الجمعة، 5 يونيو 2015

حوار مع شيطان

حوار مع شيطان

الشيطان: اسمع يا هذا! لماذا لا تتبعنا؟
مسلم: ولماذا يتعيَّن عليَّ أن أفعل؟
الشيطان: ألا تزعم أنك مسلم؟
مسلم: ليس زعما، هذه حقيقتي التي أحيا لها وبها!
الشيطان: إذاً لماذا لا تتبعنا وتخضع لنا؟
مسلم: ومن أنت حتى أتبعك؟
الشيطان: ألا تعلم أني عضو أكبر تنظيم للدفاع عن الإسلام ونصرته في العالم وإقامة دولته؟ ألا تعلم مقدار ما بذلناه من جهود لتأديب أعداء الإسلام؟
مسلم: الذي أعلمه أن تنظيمك هذا قد ألحق بالإسلام أضرارا بالغة وبالناس أجمعين وأنك قد تسببت في هلاك ما لا يُحصى عدده من المسلمين وفي صدّ البشرية عن سبيل الله تعالى! أنتم من أكبر العقبات في سبيل الإسلام.
الشيطان: ماذا تقول أيها الضال المفتون؟ يبدو أنك علماني ليبرالي مدني وطني شيعي رافضي اشتراكي شيوعي رأسمالي وجودي سيريالي عقلاني مادي ملحد تحاول إطفاء نور الحق!
مسلم: بل أنا أولا وقبل كل شيء مسلم.
الشيطان: كيف تكون مسلما ووطنيا، ألا تعلم أن ما تسميه بالوطن مجرد طين وتراب؟ وأن وطنك ينبغي أن يكون الإسلام فقط؟
مسلم: وطني هو مصر، وهي ليست مجرد طين وتراب!
الشيطان: طزّ في مصر، المهم هو الإسلام!
مسلم: لا تناقض بين الإسلام وبين الوطنية، وأي وطن ليس مجرد طين وتراب، الوطن هو الديار والأهل والأصحاب والأموال، وأنت لا هم لك إلا التشريع لخيانة الوطن لحساب أعدائه، وبتخريب ديار المسلمين سيتحولون إلى ضعفاء لاجئين لا يؤبه بهم ويعيشون على صدقات المحسنين، وأنتم بذلك تذهبون بقوتهم لحساب أعدائهم وتصدون الناس عن سبيل الله، من الذي سيؤمن بدين يجلب على أهله الدمار والشقاء؟ وبالنسبة لي يجب الدفاع عن الوطن ضد أي اعتداء عليه حتى لو كان المعتدون محسوبين على الإسلام.
الشيطان: ألم ترَ أبدا شعارنا؟ ألا ترى أنا جعلنا صورة المصحف بين سيفين شعارنا؟
مسلم: وما جدوى ذلك؟
الشيطان: طالما تقول إنك مسلم فيحب أن تتبعنا لأن المصحف شعارنا!
مسلم: القرءان ليس وثنا، بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم، وأنتم لا يوجد في صدوركم إلا الجهل والحقد والغل، أما السيفان فلا علاقة لهما بالإسلام، بل أنتم تؤكدون بذلك مزاعم أعدائه وتعطونهم الحجة ليطعنوه وليتآمروا عليه.
الشيطان: وكيف تكون مسلما وأنت شيعي، ألا تعلم أن الشيعة أكفر من اليهود والنصارى وأضل من الشيطان نفسه؟
المسلم: أنت تعلم جيدا أكثر من غيرك أني لا أتبع أي مذهب من المذاهب، بل أتبع دين الحق وحده، وبالتالي عليك أن تحل مشاكلك مع الشيعة بعيدا عني، فهم المعنيون بالدفاع عن أنفسهم، أما باقي اتهاماتك فلا تعنينا في شيء، ولست ملزما بشرح موقفي منها أمامك، فوفر مجهوداتك وانصرف من هنا!
الشيطان: طالما أنك مسلم فأنت ملزم بأن تتركنا لنحكمك ونربيك وندبر أمورك وإلا فقد وجب علينا قتلك!
مسلم: ولماذا؟
الشيطان: لنرسلك إلى النار التي أُعدَّت لمثلك!
مسلم: ومن الذي أعطاك الحق لتدعي سلطة إلهية لنفسك أو لتنظيمك؟
الشيطان: لم أزعم لنفسي شيئا، مبادئنا تدينك وتحكم عليك بالردة.
مسلم: ومن الذي أعطاكم الحق لتحكموا على الناس وفق مبادئكم؟
الشيطان: ألا تعلم أننا نحن تنظيم "البناءون المسلمون"؟ إنه بذلك يتعين على كل مسلم الخضوع المطلق لنا.
مسلم: وهل إذا سمَّى المجرم العتيد نفسه بالتقي الورع أو سمى الذئب نفسه بحمامة السلام نكون نحن ملزمين لتونا بغض النظر عن الحقيقة الماثلة أمامنا والتصرف وفق الباطل المدَّعى؟
الشيطان: ألا ترى أن من واجبنا الاستيلاء على السلطة لنعيد أمجاد المسلمين ونحيي الخلافة ونقهر كل البشر الآخرين الكفار المتمردين؟
مسلم: ولماذا تريد قهر كل البشر الآخرين؟ هل المسلم مأمور بذلك؟ وماذا ستفعل إذا لم يريدوا أن ينقهروا لك؟
الشيطان: إذاً فقد وجب قتالهم ودحرهم وتمزيقهم وسبي نسائهم والاستيلاء على أموالهم وغلمانهم وإلزامهم بأحكام الصغار، ألا ترى أن من واجبنا –نحن المؤمنين- أن نضع نعالنا فوق رءوسهم؛ هؤلاء الكفرة الفجرة.
مسلم: لعلك جاهل أو معتوه، إنهم يمكنهم محوك ومحو بلاد المحسوبين على الإسلام عدة مرات، أنت تريد في الحقيقة القضاء على المسلمين، لماذا لا تلتزم بالدعوة إلى سبيل الله تعالى بالوسائل السلمية؟
الشيطان: الوسائل السلمية؟! ألا تعلم أن آية السيف نسختها كلها؟ لماذا نعطي الدنية في ديننا؟ وماهي مصلحتك أنت في الدفاع عن الكفرة الفجرة؟ هل علمت الآن صحة حكمنا عليك؟
مسلم: لا أدافع إلا عن مبادئ وقيم دين الحق الذي تحاول أنت أن تقوضه.
الشيطان: ماذا تقول؟
مسلم: ولكن الماثل أمام كل الناس أنكم تتآمرون على بلادنا مع القوى التي كانت الأعداء التاريخيين للإسلام والتي تزعمون للناس أنكم ستقاتلونهم لإلزامهم بما تقولون.
الشيطان: يا لك من ساذج! كل ذلك سيتم بعد التمكين أيها المغفل!
مسلم: وكيف سيتم هذا التمكين؟ وكيف ستستطيعون حل مشاكل هذه الشعوب الهمجستانية التي حارت فيها البرية؟
الشيطان: بمجرد أن نتولى نحن السلطة ستتغير الأحوال وتصبح على أحسن حال! وسرعان ما سترى خيولنا ورماحنا ... أقصد دبابتنا وصواريخنا تكتسح أعداء الدين!
مسلم: وهل هم أيضا مغفلون؟ هم الآن يستطيعون محوكم من الوجود؟ ما الذي يضطرهم للصبر عليكم إلى أن تتمكنوا منهم وتدحروهم؟! ألم تسأل نفسك لماذا يناصرونكم ويتركون لكم حرية الحركة في بلادهم؟!
الشيطان: لا تقحم نفسك في الأمور الكبرى، السادة الأكابر والمرشدون يعلمون جيدا كيف يخططون!
مسلم: أكابركم ومرشدوكم أضل من صبي صغير لديه قدر من العلم والمنطق.
الشيطان: ألا ترى أن من واجبنا تعبيد العباد لرب العباد؟
مسلم: تطهروا أنتم أولا من شرككم، فأنتم لا تعبدون إلا جماعتكم، ولا تريدون إلا التسلط على الناس.
الشيطان: يا لك من ضال مضل عنيد!
مسلم: قل لي أنت، متى انضممت إلى هذا التنظيم؟
الشيطان: ماذا؟! ألا تعلم مكانتي في التنظيم؟
مسلم: العبرة بما أراه أنا وليس بما تقوله أنت!
الشيطان: وماذا ترى؟
مسلم: أرى قرنين مدببين ينبعثان من رأسك يختفيان داخل هذا الشيء الذي تضعه عليها وذيلك الذي تحاول عبثاً أن تخفيه في سروالك!
الشيطان: اغرب عن وجهي يا عدو الإسلام!

*******

هناك تعليق واحد: