السبت، 9 أبريل 2016

النساء 43

النساء 43

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمْ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا(43)
الآية توضح شروط الصلاة، فهي تنهى الناس عن أن يقربوا الصلاة وهم سُكَارَى لا يعلمون مَا يقُولُونَ وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى يغْتَسِلُوا، فالصلاة تُقام لذكر الله، فذكر الله هو من أركانها الجوهرية ومقاصدها، فكيف يقيمها الإنسان أصلا وهو لا يدري ما يقول، وبالتالي لا يجوز أن يقرب الإنسان الصلاة وهو غائب عن وعيه كليا أو جزئيا، وهناك أشياء مادية ومعنوية يمكن أن توصله إلى هذه الحالة، ومن الأشياء المادية تعاطي الخمر، فتعاطي الخمر هو سبب من أسباب ذلك، ولقد استجد في العصر الحديث تعاطي المخدرات بكافة أنواعها.
فلم يكن يجوز لأحد تسمية آية كهذه بآية الخمر أو اعتبارها من الآيات التي (نزلت) في الخمر، فالخمر أقل شأنا من ذلك، والأمر الأعظم في الآية هو النص على اسم من الأسماء الحسنى وهو المثنى "العفوّ الغفور"، وبيان أنه الاسم المهيمن على الأحكام الواردة في هذه الآية، فلا يجوز الالتفات إلى أقوال اللافقهاء ورجال اللادين بشأن هذه الآية، فهؤلاء لم يكن يعنيهم أمر أسماء الله تعالى في شيء، وإنما كان يعنيهم الرسوم الظاهرة والطقوس المنضبطة.
والآية ليست بمنسوخة كما يظن عملاء الشيطان وعباد إلقاءاته و الذين زعموا أنها منسوخة بالأمر باجتناب الخمر، ذلك لأنه بحكم تعريفهم واصطلاحهم يكون النسخ لآية وليس لجزء منها، والآية تتضمن أحكاما لا سبيل أبدا إلي نسخها، هذا بالإضافة إلي أنها تنص علي اسم من أسماء الله الحسني وهو "العفو الغفور"، وهذا كافٍ تماما لتحصينها ضد نسخهم المزعوم، أما العبارة {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} فحكمها ثابت ولا سبيل إلي نسخه، فإقامة الصلاة هي أساسا لذكر الله، لذلك لا يجوز أن يقرب المسلم الصلاة وهو في حالة سكر؛ أي وهو ذاهل عما يتفوه به، فمن أراد إقامة الصلاة يجب أن يعي تماما ما يقول بمعني أن تكون له السيطرة علي ما ينطق به والتحكم فيه، فحد السكر أن يفقد الإنسان ولو جزئيا تلك السيطرة، وهو ليس بالضرورة بسبب الخمر فقد يكون بسبب أمر دهم الإنسان وأهمه وقد يكون بسبب المخدرات التي لم يكن للسلف عهد بها، فمن الخير عندئذ للإنسان أن يصبر حتى يذهب ذهوله و سكره ويسترد وعيه ويثوب إلي رشده.
والآية تعني أيضا أن من غُلِب علي أمره بسبب إدمان الخمر أو غيرها عليه ألا يترك الصلاة بل عليه أن يجتهد حتى لا يؤدي الصلاة إلا وهو في كامل وعيه، فالآية تحثه علي جهاد نفسه ليتمكن من إقامة الصلاة، فكما لا يملك أحد أن يخرج إنسانا من الإسلام بسبب إدمانه الخمر فإنه لا يملك أن يمنع إنسانا مدمنا لها ويجد صعوبة في الإقلاع عنها من دخول الإسلام.
ويلاحظ أن الله سبحانه قد ختم الآية بالمثني "العفوّ الغفور" والذي من مقتضياته ولوازمه المحو التام لآثار مخالفة الأوامر الواردة في الآية إذا ما استغفر الإنسان ربه وتاب وأناب وحتى لا يتفنن رجال الكهنوت وهم آفة كل دين في تضخيم الأمر وتعقيده لحسابهم الشخصي كما سيحدث بالفعل.

*****

هناك تعليق واحد: