وأنه لا فضل لإنسان على آخر إلا بالتقوى والعمل الصالح وسلامة القلب، وهو بذلك يدحض كل دعاوى التفوق العنصري التي ابتلي بها كثير من الشعوب والسلالات.

55.             أنه الدين الوحيد الذي يقرر بكل وضوح وبأجلي بيان علي أن البشر لن يزالوا مختلفين وأن الفصل بينهم لن يتم بالكامل إلا في اليوم الآخر وأنه لا سبيل إلى توحيدهم مما يحتم عليهم التعامل مع هذا الاختلاف كسنة كونية لا يمكن مناطحتها بل يجب التعايش معها. 

هناك تعليق واحد: