الخميس، 11 يونيو 2015

دعدش والتجديد

دُعدُش والتجديد

اشتدت الدعوات إلى تجديد الخطاب الديني في همجستان حتى كاد كل شخص يدلي فيه بدلوه، وهناك من أدلى بأشياء أخرى غير دلوه، كما أقحم نفسه عليه كل من هبَّ ودبَّ، وكل من لم يهب ولم يدب، تجاوز الأمر كل حدوده، قامت الفرقة القومية للتطبيل بتحويل الأمر إلى أغنية، كانت تذاع على الناس آناء الليل وأطراف النهار.
حتى وُجِد بعض الأشخاص في همجستان ممن أخذوا الموضوع على محمل الجد وصدقوا أنه من الممكن أن يحدث تجديد بالفعل، فبدأوا على استحياء في نشر آرائهم، بدأت هذه الآراء الخافتة تزلزل عرش الأدعش، ومن هنا قرر الشيخ دعدش أن يحسم الأمر.
دعا دعدش إلى مؤتمر صحفي عالمي يحضره مندوبون عن كل دواب همجستان بكافة فصائلهم، لبوا النداء، واصطفوا بالانتظام المعهود في همجستان بعد مجموعة من المعارك العابرة حامية الوطيس؛ هلك فيها بضعة آلاف منهم، كان هناك رتبة أكلة اللحوم، أكلة الأعشاب، أكلة أموال الناس بالباطل، أكلة أموال اليتامى ظلما، الدجالون، المفسدون، تجار الدين، تجار اللادين، تجار الأغذية الفاسدة، مصاصو الدماء، آكلوا الأكباد، السفاحون، عتاة المجرمين، المغفلون، السفلة، السفهاء، الدهماء، الغوغاء، .... الخ، باختصار كان هناك ممثلون لكل قوة من تحالف قوى الشعب الهمجستاني العامل، لم يُسمح للأوزاغ بالحضور لأن جدهم كان ينفخ النار على إبراهيم عليه السلام، وفي رواية يمكن جمعها معها: كان ينفخ النار على بيت المقدس عندما احترق، ولكن سُمِح للأوزاغ البشرية بذلك احتراما وتبجيلا وتوقيرا للوزغ الكبير الحكم بن أبي العاص وابنه مروان مؤسس الأسرة الأموية المروانية العتيدة.
كان دُعدُش في ذروة الغضب، استفحل غضبه وتضخم بقدر العدد الهائل للحضور، بدأ خطابه بأن صبَّ جام غضبه على غير المتخصصين الذين يتحدثون في أمور الدين، ثم أخذ يهددهم بالويل والثبور وفظائع الأمور حتى ذاب من هول خطابه أول صف من الحضور رغم أنهم كانوا من ألد أعداء التجديد، ولم يكن لهم فيه ناقة أو جمل أو جاموس أو بقر أو حتى بطة أو أوزة.
وقد أعلنها نطاعته مدوية أن الدين مجموعة من الأحاجي والألغاز والفنون والتقنيات والمعضلات والأساطير؛ لا يستطيع أن يفقهها إلا شيطان مريد أو مجرم عتيد أو دجال حويط أو متخلف أهبل عبيط أو فاشل في أداء أي عمل نافع أو طفيلي يعيش على كدح الآخرين أو تاجر متكسب بالدين؛ فكيف لمن لم يكن منهم أن يتحدث أصلا في الدين فضلا عن أن يجدد فيه؟
ثم أردف صياعته بأن أعلن أنه خليفة الله في أرضه في كل ما يختص بالأمور الدينية إلى أن يتيسر الاستيلاء على غيرها، كما أعلن أن لديه وحده صحيح الدين، وأنه يحتفظ به في خزانة سرية لا يمكن الدخول إليها إلا بكلمة سرّ مثل مغارة علاء الدين اللص الذي سرق اللصوص.
كما أعلنها نجاسته مدوية أن معه توكيلا عن رب العزة وحق التوقيع نيابة عنه، وفي حركة مباغتة أخرج من جيبه لفافة ورقية طولها يزيد على مائة كيلو متر وصرخ فيهم: ها هو التوكيل! فخروا جميعا للأذقان يبكون، طال بكاؤهم لعدة أيام وجرت دموعهم كالطوفان، أخذ دعدش يصرخ فيهم أن يكفوا حتى يستطيع إكمال خطابه، خاصة وأنه كان قد سخن وبلغ ذروة لياقته الخطابية.
وأخيرا سكتوا فأعلنها قذارته عليهم قوية صارمة أنه لا يجوز لأحد أن يتحدث في الدين إلا بتصريح منه أو أن ينشر كتابا في أية مسألة دينية إلا إذا كان موقعا على كل صفحة منه من لدنه! فخروا سجدا إلى الأذقان وأظهروا كل ما يمكن من علامات الخضوع والإذعان.
ثم علا صوته حتى إنهم اضطروا إلى إغلاق آذانهم، كان يقول إنه لا يخشى شيئا، وإذا كان "مرسي لجلج" من قبل قد أظهر للناس أنه لم يكن يرتدي قميصا واقيا فإنه هو لا يرتدي سروالا واقيا، ثم خلع ملابسه ليثبت للعالم ذلك، ولكنه فجأة شعر ببرد شديد عند نصفه الأسفل، أخذت صيحات وضحكات الحضور على غير المتوقع تتصاعد وهم يشيرون إليه، وذلك بدلا من أن يبجلوا موقفه البطولي وأن يرتعدوا منه، حانت منه التفاتة سريعة إلى نصفه الأسفل، اكتشف أنه نسي أن يرتدي حتى سرواله الداخلي! تمالك نفسه، أخذ يرتدي ملابسه بهدوء، أسعفه بروده غير المتناهي و(تلامته) المعهودة، صرخ فيهم: "أرأيتم؟ إنني لفرط شجاعتي واستهانتي بالمخاطر لم أرتد حتى السروال الداخلي أيضا".
تعالت صيحات الحضور، واستبد بهم الحماس الجنوني، وأخذوا يهتفون بحياة دعدش وسراويله وبتلامته وبروده.
وقد أكَّد غتاتُه أن عملية تجديد الخطاب الديني هي عملية بالغة التعقيد لا يجوز أن تُترك للهواة وإنما يجب أن يتولى أمرها مجاميع هائلة من أبالسة الدعاديش المتمرسين يعاونهم مجموعة من سفلة المتكسبين بالدين والعتاة المجرمين والمأفونين المعتوهين والبلهاء المخرفين.
وقد أكد الأدعش أن داعش هم أهل قبلة وإخوان في الدين طبقًا للمذهب الأشعري، وأن كل من ينتقد داعش ومناهج الأدعش هو مرتد وكافر وفاسق طبقًا للمذهب الوهابي السلفي ومزدرٍ للدين طبقًا للقانون المصري، وصرخ فيهم: ها أنتم ترون أننا لفرط سماحتنا وطيبة قلوبنا وحرصنا عليكم نأخذ من كل مذهب ديني أو قانون وضعي ما نستطيع أن نجعل به حياتكم جحيما وعذابا أليما حتى لا تفتتنوا بالدنيا وتنشغلوا بها عن عالم القبر والآخرة، إننا باختصار نسعى إلى تحويل حياتكم إلى قبرٍ عفن وشقاء مقيم.
تعالى هتاف الحضور، وأخذوا يوجهون أسمى آيات الشكر لدعدش لما أبداه من أرق المشاعر تجاههم وحرصه الشديد عليهم، قام أحد الحمير ليقود الهتاف، علا نهيقه، فأخذوا يرددون وراءه: يعيش دعدش المأفون، ذو القلب الحنون.
ثم أضاف: فها أنتم ترون أننا نحن -الأدعش- نتميز بالسماحة في الأمور الدينية، ونأخذ من كل مذهب، بل من القانون الوضعي، ما يلزم لصدّ الناس عن سبيل رب العالمين وإرضاء أعداء الأمة والدين، وتكريس جهل وتخلف المصريين، كما أننا بعد كل حادث يستهدف المسيحيين نقوم بأداء واجبنا وتقبيل القساوسة، كما يقوم مشايخنا بالصلاة على من يقتلهم الأداعشة من الجنود المصريين في سيناء، كما نعزي أسر الشهداء، ونرسل لهم باقات الورود، هل سمعتم بسماحة مثل هذه السماحة من قبل؟ فالويل لمن يطالبنا بتكفير الدواعش، سنكفِّره ونكفر من خلفوه وأجداد من خلفوه، وسنتهمه بازدراء الدين واتباع غير سبيل المغفلين، وما أنتم إلا شوية بهايم، نقول لكم القول فتركعون، ثم نقول لكم نقيضه فتسجدون.
جنَّ جنون الحضور، وأخذت الناس نشوة عارمة من كلام دعدش القوي والحاسم، وأخذوا يهتفون بحياة داعش والأداعش.
وأضاف نجاستُه أنه لم يكن ينتظر تعليمات من أحد لكي يقوم بواجباته، فهو لا يخشى أحدا، ولكنه لم يكن ليعمل إلا من بعد أن يصله ما يلزم من أموال لإنعاش أحواله الاقتصادية ومعه أوامر مباشرة وصريحة وقوية بالعمل، وخاصة من الرعاة الدوليين والممولين الأساسيين لداعش، وأنه بمجرد وصول الأموال والأوامر بادر بما يلي:
1.        تشكيل لجنة من عبيد نعال السلف لتنقيح التراث السلفي وإزالة الغبار عن هذه النعال.
2.        تشكيل لجنة من عبيد المرويات لإعادة تمحيص المرويات.
3.        تشكيل لجنة خاصة من البخابيخ (عبيد نعل البخاري) لتنقيح مرويات البخاري التي يقدسونها.
4.        تشكيل لجنة من الشياطين الخطرين للتصدي للمسلمين المخلصين والبحث عن اتهامات جديدة لقذفهم بها بعد أن ملَّ الناس الاتهامات القديمة.
5.        تشكيل لجنة من مكفري المذاهب الأخرى للتقريب بين المذاهب أو بالأحرى إيجاد أفضل السبل للقضاء على معتنقيها.
6.        تشكيل لجنة من ألد أعداء الإنسانية لإبراز وتأكيد الجوانب الإنسانية في الدين.
7.        تشكيل لجنة من العدوانيين الخطرين لبحث سبل نشر السلام وتأكيد التعايش السلمي بين الناس.
8.        تشكيل لجنة من ألد وأعتى أعداء تجديد الدين لتجديد الدين.
9.        تشكيل لجنة من عبدة الأوثان والطواغيت لتكريس عبادة البخاري وسلسلة الأبناء المعلومة واعتبار أي مساس بهم ازدراءً للدين ومساسا بالثوابت وخطأ في الذات الإلهية باعتبارهم الآلهة الحقيقية للمذاهب الأدعشية.
10.    تشكيل لجنة من ألد أعداء النساء لبحث سبل إنصاف النساء، واشترط أيضا لعضوية هذه اللجنة شرط إضافي؛ هو أن يكون العضو قد نكح أكبر عدد ممكن من النساء وأن يكون في حوزته بالفعل 4 نساء.
11.    تشكيل لجنة من عتاة الشياطين للبحث في أفضل السبل لصدّ الناس عن دين الحق وسبيل رب العالمين.
12.    تشكيل لجنة من عتاة الإرهابيين الخطرين لمضاعفة خطورة الإرهاب على المسلمين وغير المسلمين.
13.    تشكيل لجنة من المتطرفين الخطرين لدعم التطرف والدفاع عنه والحفاظ على المشاعر الرقيقة للمتطرفين.
وأضاف دناستُه أن هذه اللجنة سيكون منوطا بها اتخاذ ما يلزم ليكون هذا التجديد في اتجاه إعداد نوعية من الدواعش أكثر كفاءة وفعالية بحيث أنه عند انفجار أحدهم في الناس يدمر منطقة لا يقل قطرها عن ثلاثة كيلومترات بمن عليها وما عليها أو عند قيامه بذبحهم أن يفعل باستعمال سكين غير حاد حتى يزداد استمتاع الأداعشة بذبحهم أو عند إبلاغه أسرار الأمة إلى أعدائها يجب أن يتم ذلك قبل أن تحدث أو تتحقق هذه الأسرار أصلا.
وأضاف تعاسته أن باكورة إنتاج لجان تجديد الخطاب الديني ستظهر قريبا لتبدد بصيص النور الذي ظهر حديثًا، فبعد جهود مضنية قام بها عشرات الألوف من المتخصصين وأرباب الفن واستمرت جهودهم سنوات طويلة واصلوا العمل فيها ليل نهار وحصلوا على بدلات حضور لجان بالملايين سيظهر كتاب من عشر صفحات في كيفية إعداد البيتزا الأدعشية المسقية بأجود أنواع بول البعير، كما أنه سيتم عمل مشروع قومي لجمع وتعبئة وتوزيع ألبان الإناث بحيث يصبحن أمهات لكل الذكور في الأمة، وبذلك تُحلّ مشكلة الاختلاط حلا جذريا، ويصبح من حق أي ذكر أن يخلو بأي أنثى دون مشاكل.
كما سيتم تعميم استعمال أجهزة السونار ليتمكن من يريد خطبة البنت وهي في بطن أمها، هل يوجد تيسير وسماحة أكثر من ذلك؟!
كذلك سيتم تبسيط قواعد وأسس أولويات أكل البشر للناس، ومتى يكون من حق أي شخص أن يقتل الآخر دون إذن من أية سلطة إذا رأى أنه يخالف شيئا من أصول أو ثانويات الديانة الأدعشية.
وقد صرح غلاسته أنه في سياق تجديد الخطاب الديني -الذي يحمل رايته المفرِّق الأدعش اللاشريف- يجب التصدي بكل قوة لكل ما يمكن أن ينفع الناس في مصر أو ما ليس له أي خطر عليها مثل المجتهدين والمنادين بالإصلاح الديني وأتباع أي مذهب غير أدعشي.
وأضاف تعاسته أنه في المقابل يجب دعم كل الحركات والاتجاهات المضادة للإسلام التي تشكل خطرا داهمًا على مصر مثل الوهابية والسلفية والأدعشية باعتبارهم أهل قبلة وإخوان في الدين ومن الناطقين بالشهادة.
وهنا قاطعه أحد الصحفيين، قائلا: أوليس المجتهدون والمنادون بالإصلاح أهل قبلة أيضا؟
صرخ فيه الشيخ الأدعش: ماذا تقول أيها النذل؟ إنه أنا -ولا أحد غيري- المنوط به تحديد من هو من أهل القبلة ومن هو من أهل اللاقبلة، ألا تعلم أن من تسميهم بأهل القبلة ينحرفون عنها بمقدار بضعة فيمتومترات عند الصلاة وقد تم رصدهم بأجهزتنا الدقيقة؟
لم يتمالك الصحفي نفسه من الضحك، وصاح: لو أمكن لأي شخص أن يتوجه إلى القبلة من هنا بهذه الدقة لوجب عليكم تكريمه.
صرخ دعدش: خسئت! ما أنت إلا مبطل، أتدافع عن المبطلين؟ ما أرى إلا أنك محدث مثلهم، وأمر بإلقائه خارج القاعة، وعلى الفور تم تنفيذ الأمر وسط تكبير وتهليل الحضور.
وهنا لم يتمالك أحد الحضور نفسه وصرخ فيه: كيف وأنت الدعوشة ذاتها تقول إذًا أنك تقاوم داعش والدواعش؟
أخذ الحضور يترقبون في هلع ردّ فعل الشيخ الأدعش، توقعوا أن يأمر دعاشته بأن يتم تحليل هذا الصارخ إلى مكوناته الذرية الأولية، ولكن لفرط اندهاشهم ارتسمت ابتسامة صفراء على وجه تناحته، وقال بتؤدة وببرود شديد: هذا شيء يجل عن إدراكك أيها الغلام الأمرد، إننا نقاوم الدعوشة بمزيد من الدعوشة، وعندما يزداد عدد الدعاوشة سيقل الطلب عليهم، قال الصارخ معبرا عن سروره بهذه الإجابة الدامغة: Oh, I see, you are the son of a scorpion، تصاعدت هتافات الحضور: يعيش دعدش بن العقرب، هذا في حين أخذ بلاهته يستحثهم على المزيد من الهتاف.   
وقد ندد دعاشته بشدة بمن يزعمون أن الأدعش هو المنتج الأكبر للأداعشة، وقال غلاسته: إن إنتاج الأدعش منهم لا يتجاوز مائة ألف سنويا، وأنه توجد مراكز أخرى تنافس الأدعش في إنتاجهم، وأنه يوجد عجز شديد فيهم لشدة الطلب العالمي عليهم خاصة وأن أكثرهم لا يجيدون أي شيء ولا يصلحون لأي شيء إلا لخيانة بلادهم وتخريب أوطانهم ومناصرة أعداء الدين والأمة ونشر الجهل والتخلف لحسابهم وأكل أموال الناس بالباطل، وأنه من الأولى أن يطالب الناس بدعم الأدعش اللاشريف ليضاعف إنتاجه من الأداعشة.
ثم زمجر دعدش وأطلق صيحة مرعبة انهار على إثرها جزء من سقف القاعة وهلك تحته عدد من الحضور، ثم أخذ يصرخ ويقول: البعض يظن أن أدعشنا الوسطي السمح الظريف الطيب الحنون غير متسامح! هذا ظن باطل، إننا نحن الذين أحدثنا التسامح، الأدعش متسامح جدا مع الكفار والملاحدة، ولا يطالب بمصادرة كتبهم، ولا يقوم بالردّ عليهم، لهم أن يقولوا ما يقولونه، كما أنه متسامح جدا مع الكنيسة ويتبادل مع القساوسة الأحضان والقبلات بعد كل حادثة تفجير لكنيسة أو اعتداء على مسيحيين يقوم بها أتباع المذهب الأدعشي السمح الحنون، كما أن مشايخ الأداعشة يصلون على الجنود المصريين الذين يقتلهم الدواعش! هذا رغم أن القتلة أهل قبلة وإخوان للأدعش في الدين، مع أن هؤلاء الجنود لا يُقتلون إلا في سبيل الوطن، الذي هو قطعة من طينٍ عفن.
كذلك أضاف كهانتُه أنه يخطئ من يظن أن الأدعش مؤسسة كهنوتية، وقال إن الكهنوت كان يتضمن تطفل رجال الدين على العلاقة بين الإنسان وبين ربه، ولكن الديانة الأدعشية لا تعترف بهذه العلاقة أصلا ولا تقيم لها وزنا حتى يقحم رجالها أنفسهم فيها، فهذه الديانة لا تشغل نفسها بالمشاعر الوجدانية والأمور غير المنضبطة، ولا يهمها إلا سلامة الإجراءات والأمور الشكلية، وقد تجاوز الأدعش الأمور الوجدانية منذ زمن بعيد، وتبنى مذاهب أفرغت الدين من جوهره ولبه ومن أموره الكبرى ومقاصده العظمى، وأصبح الآن مؤسسة استحمارية نفاقستانية تجهيلية مدمراتية، لا همَّ لها إلا الطقوس والإجراءات الروتينية.
ولم يدع دعدش مكانا للشك في مقاصد الديانة الأدعشية عندما قال: إن الديانات الأخرى قد شغلت الناس عما ينفعهم (مثل المأكل والمشرب والمنكح والملبس) بأمور لا جدوى منها ولا نفع لها مثل البحث عن الحقائق وعن أسرار الوجود وآيات الكون وسبل التحلي بمكارم الأخلاق، وقد أوضح دعدش بعبارات قاطعة صارمة أن ذلك كان بفعل إبليس وأنه لن يفرط في إنجازات إبليس لأنه هو نفسه من تجليات إبليس، وما إن فرغ من قوله هذا حتى انبعث دخان مخيف من عينيه، دوَّت القاعة بالتصفيق الحاد الذي استمر لبضعة أسابيع، وهرع الناس عليه ليلتقطوا الصور التذكارية معه وليقبلوا الأرض بين يديه وهم لا يتخيلون أنهم حظوا بسماع إبليس اللعين ورؤيته وجها لوجه.
وفي سياق رده على من يتهمون أدعشه بأنه لا يسمح بحرية الفكر وهو حق من حقوق الإنسان فضلا عن كونه حقًّا دستوريا أكد تناحتُه أن الفكر أصلا مرض، وأنه حتى العامة في مصر عندما يرون شخصا يعاني من آلام مضنية ممضَّة يقولون "إن عنده فكرا" ويواسونه بسبب ذلك ويصلون من أجله، وأنه لذلك أخذ على عاتقه أن يريح الناس من هذا الداء الوبيل، وأنه مع ذلك ترك للناس مجالات هائلة لتصريف طاقاتهم الفكرية.
يمكن لأي شخص مثلًا أن يفكر في شتى أنواع النكاح وبالذات نكاح الرضيعة والبهيمة، أو أن يفكر في الحصول على المزيد من المال بشتى السبل ومنها نهب المال العام وسرقة أموال الأرامل وأكل أموال اليتامى ظلما لعمل ما لا يقل عن 456734 عمرة كل سنة أو أن يفكر في أفضل السبل للحصول على حاجاته من لبن زميلاته في العمل بالتقام أثدائهن مباشرة في أوقات العمل الرسمية حتى تصبح خلوته بهن مباركة وشرعية، أو أن يفكر كيف يوقع بزميله الذي لا يصلي ويأكله حيا، أو أن يفكر في التفنن في عبادة نعل أحد الأسلاف والتسبيح بحمده والتقديس له والترضي عنه وإعداد ما يلزم من الصياغات لحسن الأداء والحصول على حسنات أكبر.
وقد صرَّح دعدش في حديثه الودي لوكالات الأنباء الهمجستانية أنه لن يسمح لأحد بالمساس بالثوابت أو المتغيرات (Constants and vareiables) إلا بإذنه ولا بإجراء أية عمليات حسابية مثل الجمع والطرح والقسمة والضرب والتفاضل والتكامل Addition, subtraction, division, multiplication, differentiation and integration   إلا بعد الحصول على تصريح منه، وأنه إذا وثق من حسن التزام دواب همجستان بالتعليمات سيتوسع فيها ولن يسمح لأحد بإجراء أية عملية جنسية  Sexual intercourse إلا تحت رقابته الوثيقة واللصيقة، وقد يقوم بتسجيلها وبيعها في بلاد الكفار لزيادة موارد همجستان حتى تتمكن من زيادة قوتها وغزو أراضي هؤلاء الكفار من بعد، وإنه باطراد التقدم وتفاقم الاتجاه التجديدي سيكون على كل دابة من همجستان ألا تحرك شيئا من جسمها أو أن يخطر ببالها شيء إلا بإذن منه.
وقد أكد دناسته على أن الديانة الأدعشية تتسم بالمرونة الفائقة بحيث يمكن أن يظهر أي أدعشي للآخرين بالصورة التي تناسبهم، ففي المجتمعات العلمانية القوية التي تؤكد على قيم التسامح والحرية الدينية يؤكد لهم الأدعشي أن الديانة الأدعشية تقدس حرية العقيدة وتقيم احتفالا سنويا لتكريم المرتدين عنها وتوزيع الجوائز عليهم وأن المبدأ الأساسي في الديانة الأدعشية هو: "من لطمك على خدك الأيمن فاسمح له بأن يطأ رأسك بقدمه اليسرى وصدرك بقدمه اليمنى".
أما داخل بلدان همجستان فالويل كل الويل لمن يخالف ولو قيد أنملة عما أجمع عليه الشياطين وما اتفق عليه أكابر المجرمين والمبدأ الأساسي هو: "ما يوجب قتلك ليس الارتداد عن الديانة الأدعشية فحسب بل إنكار أتفه شيء من تفاصيلها، ولكن لك مطلق الحرية في أن تختار بنفسك ما يرضي إبليس اللعين وما يجلب الدمار والويلات على سائر المسلمين".
وكان أكثر ما أثار دعدش أن وقف أحد الصحفيين يبدو أنه من مثقفي همجستان وقال له: ديانتكم الأدعشية متهمة بأنها مصدر الإرهاب في المنطقة بل في العالم كله، ما قولك؟
استشاط دعدش غضبا حتى تصاعد لهب من عينيه أحرق الصفوف الخلفية بدون أن يمسّ الصفوف الأمامية حيث يجلس علية القوم، ثم صرخ في الصحفي:
أتدري أولا ما هو الإرهاب؟
قال الصحفي: إنني أنا الذي أسأل!
قال دعدش: الإرهاب معلوم، والكيف مجهول، والسؤال عنه بدعة، والاستفسار بشأنه ضلالة، وما أرى إلا أنك وقح ومحدث، وأمر بإلقائه من فوق أعلى المبنى.
وما هي إلا بضع دقائق حتى سمع الناس صوت ارتطام هائل وصرخة ألم مدوية، وسط صيحات تكبير وتهليل. 
عندئذ وقف صحفي أشقر، أعلن أنه دانماركي، وقال لدعدش:
إنك بعملك هذا تثبت أن ديانتك الأدعشية هي بالفعل إرهابية!
هم دعدش أن يقوم ليلقيه بنفسه من فوق المبني أو ليقتله في مكانه، ولكنه تذكر أنه أوروبي، ابتسم تعاستُه ابتسامة لزجة، أتبعها بابتسامة صفراء ثم قال:
هذا اتهام باطل يروج له أعداء الديانة الأدعشية، أنتم فقط تسيئون تفسير تعاليم هذه الديانة السمحة، كل ما في الأمر أن الأدعشية تأمر الأداعشة بمقاتلة كل من لم يكن أدعشيا وسبي نسائه والاستيلاء على نسائه وأطفاله إن لم يصبح أدعشيا، ألا ترى أن الأدعشي بذلك يؤثر على نفسه ويعرضها للخطر من أجلكم أيها الجاحدون؟
هل تنكر أن الذكر الداعشي أقوى جنسيا من الذكور لديكم؟ قل لي صراحة: كم مرة تستطيع أن تجامع امرأتك في الأسبوع؟!
تلعثم الصحفي الدانماركي وتصبب عرقه، وأخذ يحاول إرخاء رابطة عنقه، أخذ دعدش يستمتع بانتصاره، ثم قرر أن يجهز على الصحفي، قال له: أنت بالتأكيد لا تستطيع أن تجامعها إلا مرتين أو ثلاثة على الأكثر في الأسبوع، أليس كذلك؟
لم يجد الصحفي ما يقوله، لزم بالصمت.
علا صوت دعدش، وبدا الابتهاج والفرح فيه وهو يقول: ما ذنب امرأتك؟
ثم قال وهو يصرخ صراخا تسبب في اهتزاز القاعة وتحطم الثريات فوق رؤوس الحضور: بل ما ذنب الإناث في الغرب كله؟
أخذ الحضور يرددون كلامه خلفه ويذرفون الدمع حزنا على النساء في الغرب والمأساة المستمرة التي يعشن فيها، وقف أحدهم ليقود الهتاف، قال: نحن لها، نحن لها، أخذوا يرددون الهتاف معه ووراءه لبضعة ساعات!
وهنا قال دعدش: أما الذكر الأدعشي فيستطيع مجامعة مائة امرأة كل يوم! هل رأيت؟ إننا نسعى إلى حل مشاكلكم المستعصية.
تعالت الهتافات بحياة الذكر الأدعشي.
أما الصحفي الدانماركي فقدْ فقَدَ وعيه، ثم ذهب مع الذاهبين.
وهنا وقف صحفي إنجليزي وقال لدعدش: من أسباب اتهام دينكم بالإرهاب حد الردة، ما قولك فيه؟
من جديد همَّ دعدش بأن يقوم ليبطش بهذا الصحفي هو الآخر، حاول القيام بالفعل، ولكن المحيطين به تمكنوا من تثبيته، أسروا إليه بأنه قد يتسبب في مشكلة مع بريطانيا العظمى، وهي من أكابر الممولين السريين للأداعشة، تمالك نفسه وابتسم الابتسامة اللزجة البلهاء تتبعها الصفراء ثم قال: أولا العقد شريعة المتعاقدين، ثانيا: ألا تعلم أنهم في مصر يقولون: "دخول الحمام ليس مثل الخروج منه"؟ ثالثا: ماذا يمكن أن يحدث لك في بلادك إذا سرت فجأة عكس الاتجاه في طريق سريع؟ هه! هه! أجب؟ ما لك قد بُهتَّ أيها الكافر النذل؟!
تخيل الإنجليزي نفسه وهو يفعل ذلك، عاش لحظات هذا الحدث بالفعل! ارتسمت علامات الرعب على وجهه، صرخ صرخة مرعبة، ثم حاول أن يلملم أطرافه وكأنها قد تبعثرت منه، ثم ولى هاربا.
دوَّت القاعة بالتصفيق الحاد لدعدش لانتصاره الحاسم على هذا المجادل الوقح، اختلطت أصوات الناس بكافة اللهجات مع كافة أصوات الدواب بكافة الأنواع والنغمات وأخذوا يتبادلون العناق واللكمات، كانت آكلات اللحوم منهم قد أمضها الجوع، فانتهزت انشغال الدواب وافترست بعض آكلات العشب.
ثم وقف صحفي فرنسي يبدو من ملامحه أنه متمكن من مادته، قال له: كيف تقول إن دينك يأمرك بالعدوان على الآخرين مع أنه طبقا لكتابكم المقدس "لا إكراه في الدين" والدعوة لا تكون إلا بالوسائل السلمية؟!
في هذه المرة لم يتمالك الشيخ دعدش نفسه، طار في الهواء ثم انقض كالصقر من علٍ على الصحفي، لم يستطع المحيطون به منعه من الوصول إليه لاتباعه هذه الوسيلة المفاجئة، ولكنهم سارعوا فجعلوا من أنفسهم درعا بشريا أحاط بالصحفي تلقوا ارتطام دعدش بهم الذي تسبب في تكسير أضلاع وعظام بعضهم، كما تلقوا ضربات دعدش الصاعقة التي كان من المفروض أن تنهال على الصحفي لتحطمه تحطيما.
اقتادوا دعدش إلى مكانه، ما أن استقر فيه ورفع عينيه حتى وجد الصحفي مازال يحدق فيه، وقد ارتسمت على وجهه ابتسامة تحدٍّ وسخرية، ثم قال: أرأيت؟! ديانتك الأدعشية جعلت منك كائنا إرهابيا فجا! ها قد أقمت الحجة عليها وعلى نفسك.
حاول دعدش أن يكرر ما حدث، ولكنهم أحاطوا به من كافة الاتجاهات هذه المرة، صعد أثقلهم، وكان يزن حولي 666 كيلوجرام ليجلس على كتفيه لمنعه من الإقلاع المفاجئ الذي أثبت براعته فيه، أخذوا يتوسلون إليه أن ينقذ شرف الديانة الأدعشية، وإلا ستكون الفضيحة دولية.
تمالك دعدش نفسه، ثم صرخ في الصحفي: أجئت تعلمنا أمور ديننا يا ابن الإفرنجية؟ ألم تسمع عن الناسخ والمنسوخ والشاطر والمشطور والآكل والمأكول والراجح والمرجوح والسالخ والمسلوخ؟
تطلع إليه الصحفي باهتمام، قال: ماذا تقصد؟!
قال دعدش: الكتاب المقدس هذا الذي تتحدث عنه مشكل محتاج إلى إيضاح، مطلق محتاج إلى تقييد، مجمل محتاج إلى تفصيل، مبهم محتاج إلى بيان، ناقص محتاج إلى إكمال، غير قابل للتطبيق محتاج إلى تعاليم تلائم الناس لتحل محله! هذا فضلا عن وجود آيات أثرية لا يجوز لك العمل بها وإلا فستهلك نفسك وغيرك.
قال الصحفي: ألم يأت كتابكم المقدس بالقول الفصل في كل الأمور الدينية بحكم كونه -كما هو مذكور فيه- تبيانا لكل شيء وبحكم كونه أحسن تفسيرا؟!
أطلق دعدش صيحة سخرية مجلجلة ثم قال:
أتقول تبيانا لكل شيء أيها الجهل المتجسد؟ ألا توجد أمور وتفاصيل هي غاية في الخطورة لم يرد لها فيه أي ذكر؟ أجبني أيها الثور! أين تجد فيه كيف تطهر مؤخرتك أيها النجس؟ أين تجد فيه كيف تجامع امرأتك أيها المخنث؟ أين تجد فيه كيف تأكل وتشرب وماذا تلبس؟ أين تجد فيه مواصفات المياه التي يمكن أن تغتسل بها؟ أين تجد فيه تفاصيل الصلاة؟ وهل فيه أي شيء عن صلاة الظهر؟ هه هه هه هه هه هه ...، لماذا لم تجب أيها النذل؟! لماذا التزمت بالصمت أيها الوقح؟!
قال الصحفي: Aha, Je vois ، لديكم كتب مقدسة أخرى غير هذا الكتاب!
صرخ دعدش: كتب مقدسة أخرى؟!! إنها كتب السنة المطهرة أيها الجحش، إنها الكتب الحاكمة على الكتاب والقاضية عليه والناسخة لآياته عند التعارض والتي بها 99.99% من مادة الدين، أيها اللوح، أتريد أن تسلخ القرءان عن (السنة) لتضعه في مهب الريح، ولتفتح عليه أبواب العبث بآياته وأحكامه وتشريعاته؟!
قال الصحفي: وما مدى مصداقية هذه الكتب؟
هاج دعدش وماج، اتبع حيلة أخرى ليصل إلى الصحفي، غاص فجأة من تحت الطاولة التي أمامه، ولكن المتحلقين حوله تصرفوا بسرعة، وأحكموا توزيع أنفسهم، قبل أن يصل إلى الصحفي كانوا قد تمكنوا من عرقلته، استدعى الأمر توجيه بعض اللكمات الخطافية والركلات الحمارية للسيطرة عليه وإعادته إلى مكانه.
ما إن استقر ورفع رأسه حتى وجد الصحفي مازال واقفا ومنتظرا لتلقي الإجابة!
قال له وهو يجاهد ليكظم غيظه الذي كاد يفرتك جسمه: هذه الكتب أجمعت عليها الأمة وتلقتها بالقبول وعكف الناس عليها حفظا وشرحا وتبويبا وتلخيصا، وجعلوها شغلهم الشاغل وهمهم الأكبر منذ أن كتبها أصحابها، لقد تفرغ خيار الأمة كلهم لذلك العمل الفذ وشغلوا الناس بذلك عن كتاب ربهم، بل عن كل شيء آخر، بل عن ربهم نفسه، وانهمكوا فيه تماما في حين انشغل الناس في الغرب بأمور الدنيا حتى اشتد ساعدهم وتفوقوا وجاؤوا ليحتلوا البلاد وينهبوا خيراتها ويضعون أقدامهم فوق أعناق أبنائها، هل أدركت الآن مدى تضحية الأمة في سبيل الحفاظ على هذه الدرر الدينية الثمينة؟! 
وبالنسبة لي فبعد أن فشلت في كل شيءٍ نافع في هذه الحياة ذهبت لأتعلم هذه الكتب الثمينة، وقد استغرق كتابٌ واحدٌ منها ثلاثمائة سنة مني لكي أتمكن منه، كما تتلمذت في سبيل ذلك على عدة آلاف من الشيوخ، جلست تحت أقدامهم وتحملت رائحتها العفنة وأذاقني كل واحد منهم ألوانا مختلفة من الذل والعذاب، كل ذلك لأتعلم هذه الكتب، علا نشيج دعدش، ثم انفجر باكيا، أخذت الدموع تنهمر من عينيه، أخذ تيار الدموع يشتد حتى بلغ ذروته، أصاب التيار أحد الأشخاص الجالسين في الصف الأول فثقب صدره، لم يتمكن أحد من إنقاذه.
علا البكاء والنحيب في القاعة، إلى أن أفاق دعدش، صرخ فيهم أن يكفوا، استأنف دعدش كلامه: لقد دفعت ثمن ذلك باهظا لأتعلم ما يلزمكم بينما كنتم أنتم تتمتعون وتلعبون وتنكحون، لابد من أجعلكم تدفعون ثمن تعبي وشقائي وتعاستي باهظا أيها الأنذال! هل أنتم أولاد ناس وأنا ابن كلب؟ يا أولاد الكلب.
اشتد حماس الحضور، تجاوبوا بشدة، تعالت هتافاتهم: يعيش دُعدش ابن الكلب! 
أخذ دُعدش يحييهم بامتنان، ما إن هدأوا حتى أضاف دعدش: هذه هي ثوابت الدين التي لا يجادل فيها إلا من هو خالع للربقة مفارق للملة تارك للسنة مؤجج لفتنة خارج على الهباب الأعظم، ولا أرى إلا أنك منهم أيها الإفرنجي! لأذيقنك الآن كل ما ذقته من العذاب على أيديهم.
يبدو أن المحيطين بدعدش كانوا قد استنفدوا قواهم، هذه المرة لم يستطيعوا فعل أي شيء، حتى الرجل ذي الـ666 كيلو جرام قُذِف من على كتفيه كبالون منفوخ عندما انطلق دعدش كقذيفة صاروخية إلى أعلى، انقض سماجته على الصحفي الفرنسي بكل دقة، حاول الصحفي الهرب، ولكنه فوجئ أن دعدش موجه بالحرارة، أصاب دعدش هدفه بسرعة، تمزق جسد الصحفي في ثوان، سارعت آكلات اللحوم إلى التهام أشلائه. 
قال دعدش: هذا هو الجزاء الوفاق، مزقته إربا ليكون عبرة لكل من يتهم ديانتنا الوديعة الحنون السمحة بالإرهاب أو حاول أن يشكك في الثوابت.
وساد بذلك السلام، وامتلأت القاعة بالبهجة، رقصت الأسود مع الإبل، والنمور مع البقر، والذئاب مع الغنم، وجاءت الثعابين والحيات لتتوسل إلى صغار همجستان أن يلعبوا بها.
ثم كشف دعدش النقاب عن خطته لعمل جهاز للأمر بالمنكر والنهي عن المعروف والدعوة إلى الشر استرشادا بالتجربة الرائدة للمهلكة العفشية التعوسية، خاصة وأنها فشلت هناك فشلا ذريعا وعلمت الناس النفاق وأسوأ أنواع الأخلاق، وقال إن نواة العمل بالهيئة ستكون من المسجلين كخطرين ومن البهائم والمتخلفين ومن عتاة المجرمين، أثلج هذا الاختيار الحكيم صدور الحاضرين، ضجت القاعة بالتصفيق الحاد والصراخ المدوي وأخذت كل دابة من دواب همجستان تقفز بقوة حتى يرتطم رأسها بالسقف بشدة لتخرَّ مغشيا عليها.
وقد صرح تعاسته بأن من خططه التجديدية تركيب دوائر تليفزيونية لاسلكية تسمح له بالرقابة على كافة شؤون همجستان، وبذلك يمكن التأكد من الأداء السليم للصلاة وعدم ابتلاع ولو ذرة ماء أثناء الصيام وخاصة عند المضمضة، وكذلك المراقبة الدقيقة لعمليات التبول والتبرز Urination and defecation والتأكد من التنظيف التام للسبيلين قبل الوضوء، وأنه سيقوم بعمل زيارات ميدانية مفاجئة لدورات المياه للتأكد من ذلك بنفسه، والويل كل الويل لمن يتبين أنه ترك أدنى أثر من البراز على دبره أو من البول على قبله، كما سيتم التأكد من أن المتوضئ لم يترك ولو مقدار ميكرون من جلده دون أن تغمره المياه، كما سيتم بالأجهزة حساب وقت ملامسة الجبهة للأرض أثناء السجود بدقة والتأكد من مطابقة أداء الصلوات لما ورد في الكتالوج الأدعشي، وأنه سينشئ غرفة تحكم مركزية لمتابعة كل ذلك بالدقة اللازمة.
وأكد نجاسته أنه لن يكون هناك أي مجال للتهاون مع من يخالفون ما ورد في الكتالوج الأدعشي بخصوص هذه الأمور، وأن من سيخالفون ستتم استتابتهم أو قتلهم ليكونوا عبرة لأمثالهم.
وأضاف دعدش أنه نظرا لاعتراض بعض المغرضين وأهل الأهواء الخالعين للربقة على بعض أحكام الشريعة السمحة ومنها تلك الخاصة بأكل لحوم البشر من الأسرى وأهل الكتاب وتاركي الصلاة فقد تقرر أن يتم تدريس هذه الأحكام لطلبة الصفوف الأولى الابتدائية حتى يشب عليها الصغير ويألف منذ صغره أحكام الشريعة الغراء فلا يفتنه عنها أي تاركٍ للسنة مفارق للملة. 
وأكد تناحته أن التجديد يشمل أن يأخذ مجموعة من الأبالسة دورة متقدمة في تحكيم المصارعة الحرة للاستعانة بهم بعد ذلك في تحكيم أمور الجماع والتأكد من عدم تجاوز الأزواج للحدود الشرعية المقررة أثناءه، وربما –في مرحلة تجديدية متقدمة- يمكن الاستعانة بالأجهزة الالكترونية أيضا، فلا يكون ثمة حاجة إلى حشر أحد الأبالسة بين الزوجين مما يوفر الوقت والجهد والمال.
ثم كشف دعدش عن خطته لزيارة الدول الغربية ليبدد بعض أموال الشعب الهمجستاني العتيد، وليتمتع بالماء والخضرة والوجه الحسن، هذا فضلا عن أن الجو عندهم في الصيف أفضل بكثير منه في همجستان، ولعله يقنع بضعة أوروبيين باعتناق الديانة الأدعشية لاستعواض عشرت الألوف الذين يقوم تلامذته الأداعشة بالتسلي بقطع رؤوسهم أو بتفجير أنفسهم فيهم؛ خاصة وأن الغربي الواحد مقيم بألف همجستاني.
وأعلن عن اقتناعه بأن كل ما يقوم به الأداعشة من جرائم وفظائع وبشائع لا يمكن أن يمس سمعة ومكانة الديانة الأدعشية عند الغربيين، وعلل ذلك بأن سمعة هذه الديانة قد وصلت عندهم إلى قاع الحضيض الأسفل، فلا يمكن أن تنزل من بعد عن ذلك، تعالت صيحات الارتياح عند الحضور، وشكروا لدعدش أن طمأنهم وأثلج صدورهم بهذا التصريح.
وقد ختم دُعدُش سلسلة تصريحاته بتصريح خاص لوكالة الأنباء الحمارية؛ صرح دناسته بأن الحمير تستهلك الكثير من طاقتها في النهيق والرفس، وأنه لن يسمح من بعد بأي رفس أو نهيق إلا بتصريح كتابي منه، خاصة وأنه خير من عمل لصالح الحمير ولتحويل البشر إلى حمير، وقد أسعد تصريحه هذا عالم الحمير واستقبلوه بالامتنان وبعاصفة مدوية من النهيق الحاد، ولفرط سرورهم أصر كل واحد منهم على التعبير عن امتنانه وشكره بأن يرفسه بنفسه.  
حاول دعدش وباقي دواب همجستان –ولكن دون جدوى-  إفهام الحمير بأن شكرهم قد وصل، وأنه لا داعي للتعبير عنه بأكثر من ذلك، كانت الحمير قد تعلمت جيدا من دعدش ألا تأخذها في الجهل والحمارية لومة لائم، اندفعوا كسيل جارف تجاه دعدش، اكتسحوا كل شيء في طريقهم، وصلت طلائعهم إليه، فرّ أتباعه من حوله.
بدأت الركلات تنهال على دعدش، تعالت منه صرخات الاستغاثة وطلب النجدة، ولكن لم يجده الصراخ نفعا، فقد أحاط به الحمير إحاطة السوار بالمعصم، وكونوا سدا حماريا حال دون وصول أي دابة أخرى إليه.
كان الحمار الضخم دقدق من أشد أتباع دعدش إخلاصًا له وحرصا على الانتفاع بجهله والنهل من بلاهته، صمَّم على أن يعبِّر عن امتنانه له بأقوى رفسه يمكن أن تصدر عن حمار على ظهر هذا تالكوكب، تقدم نحو دعدش بثبات وثقة وكأنه سيقوم بتسديد ركلة ترجيحية مصيرية، أفسحت له الحمير الطريق، وجه إليه رفسة هائلة ضربت به عرض الجدار الذي كان خلفه، لفظ دعدش أنفاسه الأخيرة في ظل إصرار باقي الحمير على أداء واجب الشكر له.
صرخت فيهم آكلات اللحوم لإفهامهم حقيقة ما حدث، ما إن علموا بأنه قد قضى نحبه إلا وتعالى نهيقهم حزنا عليه، أخذ كل واحدٍ منهم يحاول أن يرفس وجه نفسه فإن عزَّ عليه ذلك حاول أن يرفس زميله.
أما آكلات اللحوم فانتهزت هذه الفرصة، لم تُبق من دعدش شيئا، حتى عظامه طحنتها الضباع بأسنانها القوية ثم التهمتها.
ولكن راية التجديد لم تسقط، حملها من بعده دُعدش جديد، وبدأ من حيث انتهى دعدش القديم، واستمرت لجان التجديد تواصل عملها بعزم وتؤدة، يحدوهم في ذلك ويحفزهم جهاد الشيخ دُعدش الذي صار إماما كبيرا وشيخا مقدسا للدعدشة وللدعوشة ومثلا أعلى للدعادشة والدعاوشة.

*******

هناك 3 تعليقات: