الأحد، 2 أغسطس 2015

الأنفال 65-66

الأنفال 65-66




قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفاً مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ{65} الآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ{66} الأنفال
الآية الأولى تبشر المؤمنين الصابرين بأنهم عند القتال يمكنهم أن يتغلبوا على قوة معادية تفوقهم من حيث العدد بعشرة أضعاف، ذلك بأن الَّذِينَ كَفَرُواْ لاَّ يَفْقَهُونَ، وهذا يعني أن المؤمنين المبشرين بالغلبة يجب أن يتميزوا بهذه الملكة، ومن فحوى الآية التالية يتبين أن هذه المجموعة المبشرة بالغلبة هي التي ليس فيها ضعف أبدا.
أما الآية الثانية فتتكلم عن الحكم في حالة وجود الضعف بطريقة يقينية، ولكنهم يتقوون بالاجتماع، فالفئة المجتمعة صابرة لأنهم يقوي بعضهم ضعف بعض ويشد بعضهم أزر بعض، أما الآية الأولي فتتحدث عن مجموعة كل فرد فيهم مشهود له لوحده بالصبر، ولذلك على أمير الأمة المؤمنة أن يقدر للأمر قدره بحكم خبرته بأحوال جنوده، فإن وجد بعض الأفراد الذين يتميز كل منهم بالصبر (القدرة على الصمود وتحمل المشاق) له أن يكلفهم بالتصدي لعشرة أضعافهم، فإن وجد أن في جنوده ضعفا فعليه أن يكلفهم فقط بمواجهة ضعفيهم فقط، فحكم كل آية سار في مجاله وظروفه.
والآية الأولى التي يزعم أعداء القرءان إنها منسوخة تتضمن حكما لا يمكن أن ينسخ وهو: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ}، كما تتضمن خبرا: هو أن الكافرين لا يفقهون، مثل من قالوا بأن هذه الآية منسوخة!!! فقد كفروا بها، والخبر لا يُنسخ كما هو معلوم وكما يقرّ الجميع، سيقول السفهاء أن حكم جزء من الآية هو المنسوخ، هذا رغم أنهم يزعمون أن الآية التي تجنوا عليها وألحدوا فيها تتكلم عن نسخ آية وليس نسخ حكم جزء من آية!!!!
أما العبارة "الآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً" فهي تعني وجود الضعف فيهم بطريقة يقينية مؤكدة، فعبارة مثل: "علم الله أنني صادق" لا تعني بالنسبة للمخاطب إلا تأكيد أن المتحدث صادق يقينا، ومن المعلوم أنه لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا؛ فالآية تتضمن شرط التخفيف.
وبالنسبة للقرن الأول فهذا العلم المتجدد يمكن أن يُنسب أيضاً إلى الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ من حيث أنه آلة أو أداة إلهية، وهو سبحانه ينسب إلى نفسه أفعال عباده لأن كل كمال لديهم إنما هو بالأصالة منه.
*******
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفاً مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ{65} الآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ{66} الأنفال.
ألا فلتعلم أن هاتين الآيتين نزلتا معاً، فكيف تنسخ ثانيتهما الأولى؟ وعلى العموم فترتيب النزول قضية ثانوية لن نحتج بها، ولكن اعلم أن الآية 66 تبيِّن علتي الحكم المخفف، وهو وجود ضعف بيِّن واضح ملموس –لا سبيل إلى الشك فيه- وكون الفئة المؤمنة صابرة إجمالا وليس على التفصيل، فهي لا تتكون من أفراد كل فرد منهم صابر على حدة كالفئة الملزمة بالحكم المشدد.
