الاثنين، 10 أغسطس 2015

القلب الإنساني ج2

القلب الإنساني ج2

إن القلب هو جوهر الإنسان ولبه، وهذا الجوهر هو محل الأنشطة الإنسانية، وهو مظهر الماهية الإنسانية بلوازمها من الصفات، كما أنه هو محل آثار أفعال الإنسان وأقواله وكل ما يصدر عنه، وهو الأداة التي يتذوق بها الإنسان كل ما هو من عالم الأمر من المعاني والصفات والكلمات والسنن والعلوم، وهذا التذوق يقتضى فقها وعلما وتفكرا وإحساسا بل يقتضى كافة الملكات القلبية، وتوضح الآيات القرءانية أن القلب هو محل الملكات والأنشطة الذهنية كالفقه والعلم والتدبر والعقل وكذلك محل مكارم الصفات والأخلاق والمشاعر كالإيمان والرحمة والذكر والسكينة والهدى والوجل واللين، كما أنه محل الأخلاق والصفات الذميمة، قال تعالي:
{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنْ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمْ الْغَافِلُونَ(179)} (الأعراف)، {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا} (الإسراء:46)،  {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ(11)} (التغابن)، {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْب}ٌ (ق: 37)، {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقرءان أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا(24)} (محمد)، {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّه}ِ (الزمر: 23)، {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَـوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا(4)} (الفتح)، {وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً} (الحديد:27)، {أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمْ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْه}ُ (المجادلة: 22)، {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ(77)} (التوبة)، {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا} (آل عمران: 151)، {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقرءان أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا(24)} (محمد)، {رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ(93)} (التوبة)، {رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ(87)} (التوبة)، {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا (الإسراء: 46)}، وهذا القلب يمرض: {وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ(125)} (التوبة)، ومن أمراض القلب العمى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ(46)} (الحج)، والقسوة : {لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ(53)} (الحج)، والرين الذى هو جماع آثار الأعمال السيئة عند استفحالها: {كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ(14)} (المطففين)، والختم: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ(7)} (البقرة)، والطبع: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ(16)} (محمد)، والزيغ: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} (آل عمران :7)، والريبة: {إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ(45)} (التوبة)، أما النجاة فهي منوطة بسلامة القلب: {يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ(88)إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ(89)} (الشعراء).

والقلب هو أعلى اللطائف الإنسانية سموا وإحاطة وهيمنة فهو مظهر الحقيقة أو الماهية الإنسانية وبه تميز الإنسان وكان قادرا على تعلم البيان، ولقد استوى عليه الاسم الذي اقتضى حقيقة الإنسان، وبالتالي فقد استوى عليه الرحمن، فالنفس الإنسانية إنما تميزت بهذا القلب الذي استوى عليه الاسم الرحمـن، لذلك فالإنسان خاضع للقوانين والسنن الرحمانية، والإنسان يتعلم كل شيء من الرحمن فهو معه أينما كان، وبمقتضى القوانين الرحمانية فإن لدى الإنسان إرادة حرة واختيارا كما يليق به، والرحمن يدبر له الوقائع التي يختبره بها ويظهر ما بطن فيه، كما أن الرحمن يستخدمه كآلة من آلاته لإنجاز مراداته ولكنه لا يستخدمه إلا وفق طبيعته الذاتية.
فالقلب هو مركز الأنشطة الإنسانية العليا والتحكم والسيطرة، كما أنه هو مركز الأنشطة الوجدانية والذهنية، لذلك فله الهيمنة على كل اللطائف الإنسانية الأخرى ومن خلالها على الكيان الإنساني كله، والإرادة والاختيار من الملكات أو بالأحرى الأنشطة الإنسانية القلبية؛ فالاختيار فعل أو نشاط قلبي عام به يختار الإنسان في كل موقف ما يلائمه من مجموعة البدائل المتاحة والممكنة، فإذا ما اختار أمرا تعلقت به إرادته أي دفعت الإنسان لإيجاده أو الاستحواذ عليه، فالإرادة هي فعل أو نشاط قلبي عام ومن تفاصيلها العزم والهمة، والاختيار يتصف بالصواب أو بالخطأ، أما الإرادة فتتصف بالقوة أو بالضعف، والاختيار والإرادة هما أخصّ ما لدى الإنسان وأصدق ما لديه تعبيرا عن حقيقته الذاتية، ولا يملك إنسان آخر أو شيطان أن يتسلط عليهما إلا إذا سمح الإنسان نفسه بذلك، كما أنهما مناط استفادة الإنسان من أعماله التكليفية بل إن تلك الأعمال إنما جعلت مجالا لعمل هاتين الملكتين.
والأفعال الإنسانية الصادرة بمقتضى إرادة قلبية نافذة لا بد لها من آثار تنفذ عبر لطائف الإنسان إلى القلب نفسه، فإذا كانت الأفعال سيئة تراكم ما يتناسب معها من رين علي القلب واكتسب بذلك مزيدا من الاستعداد للعمل السيئ إلى أن يبلغ تراكم الرين حدا خطيرا وهذا هو الفسق، فإذا استمر الإنسان في التدهور والانحطاط يصل به الأمر إلي ألا يجد في نفسه أية رغبة في التوبة ويفقد الإيمان الحقيقي، فإذا ما استمر انحطاطه بممارسة الأعمال التي اقتضاها فسقه فإنه يصبح داعية إليها، وبذلك يصبح شيطانا من شياطين الإنس، فإن كان الغالب عليه لون واحد أو بعض الألوان من الفسق كان شيطانا جزئيا، أما إن كان فسقه قد وصل إلى الأعماق فقد كفر بربه كفرا حقيقيا ويصير شيطانا كليا، والإنسان بتدهوره وازدياد فسقه يكتسب باستمرار استعدادات جديدة تؤهله لإفاضات من الشيطان تزيده تعلقا بألوان المعاصي التي يقترفها، وعلامة الإنسان الفاسق الذي ضمن لنفسه مكانا في النار هو أن يبادر إلى اقتراف المعاصي دون خوف أو وجل وأن يقدم عليها بكل قوى وجوده ولا يهتز باطنه ولو قليلا للنذر، أما إذا كانت الأفعال حسنة وصادرة بمقتضى عزم قلبي أكيد فإن الآثار الحسنة للفعل تعود إلى القلب فتكسبه استعدادا لإفاضة من عالم الأمر فتفاض عليه ويعبر عن ذلك بالتأييد بالروح، فهذا التأييد مضاد لنفث الشيطان ووسوسته وهمزاته.
ولما كان الفؤاد هو بمثابة ظاهر القلب، فيطلق على باطن القلب مصطلح القلب أيضا، فهو يتضمن ما يسمونه الآن بالعقل الباطن.
وآثار الأفعال هي ما يكتسبه القلب ويؤاخذ به الإنسان، قال تعالى:
{لا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ(225)} ( البقرة).
فالآية توضح أن المؤاخذة تكون وفق الكسب القلبي أي ما اكتسبه قلبه من صورة نتيجة لما صدر عنه من قول أو فعل، والذي يؤثر في القلب هو ما صدر عن القلب أي بعزيمة وهمة قلبية نافذة سواء أكان الصادر طاعة أم معصية، قال تعالي:
{الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ(28)} (الرعد)،
فأثر ذكر الله وهو الطمأنينة كان محله القلب، أما أثر إخلاف ما وعدوه وكذلك أثر الكذب فهو النفاق، قال تعالي: {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ(77)} (التوبة)، أما الأعمال الأخرى فإن آثارها لا تنفذ إلى القلب ولا تلتصق إلا بطبقات الإنسان السطحية، وبالقلب يتذوق الإنسان أنوار الأسماء الحسنى ويتحقق بما لديه الاستعداد للتناغم معه من مقتضيات الأسماء ومما تشير إليه من معان وصفات.
والقلب الإنساني لديه عند بدء تكوينه الملكات بصورة كامنة وقابلة للنمو والتفتح، ولكن ليس لديه بالضرورة مجالاتها وموادها، فلديه مثلا ملكة العلم ولكن ليس لديه بالضرورة معلومات، فالطفل يتصرف أولا بمقتضى فطرته وشيئا فشيئا تتفتح ملكاته الكامنة بالنمو الطبيعي وبالاستعمال، واكتساب المواد لازم لنمو وتفتح المجالات، والإنسان من حيث أنه مقدَّر (Designed) ليكون خليفة في الأرض لديه من الملكات ما يمكِّنه إذا ما أعملها من إدراك كل ما يلزمه معرفته من لوازم هذا الاستخلاف ومن إدراك كل أمر جديد وصياغة تصور عنه بما هو مألوف لديه من مفاهيم وأفكار ورموز.
ولما كان كل من العالم الخارجي والعالم النفسي الخاص بالإنسان من مقتضيات وآثار نفس منظومة الأسماء الحسنى كان اتساق المعرفة العقلية مع حقائق العالم الخارجي والنواميس الوجودية ممكنا وإن كان هذا يستلزم رقى الملكات الإنسانية وتزكيتها بكثرة الاستعمال السليم، ولذا فإنه يمكن القول أيضا أن معرفة قوانين وسنن العالم الخارجي تساعد الإنسان على معرفة نفسه ورؤية الآيات فيها.
والقلب الحقيقي ليس هو القلب العضلي، وإن كان له ارتباط به، وفي القلب العضلي ما يسمح بالتفاعل مع القلب الحقيقي وتلقي أوامره.
إن القلب هو محل الملكات الذهنية كالفقه والعقل والذكر كما أنه هو محل الملكات والأمور الوجدانية؛ فهو محل الإيمان والتقوى والهدي والخشوع والوجل والرأفة والرحمة واللين والطمأنينة والسكينة وهو أيضا محل القسوة والغلظة والتجبر والزيغ والرعب والحسرة والغل واللهو والحمية والريبة والاشمئزاز من الحق والنفاق والفسق…، ووسائل القلب هي النوافذ التي سمح له بالتطلع من خلالها إلى مجالاته، وتلك النوافذ قد صممت وقدِّرت بحيث تحقق الغاية من وجود الإنسان وهو الظهور التفصيلي للحسن المطلق، ووسائل القلب تشمل الحواس المعروفة والتي تنقل إلى المخ ما يترجم علي أنه صورة أو صوت أو طعم أو رائحة أو نعومة أو ألم أو حرارة أو رطوبة أو لين أو صلابة أو صلادة أو هشاشة أو جوع أو عطش أو خفة أو ثقل....، وتلك الوسائل هي حواس الإنسان الظاهرة أو البارزة، وهي تشمل بالإضافة إلى الحواس الأربع الإحساس الجلدي والإحساسات الحشوية والإحساسات العضلية، وللإنسان كيانه الباطني الذي لديه هو الآخر حواسه والتي يمكن بإيقاظها وتنميتها سماع أصوات أو رؤية صور هي فوق إدراك الحواس الظاهرة مع احتفاظ هذا الإنسان بكونه بشرا سوياً، ومن البديهي أن كل المعاني والكيانات والإدراكات المتولدة في الكيان الإنساني لا وجود لها إلا به دون أن يعني ذلك نفي المؤثر الخارجي، والحواس مثلها كمثل الهوائي المعلوم؛ ولاستخلاص البيانات والمعلومات من الكيان الحامل المؤثر المستقبل لابد من أجهزة تلقٍّ وإحساس (Receivers & Sensors)  وخطوط نقل وأجهزة تحويل ومعالجة واستخلاص، كما يلزم كيان ذو وعي وإدراك لفقه وعقل البيانات والمعلومات، فأجهزة النقل والمعالجة والاستخلاص هي الجهاز العصبي أما من يفقه ويعقل ويفسر المعلومات ويصدر التعليمات بناء علي ما وصل إليه فهو القلب الإنساني بملكاته الذهنية والوجدانية، والإنسان يحكم ويريد ويختار بقلبه، فباستقبال مجموعة من المعلومات المتعلقة بأمرٍ ما تبدأ سلسلة من العمليات التي هو مبرمج عليها ومقدر (مصمم) للقيام بها، بيد أن التحكم في النشاط الذهني وإدارته أشد تعقيدا من توجيه الحواس البارزة وذلك لتداخل عوامل كثيرة وبفعل تأثير الكائنات اللطيفة التي تلقي في قلب الإنسان ما يحلو لها وما يتوافق مع طبيعتها فيظن الإنسان أن ما هو في قلبه إنما هو من عنده، هذا بالإضافة إلى أن حواس الإنسان الباطنة تستقبل باستمرار من عالم الخيال ما هو متلائم معها ومع الأمر المنظور، كما أن الإنسان يختزن في حافظته كثيرا من المعلومات والخبرات التي هو ليس علي وعي تام بها فقد تستدعي إلى الذاكرة الرئيسة إذا كانت ذات صلة ما بالموضوع المنظور، ومجال الملكات الذهنية هو عالم الأمر، والكيانات الأمرية التي هي مجال تلك الملكات هي المفاهيم والتصورات والمعاني والمعلومات والقوانين والسنن، والمفاهيم والتصورات قد تكون مستخلصة من عالم الخلق وقد تكون ملقاة في القلب الإنساني، والمعاني قد تكون فطرية وقد تكون ملقاة، أما القوانين فتعبر عن ارتباطات بين مفاهيم وتصورات تقابل ما هو في عالم الشهادة، أما السنن فهي القوانين الخاصة بالكيانات المخيرة.
-------
إن الإنسان مزود بأدوات استشعار أو أعضاء حس تتأثر بالكينونات والكيانات الخارجية عن طريق وسائط أخري كضوء الشمس والهواء مثلا، وذلك في نطاقات محددة؛ فيحدث في تلك الأدوات تغييرات تتناسب بطريقة ما مع المؤثر، وتنتقل تلك التغيرات عبر الأعصاب إلى مراكز معينة في مخ الإنسان فتسبب بدورها تغيرات أخري هي التي يترجمها الكيان الجوهري اللطيف إلي الصور التي ألفها الإنسان، وهي تسبب في قلب النفس انطباعات وأفكارا، والانطباع هو عبارة عن إدراك أو عاطفة أو شعور يدركه الجانب الوجداني من القلب، أما الفكرة فيدركها الجانب الذهني منه، والتصورات الإنسانية عن الأشياء الخارجية ليست بذات حقيقة موضوعية، والصور البصرية ليست إلا جزءا من هذه التصورات أو هي من مقومات التصور، فالصور البصرية والسمعية واللمسية والشمية التي تتكون لدى الإنسان هي نتاج التفاعل بين ما لدي الإنسان من حواس وملكات مفصِّلة وجهاز مركزي وبين الشيء الخارجي والعوامل الوسيطة، وكون الأمر كذلك لا ينفي عن الشيء الخارجي حقيقته الموضوعية ولا يجعل من تلك الحقيقة أمرا خارجا عن نطاق العالم.
-------
إن ثمة طائفة من المعاني والمفاهيم والمشاعر الوجدانية يتذوقها الإنسان بما لديه من ملكات وجدانية والتي يشكل جماعها الجانب الوجداني من القلب الإنساني، ومن تلك الأمور الحب والسرور والفرح والغبطة واللذة والسعادة والرغبة والرهبة والخوف والخشية والإرادة والتقوى والطمأنينة والإيمان والفقه والعقل والوجل والإخبات والإنابة والانشراح وآثار الأعمال والرعب والكفر والقسوة والغلظة والنفاق والكراهية والإنكار والعمى والريبة والزيغ والإثم والحسرة...…إلخ، ولابد لاكتمال تذوقها من العمل الكلي للقلب بشعبتيه، ولابد بالطبع لكي يتم ذلك من عمل حواس وملكات الإنسان الأخرى ولابد من المؤثرات الخارجية، فالإنسان لا يتعين ولا تفصَّل إمكاناته وتصوراته إلا في بيئة إنسانية.
-------
إن الملكة القلبية الوجدانية لا تتذوق الأحاسيس والمشاعر فقط وإنما تتذوق العلوم المحكمة المبهمة والتي يشكل جماعها الحكمة بمعنى من معانيها، فتمهد بذلك لعمل الملكة الذهنية التي تتناولها وتتذوقها من حيث هي مفصلة أو تقوم بهذا التفصيل والتحليل فتجعلها في مستوى وعي وإدراك الإنسان بحيث يمكن التعبير عنها بالمصطلحات المألوفة أو بيانها وتداولها ونقلها إلى الآخرين، وقد يستلزم الأمر صكّ مصطلحات جديدة.
-------
إن أجدى الأمور اللازمة لسلامة الإنسان هي تزكية قلبه، والقلب هو لب كيان الإنسان الجوهري وهو الذي يتلقى الأمور من عالم الغيب ويتذوق الكيانات الأمرية، والقلب هو محل الملكات الوجدانية والذهنية والعامة، وأمراض القلب هي أخطر ما يصيب الإنسان، وسلامة القلب هي سبيله إلى النجاة، فلن يفلح إلا من أتى الله بقلب سليم.
والقلب هو محل تلقي الأمور من عالم الغيب، والله سبحانه يعامل الإنسان وفق ما هو في قلبه، وأخطر الأمراض هو ما يصيب القلب من حيث أنه هو الكيان الجوهري، وأخطر ما يهدد الإنسان هو أن يُختم أو يطبع على قلبه، وهذا يكون بسبب آثار أعماله، ومن أفضل ما يفوز به الإنسان أن يكتب الله الإيمان في قلبه ويجعل قرءانه آيات بينات في صدره، وما يكتسبه القلب الإنساني من صورة نتيجة لآثار أعماله الاختيارية هو الذي يحدد مصيره ومكانته في الآخرة.
والآيات الآتية تلقي الضوء على طبيعة هذا الكيان:
{قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ }البقرة97  *  وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي  البقرة260  *  {وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ }البقرة283  *  {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ}آل عمران159  *  {وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ }الأنفال24  *  {مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَـكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }النحل106  *  {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً }الكهف28  *  {رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ }النور37  *  وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ{87} يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ{88} إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ{89} الشعراء89  *  وإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ{192} نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ{193} عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ{194} بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ{195} الشعراء  *  {مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ }الأحزاب4  *  وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ{83} إِذْ جَاء رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ{84} الصافات  *  {كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ }غافر35  *  {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَإِن يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ }الشورى24  *  {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ }الجاثية23  *  وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ{31} هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ{32} مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ{33} (ق)  *  {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ }ق37  *  {وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }التغابن11  *  {خَتَمَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ }البقرة7  *  {فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ }البقرة10  *  {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ }البقرة74  *  {وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَل لَّعَنَهُمُ اللَّه بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ }البقرة88  *  {لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ }البقرة225  *  {هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ }آل عمران7  *  {رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ }آل عمران8  *  {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً}آل عمران103  *  {وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ }آل عمران126  *  {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ}آل عمران151  *  {قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحَّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ }آل عمران154  *  {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَقَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُواْ فِي الأَرْضِ أَوْ كَانُواْ غُزًّى لَّوْ كَانُواْ عِندَنَا مَا مَاتُواْ وَمَا قُتِلُواْ لِيَجْعَلَ اللّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللّهُ يُحْيِـي وَيُمِيتُ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }آل عمران156  *  {وَلْيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُواْ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوِ ادْفَعُواْ قَالُواْ لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ }آل عمران167  *  {فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ }المائدة13  *  {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هِادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَـذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُواْ وَمَن يُرِدِ اللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيْئاً أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ }المائدة41  *  {وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا}الأنعام25  *  {فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَـكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }الأنعام43  *  {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُم مَّنْ إِلَـهٌ غَيْرُ اللّهِ يَأْتِيكُم بِهِ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ }الأنعام46  *  {أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأَرْضَ مِن بَعْدِ أَهْلِهَا أَن لَّوْ نَشَاء أَصَبْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ }الأعراف100  *  {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ }الأعراف179  *  {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ }الأنفال2  *  {وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }الأنفال10  *  {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ }الأنفال11  *  {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ }الأنفال12  *  {إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ غَرَّ هَـؤُلاء دِينُهُمْ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ فَإِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }الأنفال49  *  {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }الأنفال63  *  {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُم مِّنَ الأَسْرَى إِن يَعْلَمِ اللّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }الأنفال70  *  {كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ }التوبة8  *  {وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللّهُ عَلَى مَن يَشَاءُ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }التوبة15  *  {إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ }التوبة45  *  {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُواْ اللّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ }التوبة77  *  {رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ }التوبة87  *  {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاء رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ }التوبة93  *  {لاَ يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْاْ رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلاَّ أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }التوبة110  *  {لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ }التوبة117  *  {وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كَافِرُونَ}التوبة125  *  {وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ نَّظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُم مِّنْ أَحَدٍ ثُمَّ انصَرَفُواْ صَرَفَ اللّهُ قُلُوبَهُم بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُون }التوبة127  *  {ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِ رُسُلاً إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَآؤُوهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ بِهِ مِن قَبْلُ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلوبِ الْمُعْتَدِينَ }يونس74  *  {وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ }يونس88  *  {الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ }الرعد28  *  {كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ }الحجر12  *  {إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ }النحل22   *  {أُولَـئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ }النحل108  *  {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقرءان وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً}الإسراء46  *  {وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهاً لَقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً }الكهف14  *  {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَن يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً }الكهف57  *  {لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّواْ النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ }الأنبياء3  *  {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ }الحج32  *  {الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ }الحج35  *  {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ }الحج46  *  {لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ }الحج53  *  {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }الحج54  *  {بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِّنْ هَذَا وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِن دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ }المؤمنون63  *  {رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ }النور37  *  {كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ }الشعراء200  *  {كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ }الروم59  *  {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً }الأحزاب5  *  {إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا }الأحزاب10  *  {وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً}الأحزاب26  *  {وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَلِيماً }الأحزاب51
والختم على القلب هو بمثابة إغلاقه على ما هو فيه وحسم أمره، أما الطبع على القلب فيؤدي إلى جعل صفاته السيئة طبعا أو سجية له فلا يستطيع التطهر منها، وكل ذلك يتم بمقتضى سنن حقانية لا ظلم فيها ولا انحياز، وهي تتم عندما تبلغ آثار الأعمال السيئة حدا معلوما، ومن علاماتها ألا يبغي الإنسان عن حالته السيئة حولا وألا يتطلع إلى أي إصلاح لنفسه، بل ينفر ويتأذى منه.
إن للقلب ملكاته الذهنية وملكاته الوجدانية، وله ملكاته العامة أيضا، ولكن له مع كل ذلك وفوقه ملكاته العليا التي يمكنها الاتصال المباشر بعالم الغيب دون توسط من المخيلة أو عالم الخيال.

*******





هناك تعليق واحد: