السبت، 26 ديسمبر 2015

من الردود على من يهاجمون عصر المماليك في مصر 1

من الردود على من يهاجمون عصر المماليك في مصر 1

1.            لم تكن موقعة عين جالوت معركة تافهة، وإنما أرسل هولاكو خيرة قواده كتبغا مع 20 ألف مقاتل من خيرة جنوده، والمعارك لا تقاس بعدد المشاركين فيها، وكم من معارك شارك فيها مئات الألوف ولم تؤد إلى أية نتيجة، وموقعة عين جالوت هي بكل المقاييس من المعارك الحاسمة في التاريخ، وترتب عليها نجاة مصر وشمال أفريقيا وتحرير دمشق وحمص وحلب وباقي الشام بالكامل، وإبادة كل من دخله من المغول والتتار والقضاء على أسطورتهم إلى الأبد، وقد تفوق الجيش المصري في التكتيكات المستعملة ورسم الخطط في الحرب، وضمن بذلك تفوقا دائما على المغول، سيظهر في المعارك التالية بين الجيش المصري بين الجيش التتري المغولي.
2.            لم تكن موقعة عين جالوت هي الموقعة الوحيدة التي وقعت بين المصريين وبين المغول والتتار، فقد تبعتها معارك أشد هولا وانتهت كلها لصالح المصريين، منها معركة أبلستن في آسيا الصغرى 1276 م حيث أبيد جيش التتار وقُتِل قائدهم، ومنها معركة حمص الكبرى بقيادة قلاوون الألفي 1281 م، وكان جيش التتار بقيادة منكوتمر ابن هولاكو ويصل عدده إلى 86 ألف مقاتل، وفيها لقي التتار أعظم هزيمة، ومن نجا منهم من القتل أو الأسر غرق في نهر الفرات، ومنها معركة شقحب بمرج الصفر في إبريل 1303 حيث انتصر الجيش المصري بقيادة الناصر محمد بن قلاوون انتصارا ساحقا على جيش التتار بقيادة فظلوشاه، وكان جيش التتار يصل إلى مائة ألف مقاتل، وفي المعركة أبيد جيش التتار، ولم ينج إلا قائده والقليل من أصحابه، واغتم غازان ملك التتار غما عظيما حتى مرض وسال الدم من أنفه، ولم يعمر غازان طويلاً بعد تلك الهزيمة الماحقة حيث مات مكمودا في  مايو 1304، ويا ليت المصريين يحفظون تفاصيل هذه المعارك عن ظهر قلب، فهي من أمجد الانتصارات في تاريخ مصر، وقد استمر هذا الصراع طويلا حتى بعد إسلام المغول في فارس والعراق.
3.            نجح المماليك في القضاء التام على الصليبيين ودارت في سبيل ذلك معارك مهولة في أنطاكيا وعكا وكل مدن ساحل الشام وغيرها، ومرة ثانية: يا ليت المصريين يحفظون تفاصيل هذه المعارك عن ظهر قلب، فهي من أمجد الانتصارات في تاريخ مصر.
4.            كان المماليك يشكلون قادة وضباط وفرسان الجيش، وكان عددهم بضعة آلاف، أما باقي الجيش الذي كان يتجاوز عند التعبئة المائة ألف فكان من المصريين، والصراعات بين فرسان المماليك بمعزل عن الجيش كانت صراعات قصور محدودة لم تؤد إلى أي فتن داخلية.
5.            ويجب العلم بأن مصر هي وطن وليست سلالة عرقية، فمن يستوطن مصر مهما كان أصله هو مصري، فيجب أن يكف الجهلة عن القول بأن الحاكم الفلاني لم يكن مصريا، ذلك لأنه هو نفسه ليس لديه ما يثبت أنه حفيد خفرع مثلا، وجمال عبد الناصر الذي زعموا له أنه أول مصري يحكم مصر هو من قبيلة بني مرّ، وهي من أصل عربي، وعرابي كان أصله من البدو المهاجرين من العراق، فهو لم يكن أكثر مصرية من الشركس الذين ثار بسببهم!
6.             ونظام المماليك قد أثبت أنه أعظم الأنظمة كفاءة لمواجهة ظروف العصور الوسطى وضرورة إعداد الجندي إعدادا خاصا منذ صغره.
7.            يجب التمييز بين عصرين؛ عصر المماليك البحرية والبرجية الممتد من 1250 م إلى 1517 م، فيه كان المماليك يحكمون مصر كدولة مستقلة وقاعدة لأقوى إمبراطورية في الشرق وبين العصر العثماني الذي أبقى على الخونة من المماليك ليكونوا عوامل صراع مع الوالي تمنعه من الاستقلال بمصر، وهؤلاء بالطبع لم يكونوا قوة مسئولة، وكانوا يعيشون على السلب والنهب، وهم الذين أساءوا إلى سمعة المماليك العظام.
8.            عصر المماليك –باستثناء فترات الأوبئة- هو من العصور الذهبية في تاريخ مصر، وبذلك يعترف المنصفون من المؤرخين الغربيين، وقد لخَّص ويل ديورانت الأمر بالقول: "أعادوا لمصر أمجادها الفرعونية"، وأكثر آثار مصر الإسلامية تعود إلى عصر المماليك، ولا عجب، فلم تكن مصر تدفع الجزية لأحد، بل كانت مواردها تُنفق فيها.
9.            كانت مصر في العهد المملوكي مركز الحضارة الإسلامية العربية والملاذ الآمن لكل علماء المسلمين، وفيها ألفت أكبر موسوعات هذه الحضارة.
10.        نهاية عصر المماليك كانت أساسا بسبب تحول التجارة إلى طريق رأس الرجاء الصالح مما أدى إلى إفقار مصر والسياسة العدوانية الاستفزازية من العثمانيين وتمسك الغوري بالـ "السنة"، فقد رفض تطوير الجيش في الوقت المناسب كما رفض التحالف مع شاه إيران الشيعي لصد العثمانيين.


*******


هناك تعليقان (2):