وعلى ولي أمر المسلمين أن يتخذ قراره بناءً على ما هو متوفر لديه من معلومات، فإن كان ثمة مهمة تقتضي مواجهة ألف من الذين كفروا وتوفر لديه مائة من الرجال الذين يتميز كل منهم بالصبر بالمعنى الذي سيتم بيانه فإن له أن يكلفهم شرعاً بتلك المهمة، وعليهم عندها طاعته، أما إن لم يتوفر لديه ما هو مطلوب فإنه يكون ملزماً بأن يرسل خمسمائة من الذين يتميزون بالصبر باجتماعهم وتكاتفهم ومؤازرة بعضهم للبعض،
أما من يقولون إن الآية 66 قد نسخت الآية 65 فإنهم بذلك يزعمون أن ربك قد علم ما لم يكن يعلم فاضطر إلى تخفيف الحكم!!!!؟؟
فقوله تعالى {وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً} يجب تنزيهه تماما عن أي بعد زماني، فهو يعني ثبوت وجود الضعف ثبوتا قطعيا، وذلك مثلما تقول لأحدهم عندما ينسب إليك قولا لم تقله: "علم الله تعالى أنك كاذب"، فأنت تريد تأكيد كلامك إلى أقصى مدى لما لديك من اليقين.
ولتعلم أن المراد بالصبر هاهنا الجلد والقدرة على الثبات والصمود ومتانة البنيان النفسي.
وفي الحقيقة إن كل قول بنسخ آية قرءانية يتضمن لا محالة كفرا بسمة إلهية أو بشأن إلهي.
*******
من حوار مع أحد السلفية
إلى السلفي فلان:
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفاً مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ{65} الآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ{66}} الأنفال
الآية الأولي تنص على الحكم الشرعي في حالة توفر مجموعة كل فرد فيها مشهود له لوحده بالصبر (الجلد والقدرة على الصمود وتحمل الصعاب والمشاق)، ولذلك تحدثت الآية عن عدد قليل كعشرين مثلا، أما الآية الثانية فتتكلم عن الحكم في حالة وجود الضعف، فالفئة مجتمعة صابرة لأنهم يقوي بعضهم ضعف بعض ويشد بعضهم أزر بعض، ولذلك على أمير المجموعة المؤمنة أن يقدر للأمر قدره بحكم خبرته بأحوال جنوده، فإن وجد بعض الأفراد الذين يتميز كل منهم بالصبر له أن يكلفهم بالتصدي لعشرة أضعافهم، فإن وجد أن في جنوده ضعفاً فعليه أن يكلفهم فقط بمواجهة ضعفيهم فقط، فحكم كل آية سار في مجاله وظروفه، والآية التي يزعم أعداء القرءان إنها منسوخة تتضمن حكما لا يمكن أن ينسخ وهو: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ}، كما تتضمن معلومة: هي أن الكافرين لا يفقهون، مثل من قالوا بأن هذه الآية منسوخة!!! فقد كفروا بها، سيقول السفهاء أن حكم جزء من الآية هو المنسوخ، هذا رغم أنهم يزعمون أن الآية التي تجنوا عليها وألحدوا فيها تتكلم عن نسخ آية وليس نسخ حكم جزء من آية!!!!
-------
إلى السلفي فلان 
أنت بذلك تقول إن الله تعالى عندما أنزل الآية الأولي لم يكن يعلم أن فيهم ضعفا ثم علم ذلك فـ (غير رأيه) وخفف عنهم، وأنت بذلك تكون قد كفرت بالإله الذي أنزل القرءان الذي من أسمائه أنه العليم بكل شيء وأنه علام الغيوب وأنه عالم الغيب والشهادة، وفي الحقيقة إن كل قول بالنسخ يتضمن بالضرورة كفرا بالله تعالى وإلحاداً في أسمائه وإلحاداً في آياته، وأنت بالطبع لا يهمك كل ذلك وستفضل التمسك بالضلال الذي كان عليه أسلافك، ولذلك فنرجو أن تنصرف من هنا مشكورا أو تنقشع مذموماً مدحورا، واعلم أن الآيتين نزلتا معا.
إن كل آية من آيات الكتاب العزيز هي آية ثابتة، لها حجيتها الكاملة، وكل الآيات التي تعالج أمرا واحدا متوافقة تماماً يبين بعضها بعضاً ويعضد بعضها بعضا ويلقي كل منها مزيدا من الضوء على هذا الأمر، ولا يوجد أي اختلاف أو تناقض في القرءان يوجب القول بالنسخ، والقرءان هو الكتاب المهيمن والمسيطر الذي لا مثل له والذي نسخت آيته آيات الكتب السابقة أو حلت محل ما أُنسي منها (أي ما اندثر رغم بقاء أحكامه)، ومن العجيب أن المحسوبين ظلما على الإسلام يؤمنون إيماناً لا يتزعزع بأن القرءان يتضمن مئات الآيات المنسوخة!!! رغم إيمانهم بأن القرءان صفة إلهية قديمة غير مخلوقة!!!! ورغم إنهم يؤمنون بأنه لا اختلاف فيه، إن الإيمان بالشيء ونقيضه يؤدي بالضرورة إلى خلل في التركيبة الذهنية.
-------
لماذا لا تريد أن تنقشع بسهولة أيها السلفي المسكين؟ ما شأن ذلك بموضوعنا؟ بالطبع حدث تدرج في التشريع؛ فلمْ تفرض الأحكام جملة واحدة، وتغيرت القبلة...الخ، ما نريد أن نقوله لأعداء القرءان من الذين ألحدوا في أسماء الله وآياته مثلكم هو أن القرءان ليس فيه آيات منسوخة، هل فقهت؟ انصرف من هنا مشكورا أو انقشع مذموما مدحورا، هذه الصفحة مخصصة للمؤمنين الموحدين أو الباحثين عن الحقيقة وليس للمغضوب عليهم ولا للضالين.
-------
من حوار مع مجادل آخر
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفاً مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ{65} الآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ{66} الأنفال
الآية الثانية تتكلم عن الحكم في حالة وجود الضعف، فالفئة مجتمعة صابرة لأنهم يقوي بعضهم بعضا ويشد بعضهم أزر بعض فيتم التغلب على ما في بعضهم من ضعف، أما الآية الأولي فتتحدث عن مجموعة كل فرد فيهم مشهود له لوحده بالصبر، ولذلك تحدثت عن عدد قليل كعشرين مثلا، ولذلك على أمير المجموعة المؤمنة أن يقدر للأمر قدره بحكم خبرته بأحوال جنوده، فإن وجد أن كل فرد من أفراد المجموعة على حدة يتميز بالصبر (الجلد والقدرة على الصمود وتحمل المشاق ومواجهة الشدائد والصعاب) ولا يتطرق إليهم أي ضعف له أن يكلفهم بالتصدي لعشرة أضعافهم، أما إن وجد أن في جنوده ضعفا فعليه أن يكلفهم بمواجهة ضعفيهم فقط، فحكم كل آية سار في مجاله وظروفه.
والآية التي يزعم أعداء القرءان إنها منسوخة تتضمن حكما لا يمكن أن ينسخ وهو: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ}، كما تتضمن معلومة: هي أن الكافرين لا يفقهون، مثل من قالوا بأن هذه الآية منسوخة!!! فقد كفروا بها، سيقول السفهاء أن حكم جزء من الآية هو المنسوخ، هذا رغم أنهم يزعمون أن الآية التي تجنوا عليها وألحدوا فيها تتكلم عن نسخ آية وليس نسخ حكم جزء من آية!!!!
أما قوله تعالى "وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفا" فهو أسلوب قرءاني للتعبير عن الثبوت التام للمعلومة وحقانيتها، والمقصود القول بأنه إذا أيقن ولي الأمر أن فيهم ضعفا فله ألا يكلفهم إلا بمقاتلة ضعفيهم، وهو لذلك ملزم إذا ما علم أن العدو يهاجمه بقوة ألفي رجل أن يخرج له على الأقل ألفا من المؤمنين.
-------
أيها المجادل بالباطل؛ أنت بذلك تقول إن الله تعالى عندما أنزل الآية الأولي لم يكن يعلم أن فيهم ضعفا ثم علم ذلك فـ (غير رأيه) وخفف عنهم، وأنت بذلك تكون قد كفرت بالإله الذي أنزل القرءان الذي من أسمائه أنه العليم بكل شيء وأنه علام الغيوب وأنه عالم الغيب والشهادة، وفي الحقيقة إن كل قول بالنسخ يتضمن بالضرورة كفرا بالله تعالى وإلحاداً في أسمائه وإلحاداً في آياته، وأنت بالطبع لا يهمك كل ذلك وستفضل التمسك بالضلال الذي كان عليه أسلافك، ولذلك فنرجو أن تنقشع مشكورا من هنا، واعلم أن الآيتين نزلتا معا.
=======


هناك تعليق واحد: