الأحد، 10 أبريل 2016

المائدة 116-118

المائدة 116-118

وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ(116)مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنْ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ(117) إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ(118)قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ
لقد أعلن السيد المسيح عليه السلام أن دوره قد انتهى عندما توفاه ربه فهو بذلك يؤكد تماما صحة توفيه المقرر في الكتاب العزيز بالمعنى الحقيقي، وهو لم يحتجّ بأنه نزل وكسر الصليب وقتل الخنزير وأباد أهل الكتاب، ولو كان ذلك قد حدث لما كان ثمة مجال للاستجواب أصلا، ذلك لأن إيقاع ذلك بهم يعني الفصل في أمرهم وإنفاذ الحكم فيهم، ذلك في حين أن آيات عديدة قد نصت على أن الفصل بين تلك النحل مرجأ إلي يوم القيامة، فاستجواب عيسي عليه السلام يومئذ هو من لوازم هذا الفصل.
فإن قيل إن له أن يحتج بما يشاء ويترك ما يشاء فإن الموقف هو أشد هولا من ذلك وفى موقف كهذا كان لابد من الاستشهاد بذلك الأمر الثبوتي فاستشهاد المرء بما فعله أكثر حجية من استشهاده بما لم يفعل، فإن قيل إن الغرض من الاستجواب هو إقامة الحجة على من لم يشهد نزول السيد المسيح فالجواب هو أن كل أمة من الأمم الضالة ستجتمع وتدعى إلى كتابها فيعلم السلف منهم ما حدث للخلف.
وما تذكره الآيات هنا يقوض كل ما حيك من أساطير حول رفع المسيح بجسده إلى ما يظنون أنه المكان الذي يُوجد فيه ربه، وظنهم هذا يكشف عن مدى بدائيتهم وسهولة خداعهم.
أما عقيدة عودة المسيح فهي أسطورة يهودية مشهورة قد خدعوا بها المسلمين مثلما يخدعون الآن اليمين المتطرف في أمريكا، وهي كانت تهدف إلى تقويض عقيدة ختم النبوة والإلقاء في روع المسلمين أنه لا أمل في تحقق العدل إلا بعودة أحد المنتظرين الذين لن يأتوا أبدا، فهي لغم موقوت وفيروس أثبت دائما فعاليته.
إن الضالين من المحسوبين على الإسلام يؤمنون بأن المسيح عليه السلام حي بجسده الترابي لم يمت وأنه يوجد عند الله تعالى بجسده هذا، فلماذا يستجوبه الله تعالى إذاً وهو قد كان عنده ومكث عنده آلاف السنين؟ ولماذا لم يقل المسيح: "لقد كنت أجلس بجانبك بجسدي ولم تسألني مثل هذا السؤال، ألم ترني وأنا أنزل إليهم وأكسر الصليب الذي يقدسونه وكل الخنازير التي يأكلونها؟ ألم ترني وأنا أبيد من لم يقبل بالإسلام منهم؟ هل تركت على وجه الأرض منهم ديارا؟"
ولقد حاول أهل الكتاب الأقدمون تكذيب هذه الآية بالقول بأنهم لم يقولوا بألوهية مريم، وكان عليهم أن يعلموا أن هذا الكتاب المعجز هو لكل العصور والأزمان وأن ما رواه من أقوالهم إما أنه قد قيل بالفعل أو أنهم سيقولونه، ذلك لأن الاستجواب المذكور في الآية سيتم في يوم القيامة، ولقد تحقق تماما ما تنبأ به القرءان العظيم إذ انتشرت عبادة مريم بين كاثوليك جنوب أوروبا ونقلوها معهم إلي أمريكا اللاتينية، وكانوا ومازالوا يتوجهون إلى تماثيلها وصورها بالصلوات الحارة، ومن رأى فيلم (دماء ورمال) مثلاً يعرف ذلك جيدا، ذلك بالرغم من أن الإنجيل حتى بصورته المعتمدة لديهم لا يعطي أية أهمية لوالدة المسيح، بل تظهره بمظهر العاق لها، وثمة إشارات إلى أن أمه وإخوته لم يؤمنوا به، جاء في مرقص إصحاح 3:
31فَجَاءَتْ حِينَئِذٍ إِخْوَتُهُ وَأُمُّهُ وَوَقَفُوا خَارِجًا وَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ يَدْعُونَهُ. 32وَكَانَ الْجَمْعُ جَالِسًا حَوْلَهُ، فَقَالُوا لَهُ: «هُوَذَا أُمُّكَ وَإِخْوَتُكَ خَارِجًا يَطْلُبُونَكَ». 33فَأَجَابَهُمْ قِائِلاً: «مَنْ أُمِّي وَإِخْوَتِي؟» 34ثُمَّ نَظَرَ حَوْلَهُ إِلَى الْجَالِسِينَ وَقَالَ: «هَا أُمِّي وَإِخْوَتِي، 35لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ مَشِيئَةَ اللهِ هُوَ أَخِي وَأُخْتِي وَأُمِّي».
هذا النص يوضح الحقيقة فيما يتعلق بالمسيح المزيف، لقد رفضه إخوته وأمه ولم يؤمنوا به أبدا، وهو هنا يبين أنه وجد عزاءه في أتباعه الذين انقادوا إليه، ولقد كان البر بأمه حتى وإن لم تؤمن به يقتضي أن يلبي نداءها.
وإنجيل يوحنا يصرح بأنهم لم يؤمنوا به، جاء في الإصحاح 7:
2وَكَانَ عِيدُ الْيَهُودِ، عِيدُ الْمَظَالِّ، قَرِيبًا. 3فَقَالَ لَهُ إِخْوَتُهُ: «انْتَقِلْ مِنْ هُنَا وَاذْهَبْ إِلَى الْيَهُودِيَّةِ، لِكَيْ يَرَى تَلاَمِيذُكَ أَيْضًا أَعْمَالَكَ الَّتِي تَعْمَلُ، 4لأَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ يَعْمَلُ شَيْئًا فِي الْخَفَاءِ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَكُونَ عَلاَنِيَةً. إِنْ كُنْتَ تَعْمَلُ هذِهِ الأَشْيَاءَ فَأَظْهِرْ نَفْسَكَ لِلْعَالَمِ». 5لأَنَّ إِخْوَتَهُ أَيْضًا لَمْ يَكُونُوا يُؤْمِنُونَ بِهِ. 6فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «إِنَّ وَقْتِي لَمْ يَحْضُرْ بَعْدُ، وَأَمَّا وَقْتُكُمْ فَفِي كُلِّ حِينٍ حَاضِرٌ. 7لاَ يَقْدِرُ الْعَالَمُ أَنْ يُبْغِضَكُمْ، وَلكِنَّهُ يُبْغِضُنِي أَنَا، لأَنِّي أَشْهَدُ عَلَيْهِ أَنَّ أَعْمَالَهُ شِرِّيرَةٌ. 8اِصْعَدُوا أَنْتُمْ إِلَى هذَا الْعِيدِ. أَنَا لَسْتُ أَصْعَدُ بَعْدُ إِلَى هذَا الْعِيدِ، لأَنَّ وَقْتِي لَمْ يُكْمَلْ بَعْدُ». 9قَالَ لَهُمْ هذَا وَمَكَثَ فِي الْجَلِيلِ.
10وَلَمَّا كَانَ إِخْوَتُهُ قَدْ صَعِدُوا، حِينَئِذٍ صَعِدَ هُوَ أَيْضًا إِلَى الْعِيدِ، لاَ ظَاهِرًا بَلْ كَأَنَّهُ فِي الْخَفَاءِ. 11فَكَانَ الْيَهُودُ يَطْلُبُونَهُ فِي الْعِيدِ، وَيَقُولُونَ: «أَيْنَ ذَاكَ؟» 12وَكَانَ فِي الْجُمُوعِ مُنَاجَاةٌ كَثِيرَةٌ مِنْ نَحْوِهِ. بَعْضُهُمْ يَقُولُونَ:«إِنَّهُ صَالِحٌ». وَآخَرُونَ يَقُولُونَ:«لاَ، بَلْ يُضِلُّ الشَّعْبَ».
ويُلاحظ أن الإنجيل يقول: 5لأَنَّ إِخْوَتَهُ أَيْضًا لَمْ يَكُونُوا يُؤْمِنُونَ بِهِ، ولم يرد أبدًا في الأناجيل أنهم آمنوا به.
أما إنجيل يوحنا فيقرر أن اسم خالة المسيح هو "مريم"، جاء في يوحنا الإصحاح 19:
25وَكَانَتْ وَاقِفَاتٍ عِنْدَ صَلِيبِ يَسُوعَ، أُمُّهُ، وَأُخْتُ أُمِّهِ مَرْيَمُ زَوْجَةُ كِلُوبَا، وَمَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ. 26فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ أُمَّهُ، وَالتِّلْمِيذَ الَّذِي كَانَ يُحِبُّهُ وَاقِفًا، قَالَ لأُمِّهِ: «يَا امْرَأَةُ، هُوَذَا ابْنُكِ». 27ثُمَّ قَالَ لِلتِّلْمِيذِ: «هُوَذَا أُمُّكَ». وَمِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ أَخَذَهَا التِّلْمِيذُ إِلَى خَاصَّتِهِ.
فبنصِّ هذا الإنجيل فإن خالته هي مَرْيَمُ زَوْجَةُ كِلُوبَا! ويلاحظ أنه يخاطب أمه كالعادة بلفظ لا يتضمن أي احترام لمكانتها منه حتى في موقفٍ كهذا!!! والأعجب أن يعهد برعاية أمه لأحد تلاميذه فلماذا لم يعهد بذلك لأحد إخوته المذكورين في الإنجيل؟!
وتبين الآية أن السيد المسيح عليه السلام لن يُسأل فقط عما قيل في حياته بل عما سيقال بعد مماته، وإيراد ذلك في القرءان هو لإقامة الحجة علي من اتخذه هو وأمه إلهين من دون الله وعلى من اتبع سننهم من المحسوبين علي الإسلام.


*******

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق